الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد
لا أذكر على وجه التحديد متى كان آخر نظري في ديوان الحماسة، لأبي تمام الطائيّ (ت231 هـ)، أو ما جمعه أبو تمام تحت اسم ديوان الحماسة، أيهما شئت. لكني على يقين من إن ذلك كان من أكثر من أربعين عاماً، حين كان قِرانُ الشعر والوله به، قد امتزج بالشغف الدؤوب لدراسة التشريع وعلومه. واللغة والتشريع، كما ذكرنا في عدة مواضع، هما وجهان لعملة واحدة، هي الفهم عن الله سبحانه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، أدق الفهم وأقرب التحقيق.
لكن، كان للعرب، في عوائدهم وبيئتهم، أغراضٌ أخرى، لقرض الشعر، والإبداع فيه، والتفنن في قوافيه وعروضه وأبحره وضروبه، حتى كان شرف القبيلة بين القبائل يقترن بما ينسجه شاعرها أو شعراؤها من قريض. وكانت لهم في أشعارهم أغراضاً، منها المدح والهجاء والنسيب والحماسة والرثاء والسير، وغيرها.
لكننا نريد في هذا الموضع، أن نصحح مفهوماً مغلوطاً، يخطر على بال الكثير، حين يتناول الحديث الشعر والشعراء. ذلك هو الزعم بأن العرب أصحاب "كلمات وألفاظ" لا "أعمال وإنجازات". ومن هنا يربطون تخلف عالمنا العربي اليوم بأننا أمة "كلام"، وأن الاهتمام باللغة هو إمعانٌ في التخلف والبعد عن "الحضارة" كما يفهمونها. والحقّ، كلّ الحق، في عكس ذلك.
وحتى نحكم على قوم ما، فننسبهم للغفلة أو التفاهة، أو الكلام غير المجديّ، فإنه يجب أن نتعرف على بيئتهم، وعصرهم، وطبائعهم، وما كان من عوامل تحفزهم، أو تُبطئ بهم، حتى يكون حكمنا عليهم دقيقا صائباً.
والنظر في تلك العوامل، التي جعلت للشعر المكانة الأعلى في تراث العرب، سواء في الجاهلية أو صدر الإسلام، وحتى نهاية الدولة العباسية، هو مبحثٌ قائم بذاته، يخرج بنا عن غرضنا من هذا المقال، فربَّ استطراد يُلهي الطالبَ عن تحصيل الطِّراد.
واللغة هي أفضل ما يعكس الطبائع المستقرة والعادات المتجذرة في نفوس أمة ما. فاليونان مثلا لا تعكس فلسفة أفلاطون ولا تلميذيه ولا غيرهما طبيعة شعب اليونان، كما لا تعكس القوانين ولا التماثيل طبيعة نفوس شعب الرومان، إلا معبرة عن جهل متأصل. لكن إذا أردت أن تعرف ما نشأ عليه شعب الروم، وهم آباء الغرب اليوم، فارجع إلى حلبات الموت التي كان الشعب يحضرها مصفقاً ومهللاً ومؤيداً متحمساً، لمجالدين أشداء يقتلون عبيداً أرقاء أبرياء. هذا معيار طبيعة الروم مثلا، وهو ما خلّفوه في أحفادم من الغربيين "أهل الحضارة اليوم"، وهم أجداد كريستوفر كولمبس، القاتل المحترف، الذي قتل مئات الآلاف من البيض والسود والهنود الحمر على السواء، ثم جعلوه بطلاً في تاريخهم النجس[1]!
ونحن يهمنا في هذا الموضع خاصة، ونحن نتحدث عن الحماسة وعن الإقدام وحماية الأهل والعرض بكلِّ ما يملك المرء، ولو كانت نفسُه وحياته ثمناً لذلك، أن نذكّر بأن أمة كانت فيها "الكلمات والجمل" التي ينتظمها عقد الشعر، دافعاً للتضحية والبذل وطلب المعالي، فكيف بنزول الشر والفتنة بالديار، واقتحام العدو للخيام والمضارب، والتعرض للغزو وتهديد العزة والكرامة والحرية؟
ينسى الذين يرمون العرب بصفة الخيال الواهم العابث، أن الكلمة كانت هي المصدر والدافع للحرص على المعالي والمكارم، لكنها لم تكن هي المعالي والمكارم. فالشاعر، يُظهرُ ما في قومه من مكارم وخصال، لغرضين أساسين، أولهما، إشعال الحماسة في نفوس أبناء عشيرته، وإرهاب العدوّ الصائل من مغبة العدوان والغزو. والكلمة، أعلى شأناً وأرقى مقاماً من أي عمل جسدي يُراد به تأدية ذاكم الغرضين. ثم مقتطفات تعكس قوة الكلمة وتأديتها لمعاني النفس الدفينة بأدق صورة وأجملها.
