فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      منطقُ العَدالة .. بين العوّا وعِصام شرف

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      تكشِفُ أحداث إمبابة عن صِحة ما وصَلنا اليه في تحليلاتنا، أنّ القوى الكَنسِية في مِصر لها اليدّ العُليا في شأن مواطنيها، ونقط تماسّهم مع المواطن المِصريّ المُسلم. بل وإن قوتها في الضغط على الأجهزة التنفيذية تجاوزت كلّ معقولٍ ومقبول، من حيث القدرة على طمس الحقائق وتلوينها وإستلاب مكاسب لا حق لهم فيها، بغرض الترضِية. ولننظر في أحداث إمبابة، مما ثبُت واقعياً حتى الآن.

      يجب أن نفرق أولاً بين السَبَب والنتيجة في هذه الأحداث بشكلٍ واضحٍ. فبالرغم من العلاقة السببية الرابطة، إلا أن تفكيكِهِما ضَرورىًّ لتحديد الجَانى "الحقيقيّ"، ومدى جنايته، وكيفية تجنب حدوثه، إن صَحّت النوايا، وقويتْ العزائم.

      ورغم أن اللقاءات التي تمت مع "عبير طلعت"، كالتي أجرتها الإعلامية العلمانية ريم ماجد، قد أثبتت أنها، إلى جانب بساطتها الشديدة، تعيش رعباً حقيقيّاَ من مَجهول، لكن الحقائق التي ثبتت، بلا شك، عن واقعتها أنها:

      • أسْلمت وتزوجت عرفياً بياسين
      • تركت بيتها وأهلها وقريتها
      • أن هناك من دلّ أهلها عليها
      • أنها سُلمت للكنيسة، وحجزت فيها سواءاً في أسيوط أو إمبابة
      • أنها كانت بالفعل في إمبابة، وفي الكنيسة، أو البيت الملحق بها، وقتها.
      • أن زوجها قد اتصل بالمباحث قبل التوجه إلى مكانها

      إذن فأمر أنها حُبسَت ضد إرادتها ثابتٌ، إذا رفعنا عامل الإكراه والخوف. وأنها حبسها ونقلها تمّ بواسطة الكنيسة ثابتٌ أيضاً. وهذان في رأينا هُما المُرَكبان الرئيسان لهذه الجَريمة. فإنّ ما أتي بعد ذلك هو من التبعية والتداعيَ لهما.

      إلا إننا نرى القضية الآن قد تركّزَت إعلامياً وسياسياً، على إطلاق النارِ والجرحى، وترميم الكنائس، والسلفيين، حتى أنّ أحدَ أعضاء ما أسموه لجنة تقصّى الحقائق، إستبق التحقيقات بأن صرّح، على برنامج الإعلامية العِلمانية ريم ماجد، أن من أسباب الحادث هؤلاء السلفيين ومشايخهم، الذين "لا يَعرف من أين جاؤا!"،حسب تعبيره، ولأنهم أعطوا أنفسهم الحق في التصَرّف كيف يشاؤون! ذلك رغم إنكار قسّ الكنيسة نفسها أن السَلفيين لهم أي دورٍ في هذه الأحداث. وبالطبع لم تعترض الإعلامية العلمانية ريم ماجد على قوله بتذكيره أنه بهذا يخرِق قواعد القانون ويستبق قرار النيابة، رغم أنها بذلت كلّ طاقتها لِتصَور "عبير" في حِوارها معها، أنها مُتخلفة، مُضطَربة مُتضَاربة في الأقوال، لا تكاد تفقه ما تقول. هذا هو الإعلام الذي ارتضته الدولة لعَكس الحَقائق على الأرض.

       وبغضّ النظر عن البُعد الدينيّ لهذه الحَادثة، فإنها في أصْلها قضية إختطافٍ، وسَلبْ إرادةٍ على الرغم من صَاحبتها. والسؤال، الذي يجب طرحِه قانوناً، هو أيّ ولاية للكنيسة على عبيرٍ وأمثالها أن تحبسْهن رغم إرادتهن، سواءاً لإسلامهن أو لخلافهم مع أزواجهن؟ وهل يعلم أدعياء العلمانية الديموقراطية أن هذا بحدّ ذاته، بغضّ النظر عن البعد الدينيّ، مُجرّمٌ في بلاد أوليائِهم من الغرب العلمانيّ؟

      لكن هذا البعد الإجتماعيّ، غير الدينيّ، لا يمكن إختزاله والتهوين من أمره إلى علاقة "حبّ وغرام"، كما قرر رائد العلمانية الإسلاميّة في مصر، محمد سليم العوا، إذ إنّ هذا إختصارٌ شديدٌ لمَسألة قانونية تتمثل في سَلب مُواطنةٍ لحريتها بغير إرادتها. ثم إدعاء العوا أنها لم تصل ركعة واحدة، فهل هذا،عند فقية العلمانية الإسلامية، دليل كفرها، وعدم إنتسابها للإسلام؟ وأين هو إذن من كلّ هذه الجُموع المُسلمة التي لا تصلى؟ هل هذا نذير بتبنّى العوا لإتجاهٍ تكفيريٍّ عام؟ ألا يكون مُمكنا أن عبير، ككثيرٍ ممن يدخل الإسلام حديثاً، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي لم تجد فيها دليلاً هادياً يعينها على دينها، قد غفلت عن الفريضة؟ ثم، كيف قبل العوا شهادة الرجل الذي قيل أنه هو من أبلغ عنها الكنيسة، مما يجعله مَجروحاً في شهادته أصلاً؟ المشكلة في أمثال العوا أنهم يدوّنون في الشريعة الإسلامية، يخيلون به على العامة، ممن لا يفقه كثيراً مما يقال، بله من قرأ له أو لغيره، ثم إذا بهم، في غِياب هدى الله وتوفيقه، يضربون بما يكتبون هم أنفسهم، من فقه وأصول، عَرض الحائط. ولا ننسى أن العوا هو القائل بأنه ليس لديه دليل على أن كاميليا أسلمت، وهو يعلم، أو لا يعلم، أن المُثبت أقوى من النافي. فهو في حالتيّ كاميليا وعبير أقرب للقبط منه للإسلام.

      ثم إذا بحكومة شرف تضرب عَرض الحائط بكل هذه الأبعاد، وإذا بها تُخضع مقاييس العدالة لصالح القبط والكنيسة، ضد حقّ المرأة نفسها في أن لا تُحبس ولا نُحتجز في كنيسة. وإذا بها تصدر قوانين، يعلم الله كيف ستطبق، وعلى من ستطبق.

      لكننا نُحذر مرة أخرى، أن الضَغط سَيولد الإنفجار، وأن تَناسِي حُقوق المُسلمين سَيجعل المُواجهة مع الغالبية المُسلمة، أقرب وأعنف مما يتصور هؤلاء.

      وقى الله مِصر شرّ الفتن، وردّ كيد من أراد بها شراً، وحَرَمَها من فقه العوا، وعدالة شرف. آمين.