فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أدعياءُ الديموقراطِية .. دعاة "الديموكتاتورية"!

      عجيبٌ أمر هذا المُعَسكَر الذي تتشَكلُ قواعده من القبط أسَاساً ومن العلمانيين الرافضين للإسلام (تحت غطاء رَفضِ الإخوان!) من جهة أخرى. فهؤلاء صَدّعوا رؤوسَنا، قبل سُقوط النظام وبعده، عن حسن النظام الديموقراطي المبنيّ على حكم الإغلبية وحدها، وان لا كلام إن تكلم الشعب، وما إلى ذلك. ثم حين أتت الثورة تابَعَت وُجوه هذا المُعسكر تمجيدها لها، من حيث إنها التي ستعلى قيمة الديموقراطية المُفتقدة طوال الثلاثين عاماً الماضية في مصر.

      كلّ هذا جميلٌ مقبولٌ، لم يتعرض المُسلمون لأمر من أمور هذا المعسكر بكافة أطيافهم هُجوماً أو رَفضاً، إلا فريقاً من السّلفيين ممن تراجع عن هذا مؤخراً، بل باركته الإخوان ووقفت منه إتجاهات أهل السنة موقف المترقب لمعرفتهم بمكائد هذا المعسكر وتلوناته.  

      وحين شَكّل عمر سليمان لجنة لتعديل الدستور، رفضها الكلّ لأنها تأتي من جهة عَميلة اصلاً، وإن كان فيها من هم من الشرفاء. فما كان من مجلس العسكر إلا أن كوّن لجنة لإجراء تعديلات دستورية، يرأسها رجلٌ معروف طوال تاريخه بالنزاهة والشرف والإعتدال، وإن كان مُسلماً. وكيف لا، والمسلمون هم الغالبيةُ المطلقةُ في مصر! وشملت اللجنة علمانياً لادينياً وقبطيا كذلك. وقامت اللجْنة بإجراء التعديلات اللازمة لضمان إنتخاب ديموقراطيّ حرٍ نزيه للبَرلمان والرئيس، وأن لا يكون للرئيس قدرة على الإستمرارية، بل يوجب عليه تكوين لجنة تأسيسية لإعادة صياغة الدستور، تنبع من البرلمان الذي انتخبت أعضاؤه بشكلٍ حرٍ نزيه من الشعب وبحكم الغالبية التصويتية. لكن،  هؤلاء ارادوا أن تتوجه الدولة، رغماً عن رأي اغلبيتها، وجهة علمانية تبدل هوية الأمة المتمثلة في غالبيتها، من خلال حَذف المادة الثانية في الدستور.

      لكن العجيب أنه ما أن عَرف هؤلاء "الديموكتاتوريون" أن الغَالبية لن تقبل، بهذا الأمر، ذهبت إلى تشكيل جبهة "ديموكتاتورية" ترفض التعديلات من جهة إنها:

      1.       لا تلبى آمال الشعب بعد الثورة، وانها مبنية على دستور مهترئ مُرقّع. وهو أمر شكليّ لا معنى له، ولا سبب، إذ تشترط التعديلات تشكيل لجنة تأسيسية لتدوين دستور جديد. لكنهم يريدون أن تسقط مادة أن دين الدولة الإسلام في هذه الفرصة النادرة لهم.

      2.       لا تعطى الأحزاب السياسية الأخرى وقتا لحشد جماهير تدعمهم في البرلمان، إذ في الفترة السابقة كانت هذه الأحزاب تعمل تحت ضغطٍ ديكتاتورى. وهو كلامٌ عجيبٌ، وكأنّ الإسلاميين كانوا يعملون في أحضان السلطة، ولم يكونوا هم المستهدف الأول والأكبر لقوات أمن الدولة والإعتقال والتعذيب. وقد رأينا موقف الولايات المتحدة وتحركها بشأن حبس أيمن نور وقضية سعد الدين إبراهيم العلمانيين.

      3.       ستأتي التعديلات بإسلاميين في البرلمان مما سيؤدى إلى تأثير ذلك في تشكيل الهيئة التأسيسية ومن ثم عدم ضمان الدولة "المدنية"، أي العلمانية اللادينية. بل وصل الأمر ببعض هؤلاء، بعدما ظَهر مؤخراً أن الشعبَ سَيصوّت لصَالح التعديلات، ظَهر من هذا المُعَسكر من طالب بأن يوكَل رئيس الجمهورية "لإختيار عدد من أعضاء اللجنة التأسيسية"! سبحان الله، اخرجنا ديكتاتوراً يعيّن اللجان والأعيَان، ثم نطَالب الرئيس الجديد بتعيين أعضَاء اللجنة، الذين سيكون ولاؤهم له بطبيعة الحال، ومن ثمّ تُضرب اليموقراطية في أساسها، فلا يصبح ممثلوا الشعب هم من يمثله، دون أي تدخل! وهو ما يمثل أمرين، أولهما أن هؤلاء يشُكّون في قدرةِ الشَعب على إختيار ممثليه، فلم يبُعدوا كثيراً عن موقف عمر سليمان في زعمه أن الشعب المصريّ غير ناضجٍ لحمل الدينموقراطية.  وثانيهما، أنهم بالفعل يهاجمون  ويشكّكون في وطنية نوابٍ إختيروا بشَكل ديموقراطيّ نزيه، كانوا يدعون له، دعوة غيرُ صادقة.

      لكن الأمر أن هؤلاء لا يعترفون إلا بديموقراطية تأتي بمن يُريدون، هُم لا الأغلبية، وهم يعلمون أنهم ليسوا إلا بطَانة للقبط، وهم معاً لا يزيدون عن 10% من الشعب. وأخشى أن يكون هناك جانبٌ من العامل الشخصيّ في موقف عددٍ من القانونيين الذين أخذتهم بعض الغيرة المِهنية المعروفة من المستشار طارق البشرى. أما بقية من يقول لا للتعديلات فهُم من أصحاب  الوطنية الصادقة، لكن إنطَلت عليهم حِيل أدعياء الديموقراطية، دعاة الديكتاتورية المُقنّعة.

      فليعرف من عنده بقيةً من حبٍ لله ورسوله، أن الأمر ليس سياسياً البته، بل هو أمرُ دينٍ الأمة وهويتها، قد أعلنها شنوده حين ذكر أنه يجب على القبط التصويت لتفويت الفرصةِ على الإخوان! فاين السياسة في هذا يا سادة؟

      فلتخرج أيها المُسلم الغيور على دينه وهويته، لتقول "نعم" فأنت صََاحب الأغلبية، وأنت حفيد عمرو بن العاص، فما كان للعلمانية أن تعشّش في وطنك.

      ونقول "لا" للأقلية الداعية للديموقراطية  قولاً .. المتنكرة للديموقراطية فعلاً


      الصورة من موقغ الإخوان