فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الهوية المصرية وقانون التغيير

      الهوية المصرية تمثل الثابت المطلق في معادلة التغيير الحاضر، إذ إنّها الضامن الأوحد لتلاقي القوى المختلفة العاملة في المجتمع المصرى على هدف واحد ومنطلق واحد. وهذه الهوية، مهما إدعى المدّعون، وتصارخ المرجفون، هي هوية إسلامية شكلا وموضوعا، على ما يشوبها من شوائب تراكمت خلال عقود التخلف وممارسات الجاهلية، وهي إسلامية العقيدة، إسلامية الحضارة، إسلامية الطبع والثقافة والعادة، حتى الأقلية النصرانية تعيش هذه الطباع والعادات والأعراف الإسلامية سواء شاءت أم لم تشأ، يعرف ذلك من عاشر القوم في بلاد الغرب ورأى نفور نصارى مصر من تقاليد الغرب وعاداتهم وممارساتهم الشاذة المنحطة.

      وهذه الهوية الإسلامية تتمثل في غالب أبناء مصر سواء من إلتزم بالإسلام كقضية حياة ومصير أو من طحنه الفقر وحطت عليه ظلمات الجهل فما عاد يميّز بين ما هو من حدود الإسلام وضروراته وما هو من قبيل الذنب والتعدى. ومن ثم فإن كل أبناء مصر يجتمعون على مفهوم واحد هو الخضوع لله سبحانه وإلتزام أمره وإن ضعفت النفس حينا أو أحيانا، ولا يقبل أحد من أبناء مصر أن يهان الدين أو أن توضع أوامر الله سبحانه على رفوف النسيان والإهمال. هذه المشاعر المتوحدة هي القاعدة التي يجب أن تبنى عليها قواعد المستقبل فلا قوة في غيرها مهما إدعى المرجفون.

      وقوى العلمانية و"التحرر" و"التقدم" و"الليبرالية" وغير ذلك من أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، إنما هي قوى تحرك ضئيلا من قوى الشعب لا يحسب النظام لها حسابا. فمن أراد أن يستثمر قوى الشعب الحقيقية فليلجأ إلى الكامن المستقر من هويته الثابته وليخاطب فيها الإسلام عقيدة وحضارة وثقافة وعادات وطباع لا زالت تقطن هذه الأرض وتعيش في قلوب وعقول ساكنيها قرون متطاولة.

      والتغيير له قوانين ثابتة راسخة رسوخ القوانين الطبيعية وأشدّ، فلابد من إحترام هذه القوانين ومراعاة ضوابطها ومبادئها وعلى رأسها أن من أراد البقاء حافظ على هويته الحقيقية وعاش بها حاكما ومحكوما، ومن أراد الإنقراض والزوال تمحك في ظلّ ثقافات لا ينتمى إليها ولا يجمعه بها إلا ما يجمع العدو الغالب بضحيته المغلوبة.

      فعلى جماهير شعبنا المصرى، وأقصد كل طوائفه، أن يخلصوا لهويتهم التي ارتفعوا بها من حضيض الجاهلية إلى رفعة الحضارة والعلم والتقدم والغلبة أن يلهثوا وراء معان مصطنعة وأسماء ملمّعة زائفة البريق كوعود "الديموقراطية الأمريكية" تلك الديموقراطية التي هي مضحكة العقلاء، والتي يعرف من يعايش الغرب في حاضره أنها لا تعنى أكثر من قيمة الحبر الذي تسطر به على الأوراق، والتي أبدلنا الله خيرا منها قواعد الشورى ونظم ولاية الأمر وسياسة الحكم الشرعية كما عرّفها علماؤنا، فإن فيها هويتنا الحضارية وعليها يبنى نظامنا الحياتي وبها تضمن الأغلبية رفعتها وكرامتها وتضمن الأقليات حقوقها التي شرعها الله لها كاملة غير منقوصة.

      وعلى هذا الفهم وبهذا العهد وإلى هذا الغرض فليسع الساعون، ونحن نكون اسبق الناس إلى إتباع حكامنا إن استيقظ منهم الغافل وسار على درب الصواب وعرف أنّ بقاءه مرهون بإحترام هوية شعبه لا بمحقها وسحقها ومسخها بما هو مستورد مرزول.