ثم نعود إلى أبي تمام وحماسته[2].
انظر إلى تلك الكلمات التي يصف بها هذا الشاعر[3] ما يجب أن يكون عليه القوم من نصرة للحق وشجاعة في لقاء العدو، ويلقي بالائمة على قومه أنهم خذلوه
- لو كنت من مازنٍ لم تَستبح إبلي *** بنو اللقيطة[4] من ذُهْلِ بن شيبانا
- إذا لقامَ بنصري معشرٌ خشــــنٌ *** عند الحفيظة[5] إذْ ذو لُوْثَةٍ لانـــا
- قومٌ إذا الشرُّ [6]أبدى ناجذيه لهم *** طاروا إليه زرافـاتٍ ووحدانــــا
- لا يسألون أخاهم حين يّندُبُهُم *** في النائباتِ على ما قال برهانـــا
ثم تراه يعطف على ذكر أهله، فيذمهم بطرف خفيّ، وكأنه يحكي عنهم صفات طيبة، لكنها في موقف الحماسة لا قيمة لها ولا أثر. يقول
- لكنّ قومي وإنْ كانوا ذوي حسبٍ *** ليسوا من الشرِّ في شئٍ وإن هانا
- يجزون مِنْ ظُلمِ أهل الظُلمِ مغفرةً *** ومن إساءة أهل السوء إحسانـــا
- كأَنّ ربَّــــك لم يخلُـــق لخَشْيَتِـــه *** سواهمُ في جميع الناسِ إنسانــــا!
- يا ليت لي بهم قوماً إذا رَكِبـــوا *** شنُّوا الإِغَارَة فِرسانـا ورُكْبَانـــــا
انظر كيف وصف، في الأبيات الأربعة الأولى، حال القوم من أهل الإقدام والشجاعة، الذين يقومون لنصرة أخيهم حتى دون أن يعرفوا سببا للقتال، فيكفيهم أن أخاهم يقاتل، فله عليهم إذن حق ّالنصرة. ثم انظر كيف يصف حال قومه، في الأربعة أبيات الثانية، الذين هم أهل حسب ونسب، وهم أهل مغفرة للظالم وعفو عن المعتدي، ورحمة وخشية لله، كأن الخشية قد خُلِقت لهم وحدهم! وهذا تقريع في شكل تقريظ. لآنه عطف بما كان يحب أن يرى قومه عليه من الشجاعة ومجابهة الشرِّ والظلمِ بمثله، دون تردد. فهم ليسوا من أهل "سلمية" في شئ! والرحمة والخشية والمغفرة صفاتٌ حميدة في ذاتها، لكنها تصبح ضعفاً وذلّة وهوانا في موضوع الحرب وصدّ العدوان. فهل يذكركم هذا بحال جماعة ما، في عصرنا[7] ...؟!
وهذا يؤيد ما قلنا عن طبائع العرب، من إنهم ليسوا أهل ابتداءٍ بعدوان، لكنهم إذا أعُتدي عليهم ردَّوا العدوان بلا تحفّظ .. فها هو شاعر آخر، اسمه شَهْلُ بن شيبان[8]، لعله من نفس قبيلة شاعرنا الأول، يبيّن كيف إنهم كانوا مع بني ذُهْلٍ في أمان وحسن جوار، حتى إذا اعتدوا، اعتدوا ..
