فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الجَيشُ .. والدّستور

      الحمد لله والصلاة والسلام على رَسول الله صَلى الله عليه وسلم

      كتبت هذا المقال منذ عدة أيام، ثم وضعته جانباًن لما ظهر من موضوعات اكثر إلحاحاً. لكن الأمر قد تبدل اليوم، بعد أن أضاف المجلس العسكريّ طامّة اخرى إلى رصيد طامّاته، وهي رفض إستقالة عدو الله وعدو الشعب الأول "يحي الجمل"، مما يؤكد صحة ما ذهبنا اليه. فإلى المقال

      تشير كافة المؤشرات والدلائل إلى أنّ الجيش لن يُمرّر عملية وضع الدستور عن طريق الأغلبية، من خلال لجنة ينتخبها مُمثلي الشَعب في البرلمان. فالجيش يَعلم، كما يعلم مُزيفي الديموقراطية من العلمانيين اللادينيين، أن الأغلبية المِصرية مُسلمة، تريد تحكيم شرع الله في الأرض. وهذا لن يوافق عليه الجيش، طواعية.

      وأمام الجيش طريقان لتحقيق تزييف الدستور، إن أراد أن ينتهج هذا النهج، لخدمة الأقلية من العلمانيين اللادينيين، التي تنتمى لها قياداته. أولهما، أن يفعل ما فعل في أمر التعديلات الدستورية، حيث تغاضَى عن الإستفتاء كليّة، وقام بإعلان دستورىّ، وأعلن أنّ الإستفتاء كان مجرد استكشاف لرأي الشعب!! والحق أن الغَرض من هذا التصرّف كان التمهيد لعملية وضع الدستور، وفرض أمر واقعٍ أن الدستور سيكون منحة من الجيش، وبالطريق الذي يراه. وما صَمْتُ الجيش اليوم عما يجرى إلا لإفساح الفرصة ليحي الجمل، الذي زرعه عمداً للتمهيد لهذه الخطوة، عن طريق تلك المؤتمرات الكاريكاتورية الهزلية، كي يجعل الفكرة مقبولة أو محتملة.

      والطريق الثاني، هو أن يقوم الجيش، بدعوى الحفاظ على وِحدة البلاد ومَنع الإنشِقاق، بتشكيل لجنة وضع الدستور بنفسه، بدلا من البرلمان، ويختارها من الشَخصيات العلمانية اللادينية بنسبة أكثر من 40%، ليضْمَن عَدم تمرير ما يَفرِضُ التحاكم إلى الشريعة.

      وقد بدأت مَلامِح الكَيد للعَملية السياسية التي ارتضاها الشعب بأغلبية 78%، منذ أن فرض المجلس العسكريّ عدو الله ورسوله يحي الجمل في منصب نائب الرئيس الوزراء لشؤون دَحرِ الإسلام. وفي الحلقة الأخيرة من هذا الكَيد، ما صرح به من يُدعى اللواء العصار (ويعلم الله وحده أي كفاءة يحملها هؤلاء لإدارة شؤون مصر، ومن بينهم خرج كل عميلٍ طاغية من قبل)، لأحد الصحف الأجنبية – أظنها الفاينانشيال تايمز – من أنّ المَجلس سَيقرر أو يدرُس موضوع كتابة الدستور أولا، وما ذلك إلا تكتيكٌ لمعرفة ردّ فعل الشارع قبل أن يكون موقفا رسمياً، وهي وسيلة قديمة معروفة يتخذها رجال الحكم لمعرفة شعبية قرار ما قبل التورط بسَنّه. ثم تراجع الرجل بعدها وذكر أن الكلام مقطوعٌ من سياقه الصحيح، وأنه أُخِذ في غير محّله، ومثل هذا من التبريرات المُعتادة.

