فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      ثورةُ مِصر .. أهي تغييرٌ تاريخٍٍ أم جُغرافيا!؟

      الحمد لله، والصلاة والسلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم

      كما ذكرت من قبل، ولم أملّ من ذكره مرات، أنّ الجيشَ هو العَدو، هكذا .. وبدون مُداوَرة ولا مُحاوَرة. الجيشُ عميلٌ لنظام مبارك، بلا شكّ ولا تردّد. الجيشُ والشعبُ ليسا يداً واحدةً. الجيشُ ونظامُ مبارك يدٌ واحدةٌ، على الشعب. المَعركةُ الآن ليسَت بين المُسلمين من ناحية، والعِلمانيين من ناحية، بل هي بين الجَيش وغالب القبط من ناحية، وبين المِصريين كافة من نَاحية أخرى.

      المَشهد المِصريّ أصبح لا يحتمل تشكّكاً او تردّداً في وَصفِه بالكَارثيّ في مَجال مُنجزات الثورة وتقدم إحراز طلباتها. جَمال مبارك كان بالأمس في نادى رجال الأعمال بوسَط البلد، وهي ليست مصادفة أن يظهر هذا المَأفون يوم إفتتاح البورصة، ليدير بنفسه أمواله من خلال "رجال الأعمال" من عملائه! فتحى سرور يجلسُ في قَصره، يُدلي بأحاديث وأكاذيب من خِلال أجهزة الإعْلام، التي لا يزال يُسيطر عليها كافة عملاء مبارك! صَفوت الشريف لا يزال يمرحُ في مصر، يخطّط ويقود الثورة المُضَادة بحَرفِيتِه التي تعوّد سامي عبد العزيز، المنافق الأكبر وعميد كلية الإعلام الذي يصرّ الجيش على إبقائه في منصبه، أن يصِفَ عظمتها وحنكتها في دروسه لطلبة الإعلام!

      الشبابُ يضربون ويُقمعون بالقوة المُفرِطة لفضّ إعتصامٍ لا يؤثر على إنتاجٍ ولا غيره، لمُطالبتهم بإقالة المُنافق الأكبر سامي عبد العزيز. حسن كامل، عضو لجنة السياسات، وبوق جمال مبارك، الذي يحتلُ مقعد رئيس الجامعة، لايزال متربعا على كرسيه، مُتحكّما في توجيه دفّة طَلبة الجَامعة إلى ما يريد من خُبْثٍ وخَبَثٍ. الإعلاميون في ماسبيرو قمعت طلباتهم، ونُركت في أحد ادراج مكتب يحي الجمل الذي تمّ تعيينه من المجلس العسكريّ لضمان عدم تحريك الملفات الحسّاسة، التي تتحكم في مفاصل الدولة، بحيث يُترك عصام شرف، المسكين الذي أُختير لِحَرقِه في أتون الثورة، بينما يلعب الجمل لعبته الخبيثة. ثم لا يكتفي العسكر بذلك، بل تقننون ضرب الإعتصامات بقانون عسكريّ!

      المَجلسِ العَسكريّ هو وراء إطلاقَ شَائعة أنّ السعودية والإمارات قد هدّدتا بطَردِ المِصريين العَاملين ببلادِهم إن تمّت مُحاكمة الأسرة الحَاكمة المَخلوعَة، وإن كانوا بالفعل قد استقبلوا أموال هؤلاء المَطاريد لحِمايتها من العَودة إلى أصحابها الشَرعيين. وهذه الإشاعة هي فزّاعة ذكية خبيثة تخيفُ ملايين العائلات التي يعمل أبناؤها في هذه الدولِ الخَليجية.

