فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أفضل الرجـــال

      في هذه الزمان العصيب، الذى كثر خلطُه وهَرََجه، يتساءل المخلصون من الناس: ما العمل، ماذا نفعل؟ ما هو طريقنا، وما هي أوصاف أفضل الرجال لنكون على ما هم عليه؟ وتأتي الإجابة من سنة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام.

      عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: جاء أعرابيّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الناس خير؟ قال: رجل جاهد بنفسه وماله ورجل في شعبِ من الشعابِ يعبد ربَه ويدع الناس من شره" البخاري، الرقائق 6013

      صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهل خير الناس إلاّ أحد هذين الرجلين؛ رجل صدق ما عاهد الله عليه، فهو في سبيل الله بأيّ طريق هُيّـأ له، فتراه في حال السلم مجاهدا بماله، وهو ما يستلزم – بطريق المفهوم – أن له عملا وأن عمله يدر عليه مالاً قد أحسن استخدامه، فهو لم ينفقه كله على مستلزمات حياته، بل هو منفق في سبيل الله ما استطاع بعد أن يقوم بما أوجب الله عليه من نفقات أهله؛ هؤلاء أيتام فقدوا عائلهم فهو مُمِدّهم بما يسّر الله لـه ليحفظهم من عوادي الزمن وذلّ السؤال، وهذا أخ معسر فهو قائم في حاجته ، وهذا مسجد لله يُـبنى أو عمل من أعمال الدعوة للإسلام يُنشأ فهو منفق مما أعطاه الله ليتم البناء ويشيّد الصرح، وهذا طالب علم لا يقدر أن يتم دراسته الشرعية، فهو يتبرع بما يجده مناسبا ليتم لطالب العلم ما أراده، ثم إذا حمي الوطيس وقعقعت السيوف وتناحرت الرجال في المعترك وتميزت الصفوف بما لا يدع مجالا للشك، وأجمع العلماء المعتبرون على الدعوة للجهاد، فهو في أول الصفوف مجاهدا وفي مقدمة الجيوش رائدا، يدافع عن البيضة وينافح عن أرض الوطن، يتمنى على الله الشهادة لتكون تتويجاً لعمله في سبيل الله ولتكون هاديه إلى الجنة التي يسعى ليله ونهاره لتصبح محل إقامته في دار الجزاء.

      ثم، رجل لم يجد من نفسه القدرة على مجالدة الناس ومخالطتهم، إذ إن مخالطة الناس يجب أن تكون بحق الله، فلابد فيها إذن من الصبر على الأذى ومن الحكمة في معالجة الأمور ومن بعد النظر وسعة الفهم والحلم ما يمكنه من أن يكون معينا للناس لا عالة عليهم، فهو لا يظلم أحدا و لا يجهل على أحدٍ، ولا يواقع نميمة ولا وشاية، ولا يقف على باب سلطان ولا يقترف كذبا ولا بهتانا، ذلك ثمن العبادة الحقّة حين يخالط الناس، وهل إلى كل ذلك من سبيل؟‍ إنما هو مقارف بعضها ولا محالة، والناس معانون من جرّاء مخالطته ولا محالة، فالخلوة إذن هي الملاذ له ليعبد ربه دون أن يقارف إثما أو يواقع ذنبا، وهو أعلم بشأن نفسه، فهو قد أفرغ قلبه من علائق الدنيا، وخرج عن مستلزماتها وتجرد من حاجاتها، وانزوى في مكان بعيد يعبد خالقه ويرجو السلامة من الناس وسلامة الناس منه.

      يسأل الناس: أيّ الرجلين أفضل؟ ويجيبك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول فيما رواه عنه ابن عمر رضى الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" ابن ماجة في الفتن وأحمد في مسند المكثرين، وفي كليهما خير بحسب قدرة كل منهما، وكلّ ميسر لما خلق له.