فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الإسلام .. بين إستفزازالكنيسة وراديكالية اللادينيين - 2

      تكملة

      (3)

      وما نقصِد اليه هنا، إيضاح النقاط التي تحاول الدَعوة اللادينية تداولها تحت أسماء موهِمة، لكنها في حقيقتها مرفوضة جملة وتفصيلاً من قبل الشعب، إن أفصح هؤلاء عنها باسمائها، وأتحدث عن الشعب لا الإخوان والسلفيون. لكم هؤلاء يعلمون أنهم سَيسقطون سُقوطاً مزرياً إن فُضِحَت هذه التوجّهات بأسمائها، ورُفِعَ عنها نقابُ النفاق.

      ومفهوم الحرية، وهو ما تدور عليه رحى هؤلاء، وهو أولُ وأكبر مفهومٌٍ يروّج له العلمانيون اللادينيون، ومن ورائه تأتي أشكال هذه الحرية لتفصِح عن مُرادها. ولنر منها ما يوضّح صورتها ويكشف خبيئها.

      فحرية التعبير مثلاً، تعنى في الإسلام حرية النقد للحاكم، وحرية تقديم البدائل في السِياسة والإقتصادِ والإجتماعِ، في إطار الشَريعة الإسْلامية بلا مُمَاحكة في ذلك. كما نعنى حُرية الكتابة والفِكر، في أمور الحياة وأمور الكون، وفي مجالات العِلم والمَعرفة والأدب، دون المِساس بثوابت الشَرع. وثوابت الشَرع هنا تعنى المِساس بمرجعية الشريعة، أوبالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وصحابته وآله، أو تكذيب ما ثبت في الدين، أو الإستهزاء بها، ولو تحت "عنوان الفن والإبداع" الذي استُحدث لتسريب الفكر الإلحادى.

      أما عن حرية التعبير في عرف الراديكالية اللادينية فهى تعنى الخروج على كلّ عادة أو عرفٍ أو دين أو قيمة إجتماعية من باب الإبداع أي "الخروج عن المألوف". ولئن سألتهم عما يرون فى التعبير من خلال روايات تستهزؤ بدين الله، أو برسوله صلى الله علية وسلم، أو بدينه وشرعه، سواء بالكتابة أو التصوير أو الحديث، ليقولن ما نرى عي هذا من غضاضة، إذ المرء حرّ في التعبير عما يجيش في صدره. لكنك لا ترى أي إضافة على أشكال حرية التعبير، المعتبرة في الإسلام، لدى هؤلاء في مجالات الحياة الجادة التي تحمل قيماً ترقى بالمجتمع وتساعد على رقيه وتقدمه. ولا ندرى كيف أن التعدى على الله ورسوله صلى الله علية وسلم يكون دافعاً للتقدم والرقي. ثم قل مثل ذلك فيما يسمونه "الفن"، فهو رخصٌ وعهرٌ مُسَطّح، ليس فيه إلا كلّ شرٍ وإنحِراف.

      الخلاف هذا في هذا الباب يكمن في رغبة هؤلاء المتطرفين اللادينية في إيذاء مَشاعر أصحاب الدين والخلق، دون إضافة أية قيمة حضارية من خلال هذا الإيذاء.

      ثم في مجال العلاقات الإجتماعية، تجد أن الإسلام قد نظم هذه العلاقات بما يحفظ الكَرامة قبل الغريزة، والعِفّة قبل الشهوة، وموازنة حق المجتمع مع حق الفرد. قل ذلك في حقوق المرأة، التي كرمها الإسلام بحفظها من أن تكون سلعة جسدية، متاعاً للناظرين، وحفظ لها حقها في مالها ونسبها بعد الزواج، وحقها في أن تُخدَم لمن قدر على توفير ذلك، وجعلها قوّامة على أهم مكونات المجتمع، ألا وهم الأبناء، وسمح لها، بل حَثها على العِلم بشروطه، كما أتاح لها، إن عَسَر بها القدرُ في زواجٍ أو طلاقٍ أو ترمّلٍ، أن تكون زوجة ثانية للقادر المريد، حرصاً عليها وعلى المجتمع من الخنا والرذيلة. ولست بصدد تعداد ما جاء به الإسلام في مجال حرية المرأة، لكنه قطرٌ من بحر. وقل ذلك في حقوق الجار والشريك والزميل، ومنع الغيبة والنميمة وحقٌ الوالدين، طوال الدهر لا في يوم الأم أو الأب وحده، وحق الزوج وحق الزوجة، وكافة أشكال التعاملات الإجتماعية بين الناس.

      لكن تجد أن دعوة هؤلاء في مجال العلاقات الإجتماعية تدور حول نفسِ الرحى، فما اضافته لذلك هو في الدعوة إلى التحَلل من قيودِ الخُلق والدين بدعوى الحُرية، فتعطى المَرأة حق التعرى، متعدية على حق المجتمع، وناشرة للرزيلة، بل يصل الأمر ببعض مُلحدات المجتمع أن تدعو إلى السَماح بالشذوذ والدعارة بتصريح الدولة! وتعطى الناس حقّ تعاطى المُسْكر، والزنا قبل الزواج بدعوى التحقق من مناسبة العريس!! وحق إتخاذ الأخدان تعدياً على حقّ الأسرة والمرأة. ثم إغلاق ما أتاح الله للمرأة من أبواب الفرج كالتعدد، الذي يظلم أو ما يظلم شريحة كبيرة من نساء المجتمع لحساب طائفة منهن، والتلاعب بسن الحضانة لإفساد دور الاباء في تربية الأبناء، ومن ثم تحليل قاعدة المجتمع الأسريّ كما هو حال الغرب .

      هكذا، تجد أن ما أضافه هؤلاء لا يتعدى الإفساد ونشر الرزيلة من جنسٍ وخمرٍ وشذوذٍ، مما لا ينتج إلا مجتمعاً من مرضى النفوس وفاسدى الخلق، إذ أين القيمة الحضارية فيما أضافوا أو حذفوا؟

      أولئك العلمانيون الليبراليون اللادينيون إذن، ليس لهم عُمقٌ حَضارىّ ولا أصالة فكريةٌ أو أخلاقية بأي درجة من الدرجات، في أي جانبٍ من جوانب الحياة والفكر. بل هو الجِنس والعُهر ونَشر الرزيلة، تحت مُسمى التقدم والحرية، التي هي منهم ومنهن، براء.

      إن هذه التجمّعاتِ المَحمومة، التي تنادى بالحرية الفردية المطلقة، التي لا يحدها حدّ، ويدعون صَراحة لإلغاء الرجوع إلى الشريعة كمصدرٍ رئيسيّ في الدستور، لا المَصدرَ الوحيد كما يجب لها، إنما هم أعداء الأسرة، والآباء، والأبناء، والمجتمع. أولئك هم ناشروا الرذيلة ومروجوا الفاحشة، ومحاربوا القيم والخلق، لا أكثر ولا أقل.

      إن الوقوف في وجه أولئك الداعين إلى هَذه الرَزائل المُغَلفَة والفَسَاد المُعَلّبِ هو واجبُ كلّ مُسلم، بل كلّ مُحبٍّ لوطنه وأهله، أن يمنع عنهم الشرّ القادم في ثنايا هذه الدعوات المُخرّبة. وصدق الله "فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءًۭ ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى ٱلْأَرْضِ" الرعد 17.

      وإنّا، إن شاء الله تعالى، لهم لبالمرصاد.