فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      هل يعيشُ المَجلسُ العَسكريّ في كَوكبٍ آخر؟

      لا أكاد أصدّق ما ردّدته وِكالات الأنباء عن قبول "الحزب الوطنيّ" إستقالة جمال مبارك وصفوت الشريف وزَكريا عَزمي من الحِزب! سبحانك ربّي، إحفظ علينا عقولَنا، ومتّعنا بأفهامِنا، التي بتنا نشُك في صِحتها بما نسمع ونرىّ في مصر الثورة.

      أيُّ حزبٍ هذا الذي يقبل إستقالة هؤلاء المُجرمين؟ من يقبل إستقالاتهُم؟ أيقبلُ مُجرمون إسْتقالة مُجرمين؟ لمَصلحَة من لا يزال هنَاك حزب اسمه الحزب الوطني!؟ لماذا لم يتم حلّ الحزبِ الذي رَعى على مدى 30 عاماً تلك المَهازل والمَفاسِد والتخريب والنهب والإرهاب، وكل ما يسع قاموس العربية أن يعرض من كلمات الخِسّة والهُبوط والخِيانة؟ لمصلحة من أيها المجلس العسكريّ؟ لماذا أنتم حريصون على بقاء هيكلِ الفسادِ، كما تتركونه في جِهاز "أمن الدولة"؟

      لقد عييِت بالحديث عن هذا الأمر، أمرَ فَساد القائمينَ على هيئة العَسكرِ، وعن الطَنطاوى، الذي يَشتهر بين رجالِ الجيشِ بأنه "كلبُ مبارك المُدلّل Mubarak’s Poodle"، كما ذكرت النيويورك تايمز نقلاً عن مَصادر بالجيشِ المِصريّ! كيف يمكن للثورة أن تثق في مثل هذا الرجل وحاشيته؟

      الجيش، رجالاً ورتباً ليس خائنا، بل قوامه من الشرفاء من أهل هذا البلد. الخائن هو ربيبُ العصر اللامباركيّ الذي صنعته يد الخائن مبارك، وعيّنته وزيراً للدفاع، فكيف لم يُصرّ الثوار على إبداله كما أصروا على إبدال أحمد شفيق وكلّ من يَنتَمِ للنظام الفاسق، الجواب هو الخوف. الخوف من بطش الجيش، وعدم الرغبة على مواجهة دموية معه.

      ما هكذا تصلُ الثوراتُ للنجاحِ التّام. وقد يقول قائلٌ: وما علينا إلا نبلغ كلّ ما نريد على الفور، أليس ما تحقق فيه الكفاية في هذه المرحلة؟ واقول: ما هذا تنجح الثورات، فإن الفساد إن بقيت له بقية، مهما صغر شأنها، فإنها تعود للنموّ والإنتشار، مثلها مثل الخلايا السرطانية. وهذا بالضبط ما يعرِفه ويريده ويسعى له الموالون للنظام السابق الآن ، في كل قطاعات الدولة، بما فيها الطنطاوى، أن يَسمَح الشَعب بهذا الهامش من التسَامح والتنازل تحت مُسمّى الإنتظار وإعطاءِ الفُرصَة ورعاية مصلحةِ البلد والإستقرار، ليزرَعوا بذوراً جديدة للفساد، ويرعوا بقايا الزرع النكد مما تبقى من قبل "وَٱلَّذِى خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًۭا ۚ" الأعراف 58.

      إذن، إن أرادت الثورة أن تَستأصل الشر، وتنتزع فتيل الفتنة، فإنه يجب أن تَجعل مَطالبها واضحةٌ صريحةٌ، وأن تعتبر الشَعب في حالة إستنفارٌ عامٍ، ختى يُزال الفساد من الأرض، إذ طبيعة الفساد أن يُنتزع لا أن يتنازل ويترك، ولهذا عبّر الله عن إزالة الملك ممن لا يستحقه بالنّزع لا الأخذ "وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ" آل عمران 26.

      يجب أن يُصِرُ الثوارُ على حلّ الحزب الوطني الفاسِد، وحل جهاز أمن الدولة، وإلا فليُبشر شعبُنا بعودة الخوفِ والقهرِ اسرع مما يتخَيّل.