فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      لغتنا الجميلة – أحيوها تحيوْا بحياتها

      نظرت إلى اللغة العربية فإذا هي ملقاة على فراش الموت ، تنازع الحياة وتنازعها الحياة ، وإذا بقومها قد نصبوا سرادق مأتمها و هي لا زالت تلتقط أنفاسا تتشبث من خلالها بالبقاء ! فزٍعت العربية ، لغةُ القرآن ولغةُ الحديث والبيان ، فقالت : ماذا ألمّ بي وبكم معاشر العربية ؟ لماذا هُجرتُ في ريعان شبابي ؟ و من الذي يندبني قبل أن يأن أواني ؟ أغيظ العدا مني لحمليَ القرآن و محكم البيان على مرّ الأعوام و كرّ الزمان ، فأشاعوا مقولة عجزي ليصرفوا الناس عني ، فينيخ الحِملُ بكاهلي و يلحق بي القرآن و معجز البيان في غياهب النسيان ؟ لا ، والله ، إن من تكفّل بحفظ القرآن لكفيلٌ بحفظ قالبه ، سبحانه . وأنتم يا معشر الكتّاب ، يا من تكتبون بالإسلام و للإسلام ، أضَربتمْ عن ذكرى صفحاً و رضيتم بالعامية و شبه العامية بدلاً !؟ ألستم أجدرَ أن تراعوا مقامي و أن تعرفوا قدري ، فتبعثوني حيّة في مسوّدات صحائفكم ، فأرتد جذعة[1] في لسان أقوامكم وحياتهم ، فإن أخشى ما أخشاه عليكم "أن تحين وفاتي". أفيقوا – هداكم الله – إلى لغتكم الجميلة و أحيوها تحيوا بحياتها .

      د. طارق عبد الحليم

      اللغة العربية تنعي نفسها

      شاعر النيل حافظ إبراهيم

      رجعت لنفسي فاتهمت حَصَاتــــي[2]   و ناديت قومي فاحتسبت حياتــي رموني بعقم في الشباب و ليتنـــي   عقُمت فلم أجْزَعْ لقولِ عُداتـــي[3] ولََـَدتُ فلمــّا لم أجـِـدْ لعرائسـي   رجــالاً و أكفاءً و أدتُ بناتــي وسِعتُ كتاب الله لفظاً و غايــــة ً   و ما ضِقت عن آي به وعظــات فكيف أعجزُ عن وصــف آلـــةٍ   وتنسيـقِ أسماءٍ لمخترعــــات أنا البحرُ في أحشائِه الدرُ كامـــنٌ   فهل سَاءلوا الغواصَ عن صَدفاتـي؟ فيا ويحَكمْ أبْلى[4] وتَبلى محاسنــي   و منكم ، وإن عَـزّ الدواءَ ، أساتي[5] فـلا تَكِلونـــي[6] للزمان فإننـي   أخافُ عليكم أن تحيـن وفاتـــي أرى لرجال الغربِ عِزّاً ومنعــــةً   و كم عَـزّ أقــوامٌ بعِــزِّ لغـاتِ أتوْا أهلهـــم بالمعجزاتِ تفنُّنــاً   فيا ليتكــم تأتـــون بالكلمــات أيطرِبكم من جانبِ الغربِ ناعــبٌ[7]   ينادي بوأدي في رَبيع حياتـــي؟ ولو تزجرون الطيرَ يوماً علِمْتُــمُ   بما تحتَه من عثـرة و شتــــات سقى الله في بطن الجزيرة أعظُمـاً   يعـِــــزّ عليها أن تلين قنـاتي[8] حفظن ودادي في البلى وحفظتُــه   لهــــــن بقلب دائم الحسرات وفاخرتُ أهلَ الغرب،والشرقُ مطرقٌ   حيــــاءً ، بتلك الأعظمِ النخراتِ[9] أرى كــل يوم بالجرائـد مَزلقـاً   من القبــر يُدنينـي بغيرِ أنـاةِ[10] وأسمعُ للكتابِ في مصــرَ ضجـة ً   فأعلم أن الصائحيـن نُعاتـــي أيهجرني قومي عفا الله عنهـــم   إلى لغـة لم تتصــــل برواة ؟
      سرت لوثة الأعاجم فيها كما سرى   لعــاب الأفاعي في مسيل فرات[11] فجاءتْ كثوبٍ ضم سبعين رُقعــة ً   مُشَكّلـــــةَ ًالألوان مختلفاتِ إلى معشر الكتاب و الجمعُ حَافــلٌ   بَسطتُ رجائي بعد بَسطِ شَكاتــي فإما حياة ٌتبعثُ الميت في البلــى   وتَنبتُ في تلك الرُمُوسٍ[12] رُفاتي وإمِّــا ممـاتٌ لا قيامـةَََ بعــدهُ
        مماتٌ لعمري لم يُقـسْ بممـــاتِ

      [1] جذعة : جديدة
      [2] الذين يحصون عليّ أمرى أي ينظرون فيه
      [3] العداة : الأعداء
      [4] أبلى : أي يصيبنى البلى أى الهِرم والكبر
      [5] أساتي : أي أطبائي الذين يأسون جراجى أي يداوونها
      [6] تكلوني : أي تتركوني وشأني
      [7] ناعبٌ : النعب هو رفع الصوت والصياح، يقال نعب المؤذن
      [8] لين القناة : كناية عن الضعف
      [9] الأعظم العظام ، والنخرة البالية المتكسرة من القدم قال تعالى : أإذا كنا عظاما نخرة ؟ يريد أعلام اللغة وفقهاؤها من الأوائل
      [10] الأناة : الروية ، أي يدنيني بسرعة
      [11] فرات : النهر
      [12] الرموس : القبور ومفردها رمس