فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الإخوان .. وشُعورُ الشَعبِ بالغثيان!

      الحمد لله والصلاة والسلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم

      الذى وَضُح للشّعب، وهو ما لا يعرفه مثل من تمرّس بالحَركة الإسلامية منذ أكثر من أربعين سَنة، أن حَركة الإخوان لا تطمَحُ إلا في تحقيق بعض مَنافع مؤقتة تتمثل في الحُصول على مائة مَقعد في البرلمان، وفتح بعض مَقرّاتٍ في أنحاءِ البلاد، لا أكثر من ذلك. أما عن مَصلحة الشَعب، فهى آخر ما تنظر اليه قيادات الإخوان التقليدية، أو تجْعله هدفاً لحَرَكتها.

      ما لا أفهمه ولا يفهمه غيرى، هو لماذا هذا الإنبطاح والمَسْكنة التي تصل إلى حدّ الموالاة، التي يتخذها الإخوان سياسة، في تعاملهم مع العلمانيين اللادينيين والقبط، الذين استشرسوا وطغوا وتجبروا، بل وسبّوا الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة أمام ماسبيرو؟

      ما طبيعة الحوار الذي يمكن أن يدور بين عمرو حمزاوي وبين الإخوان؟ وعلام يمكن أن يتفق عليه مُسلم مع علمانيّ يجاهر بعداء الشريعة بلا مواربة؟ ولماذا تُحِلّ قيادات الإخوان على نفسها التعاون مع اللادينيين، وتحرّمه على أتباعها ممّن دَخل مع ممثلي إئتلاف الثورة من العِلمانيين والقبط، وتهددهم بالفصل، وكلاهما على باطل؟ ثم، أليس هذا التصرّف من أتباعهم هو مما قدّمت أيديهم؟ أليست هى التربية الإخوانية، التي تُغفل تنشئة أبنائها على العقيدة الصحيحة إبتداءاً، ما جعلتهم يقعون في أول شَركٍ مَنصوبٍ، ويضعوا ايديهم في أيدى العلمانيين؟ ولكن، لَعَلّ الجَماعة ما نَقمت منهم أن لحقوا بالعلمانيين يوالونهم، بل لأنهم يوالونهم على خلاف إرادة الجماعة وخارج إطار ولاءها القيادي للعلمانيين، لا غير!

      وهم بهذا يقفون موقفاُ بين الإسلام الواضح الصريح وبين العِلمانية الكافرة بالله. وقد سَاعدهم مذهبهم الإرجائيّ المُوغِل في البدعة من هذا الموقف المُناقض لأبسط قواعد الإسلام. وهم في هذا يسيرون على دَرب إسلام أردوغان، الذي أشرنا اليه في عدد من مقالاتنا من قبل.

      لا أكون مُغالياً إذا قرّرت أن وصول الإخوان للحكم سيكون فيه من الخطر على الإسلام الذي بُعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيه. إذ سَيسِنّون من القوانين الرادعة لمخالفيهم ما يجعلها أقرب للفترة الناصرية منها لأى حكم إسلاميّ. وهم قد عقدوا الصفقة بالفعل مع العلمانيين، ومع القبط، ومع الأمريكان، على أن يكون الإسلامُ القادم مُدجّناً، مُقلم الأظافر، مُستأنساُ (من الأُنس لا من الإِنس برفع الهمزة لا خفضها، والفرق جِدّ كبير).

      والعجيب أنه لا داعي لهذه التنازلات البته، بعد أن أعلن الشعب كلمته، وعَلِمَ القاصى والداني أن الإسلاميين فائزون بإذن الله. بل صار اللادينيين يتحركون على الأرض كالسّكارى، لا يعلمون ما يفعلون ولا كيف يتصرّفون، لهزيمة الإسلام القادم. فإذا بالإخوان، يعودون لطبيعتهم التي لم تفارقهم نصف القرن الماضى، من تشوفٍ عجيب للتنازل والمقايضَة. ووالله لا ندرى علام يقايضون ولماذا يُساومون وهم أصحابُ الغلبة؟ وماذا إذا إحتاج الأمر، واضطروا إلى أن يقفوا موقفاً عصيباً حقاً، من إسرائيل أو أمريكا، كيف يتصرفون ساعتها؟ إن كانوا يقايضون وهم منصورون، فكيف يفعلون وهم متأزّمون؟