- عفونا عن بني ذُهْـــلٍ *** وقلنا القومُ إخــوانُ
- عسى الأيامُ أن يَرجعْ ***نَ قوماً كالذي كانوا
- فلمّْا أصبـــح الشَّــــرُّ *** فأمسى وهو عُريـانُ[9]
- ولم يبقَ سوى العدوا *** نُ دِنَّاهم كما دَانــوا[10]
- مشينا مشيَــةَ اللّيثِ *** غَدَا[11] واللّيثُ غضبانُ
- فللشَّرِ نجـــاةٌ حيـــ *** نَ لا يُنجيك إحســـــانُ
صدق والله، فالعدوان لا يُنجى منه إلا العدوان .. كما قال تعالى "فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ " البقرة 194. وهؤلاء الشعراء كانوا من أهل الجاهلية، فأتت الرسالة تثبّت ذلك المعنى وتؤكد صحته، بل ووجوبه، مما يدلُ على أن الله سبحانه اختار العرب، من بين أمم الدنيا، لرسالته لمَا علم ما فيهم من طبائع سويّة، في غالب أمرهم طبعاً.
انظر إلى قول الشاعر أبو الغوْل الطُّهَويّ يؤكد هذا المعنى فيقول:
- ولا يَجزون من حَسنٍ بسيْئ *** ولا يَجزون من غَلَظٍ بليْنِ
أي إنهم إن عوملوا بالحسنى، لقوا أهلها بالحسني، وإذا بالشرّ والغلظ فبالشر والغلظ، من باب العين بالعين.
انظر إلى قول الشاعر الأمويّ جعفر بن عُلبَة الحارثيّ، يصف كيف أن الموت آت، سواءً ابتدرنا بالقتال أم تخاذلنا عنه، فالعمر بعد التخاذل قصير، لكنه مرير، يقول:
- ولم نّدْرِ إن ِجضْنَا[12] من الموت جَيْضَةً *** كم العُمرُ باقٍ والمدى مُتطاولُ
وهو من أرقى المعاني وأشجعها وأصحها، فإن الله سبحانه يقول "قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ" الجمعة 8.
انظر إلى قول بلعاء بن قيس الكنانيّ[13]، يصف ضربته لخصمه، بأنها لم تكن اختلاساً، فتكون غدراً، ولم تكن متعجلةً فتكون جبناً وخشية إطالة القتال:
- بضربةٍ لم تكنْ مني مُخَالسَةً *** ولا تَعَجّلتها جُبناً ولا فَرْقا
انظر إلى غاية من غايات الخصال غير مدركةً، في قول السموأل، وهو من شعراء الجاهلية:
- إذا المرءُ لم يَدنس من اللُؤم عِرضُـهُ *** فكلُّ رداءٍ يرْتدِيــه جميــــلُ
- وإنْ هو لم يَحمل على النفسِ ضَيْمَها *** فليس إلى حسن الثناء سبيلُ
- تُعَيّـــرُنا أنّـا قليــــلٌ عَدِيدُنَــــــــــــــا *** فقلتُ لها إنّ الكرامَ قليـــــلُ
- وما قلَّ منْ كانت بقايــــاهُ مِثْلَنــــــــا *** شبابٌ تسامى للعُلى وكهُولُ
- وما ضرُّنا أنّا قليلٌ، وجارُنــــــــــــا *** عزيزٌ، وجارُ الأكثَرين قليلُ
- وإنّا لَقَومٌ لا نرى القَتَل سُبّــــــــــــةً *** إذا ما رأته عامـــرٌ وسلــولُ[14]
- يُقَرِّبُ حب الموتِ آجالنـــــــــــا لنا *** وتَكْرَهُهُ آجالُــــــهُم فتطــولُ
- وما أُخمِدَتْ لنا نـارٌ دون طارِقٍ[15] *** ولا زمَّنا في النَازِلين نزيــلُ
وأعلّق هنا على هذه الأبيات الرائعات، بذكر أن السموأل الشاعر، يهودي من يهود المدينة، لكنه عربي المولد والمنشأ، والعادة والإلف. لذا تجده يتحدّث بنفس لهجة الشجاعة والفخر بالاقدام، وعدم خشية الموت، طالما هو من أجل العرض والشرف والكرم. هي إذن، بيئة فرضت طباعها على أهلها، حتى من قبل الرسالة، وثنيين كانوا أو يهوداً، فهم عرب.
