فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الأحزابُ الدينية .. وإتجاه السِياسَة المِصْرية

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      صدور قانون الأحزاب الجديد، حَاملاً رِسالة صَريحة للشّعب المِصريّ  المُسلم، إنه لن يُسمَح للدين أن يأخذ مَكانه في مصر تحت أي ظرفٍ من الظروف، وهو ماتوقعْنَاه من مَجلسٍ عَسكريّ يجلِس على رأسِه حسين الطنطاوى، ومجلس وزراء ينوب عن رئيسه يِحي الجمل، ويتولى إعلامه باقة غير مُباركة من العِلمانيين اللادينييّن.

      وعلى كلّ حال، فإن هذه المَسألة لا تهُم المسلمين من قريب أو بعيد، بل نحن نتفق مع السلطة في أنّ الدين لا يجب أن يكون اساساً حزبياً. فإن مَسألة تكوين الأحزاب على أسُسٍ دينيةٍ تتعارضُ أساساً مع الفهم الإسلاميّ السُنيّ لدور الدين في الدولة، ومعنى الأحزاب في دولة مسلمة. فالدولة المسلمة تقوم أساساً على مبدأ أن الدين لله والوطن لله، ومن ثمّ فإن التحزب على ايه فكرة ٍمضادة لدين الله هي فكرةٌ مُجرّمةٌ أصْلاً في التطبيق الإسلاميّ. من هنا فوجود أحزابٍ إسلامية مُقابل أحزابٍ غير إسلامية ليس له أي مَعنىً إبتداءاً.

      فكرةُ الأحزاب المقبولة في الدّولة المُسْلمة التي تخضع لشرع الله سبحانه، وهي الدولة التي أدعو الله سبحانه أن تكون الغالبية المسلمة في مصر سّاعية اليها بالدم والنفس، هي الأحزاب التي تتقدّم للحزبيّة على أساسِ برامجٍ إنتخابية مَعنيّة بآليات التنفيذ في حُدود السُلطة التنفيذيّة كالبرامج الصناعية أو الزراعية أو التعليمية أو المالية، أو غيرها من المَجالات الحَياتية والإجتماعية. أما أن يكون هناك حزبٍ ينشأ على أسسٍ عِلمانية أو كافرةٍ بشَكلٍ عام، فهو يتعارضُ بشكل كليّ مع مفهوم الدولة الإسلامية التي يعيش على أرضها غالبيةٍ مُطلقةٍ مُسلمة.

      إذن، فإن هذا القانون لا يزال يتعامَل مع الشَكل السِياسيّ و المَرجعيّ للدولة القادمة في مِصر على إنه ذو هَويّة عِلمانية،كما كان في السَابق. ومن الظَاهر أنّ الثورة المُضَادة، التي بات وجودُها برئاسة العَسكَر أمرٌ مفروغٌ منه، لم تدرك حتى الآن طبيعة الشعب الثورة المصرية، التي وإن قام أبناؤها ضد الظلم والعبودية ودعماً للحق والحرية، وتخلّفت عنها وقاومتها الكنيسة القبطية برئاسة نظير جيد، فإنهم مسلمون موحدون، لن يقبلوا، حين يحين الحين، أن يقرّر لهم العَسكر، أو غيرهم، نظاماً لادينياً يعاكس رأي الأغلبية المطلقة ويفرض عليهمُ الحياة في ظلِّ نظامٍ كفريّ علمانيّ يجعلهم موقوفون أمام ربهم بجُرمٍ "يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِى مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍۭ بِبَنِيهِ ﴿11﴾ وَصَـٰحِبَتِهِۦ وَأَخِيهِ ﴿12﴾ وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِى تُـْٔوِيهِ ﴿13﴾ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًۭا ثُمَّ يُنجِيهِ"المعارج.

      الأمر الآن أن ينتشر الدُعاة بين الناسِ، بين صُفوف الشعبِ المُسلم، الذي أكّدَ هويّته في الإستفتاء الأخير، يتحدثُ ويوضحُ، حديث مسلمٍ لمسلمٍ، وأخٍ لأخٍ، عما تعنى ضرورة رفع سقف المادة الثانية، لا مُجرّد المُحافظة عليها، فإن العقود السالفة قد عملت بمكر الليل والنهار على تشويه المفاهيم، وإنْ فشِلت، بحمد الله، في مسحِ الهوية أو مسخها.

      والله من ورائهم محيط.