      ثم، لا ندرى، ولا يريد لنا الإخوان أن ندرى، ما هي حدود الحلال والحرام لديهم؟ أينتمون للمذهب الطوفيّ الذي يقدم المَصلحة على النص بإطلاق؟ وهو المذهب الذي تفرّد به الرجل، وردّه عليه إجماع علماء الأمة. أم لهم موردٌ خاصٌ في استنباط الأحكام الشرعية؟ وهل سياخذون بها الناس في مجالات الحياة، أم سيكون مذهبهم في التدرج هو ما حذرنا منه، من إلغاءٍ للشريعة بدعوى التدرج، دون رجوعٍ لشروط أو موانع؟

      ما هي، إذن، الطبعة التي يقدمها الإخوان من الإسلام؟ إذا نظرنا في مُجمل تصريحاتهم وتوجّهاتهم، لوجدنا بعض دلالاتٍ عليها، وإذا إسلامهم مبنيّ على:

      1. الوسطية البدعية التي تقف وَسطاً بين الحق والباطل، وبين الإسلام والشرك، بشكلٍ عام.
      2. تبنى مفهوم المواطنة البدعيّ، وأساسها القومية المصرية، لا الإسلام.
      3. تبنى قضية تحرير المرأة، بما فيها حرية الإختلاط، وترك الحِجاب، والعَمل في كلّ مَجال، وتولى المَناصب العليا، بما يحمل ذلك من محرمات.
      4. السماح للقبط بممارسة إعتداءاتهم دون تدخل، وقد رأينا موقفهم المخزى من قضايا كاميليا ومنى وغيرهما، وهو موقف لا يقبله حتى أنصاف الرجال.
      5. السماح للسياحة الدّاعرة، وما يصْحبها من ترخيصٍ للخمور والرقص والموسيقى.
      6. الإنفتاح على أمريكا والغرب، لتأكيد هويتهم المُتميعة، التي تَسْمح بكلّ المُتنَاقِضات، بل ولا نستبعدُ أن تقدم حكومتهم طلباً للإنضمام إلى السوق الأوروبية المشتركة وحزب الناتو، كتركيا!
      7. عدم وجود أية رؤية للتصور الإجتماعيّ أو الإقتصادي أو السياسيّ، الذي يتمشى مع ثّوابت الإسلام، والذي يمثل جزءاً لا يتجزأ من البرنامج الإنتخابيّ لأي مرشحٍ برلماني أو رئاسيّ. وهو أمر أحسبه مقصوداً حتى لا يُحسب عليهم هذا البرنامج، من المسلمين أو من العلمانيين.
      8. الحديث عن دولة مَدنية "بمَرجِعية إسلامية" أو "خلفية إسلامية"، أو شيئ من هذا القبيل. ولا يعلم أحد ما هو مفهوم هذه الدولة لديهم، ولا موقع الإسلام فيها.

      إنه من حق المُسلمين الذين سيتوجهون لصناديق الإقتراع، ويحَمِلون نوّاباّ عنهم، ممن ينتمى إلى هذه الجماعة، إلى البرلمان، أن يكون ولاءهم لله أولا، ثم للشعب، فلا يقدموا عليه ولاءهم للجماعة، فإن في ذلك خيانة لله ورسوله، وللعهد الذي صَدّقوا عليه حين أعلنوا عن أنفسهم ممثلين للشعب لا للجماعة، ولا يقال إن هؤلاء ينتمون للحزب لا للجماعة، فهما وجهان لعملة واحدة.

      من حق الناخبين أن يكون الحزب، أو الجماعة إن شئت، واضحٌ في برنامجه، حَاسمٌ في إنتمائه، أهو صَاحب برنامجٍ مبنيّ، أصولاً وفروعاً، على مفهوم الحَلال والحرام، كما عبّر الشيخ الفاضل حَازم أبو إسماعيل، أم إنه خليطٌ من "أبستاقٍ" تتاريّ إخوانيّ جديدٍ، يختلطُ فيه الشَرع بالوضْع، والإسلام بالشِرك؟

      ثم نصيحة لقادة الإخوان، أن بدلوا شعاركم، فلم يعد السيف له محلٌّ في حركتكم، ولا القرآن الصافي الخالي من التطعيم، في منهاجكم.

      أدعو الله سبحانه أن يُبصّر المُسلمين بمواضع أقدامهم في المّرحلة القادمة، فهي أخطر مما يتصوّر البعض، بل الغالب الأعمّ، من الناس.