الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبرأ إلى الله أن أكون مضلاً أو سبباً في ضلال. ذلك أنني قد دعوت ونصرت بشدة، الخروج يوم 27 مايو، من أجل أن نستكمل الثورة أهدافها، وأن تقتلع جذور الفساد مرة واحدة. لكن ما أراه من دعوة المغرر بهم من شباب الثورة، أو من ينتمون عقائدياً لدين العلمانية اللادينية، يدعون شعار "الدستور أولاً"، فهذا ما يجب الحذر منه أشد الحذر.
إن القصد من الدعوة إلى الخروج يوم 27 مايو، وهو ما نصرناه في مقالنا على صفحة هذا الموقع "27 مايو .. وحَتمية الثورة الجَديدة"، كان واضحاً صريحاً، أمرره هنا حتى لا يشتبه فيه أحد:
1. عودة العَسكرُ إلى ثكناتِهم، فليس مَحلهم حُكم البلاد وسَنّ القوانين، ومراجعة كلّ ما صدر عنهم من تشريعات، ليمكن ضبطها بميزان العدالة.
2. تشكيل مجلس رئاسيّ مدنيّ، يمثل الغالبية، ويتكون من أربعة مسلمين (حقيقة لا بطاقة)، وعلمانيّ واحد، وقبطيّ واحد، وعضوية عَسكريّ كمراقبٍ بلا صوت (يصح شرعاً في المجلس أن يكون من أعضائه غير مسلم كالقبط والعلمانيين، على أن تكون غالبيته مسلمة، إذ المَجلس استشارىّ مؤقت، خلافاً لمنصب الرئاسة الذي لا يصِحُ إلا لمسلم،)
3. إسقاط حُكومة شَرف، بعد شهرٍ من تاريخه، وإختيار من يقدر على تعيين الشُرفاء في كافة الوزارات، وتغيير كل طاقم الوزراء والمُحافظين وعُمداء الجَامعات والمَحليات والإعلاميين بكامل طاقمهم، ورؤساء المؤسّسات والهيئات الحرجة، واستبدال السفراء. ثم يكون دور كلّ وزير أن يبدّل الطبقة الثانية والثالثة في وزارته بأسرع وقت ممكن.
4. إيداع المجرم حسنى وعائلته في سجن حقيقيّ، دون أي تمييز، وإيقاف المُسلسل الهزليّ في محاكمة الفاسدين، وإرجاء محاكمتهم الفعلية ستة أشهر، حتى يتم تطهير النيابة العامة، ووزارة العدل، وضمان عدم تدخل الجيش في سير هذه المحاكمات، كما يُفعل الآن، وإلا ستصدر أحكاماّ ببراءتهم، ثم لا يمكن محاكمتهم مرة ثانية على نفس التهمة.
5. إطلاق سراح الثوار المعتقلين حتى الآن .. (شئ يجنن والله أن يُعتقل الثوار ويطلق سراح الفاسدين .. عجبى!)
أما أن يخرج هؤلاء المُغرّر بهم، أو هؤلاء اللادينيين ينادون بأن الدُستور أولاً، فهو مُخالفٌ لما صَوّت عليه الشَعب أساساً، ولما يمليه منطق الأحداث، ولما هو في صَالح الدولة المُسْلمة وغالبية أهلِها أولاً وقبل كل شيئ.
كيف يتمُ إنتخاب مئة مُمثل لتدوين دستور البلاد؟ وبأية آلية؟
1. إن كانت بآلية الإنتخابات البرلمانية لتحقيق مبدأ الأغلبية، فهو إذن مضيعة للوقت والجهد، إذ تتكرر الإنتخابات مرتين.
2. وإن كانت بالترشيح، فهذه هي عينُ الديكتانورية التي هَربنا منها، أو كدنا.
