فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      مفاهيم في طريق التمكين ..3

      • التمكين
      • 2643 قراءة
      • 0 تعليق
      • 15:18 - 06 ديسمبر, 2013

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      أمرٌ يجب أن أنَبِّه عليه في سلسلة المفاهيم هذه، وهي أنّ أمتنا ليست محصورة في نطاق مصر، بل هي منتشرة في كلّ بقعة من البقاع التي فتحها المسلمون يوماً، واستقر الأمر فيها للأكثرية المسلمة. ومن ثمّ، فإنه يجب أن يكون معلوماً أنّ ظهور الدين وإقامته قد لا تبزغ شمسه من مصر، بل الأرجح، في هذه المرحلة، أن يكون هذا من الشام، لإرهاصاتٍ واقعية تدل عليه. وليس يعنى هذا أنْ يستسلم مسلمو مصر لكفارها، بل يعنى أن يتسع نظر المسلم في مصر ليشمَل حال "الأمة" بعامة، ويدعمها في كافة أنحائها.

      (4)

      بين إعتقال الحرائر وتكريم العواهر.

      حادثة الفتيات المسلمات، الذين اعتقلهن جيش الإحتلال، وحكم عليهن قضاة التزوير والكفر بالسجن إحدى عشر عاماً، تدلّ دلالة قكعية على مذهب هؤلاء الكفرة الفجرة، أن اضرب بغاية القسوة والوحشية، اضرب في كل اتجاه وبأي وسيلة متاحة، لتلقى الرعب في قلوب الناس، وتمنع أية محاولات قادمة للمعارضة وتحطم الشعب المسلم نفسياً.

      لكنّ هؤلاء الكفرة الفجرة، الذين تعدّى فجورهم كفر أبي جهلٍ وأبي لهب، لا يرقبون في أحدٍ إلا ولا ذمة. وشعبهم المختار من عواهر النساء ومخانيث الرجال وفاقدى الدين والخلق، يدعمون هذا الإفك العظيم، ويقفون وراءه صفّاً كما سيقفون وراء السيسي صفاً، حين يقدمهم يوم القيامة إلى جهنم فأوردهم النار، "وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ"هود 98.

      أيّ دين هذا الذي يدين به هؤلاء ممن أقدم على اعتقال هؤلاء الفتيات الطاهرات، وممن أشرَف على حبسهن، وممن ساقهُن للمحاكمة، وممن حكم عليهِن بالباطل؟ أيّ دين هذا الذي يدين به هؤلاء إلا دين الشيطان ذاته، بل هم والله أحقر دينا من الشيطان " كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَـٰنِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِىٓءٌۭ مِّنكَ إِنِّىٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَـٰلَمِينَ"الحشر 16.

      ثمّ أيّ رجولة وأيّة نخوة، لا أقول إسلاماً وسُنّة، عليها هؤلاء الرجال الذين يروْن هذا واقعا ببناتهن وأخواتهن من المسلمات، ثم لا يحملوا سلاحاً يقطّعوا به أوصال هؤلاء الظلمة الفجرة؟ أين رجال مصر؟ يقولون "بناتنا رجالة"! نعم، لكن "رجالنا بنات" في المقابل. يا عيب "الشوم" كما يقال. لقد تصورت أن الدماء، دماء الكفار من جيش اإخلال وداخليته، ستسيل كالفيضان بعد هذه الواقعة، لكن لم نر إلا ثبات آبائهن من الصابرين على البلاء.

      إنّ العدو اليوم يتمثل في أربعة جهات أساسية، جيش الإحتلال، الداخلية، القضاء الإعلام. هذه الجهات هي التي خرّبت مصرنا، وسلمتها لقمة سائغة لليهود والنصارى.

      المفهوم هنا، هو أنه إن رضى الناس بهذا الأمر، فليس هناك سَقفٌ لِما يُمكن أن تفعله قوى الكفر بالشعب المسلم.

      هي والله حالقة وواقعة وآزفة، أن تسكن الحرائر السجون، وتسكن العواهر القصور.

      (5)

      من نَفّسَ عن غضبِه بالكلام قلّ أثره بالعمل.

      سبق أن ذكرنا، في منشورات التيار السني لإنقاذ مصر، وفي بعض مقالاتنا بعد أحداث 25 يونيو، أنْ هناك خصائص طبعية وطبوغرافية وتاريخية لشعب مصر، تجعل الحلّ العسكريّ مستبعدٌ في مصر. قلنا من نصه "أنّ مصر، شعباً وجغرافية، لا يصلح فيها تغيير بالعمل المسلح الذي ينبنى على حرب العصابات، أو على المواجهة الشاملة. فإن الشعب المصريّ لم، ولن يكون شعباً تصادمياً في يوم من الأيام، وهو ما ثبت في الخمسين قرناً الماضية، إلا فئة ضئيلة منه قد لا تبلغ الألفين! أما عن المواجهة الشاملة، فإن لها قواعد تحكمها من تحيّز المعسكرين، وقوة التسليح المضاد، والقدرة على التعبئة، وغير ذلك، مما هو مُفتقد بشكلٍ كليٍّ عامٍ في مِصرنا. كما أنّ ما حدث من قبل في تجربة الجماعات الجهادية في مصر، من ضربات محدودة لا أثر له إلا العكس، كما هو ثابتٌ معروف. وهذا لا يعنى أنّ هذه الوسائل لا تجدى في أماكن أخرى من العالم، فنحن نقف صفاً مع إخواننا في الشيشان، وفي الشام التي فرضت عليها هذا اللون من المواجهة، في أفغانستان، وفي سائر بقاع الأرض المجاهدة"[1].

