فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      نزغـات الشيطان في مواجهة نفحات الرحمـن

      طبيعة البشـر أن تعـادى ما تجهـل .
      طبيعة البشـر أن تبغـض ما لا تعرف .
      طبيعة البشـر أن تقـاوم ما لا تدرك .

      فالناس ، كانوا وما يزالوا ، أعداء ما جهلوا ، خاصة إن هدد طواطم أقـاموها لأنفسـهم ، ما أنزل الله بها من سـلطان ، وزعموا أنها ممن يعتد برأيها ويسـتمع لقولها ، طواطـم دأبت علي أن تتخذ من العامة قوائم لعروش موهومة لا حقيقـة لها ولا واقـع ، عروشـا بنيت علي الجهل المغرر لا علي العلم المقرر ، والعجب كل العجب ، بل والأسى كل الأسـى ، أن هذه الطواطم اتخذت من دعوة الله مادتـها ومن عامة المسلمين دعامتها !

      ولكـن أليست تلك هي القاصمة التي حذر الله سبحانه المؤمنـين منها ؟ الإعـراض والتكذيب قبل العلم ؟ قال تعالي: " أكذّبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أمّاذا كنتم تعملون " النمل 84.

      إنّ شـرط الحكم في أمر من الأمور : أن يعي الحاكم موضوع القضيـة وأن يستوعبها استيعابا نافيـا للجهالة ومقررا للعلم ، وأن يكون من أهل التخصص ممن ثبتت أهليّتـه و‘شهـد له بالمعرفة في هذا المجـال .

      وبالله عليك ؛ ما تقول في رجل زعم أن الأمام أحمد بن حنبل ، مثلا ، لا علم له بالحديث ، فتسأله : من أنت يا هذا ؟ أأنت يحي بن قطّـان ، أم إنك أبو حاتم الرازيّ ، أم أنت من نظرائهما في الحديث ، فيقول الرجل : لا ، وإنما أنا رجل جمعت جـلّ علمي من الإطلاع على مجلات وكتـب محدثـة لا تشفي مادتها غليلا ولا تروي عليلا ، وما عوّدت نفسي علي سهر الليالي في الإطلاع علي كتب السلف والخلف ، دارسا ومقارنا ، ثم بعدها كاتبا ومدونا ، لم أخرج للناس كتابا ولـم يقرؤوا لي مقالا ، فأنا أقل من هذا القدر !! ألا يأخذك حينئـذ الغضب المشوب بالشفقة علي هذا الغرّ المغـروَر ؟! ألا تدعو له بالهداية ، وبأن يفيـق علي الحـق قبل أن يرمي به الجهل إلى ظلمات الغلّ وأن ينحدر به الهوى إلى هاوية الهلاك ؟

      إن الدعوة إلى كتاب الله سبحانه ورسـوله صلى الله عليه وسلم يجب ألاّ تستنفر من المؤمنين إلا الهمـة علي مساعدتها والوقوف إلى جانبها . وكيف يزعم من ينسب نفسه ، وينسبه من حوله ، إلى دائرة الدعوة المباركة أن يتهجم علي أقوال وأفعال لا تنتسب إلا إلى السنة والجماعة منطوقـا ومفهوما ؟

      إنه ليس من صفات الإيمـان أن يتراشق الناس بالقول ، بل من صفات الإيمـان أن يدعو المؤمـن لمن يحمل دعوة الله سبحانه بالنجاح والتوفيـق ، وأن يعينه علي إيصـال دعوتـه إلى الغـير .

      إن مجـلة "أمـة الإسـلام" لتمـد يد الأخـوّة والعون لتأخذ بيـد من نبـذ الفرقـة ، وطلب العلم مخلصـا ، ولعمر الله إن لنا أعداءاً يتربصون بنا وبديننا الدوائر ، فهل وعى بـهم هـؤلاء اللاغطـون ؟

      إن الشيطان حـق ، وإنه لينـزغ بين الناس ليمدّ للجاهل في جهله ، وليفزع العالم عن نـشر علمه ، ولكن قوة الدعوة إلى الله سبحانه لهـا من إشعاع الحـق ونوره ما يحرق هذا الخبـث ، لتفيض بعده نفحات الرحمن علي عباده ، قال تعالي: " وإمّا ينـزغنـّك من الشيطان نـزغ فاستعـذ بالله إنّـه هو السميع العليم " فـصّلت 36. ألم يأنِ لأمثال هؤلاء أن يتدبروا حقيقة قولهم ومبلغ علمهم ، وأن يعرفوا أن الأمر جـلل ، وأن الحزبية والتعصب المبنيين علي الجهل والهوى لن يجـرّا إلا الحسـرة ؟

      ولا نملك إلا أن نردد قول الله تعالي: " ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ، ربنا إنك رؤوف رحيـم "