3. وأن كانت من خلال هذه المؤتمرات "المتآمرات"، التي لا تمثل إلا العلمانية اللادينية، من دون شخصية مسلمة واحدة، والتي ظهر فشلها، كلها، من أول جلساتها، فهذا أمر لن يقبل به المسلمون، مهما بلغت بهم الغفلة.
يجب أن يكون واضحاً أن هذه النقطة خط أحمر، دموىّ الحُمرة، لن يتركه 78% من الشعب يمر دون قتالٍ في سبيله، وعلى هؤلاء الداعين له، سواءاً من مغفلي المسلمين، أو من اللادينيين والأقباط، أن يعوا ذلك تماما، دون خلجة من شك فيه.
هذا المَطلب الذي يُطالب به ما يُدعى "إئتلاف شباب الثورة"، والذي يظهر أن فيه من العناصر اللادينية الكثير، يحمل هذا الشعار ممثلاً نفسه، والحفنة التي معه. ويجب على كلّ مسلم أن يخرج في هذا اليوم مندداً بهذا الشعار الخبيث، ومنادياً بالمطالب التي تضمن تحقيق أهداف الثورة التى رعتها وحمتها الغالبية المسلمة، وبغياب الغالبية القبطية التابعة لكنيسة نظير جيد.
أكرر واشدد أنّ هدف الثورة الثانية هو تدارك ما تهاونت فيه الثورة الأولى من ترك الفساد في مكانه يعمل، والرجوع إلى البيوت بمجرد إختفاء المخلوع من الصورة، لا حتى محاكمته أو حبسه. الغالبية تطالب بحقها الشرعيّ في الثورة، لا أن تسلمها إلى من لا دين له، يعبث فيه كما يشاء، يريد أن يُعلى ما تقيأه عقله على شرع الله المُحكم. ويكفى النظر إلى وجه ذلك المرتد الخبيث عمرو حمزاوى، الذي قدمته أجهزة الإعلام على أنه المفكر الإصلاحيّ السياسيّ، والذي ترى له في كل مستنقعٍ بعرة، لتعرف أنّ هؤلاء لا يريدون ببلادنا إلا شراً متخفياً في ثيابِ التقدمية والتحررية.
لقد عفا الزمن على كل تلك الخبالات الفكرية التي تفرزها عقول البشر، من ليبرالية وشيوعية ورأسمالية، بعد أم ثبت فشلها إقتصادياً لما شاهدناه من إنهيار الإقتصاد العالمي الذي يعمل في رحابها، وسياسياً بعد تفكك السوفييت، وفشل الولايات المتحدة في قيادة الدنيا كما كانت تسعى، وإجتماعياً لما نراه من فسق وعهرٍ وإباحيةٍ وشذوذٍ، ضجّ من آثاره الغرب، ولم يرتضيه إلا أمثال عمرو حمزاوى وإيناس الدغيدى، لعنهما الله معا.
الثورة لا تُطالب "بالغضب" من مَطلبِ الأغلبية، التي صَوّتت عليه بالفعل، والذي قد يكون الحَسَنة الوحيدة التي لا تزال تراوح في ميزان حَسنات المجلس العسكرىّ، تمنعه من التطبيب إلى الحضيض، بل الغضب، لمن سأل عن سببه من الإخوان، هو من إستمرار الفسَاد حاكماً للشارع المصريّ، ومن التباطؤ المتواطئ الذي تراه ممن بيدهم الأمر في إنهاء معركة الهدم لما كان، وبداية معركة البناء المرتقب. الغضب من الخلط المقصود بين البناء والهدم، والذي كما بينا من قبل لا يقود إلا إلى الإضطراب والتشويش والتمييع، كما نرى ما عليه الساحة السياسية المصرية، والعدل المصريّ، والأمن المصريّ، والإقتصاد المصريّ، والتعليم المصريّ، والإعلام المصريّ، و"ربنا يستر" على الإنتخابات المصرية.
لا، ثم ألف لا لتقديم الدستور قبل الإنتخابات .. وليأخذها منا كلّ لادينيّ علمانيّ.