      وقد اندفع وقتها عدد من الإخوة الأفاضل، من مناصري الجهاد، يصيّحون أنّ ذلك تخاذلٌ عن الجهاد، وما إلى ذلك من حديث.

      إلا إننا لا نزال نرى ما ذكرنا حقاً إلى يومنا هذا، فها نحن نرى أنّ الغالبية الشعبية من الشعب المسلم يناصرون النهج الإخوانيّ القائم على مقولة أنّ "سلميتنا أقوى من الرصاص"، ويواجهون العدو مَكشوفي الصدر في مظاهرات سلمية، ويحاربون الكفار بالنكات، وعلى صفحات النت. ولا أقول هذا استهزاءً، لكنها طبيعة الشعب المصريّ، ينتقم من عدوه بالسخرية منه، ويخرج أضغانه وإحباطه في صورة نكاتٍ أو تعليقاتٍ على الفيس بوك وتويتر. لكن الحق أحق أن يقال، من يتكلم لا يعمل، ومن يعمل لا يتكلم. قاعدة عامة كلية لا شك فيها.

      ولا أعنى بهذا أنّ مصرَ خالية من المُجاهدين، أو ممن يقدر على أن يدفع حياته ثمناً لدينه وعرضه، لا والله، بل أثبتت الأيام الماضيات أنّ في مصر من المجاهدين الصابرين من هم على أعلى درجة من الوفاء للدين والشرف والكرامة وإباء الضيم. لكننا حين نتحدث عن الجهاد، فإننا لا نتحدث عن قدراتٍ فردية واستعدادات شخصية، بل نتحدث عن تكنيك وتكتيك جماعيّ محدد، يستلزم القدرة على العمل الجماعيّ واستعمال السلاح والتخطيط والمناورة والإختفاء والتنَكّر والحصول على الإمدادات، وغير ذلك من احتياجات الجهاد وضرورات استمراره. هذا ما لا نرى قدرة عامة بين أبناء الشعب المصريّ عليه في وقتنا هذا، إلا أن يشاء ربي شيئاً.

      (6)

      الحلول المُمكنات[2]

      الأمرٌ أنّ هناك ثلاثة حُلول مُمكنة للأزمة الحالية في مصر. حلٌّ يضع العلمانيين الليبراليين في الحكم، كما حدث في ليبيا وتونس. وحلٌّ يأتي بصاحب النصيب بطريقٍ المظاهرات المستمرة إلى أن يسقط النظام وحده، وحلٌّ يعود بالمرجعية الإسلامية حاكمة في مصر بطريق القوة المسلحة.

      أمّا الحلّ الأول، وهو ما تسعى اليه الولايات المتحدة، أن تخلع السيسي، وتسترضى الجموع الغاضبة بإخراج أكثرية المعتقلين، وكبح جماح الشرطة، وإعادة الجيش إلى ثكناته، وإقامة برلمانٍ علمانيّ الصبغة، يدعمه الدستور الكفريّ الجديد، ويرأس دولته أحد العلمانيين من فصيلة كرزاي أفغانستان، كالصباحيّ. هذا ما يَدعَمه الغَرب عامة، ويرى فيه الحلّ الأمثل للموقف الحاليّ، الذي يَضمنُ إزاحة الإسلام من الحكم، ويكتفي فيه الإخوان، كعادتهم، بدور هامشي يقوم على "المشاركة لا المغالبة"، إذ حلّ الجهاد، أو السعي اليه، بالنسبة اليهم حرامٌ شرعاً!

      أما الحلّ الثاني، وهو ما تسعى فيه الجهات الإخوانية، وجبهة دعم الشرعية، فيقوم على مقامرة لا تُعرف نتيجتها، أن تستمرّ التظاهرات، والقتل والاعتقالات، حتى "يتعب" العسكر، و"تزهق" الداخلية، وينهار الإقتصاد، وقد يتحرك بعضٌ من الشعب المرتدّ من عبيد السيسي ضده لشيوع الفقر وتدهور الأحوال، حينها "يسقط" النظام، يعلم الله كيف، ثم يأتي العسكر ليتفاوضوا مع الإخوان على صورة "مشاركة لا مغالبة" وهي الصورة المُفضّلة لديهم على أيّة حالٍ.

      وهذان الحلان لا يأتيان بحكم الإسلام السنيّ الخالص، بل يأتي الأول بحكم كفريّ علمانيّ صرفٍ، ويأتي الثاني بحكمٍ شِركيّ مختلط، يقوم على المبدأ الشِركيّ "مشاركة لا مغالبة"، بل أقلّ كثيراً حتى مما كان عليه عهد محمد مرسى فكّ الله أسره.

      أمّا الحلّ الثالث، وهو الحلّ الأوحد الذي يضمن أن يحكم شرع الله في الأرض، وأن تستولى القوة المُسلمة السنية المخلصة على مقاليد السلطة دون مشاركة الكفر، هو عن طريق مواجهة مسلحة مع جيش الإحتلال. وهو ما لا نرى أيّة إرهاصات لتحقيقه في أرض مصر، في زمن الناس هذا.

      والله غالبٌ على أمره.


      [1]  http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-45109 "التيار السّني لإنقاذ مصر .. فِكرٌ ومَرجعية"

      [2]  سنشرح معنى الإمكان والإحتمال وتفصيلاتهما في المقال التالي إن شاء الله