فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      شَخصِيّتان في الميزان .. السِباعي والنائب العام

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      كثيرة هي المَظاهر التي تدلّ بلا شك أنّ مصر الثورة تفتقر إلى الكثير من العمل، بل وإلى التظاهـر المُليوني لإيقاف الإنحراف عن مسارها، والرجوع إلى أهدافها في إسقاط الفساد والقضاء عليه. من هذه المظاهر، على سبيل المثال لا الحصر، تلك المهزلة التي نراها في فيلم "حبس حسنى مبارك"! أوامر تصدر من النائب العام عبد المجيد محمود ، يعقبها تصريحات من الداخلية عن إستعداداتٍ لنقله إلى مُستشفى، بين المركز الطبي ومستشفى طرة،  ثم تقارير من الطبيب السباعي بالطب الشرعي، مرة تقول بأن صحة مبارك مستقرة ومرة أنه في خطر، وتتحدث عن ارتجاجٍ اذينيّ لا علاقة له بالإنتقال، ثم تمر فترة سكون، ثم تبدأ الدورة من جديد.. مهزلة تدور بإحكامٍ كما تدور الكرة في ملاعبها، بين لاعِبَيْن، النائب العام والطبيب الشرعيّ. وليس هناك شكّ أن هذين الرجلين، ليس لهما حول ولا قوة، وإنما هما يتحركان بيد المجلس العسكريّ الذي اضطُر بقوة المليونية الأخيرة أن يتخذ قراراً بإنتاج فيلم "حبس حسنى مبارك"، بطولة السباعي وعبد المجيد، دون أن يسمح، لسبب ما، أن يحبس مبارك حبساً حقيقياً.

      إذن، السباعي وعبد المجيد، هما من بقايا النظام السابق، ومن أسوأ رموزه، ومن عملائه الذين لا يزالون يمارسون دورهم في التستر على الفساد، الذي كان، والذي سيكون، مما يُعد له في كواليس المجلس العسكريّ، وتركهم في مناصبهم هو لتمكين من بيده القوة، المجلس العسكريّ الحاكم، أن يكون إستدعاءات النيابة وسرعة الإستجابة للبلاغات المقدمة، محكومة بخط تليفوني احمر بين مكتب النائب العام، وبين مكتب العسكر، فيحاسب المجلس من يحاسب بطريقته الخاصة، لا على أساس العدل او الحق، ولا على قدر الجرم، بل على اساس مصالح خفية معينة سنتناولها في مقالٍ لاحق، وأن يوثق ما يريد أن يوثق من جرائم، تزويراً وتدليساً، عن طريق الطب الشرعيّ.

      ودور السباعي في فضيحة مقتل خالد سعيد، ونسبة وفاته إلى "البانجو" وتلفيق التقارير بهذا الشأن، ليغطِّى على جرم الشرطة في قتله، مما يجعله شريكاً في القتل، بصفته الشخصية، وهو ما يجب، لولا من يحميه من العقاب، بل ومن تركه لحين الحاجة لتقديم ما يلزم من تقارير بشأن حقيقة صحة مبارك.  

      ومن شاهد هذا المُدلّس السباعيّ يتحدث على برنامج "آخر كلام" مع المذيع يسرى فوده، علم ما نقصد من أنّ الفساد لا يزال هو هو، وان رُعاته وحُماته وادواته، لا تزال تعمل بأفصى قوة. ومن شاهد الطريقة التي تحدث بها الرجل، وابتساماتهن ووثوقه في نعسه، رغم الخيبة العظمى التي صاحبت كلّ تصريحاته، يعلم أنه يتحدث من موقع قوة، وأن له ظهر يحميه، وليس من الصعب أن نعلم من يكون هذا الظهر، إذ جاءت إدانَة موظف الطبّ الشرعي الذي فضح عوراته سريعة وعاتية، حُبس فيها المُوظف في جرم سبٍ وتشهيرٍ،  لا يصِحُ فيه الحبس فيه قانوناً، لكن تحركت آله الفساد سريعاً لحماية السباعيّ، وتلقى النائب العام مكالمة الخط الأحمر، فحرّك بلاغ السباعي فوراً.

      منظومَة فَساد كاملة، ولكنها النسخة "السياحية" من منظومة مبارك، إذ هي أصغر عدداً وأسرع حركة وأقل تكلفة! وإن لم يتخلص الشعب من هذين المُدلِسين، المُتآمرين على الإثم والعدوان، وعلى تأخير العدالة وتزييف الحق، ثم من يظاهِرُهُما ممن بيده الأمر، وإرجاع الحُكم إلى مجلسٍ رئاسيّ يرفع الأحكام العرفية، وينشأ العدل، فلا ثورة ولا يحزنون.