      جهاز أمن الدولة، تم تسليمُ أبنيته ووثائقه من ضباّطه إلى ضُباط جهاز الأمن الوطنيّ، الذين همُ همُ ضباط أمن الدولة، بعد ديباجة إعلامية عن أنه لا يجب تجريم كلّ من انتسب إلى أمن الدولة، وأنه ليس كل ضباطه مجرّمون! ترى هل أنتهت التحقيقات مع كافة ضباط هذا الجهاز الطاغوتيّ وتمّ تحديد الخبيث من الطيب؟ بالطبع لا. هي مجرد ديباجة يخدعون بها الشعب المسكين. هو إذن تسليمٌ من اليد اليمنى إلى اليسرى، المُسَلّمُ والمُسْتلِمُ شخص واحد! ويالها من فضيحة. ألا يجب، سدّاً للذريعة، أن يوقف كلّ منتسِبيه عن العمل، ثم يُعلن عن طلبات إلتحاق للجهاز الجديد، بعد أن تحدد مهامه وجهة الإشراف عليه بدقة وشفافية؟ أين رأينا إعلاناً عن طلبات إلتحاق بهذا الأمن القوميّ، لتُمثلَ دَماً جديداً فيه، أم سَيظل يعمل بروحِ "زيتنا في دقيقنا" و "يا دار مادَخَلك شرّ"؟ ثمّ تلك المَسرحية الهَزيلة الهَزلية عن إكتشاف خليّة تعملُ لإسرائيل، والتي قّصِدَ بها إيجاد مُبرر لإحياء هذا الكِيان القديمِ الجديد. رحمة بعقول أبناء مصر يا عَسكَر مصر!

      المُحافظون والمَجالس المحلية لا يزالون همُ همُ من عينهم الحِزب الوَطنيّ. والمَجلس العَسكري لم يتركهم هناك عفواً، بل هم هناك للإشراف على تزوير الإنتخابات القادمة، من خلال تَجنيد عُملاء النظام، وهو ما لا يقدر المُشرفون من القضاة على كَشفه. ويكفي ضَرب محمد البرادعيّ ليبيّن خطورة الدور الذي سَيلعبه النظام البائد بمسَاعدة العَسكر.

      الخطاب المصريّ الخارجيّ لم يتغير، بل استمرّ على وتيرَته، مع بعض الدُبلوماسية المَكشوفة. فتجد وزيرَ الخارجية الجديد يهدّد إسرائيل إن ضربت غزة، ثم في نفس اليوم، يعلن تمسّك مصر بإتفاقية العارِ المَعروفة بكامبْ ديفيد.

      حتى التطبيق الديموقراطيّ الأول من نوعه، تلاعب به المجلس العسكرى، وقرّر تجَاوزَه، لصَالح القبط والأقلية، بإصدار إعلان دستوريّ! ففيمَ كان الإستفتاءُ إذن؟ وأين الديموقراطية؟ وهل يريد المَجلس العَسكريّ حَرباً أهلية، بينه والقبط والعلمانيين من ناحية، وبين المُسلمين ذوى ال77% من ناحيةٍ أخرى؟

      الثورة المُضادة، حقيقيةٌ وقويّةٌ ، يوجّهُها المَجلس العَسكري، ويمَهّد لها الطَريق، بأساليب خَفيّة، لكنها لا تَخفى على من ليس بخِبٍ (اي اللئيمٍ)، ولكنّ الخِبّ لا يخدعه، كما عبّر أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه.

      وأدَ الجيش الثورة وإلتفّ حولها بحِرّفية عَالية، قام فيها بتحريك الوجوه الملعونة من مكانٍ إلى آخر، من القصرِ الرئاسيّ إلى شرم الشيخ، ومن صفحات الإعلام وموضوعات الأقلام، إلى ظِلال الأندية وأروقة البنوك، ليكون التغييرُ في مصر تغييراً في جغرافيا الفساد، لا تاريخه.

      كان الله في عون شعب مصر، إن لم ينهض لثورة التصحيح، وإعادَة جُغرافيا الفََساد إلى مَكانِها من التاريخ.