فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      عودةٌ إلى قيادة العَسْكَر .. والثورةُ المُضَادّة

      في برنامج بثته الجزيرة أمس، الخميس 19 -4-1432، الموافق مارس 24، 2011، إستضاف المذيعة هالة فهمى، وأحد مُخرجي التليفزيون، غاب عنى اسمه الآن مع الأسف، أعَرب الإعلاميان كلاهما عمّا حذّرنا منه من قبل، في أكثر من ثمانِ مَقالات خلال الشَهرين الماضيين منذ بدء الثورة، عن موقف المجلس العسكريّ من مَطالب الثورَة الحقيقية، وإلتفافه حولها، ومن حيث يُمثل هذا التباطؤ المُتعمّد والإغضاء المَقصود عن زعاماتٍ وقياداتٍ عديدة في الحِزب البائد لا تزال ترْعى في مراتعها بالإعلام والجامعات وكثيرٍ من المؤسسات الحيوية، وما ظهر من تلكؤه في تقديم الفاسدين من قيادات العصر البائد إلى المُحَاكمة بجدية، ما يهدف له العسكر من حماية الثورة المضادة ودعمها.

      وكانت المَرّة الأولى التي يتحدّث فيها من ينتمى إلى الثَورة بهذا الوضُوح، ويوجّه أصَابع الإتهام بهذه الصَراحة إلى المَجلس العسكريّ. وهو ما يجعلنى اشعر بالإرتياح، إذ، كما قال الضيفان، إن الأمر قد غدا واضحاً لذي عينين، وإن شعبَ مصر لم يَعد مغفلاً أو أهطلاً لتجوزَ عليه هذه الألاعيب الرخيصة المكشوفة.

      الجيش لا يُريد للنظام البَائد أن يَسقُط، وإن سقطت رموزه إذعاناً للثورة الحَاضرة. الجيش يريد أن يستمر النظامُ البائدُ في دوره ليعود بوجوهٍ جديدة، لكن بنفس الروح والفساد. وإذا سأل سائل: لماذا؟ قلنا: هؤلاء هم أرباب النظام السابق وحُماته، والمنتفعين منه، تماماً كما لو تصوّرنا ثلاثي الفساد فتحى سرور وزكريا عزمي وصفوت الشريف، كانوا على سُدّة رجال المجلس العسكريّ، فستكون تصرفاتهم وحِيلهم هي هي تصرّفات وحِيل الطنطاوى وربعه، الإبقاء على فساد الإعلام، والجامعات، والمجالس المحلية، والمحافظين، ورؤساء مجالس الإدارات، والسفراء! ومن ثمّ يترك الفرصة سانحة للإحتجاجات والإعتصامات التي يَصِمها بأنها فئوية، ثم يدّعى أنَ ذلك يُعطّلُ دورة الإنتاج، ثم ينقض على المعتصمين ضرباً ولكماً كما حدث في كلية الإعلام، ثم يُصدر قرارات ديكتاتورية تقيد الإعتصامات والتظاهرات، ليقطع عن الثورة شُريان حياتها، ويضْمن إخمادَ صوتها.

      الثورة لا يزال في عُروقها نبضٌ، وفي جسدها طاقةٌ، وفي ضَميرها وعيّ، وفي إرادتها قوةٌ، تحمِلها إلى مَيدان التحرير مرة أخرى، كما ستحمِلها غداً إن شاء الله إلى ماسبيرو. وسيكون الجيشُ في غاية الغَباء والسَذاجة، كالمَعهود من العَسكر، إن ظنّ أنه يمكن أن يَستبدل فساداً بفساد، متجاوزاً إرادة الشعب الذي أثبت وعيه وحقّق ذاته منذ أقل من شهرين. وسَيخاطر العَسكر بمستقبل مصر كما يَخاطر القذافيّ بمستقبل ليبيا، وعلى صالح بمستقبل اليمن، وبشار الأسد بمستقبل سوريا، فكلهم عسكرٌ من عَجينة واحدة، فاسدة، عميلة.

      والرأي أن يثوبَ المجلس العَسكريّ إلى رَشده، وأن ينشأ مجلساً رئاسياً مدنياً، ويدع جَشعه للقيادة من خلف الأستار يتوارى، قبل أن تتفاقم الثورة عليه، وتجنّباً لأن تَشهد مِصر ثورتها التصحيحية الثانية ، قبل أن تتم فرحتها بثورتها الأولى، والتي يريد لها العسكر، كما يبدو من مجريات الأمور، أن تنزع نزعَها الأخير، وهي لا تزال في طَور الرِضاع.