فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      فلا نامت أعين الجبناء ..

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      " وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَ‌ٰتًۢا ۚ بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" البقرة 169.

      تطايرت الأنباء بخبر استشهاد الشيخ أسامة بن لادن على أيدى القوات الصليبية في داخل باكستان، رحمه الله وتقبله في الصالحين.

      ولا يخالف مسلم، يحبُ الله ورسوله، في أن ٌ الرجلَ علمٌ من أعلام الإسلام وسيفاً من سيوفه في عصرنا هذا. هذا العصر الذي تميز بروح الضعف والإستسلام والخذلان، والتبعية والهوان، والتسليم للعدو الصهيونيّ والصليبيّ تسليماً تاماً. وهى الروح التي لم تنعكس في أداء الحكومات القائمة في بلاد المسلمين فحسب، بل وفي سلوكِ جماعاتٍ تُحسب على الإتجاه الإسلاميّ، ممن رضى بالذلة وأسماها المشاركة، وغيرهم ممن أقر بالرضا والمتابعة، بل الولاء والبيعة.

      في ظلّ هذا التدهور الذي عمّ كافة مناحي الحياة الإسلاميّة، فكراً وعملاً، قوة وإعتقاداً، أعاد الشيخ الشهيد مفهوماً تعاونت على طمسه العديد من القوى، وهو مفهوم الجهاد، المقاومة، التصدى للمعتدى، الوقوف في وجه الإحتلال الغاشم، وظل بهذا شَوكة في حلق أعداء الإسلام أكثر من عشرين عاماً، بدءاً من مقاومة الشيوعيين الروس، إلى مقاومة الصليبيين الأمريكيين. وهو إحياءٌ كان لابد لأحدٍ أن يتولاه، حتى لا ينطمس بالكلية كما أراد له الصليبيون والصهاينة والمستشرقون وحكام المسلمين وجماعاتهم المُستسلمة الخَانعة. فهو إحياء سُنة مَفروضة وفريضة واجبة.

      وقد يختلف البعض مع الشيخ الشهيد في شرعية بعض ما نُسب للجماعة من أعمال، وعلى رأسها تفجيرات 11 سبتمبر، إن صَحت نِسبتها للجماعة، لمَا أدت اليه من استعداء العدو الغربيّ، وإعطائهم المبرر لغزو أفغانستان والعراق غزواً بربرياً همجياً، تسبب في مقتل مئات الآلاف من المسلمين. كما أنها، عند البعض لا تصحُ شَرعاً من جهة أنها قتلٌ لمدنيين أبرياء، حتى وإن قتل الأعداء المدنيون المسلمون، إذ الأمر في هذه المسائل يُحكّم فيه الشرع لا الهوى، والشرع يمنع قتل المدنيين بلاشك. لكن مع هذا، يبقى الأمر أمر إجتهادٍ شرعيّ يصيب ويخطئ. كما يبقى أمر مَنحَ تبريرٍ للغزو مشكوكاً فيه، إذ إن هؤلاء لم يكونوا ليعدموا مُبرراً آخر للعدوان على أية حال.

      وكما قلنا، فقد قدم الشيخ الشهيد حياته وماله واولاده في سبيل دعوته، فصدق ما عاهد الله عليه "مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌۭ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُۥ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبْدِيلًۭا" الأحزاب 23. ولم يتوان في أن يشترى آخرته بدنياه، بعد أن كان لديه من المال ما يجعله أعلى من "الوليد بن طلال"، فاسق العرب في هذا الزمان. لكن، لكلٍ تجارةٌ، ولكلٍ وجهةٌ هو مولّيها، وشتانُ ما بين التجارتين، والوجهتين.

      ولن يضيرَ الشيخ الشهيد أين يُدفن، فقد قالتها أسماء رضى الله عنها من قبل "وهل يضير الشاة سَلخها بعد ذبحها"، وصَدَقَت.

      رحم الله شهداءَ المسلمين، وتجاوز عن أخطائهم، وجازاهم بنياتهم، إنه نعم المولى.