ثم انظر هذه القمة السامقة في المدح، وهي ما قاله الفرزدق في وصف علىّ زين العابدين بن الحسين رضي الله عنه، نكاية في هشام ابن عبد الملك الخليفة
- إذا رأته قُريشٌ قال قائِلُهــــــــــا *** إلى مكارمِ هذا يَنتهي الكَــرَمُ
- هذا الذي تَعرِفُ البَطحاءُ وطْأتُه *** والبيتُ يَعرفهُ والحلُّ والَحرَمُ
- هذا ابن خيرِ عِبادِ الله كلَّهـــــــم *** هذا التقيُّ النقيُّ الطَاهرُ العلمُ
- يَكَادُ يُمسِكُهُ عِرفانَ راحتــــــــــهِ *** رُكْنُ الحَطيمِ إذا ما جاء يستَلِمُ
- يُغضِي حَيَاءً ويُغضَى من مهابتهِ *** فلا يُكَلَّـم إلا حيـــنَ يَبْتَسِــــــمُ
ولا أروع من هذا البيت الأخير في تمثيل العزة، مع الحياء، مع المهابة، مع الحلم، كلّها في بيتٍ واحد.
- أما الهجاء، فقدهكوا فإقذعوا .. لكن ننقل بعضم للدلالة لا للدراسة!
قال بعضهم:
- أعاريبٌ ذوو فَخرٍ بإفـــــــــــــكٍ *** وألسنةٍ لِطافٍ في المقـــــــــالِ
- رَضَوا بصفاتِ ما عَدِمُوه جهـلاً *** وحُسنُ القولِ من حسنِ الفعالِ
وكفى بالفخر بالإفك قدحاً!
وذمّت إمرأة زوجها، واسمه قتادة بن مَغرّب، فقالت:
- حَلَفْتُ، فلم أكذب، وإلا فكلّ مـالىَ *** لبيتِ اللهِ أهديـــه حافيّـــــــــــهْ
- لو أنّ المَنّايا أعرِضِت لاقتَحَمتُهـا *** مخافة فِيهِ[16] أنْ في فيهِ داهيـةْ
- فما جِيفة الخنزير عندَ ابن مَغربٍ *** قَتادَةَ إلا ريحُ مسكٍ وغاليَـــــهْ
- فكيف اصْطِبَاري يا قتادة بعدمـــا *** شَمِمْتُ من فيكَ أَثْأَى صماخيه[17]
ثم كفانا من الذمّ والهجاء!
وقال خلف بن خليفة، وهو شاعر أموي، يحدّث من أحب:
- سَلَبْتِ عِظَامِي لحْمَها فترَكْتِها *** مُجَرَّدَة تُضحِى إليكِ وتخْصَـــرُ
- وأخْلَيْتُها منْ مُخِّهـــا وكأنهــا *** أنابيبُ في أجْوافِها الرِّيح تَصْفُرُ
- إذا سمعت باسم الفراقِ تقعقعت*** مفَاصِلها خوفاً لِمَا تَتَنَظّْــــــــرُ
- خذي بِيَدِي ثم ارْفَعِي الثوبَ[18] فانظري *** بيَّ الضرَّ إلا أنَّني أتَسَتْرُ
- فما حِيلَتي إنْ لمْ تكُن لكِ رحمــــة *** عليَّ ولا ليَ عنكِ صْبرٌ فأصْبرُ
- فوالله ما قَصّرْتُ فيما أظُنُــــــــــهُ *** رضاكِ ولكني مُحبٌ مُكَفِّــــــــرُ
وقال رجلٌ، في تصوير بديع لمشهد، يعلم الله كيف يَخطر على قلب رجلٍ، إلا شاعراً خالطه حبٌّ لا حدّ له.
- ماذا عليكِ إذا إذ خُبِّرتِنِي دَنِفَـــاً *** رَهْنُ المَنيَّةِ يوماً أن تعوديني
- وتجعليِ نُطفَةً في القُعْبِ باردَةً *** وتَغْمِسي فاِكِ فيها ثم تسقيني![19]
هي النفوس تنبأ عن مشاعرها، لا تخفيها، ولا تتستر منها، فتخرج صوراً تُمثل مشاعراً يَعجب المرء كيف تراود بدواً أجلافاً، يعيشون في صحراء مقفرة، تحت خيم متناثرة .. فسبحان من وَهَب البيان.
أما المراثي، فقد كان دأبهم فيها أن يبكون على الراحل مُرَّا، ثم يعددون صفاته وسجاياه وكرمه وشجاعته، ثم يعودون للبكاء عليه.
