أصدرت هيئة الإشراف على الإنتخابات الكندية قراراً يسمح للمنتقبة أن تدلى بصوتها في الإنتخابات الكندية المقبلة دون ضرورة إظهار وجهها. وقد سارع رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر - من اليمين المسيحيّ المتطرف المعروف بعدائه للإسلام - في إنتقاد الهيئة وإعلان أنه إن لم تتراجع عن قرارها فإنه سيلجأ إلى المجلس النيابي لتعديل القرار. وقد حدث ذلك مع بداية الإنتخابات الإقليمية في ولاية كويبك الفرنسية الكندية. وهذا الموقف قد تجسد من قبل في قرار الحكومة الفرنسية من قبل حين منعت طالبات الإعدادي والثانوى من إرتداء النقاب في مدارس الحكومة وأثناء الإنتخاب. وفرنسا هي العدوّ اللدود للإسلام منذ هددها الوجود الإسلامي في الأندلس. وعُُرِفت بمحاولة القضاء على الهوية الإسلامية ومحوها في البلاد التي إحتلتها كتونس والجزائر.
قال هاربر إن هذا القرار يعارض القرار الذي صدر أخيرا من المجلس النيابي بأنه يلزم على المُصَوِّت أن يُثبت شخصيته أمام اللجنة الإنتخابية. وقد كان في حيثية قرار الهيئة أن تلتزم السيدة المنقبة بتأمين بطاقتين للتعريف بشخصيتها أحدهما يحمل عنوانها إلى جانب ورقة الإنتخاب التي تحمل إسمها وعنوانها، ورأت أن ذلك كافيا للتعريف بشخصية المرأة.
والأمر ليس أمر الحرص على تنفيذ القانون كما زعم هاربر اليمينيّ المتعصب، إذ إن الغرض من رؤية الوجه هو إثبات الشخصية، فإن تحقق الغرض بشكل آخر فلا معنى لأن تكشف السيدة المسلمة عن وجهها للتأكد من شخصيتها. وإصرار هاربر لا يعنى إلا التعصب ضد الثقافة الإسلامية والموقف الإسلامي ولا غير.
والمسلمون في الغرب يواجهون هذه المواقف في محاولة الحفاظ على البقية الباقية من هويتهم التي تعمل النصرانية اليمينية المتطرفة للقضاء عليها تحت إسم الإندماج في المجتمع الغربيّ.
إلا إننا لا ننسى أنّ هذا الأمر – ويا للعجب – قد صدر من هيئآت تربوية في بلاد مسلمة، ففي مصر، منعت جامعة حلوان الطالبات المنتقبات من السكن بالمدن المخصصة للسكن الجامعي! وكذلك الجامعة الأمريكية في القاهرة، وهو القرار الذي ألغته دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا، استجابة لدعوة رفعتها إيمان الزيني الأستاذة بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر والتي منعت قبل ستة أعوام من دخول مكتبة الجامعة الأمريكية بسبب ارتدائها النقاب. بل إن قراراً لوزارة التعليم في مصر صدر عام 1994 يمنع ارتداء النقاب في الجامعات الحكومية ما عدا المؤسسات التي تدرس العلوم الإسلامية مثل جامعة الأزهر!
بل والأعجب من ذلك أن د. أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر- والمفتي السابق لمصر!- قد اعتبر أن النقاب عادة بدوية!!. فلا عجب أن نرى النصارى في بلاد النصرانية يفرضون قيوداً على مواطنيهم من المسلمين تحُدّ من حريتهم الشخصية التي يفترض أنها حقٌ لا يمسّ في هذه البلاد. الأمر أمر إسلام يقف في مواجهة العلمانية اللادينية في كلّ مكان، إسلام يراد له أن يتبدل ويتشكل ويتحور ليلائم ما انحطّت اليه الفطرة البشرية بفعل شياطين الإنس والجنّ، والإستمساك بالعروة الوثقى ل بديل له لمن أراد أن يموت على هذا الدين الذي لا دين غيره عند الله.
د. طارق عبد الحليم