الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا ينتهى مُسلسل العَفو عن مُبارك، وإتاحة الفرصة له ولعملائه للهرب من العقاب، عند مَجلس العَسكر في مصر، وتآمرهم لحمايته من أي عقاب، بل يتعدى إلى خارج حدود مصر ليصير تحَالفاً عربياً على الإثم والعدوان والخيانة ودعم الفساد، وإنقاذ الطغاة. وللأسف، فإن من يتولى كبر هذا الإثم هم من يروجون أنهم حماة الشرع، ورافعى راية الدين.
لا أدرى ما بال هذه الدويلات التي يسمونها "دول" الخليج" تنشُر فسادها وتبثُ سُمومها في شرايين الأمة العربية، تحمى الفساد، وترعى الفاسدين. هذه الممالك والإمارات التي لا زالت تُعبّدُ رعاياها وكأنما هي ربهم الأعلى، ورازقهم الأوفى، تخشى أن يصحو شبابها بصحوةِ المُسلمين من حولها لإستعادة حقوقهم، وإسترجاع ثرواتهم، وكسب حرياتهم وكرامتهم، فتتزلزل عروشهم، وتضيع ثرواتهم، وما أدراك ما ثرواتهم! وهو أمر بالنسبة لهم دونه الكفر بالله، أخزاهم الله.
هذه الدويلات كلها خَبَثٌ في خَبَثٍ. منها ممالك تريد أن تظهر نفسها كراعِية للإسلام وداعية للسّنة، وحاكمة بالشريعة، حسناً، أين الشريعة من دَعمِ الفساد ورعاية القتلة؟ في أي جُزءٍ من سِيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسِيرة خلفائه، وسِيرة من اتبعهم بإحسانٍ من الخُلفاء، كان هذا منهجاً يُتبَع؟ أين هذا من أحكام الشريعة وقواعدها؟ ومنها دويلاتٌ أعلنت الفساد وأخذت الفِسق والعُهر مَورِداٌ مالياً تحت دعوى الإنفتاح والتحديث والمُنافسة العالمية! ورصدوا البلايين لبناء ملاعب وفناراتٍ وأبرج وساعات هي الأكبر والأوسع والأطول والأعمق، يتفاخرون بها، وليس لهم فيها، يغلم الله، إلا المال ينفقونه ثم يكون عليهم حَسْرة. وكان أنْ ابتلاهم الله بغول الرافضة يربُضُ على مَقرِبة من شَواطئهم، يُرعِبُهم ويتربّص بهم، جَزاءاً وفاقاً.
بدأت سلسلة رعاية الفاسدين بإحتضان على زين العابدين، سفاح تونس وطَاغيتها، تحت زعمِ الأريَحية العَربية! الأريَحية يعلو قدرها عند هؤلاء الأدعياء الفسقة على العَدل والقصَاص! ثم جاء دور حسنى مبارك القاتل السارق، فهربوا أمواله، وأعانوه على سرقة أموال شعبه، ثم عادوا يفاوضون على قروض مزعومة للشَعب بشرط إطلاق سراح الجناة! ثم يأتي دور على صالح الطاعية اليمنيّ، إذا بهم يصْرِفون جَهداً مستميتاً في تقديم مبادراتٍ لا يجمعها إلا الحرص على سلامة وأمن الطاغية وماله! وأولى بهم صرف هذا الجهد لإستكمال عُدتهم ضد العَدو الرافضىّ.
لقد فقدَت كل هذى الممالك والإمارات مصداقيتها، وسقطت في أعين الناس، بعد أن بارَ جهدُها في ميزان الشَريعة. باع هؤلاء دينهم وشرفهم بثمن بخسٍ دراهِم مَعدودة، مهما كثُرَت، وسُلطة ممدودة، ستزول مَهما طالت.
إن خبثَ هذه الدول يكمنُ في أنها، كعادة أهل النفاق، تعمل في الخفاء، ومن وراء ستار. تعلن غير ما تبطن، وتحاول التلاعب بمصائر المسلمين، بينما يتلاعب بها الصليبيون في كلّ لحظة، وفي كلّ درهم، هو أصلاً مملوك لشعبهم.
ليست هذه سياسة، بل هى مُجرد غدرٍ وخيانة لكل مبدأٍ، حتى مبادئ الصليبية الحديثة التي يتنادى أهلها بضرورة مُحاسبة الحكام الجناة، ولا يتركون حُكامهم يعبثون بمصائرهم كما يفعل هذا الجَمع ممن إبتلاهم الله في دينهم وخُلقهم.
فليرفع هؤلاء أيديهم عن شعب مصر، وليذهبوا بأموالهم إلى أحضان أوليائهم في الدنيا والآخرة، فمصر أكبر من أن يخضّعوها بدراهمهم. وإن شهوراً من العمل الجاد المثمر، في ظل حكمٍ حُرّ شَرعيّ، سيؤمن لأبنائها كل ما يحتاجون، فلسنا ممن أصابهم الله بدائي الكَسل والغطرسة، فهما شر داءٍ إن إجتمعا.
وليكف عصام شرف عن إستجداء المال من هذا الرعيل الخائن، فهو لم يفوّض في إذلال المصريين وإهدار كرامتهم، وليطالب هؤلاء بإعادة أموال مصر التي سرقوها مُشاركة مع الطاغية المخلوع، فإن هذا أكرم وأعدل.