فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      قول في الرد على دعوى أن ارسول الكريم ﷺ أراد الانتحار!

      منقول - عن تعليق عبد الكريم السيد عن ابراهيم عبدالرحمان الطاهر

      { الأدلة القطعية من صحيح الإمام البخاري وعلماء الجرح والتعديل على الافتراء بأن النبي صلى الله عليه وسلم حاول الانتحار } : البخاري رحمه الله بريء من هذه التهمة، وإنما أورد القصة في ذلك عن الزهري بلاغًا أي {بدون إسناد} . والبلاغات الموجودة في صحيح اليخاري ليست أحاديث عن رسول الله وهذا معروف عند علماء الحديث . والإمام البخاري يعمد إلى إخراج الصحيح المسند بشروطه ، وقد سمى كتابه : {الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه} . فهذا نص يؤكد للرَّاسخين في العلم أن المسند الصحيح عنده هو المقصود، وما عداه فليس مقصودًا بذاته ، وهذا توضيح لتلك الشبهة الواهية التي أكثر المستشرقون والجهلة من ترديدها بحقد أو بغير علم : عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : { أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْح} (صحيح البخاري) زاد الزهري بعد سند الحديث الصحيح في آخره قوله : " بلغني بغير سند " : { وَفَتَرَ الوَحيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ } بيان إنكار الزيادة التي زادها الزهري : ١- أن الرسول يكفيه رؤية جبريل مرة واحدة وهو يشهد له : يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ،

      ٢- إن حديث بدء الوحي على الرسول قد رواه الإمام البخاري في عدة مواضع من صحيحه، ولم يذكر هذه الزيادة التي زادها الزهري بغير سند إلا في موضع واحد في كتاب التعبير . وقد نبه الإمام البخاري على دحضها بنقلها عن الزهري : *“ فيما بلغنا ”*

      ٣- يقول الحافظ ابن حجر : إن القائل "فيما بلغنا" هو الزهري ، ومعناها أنها في جملة ما وصل إلى الزهري بدون سند متصل إلى رسول الله } (فتح الباري).

      ٤- معنى كونها بلاغًا: أن الزهري لم يذكر من حدثه بها من الصحابة والتابعين أي لا ستد لها

      . ٥- وهذه الرواية ليست على شرط الصحيح؛ لأنها من البلاغات التي لايعتبرها البخاري أحاديث وإنما مرويات بدون سند ، وهي من المنقطع ، والمنقطع من أنواع الموضاعات الواهية ،

      ٦- البخاري لا يخرّج إلا الأحاديث المسندة المتصلة إلى الرسول برواية العدول الضابطين،

      ٧- ذكرها البخاري ؛ لينبهنا إلى مخالفتها لما صح عنده من حديث بدء الوحي، الذي لم تذكر فيه هذه الزيادة.

      ٨- ليس أدل على إضافة هذه الزيادة وتهافتها من أن جبريل كان يقول للنبي كلما أوفى بذروة جبل : يا محمد إنك رسول الله حقًّا»، وأنه كررها مرارًا ، ولو صح هذا لكانت مرة واحدة تكفي في تثبيت النبي وصرفه عما حدّثته به نفسه كما زعموا .

      ٩- من المقرر عند علماء الحديث أن مراسيل الزهري وبلاغاته مردودة لاتصح؛ لأنه “كان يرسل عن كل أحد” (جامع التحصيل)، وإليكم بعض أقوال العلماء في مراسيل الزهري :

      ١- أخرج البيهقي قال : مرسل الزهري شر من مرسل غيره ؛ لأنه حافظ، وكل ما يقدر أن يسمّي سمّى، وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه (شرح علل الترمذي).

      ٢- قال الشافعي : إرسال الزهري عندنا ليس بشيء . (شرح علل الترمذي).

      ٣- قال يحيى بن معين : مراسيل الزهري ليست بشيء (السنن الكبرى للبيهقي)

      ٤- يقول الذهبي : “ومن أوهَى المراسيل مراسيل الزهري ” (الموقظة في علم مصطلح الحديث).

      وجملة القول أن البلاغ باطل إسنادًا، منكر متنًا، لايطمئن قلب المؤمن للتصديق فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من تردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» "متفق عليه" ومن المعلوم أن الإمام البخاري إنما يعمد إلى إخراج الصحيح المسند بشرطه، وقد سمى كتابه: “الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه”، فهذا نص صريح على أن المسند الصحيح عنده هو المقصود، وما عداه فليس حديثا مقصودًا بذاته . وبناء عليه: فإذا رأينا في صحيح الإمام البخاري بلاغا (رواية) ليس مسندًا ، علمنا أنه لم يرد بذكره أنه حديث صحيح . يقرر ذلك [ابن حجر العسقلاني في فتح الباري] : “وأما البخاري فلم يورد البلاغات مورد المسانيد، فهي عنده ليست مقصودة بالذات، بدليل أنه سمى كتابه: {الجامع المسند الصحيح} فما رأينا ليس بمسند علمنا أنه لم يرد بذكره كونه صحيحا، بل قصد التنبيه على بطلانها لأنها بدون سند . ولذلك لم يعترض أحد ممن انتقد عليه بشيء منها . وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.