      ثم إن ما ذكَره مُتحدث المَجلس عن ضرورة وضع مَادة بالدستور تكفل حُرية الجيش وعدم خضوعه للمُساءلة! وهو أخطر أمر - فيما أحسب – في كلّ هذا الحوار الدائر، إذ نكون قد صنعنا إلها من دون الله، لا يمسّ ولا يُحاسب ولا يُساءل، وله الحق في أن ينزِع الرئاسة ممن يشاء متى شاء! والله لهي إذن الفتنة الكبرى التي لا مَخرج منها.

      إلا إن الجيش يعرف خطورة إقدامه على خطوة مثل هذه، فالأقلية الصامته قد تخرج عن صَمتها، ويكون يوماً تشيب له نواصيّ اللادينيين والليبراليين والقبط والجنرالات على السواء. يومها لن ينفعَ أحدهم ما نظّم من مؤتمرات، أو حَضَر من ندوات وتوك شوهات، أو عَلق من نجوم ونيشانات.

      وها هو الجيش يتقدم خطوة أخرى بما أعلنه من "مساندته" لوثيقة الأراجوز القابع في الأزهر، وهي تنص على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية" لا أحكامها، هي المصدر الرئيسي للتشريع، وهو ما يعنى بالبلدى "كأنك يا أبو زيد ما غزيت". والمسلمون لا يقبلون بأقل من أن تكون أحكام الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع.

      ثم يتقدم أخرى، واسعة، بأن يُصر على بقاء عدو الله والشعب، الجمل، في منصبه كنائب رئيس الوزراء لشؤون تخريب الدين. ولا ندرى من أي مبدأ ديموقراطيّ أو ثورى، ولا نقول إسلاميّ، حاشا لله أن يكون لأحد هؤلاء صلةٌ بإسلامية، صدروا؟ وما هو وضع عصام شرف اليوم، الذي ظهر أنه صورة "ليس له في الثور ولا في الطحين"؟

      مجلس التسعة عشر يريد بمصر أمراً، وهو ليس بأمرٍ محمودٍ على سبيل اليقين، وما يدبرونه سراً وعلناً، واضحٌ مقصوده، وهو استمرارهم في الحكم، من وراء الستار، بعد أن يُمّكِّنوا لدولة علمانية، ينتخب فيها بعض "لعيبة" الإخوان تمويها، ويضع فيها الدستور لجنةٌ مشكلة من بعض لعيبة الإخوان، ومعيّن فيها، من قِبل المجلس، عدد كاف لصد أي محاولة إسلامية لصياغة الدستور، بإشراف عدو الله الجمل. وصدق طرفة بن العبد:

      ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً          ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ

      والمجلس ليس له عند الله ولا عند الناس رصيدٌ يَسمحُ بهذا. بل إن رصيد المجلس قد نفذ بخلع المخلوع، إذ هو من عَيّن المجلس قبل خلعه بأيام، فلم يَعد لبقائه شرعية. وفقد رصيده مرة أخرى حين نزلت دباباته تحمى ماسبيرو، وتترك بلطجية العادليّ يضربون الثوار ويقتلونهم. وفقد رصيده ثالثة حين ترك الفرصة كاملة للمخلوع ليهرَبَ بمالِ الشعب، تحت سمعه وبصره، ثم مَنع أن يكون له مُحاكمة حقيقية، بل جعلها حديثاً لا يساوى ثمن الحبر الذي يطبع به في الصحف.

      نحن لا نقف ضد الجيش ذاته وأفراده، فيعلم الله أن أبناءَه هم من يضحون بأنفسهم لحماية بيضتنا وتحصينِ ديارنا حين تأزَفُ آزفة الحَرب، لكن الأمر أنّ الحق، الذي هو حكم الله سبحانه أعلى وأغلى علينا من كل غالٍ. والجيوش، على مر العصور الخاليه، لم تكن ممن نصر حكم الله في جلّ مواقِفها. ولعل لهذا سببٌ نتناوله في مكان آخر بإذن الله.