فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      المخـاض السياسيّ! الفائز والخاسرون

      كان الله في عون مصر وفي عون أبناء مصر في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها وبهم. فإنه بعد عدة ساعات ستبدأ عملية يعجز اللسان عن توصيفها توصيفا صحيحا مطابقا للواقع، فإنه من المفترض أن تكون عملية إنتخابات حرة بين عدة مرشحين مؤهلين سياسيا وقوميا لقيادة هذا البلد العريق في هذه المرحلة التي لا نعرف لها نظيرا في عصرنا الحاضر على اقل تقدير. ولكن حقيقة الأمر تنبؤ أنها ستكون كل شيئ إلا ما وصفنا!

      فإن المعارك الإنتخابية كما تعرفها نظم الحكم الحديثة لا يمكن معرفة نتيجتها سلفا، وهي ليست الحالة التي هي قيد البحث! فالفائز معروف سلفاً، وغالب أهل البلد يعرفون ذلك بما فيهم منافسوه! ولا أعرف لمعركة إنتخابية مثل هذه إسما!

      ثم هي ليست حرة، فإنها اولا محددة النتيجة سلفا، وهو أمر لا ينبئ عن حرية إلا إن كان المرشح المتوقع فوزه لا يقارن في عبقريته السياسية أو إخلاصه أو تفانيه في حب بلده بأحد من منافسيه، ومرة أخرى، هي ليست الحالة التي هي قيد البحث! فالفائز معروف سلفاً، فإن هذا النظام لم يعرف عنه إلا الخداع والتلاعب والإثراء على حساب الشعب المستضعف.

      أما عن التأهيل السياسيّ فإن المرشح الرئيس! أكثر المرشحين خبرة إذا اعتبرنا الخبرة السياسية بطول مدة البقاء في صدارة الصحف وساعات الظهور على شاشات التلفاز! ولكن والحق يقال أن منافسه الرئيس (كذلك) لا أدرى من أين ظهر فجأة على سطح الواقع السياسي المصرى، ما هي خلفيته السياسية؟ ما هي أجندة عمله؟ ما هي القوى التي تمكنت من إعطائه هذه الدفعة الهائلة لينافس المرشح "الرئيس"؟ أهو "كرزاي" أو "علاوى" تم تجنيده لمصر الحديثة المأمركة؟ أم هو حرّ محب للشعب ولأبنائه؟ ما هي ايديولوجيته تجاه بلد إسلامي الهوية والتاريخ والتقاليد؟ ما هو مفهوم الحرية في قاموس "أيمن"؟ وأنا شخصيا، ولا أعبر إلا عن نفسي، لا أثق كثيرا بتلك الشخصيات التي تظهر على السطح فجأة دون تاريخ سياسي يؤهل لمثل هذا المنصب؟ وهذا لا يعني بالطبع أن المرشح "الرئيس" أفضل أو أولى بالمنصب، فإن امتشاق السلطة على أكتاف الجيش والبوليس لا يقل خيانة عن امتشاقها على أيدى الأمريكان. لها الله بلد الكنانة!

      ثم، هل سيتم هذا المخاض ويفوز الفائز "أو يفوز الخاسر"، ثم تعود الحياة الطبيعية، أو أجدر أن أقول "غير الطبيعية" إلى سابق عهدها، يسرق من يسرق ويبيع مصر من يبيعها ويخونها من يخونها دون محاسبة أو رقابة؟ أم سيكون هناك من تدفعه وطنيته أو دينه أو عملاؤه "كلّ حسب دوافعه" إلى أن لا يسكت ويمرر التزوير مرة خامسة لعل الله أن يحدث بعد ذلك أمرا؟ لا ندرى.

      كل ما يمكن أن نقول أنه لو كانت هناك بقية حس أو ضمير عند أي من هؤلاء اللاعبين والتلاعبين أن يتقوا الله ربهم في أبناء هذاالبلد الذين استنفذوا في السنوات الخمسين الماضية أسوأ ما يكون الإستنزاف، فحسبهم ما نزل بساحتهم.

      مهما كانت النتيجة ولصالح من طبّ الميزان، فإنني أدعو من له في الأمر يدّ أن لا يعرض هذا البلد لأهوال التفرقة والتحطيم والخراب فحسبنا ما نحن فيه من خراب طوال "عهود الحرية" السالفة...