فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      لكن من يعصمك من الله .. يا مبارك؟

      تراوحَ مشهدُ صلاة عيد الأضحى الرئاسية اليوم بين الهَزلِ المبكي والحَسرةِ المُضحكة،  حيث "صلى!" حسنى مبارك ووليده جمال، بمرافقة كوكبة من خدّامه وعملائه، في مسجد الشرطة، وحيث لم يكن هناك أثر لمصريّ مدنيّ أو إنسان عاديّ من الشعب. بل كانت الصفوف كلها، اي والله كلها، من ضباط الشرطة برتب أقلها "رائد"، ومن خارج القاعة عشرات من رجال أمن سيادته يقفون على الأبواب، وكأن جيشاً متربصاً بسيادتهم خارج المسجد.

      والرجل هيكل عظميّ معلق على شماعة ومتلبسٌ بسُترة، لا تعبير على سحنته، لا حياة في نظراته، مما يجعلك تتساءل هل هناك نبض في عروقه! تتمثل فيه الاية القرآنية:" فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةًۭ ۚ وَإِنَّ كَثِيرًۭا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ ءَايَـٰتِنَا لَغَـٰفِلُونَ"، وهو يجلس في آخر الصفوف، بجانبه وزير داخليته، كريه الظالميّ، يستمع إلى مفتيه، الذي تخيّره على عينه منافقاً صوفياَ بذيئ اللسان، وهو يتحدث عن الرحمة ! والله لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

      لم نرَ الرجل راكعاً ولا ساجداً، فالغالب أنه لا يستطيع الركوع ولا السجود، فهو كدمية قبيحة تنتقل من مكان لآخر دون إرادة أو شعور. ثم ما أن انتهت الخطبة حتى تحرك الهيكل الآدميّ، منكمشٌ على نفسه، يبدو أصغر حجماً من فتى صغير، محاطٌ بعشراتِ الفحول من بِغال الأمن، إلى حيث ركب سيارات الرئاسة، وأكاد أجزم أنه قد استسلم لنعاس ثقيل فور جلوسه في السيارة.

      لكن المُحزِن المُرعب في هذا المشهدِ الأليم، هو جمال الوليد، إذا رأيت كيف تحرك للخروج، وهو يصافح رجلا أو إثنين، غاية في الصَلَف والكِبر والرعونة والخسِّة، تنم نظراته عن شَراسة متأصّلة في كينونته لا سبيل إلى إصلاحها، وكأن مَنْ حوله حشراتٍ يهُشها عن بدنه ليخرج من هذا المَكان الذي لا يليق بسموّه.

      أهم ما عرفناه من مشهد اليوم، أن مصر لا يحكُمها حسنى مبارك، فهو لم يعد قادراً على التحكّم ولا حتى في بوله، لكن مصر يحكمها مجلس من هذه العصابة الآثمة، يرأسه جمال الوليد، وقد تقاسَموا الأدوار بالفعل، واستقر كل منهم على غنيمته في القسمة الآتية لمصر المسكينة. ولم يعد إلا أن تظهر نتائج الهزلية الإنتخابية لتسبغ الصفة الرسمية على هذه الأدوار غير المباركة.

      نعم، التَحَفتَ يا مبارك (وكلاهما أعنى) بسياجٍ من هؤلاء البغال والعُملاء من رجال أمنِك وشرطتِك في هذه الحياة الدنيا، لكن من يَعصِمك من الله يوم يقوم الحساب!