فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      رياح التغيير وعواصف الواقع

      قد يكون من الثوابت المسلمة في ايامنا هذه أنّ رياح التغيير قد هبّت منذرة بخلخلة تلك القواعد الهشة التى يقوم عليها بنيان الفساد والطغيان القائم على أرض مصر الغالية منذ عقود متطاولة، والتي جعل من أرض مصر منبتا للتخلف والفقر والجاهلية بكل ما تحمل من معنى، وجعلت من أبناء مصر أناسا لا يرون إلا لقمة العيش غرضا ولا غير السعي وراء ما يقيم الأود هدفا، وهم في هذا معذورون غير ملومين إلا بقدر تسامحهم مع هذا النظام الذي عصف بحياتهم وقيمهم وثرواتهم ومقدرات أبنائهم.

      والتغيير أمر لا يجب أن نخشاه، رغم ما يحمل من عناصر المفاجأة واضطرابات الترقب والتوجس لما هو آت، إنما نريد حسن الإستعداد لهذا التغيير والتخطيط لما يأتي به حتى لا يستبدل طاغية بطاغية وفساد بفساد أشرّ وجاهلية متدسّرة فيها بقية من حياء بجاهلية سافرة لا حياء لها.

      وحتى تكون هناك خطة لهذا التغيير، يجب أن تدرس عناصر الواقع والأطراف المشاركة فيه داخليا وخارجيا، نتلمس بهذا المخطط ملامح التغيير المرتقب، ونتعرف على ما عساه يبرز على الساحة المقلقلة المتنازع عليها، فإننا لا نسعى ولا نريد مجرد التغيير، أو "مطلق التغيير" ولكننا نسعى إلى "التغيير المطلق" الذي تعود فيه الأمور إلى نصابها، تعود القيم التي سادت في حياة الناس قرونا إلى الحياة، وتعود الكرامة إلى أبناء الشعب بطوائفه وأطيافه، ويعود الحاكم محكوما بمن أثبته حاكما من ولاة أمر الأمة، ويعود المحكومون أوصياء على الحاكم إن أصاب شكروه وإن أخطأ قوّموه.

      ومن أهم العناصر التي يجب أن يعتبرها المشارك في هذه العملية من الهدم والبناء هو الهوية المصرية الأصيلة ثم التركيبة الإجتماعية، وأطر القيم والمبادئ، ثم الأشكال السياسية التي تتمشى مع هذه العناصر كلها وتجعلها تعمل في صالح المجموع داخل نظام القيم ومن خلال تحقيق الهوية والمحافظة عليها.

      هذه العناصر هي ما نحسبه أهم ما يتدارس المهتمون بأمر هذه الأمة وما هي مقبلة عليه حتى لا تمر رياح التغيير فإذا بالبنيان الفاسد المخلخل باق على قواعده، لم يتغير فيه إلا سكانه وشاغليه!

      ثم لا ننسى أن هذه الرياح تهبّ ليس على أرض الكنانة فحسب، بل تهب على أرض المسلمين في كل أنحاء البسيطة، فنحن جزء من كلّ والواجب أن نتعرف على ما يحدث في بقية أنحاء العالم الإسلامي من تآمر النظم الحاكمة الخارجة عن الشرعية الإسلامية مع النظام الصهيوني الصليبي الحاكم في أمريكا والذي لم يسيطر على تلك البلاد إلا في غفلة من أهلها كما نحسب. وسنعود إلى هذه القضية مرة أخرى فيما يأتي إن شاء الله تعالىن كما سنبحث في تلك العناصر متلمّسين أفضل الخطط لإستثمار تلك الرياح القادمة.

      ثم نؤكد ما ألمحنا إليه من أنه مهما كانت هذه الرياح تحمل من المخاطر والقلاقل فهي أنفاس رقيقة حانية إلى جانب تلك العواصف التي عودّنا هذا النظام على أن نعيش في ظلّ هدّها وهديدها عقود متطاولة.