فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      بين القـوة والتـقوى

      خبرت الناس خبرة الأم بحاجات رضيعها، وعرفتهم معرفة الساري بمواقع النجوم التي يهتدي بها، فرأيت أنهم في المعاملة بين اثنين: إما "ظالم" اختلط عليه معني الظلم بمعني القوة في الحق، فمتي تأمّر علي الناس جاءهم بما يحسبه خيرا وما هو بالخير ،إذ التبس به الاضطهاد والقهر، فكان الهوان للناس من حوله، فالقهر والعدل عدوان لا يجتمعان، وإما "تقيّ" اختلطت عليه معاني التقوى بميزات الضعف والخنوع والاستسلام، فان تكلم انخفض صوته كمن يهمس وان جار عليه الجائر، ومتي جلس انداح علي نفسه كمن يخفي سرا يخشى عليه الافتضاح، وان سار، فهو يسعى علي جنب الطريق ملتصقا بالحائط كمن به جرب! ولا عجب، فهو قد خلط معني التقوى بمعني الضعف، فصار ضعيفا يلبس ثوب التقوى ليستتر به وما هو بساتره طويلا!

      ولكن أين القوي في غير ظلم، التقيّ في غير ضعف؟ ألا تري أن اللغة قد ناسبت في الحروف بـين كلمتيّ "قـويّ" و "تقيّ" ؟ وصدق عمر ابن الخطاب في قوله "أشكو إلى الله ظلم القويّ، وضعف التقيّ".