يقول عقيل بن عُلَّفة المُريّ:
- لِتْعدُ المَنايا حيثُ شَاءت فإنها *** مُحَلَّلَة بعد الفتى بنُ عَقِيلِ
- كأن المنايا تَبْتَغِي في خِيّارنا *** لها تِرّةٌ أو تَهتـــدي بدليـلِ
ويقول صخر بن عمرو أخو الخنساء، في رثاء أخيه معاوية:
- ولائمة هبّت بليـــــــلٍ تَلومُنـــــــي *** ألا لا تَلومِيني كفى الَّلوْمَ ما بِيَـا
- وقالوا ألا تَهْجو فَوارِسَ هاشـــــــم *** ومَالِي وإهْداءُ الخَنَا[20] ثُمَّ مَالِيــا
- أبَى الهَجْرُ أنِّي قد أصَابُوا كَرِيمَتي *** وأنْ ليس إهداءُ الخنا من شماليا
- إذا ما امرُؤٌ أهدى لميتٍ تحيـــــــةً *** فحيَّاكَ ربُّ الناس عني مُعاويــا
- إذا ذُكِرَ الفتيانُ رَقْـــرَقْـــتُ عَبْـرَة *** وحيَّيتُ رَمْسا عِندَ ليَّة ثاويـــــــا
- وطَيَّبَ نفسيِ أنني لمْ أقــــــــُلْ له *** كذَبتَ، ولَمْ أبْخَلْ عَليهِ بمَاليـــــــا
- وذي إخوةٍ قطَّعْتُ أقْرانَ بينِهِــــم *** كَمَا تَرَكونِي واحِدا لا أخَاليـــــــا
ثم نكتفي بهذا التطواف، الذي بلغ نَيِّفاً وخمسين بيتاً، في خزانة أدب العرب، التي اختارها الشاعر الفحل أبو تمام، وأجرى فيها ما رآه أحسنها، في الحماسة، والرثاء والنسيب والمدح والقدح، وغير ذلك من ضروب الشعر وأغراضه.
والله المستعان
د طارق عبد الحليم
[1] راجع إن شئت People history of the United States ، عن حقيقة ذاك المجرم، وشهد شاهد من أهلها.
[2] ديوان الحماسة لأبي تمام برواية الإمام الجواليقي، الطبعة الأولى، 1998 دار الكتب العلمية بيروت
[3] اسمه قُرَيْظ بن أُنيْف
[4] اسم قبيلة أعدائه
[5] الحفيظة، أي اشتداد الحنق والغيظ
[6] الشرُّ هنا يعني القتال والحرب
[7] فكأنهم من قصدت بهم أمّ السُليكْ في قولها : طافَ يبغي نجوةً *** منْ هلاكٍ فهلكْ!
[8] ورواه كذلك أبو عليّ القالي البغداديّ في "الأمالي" عن أبي بكر ابن دُريد، راجع الأمالي ج1 ص 260 ، طبعة دار الفكر
[9] أي لمّا بدا منهم الشرُّ والعدوان ظاهراً كالعريان
[10] دنّاهم أي جازيناهم كقوله تعالى "مالك يوم الدين" أي يوم الجزاء
[11] غَدَا أي أصبح
[12] جَاض: أي حاد وانحرف، فجَيْضة، أي انحرافة وحيدة وابتعاداً
[13] وهو شاعر جاهليّ، مات أثناء حرب الفِجار قبل يوم الحُرَيرَة، وكانت بين قيسٍ وكنانة (رهط رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وأنبل فيها رسول الله الأسهم لأعمامه وهو صغير.
[14] وسَلول هم يهودٌ، رهط المنافق عبد الله بن أُبيّ بن سلول
[15] الطارق: هو زائر الليل، ويقصد هنا إكرامَ الضيف
[16] فيهِ: أي فمه، تقصد رائحة فمه قبيحة!
[17] أثأى: أفسد، صماخ: الأذن، أي أنّ من رائحة فمه، فقدت حاسة السمع!
[18] يقصد ثوبه لترى نحالته وما أصابه من ضرّ
[19] دَنِفَاً: مريضاً ، القُعْب : الكوب الغليظ ، نطفة: أي لمسة خفيفة. يقول ماذا يُضيرك لو أنك سمعتي بأني مريض رهن الموت، فأتيتي تزوريني، ثم أخذت كويا من الماء فلنستي به فاك، ثم سقيتيني!
[20] الخنا، يقصد فاحش القول، فهو ليس بصدد أن يتحدث في سيرة قتلته بفواحش، إذ هذا ليس من شمائله، كما بيّن في البيت الرديف.