قاعدة مقررة في أصول الفقه تقضى أن" للجمع قوة أكبر من مجموع أفراده" أي إن إجتماع أحداث كثيرة لها دلالة أكبر كثيرا من وقوعها متفرقة أو من وقوع حدث فذّ منفرد كبير. وحيث قررنا ذلك فدعونا نتأمل تلك "التجاوزات" التي وقعت من النظام – واستغفر الله من قولة "النظام" إذ هو أقرب إلى اللا نظام منه إلى النظام – أقول إذا نظرنا في هذه "التجاوزات المتتالية نجدها تشكل برنامجا يبنى على قواعد الظلم والتنكيل و"استغفال الأمة" عوامها وخواصها والإستهتار بمبادئها وشرعها. ونظرة إلى هذه التجاوزات يثبت أنها ليست محض تجاوز منفرد.
التجاوز في حق الأمة بشأن إعتداءات الأقلية على حقّ المرأتين المسلمتين اللتين أجبرتا على الرجوع عن دينهما بعد اعتناقه. ثم التجاوز عن ضرب المعارضة والتعدى الجنسي على نساء في مسيرة سلمية، ثم التجاوز في قضايا يوسف والي وأمثاله من المخربين والحرص على حمايته، ثم التجاوز عن حق القانون ومقرارات المحاكم بشأن الكثير من المعتقلين بلا جريرة ولا سبب، أو من قضى مدته في الحبس وهو لا يزال محبوسا دون جريرة، ثم التجاوز عن قرارات المحاكم بشأن إيقاف صحف أو أحزاب دون وجه حق، ثم التجاوز في إعتقال الآلاف من أبناء الشعب ممن ينتمى إلى جماعة إسلامية ولو أنها جماعة تعلن البراءة من المواجهة وتنتهج منهج المصالحة مع الحكومة لا لجريرة إلا أنها تنتمى للإسلام وترفع شعاره، والتجاوز في قضايا ضرب الموقوفين أمام النيابة في التحقيق حتى الموت، والتجاوز في انتهاز حاجة الناس المضنية وشراء أصواتهم مقابل حبة "فياجرا" أو "ساندوتش كباب"! ثم التجاوز عن حق الأمة المسلمة في أن يعبّر نظامها الحاكم حتى ولو بكلمات قليلة عن استيائه للإهانة التي تعرض لها كتاب الله من أؤلئك القردة والخنازير وعبد الطاغوت من جنود دولة الصهاينة الكبرى في أمريكا الشمالية، والتجاوز في وصف شعب مصر أنه شعب "خسيس لا يستحق إلا ما يجرى عليه"! ....
ولو ذهبنا نستطرد في التجاوزات التي حدثت في الآونة القليلة الماضية لشغلنا من هذه المجلة أعدادا واعداد ولكن فيما تقدم ما يكفى لإثبات ما ذهبنا إليه من ان هذا الأمر مخطط له ومدروس لا يحدث بعشوائية، ثم إنه يثبت عظم الجرم الذي يرتكب في حق شعبنا المصرى فالحكام بشر يخطئون ويصيبون، وليس مطلوب منهم الكمال، ولكن ان يكون الخطأ هو الأصل والتجنى والتعدى والتجاوز هو القاعدة – دون استثناءات! – فهو ما لا يرضى به أحد ممن يعرف حق الله وحق خلق الله اذين خلقهم الله أحرارا دون استعباد.