فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الفرقة السيساوية في ميزان المجتمع

      الحمد لله والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعلى آله وصحبه

      من إعادة القول تقرير موضع أمثال العلمانيين أو الوطنيين من دين الله، فهم كما بينت طوائف مرتدة، لا خلاف في ردتها لما تتبناه من أفكارٍ ومبادئ، على تفرقة بين الطائفة والمعيّن.

      لكن الطائفة السيساوية هم من أغرب تلك الفرق وأكثرها شذوذا، إذ لا معتقد لهم أصلا ولا أيديولوجية، سوى تعظيم ذاك المجرم السفاح الملحد السيسي! ليس حتى على منهج المداخلة الذين يبررون طاعة كل حاكم، ولو نصراني، بالتواء وتحريف في الشريعة. لا، هؤلاء فقط يحبون هذا المجرم، ويكرهون الدين تبعا لمحبته، أقصد الدين الذي نزلت به الرسل وأتت به الكتب، لا ما يسمونه دينا بألسنتهم.

      الغريب هنا هو إنكار المحسوس والمُشاهد، المُسجّل والموثّق. وهذا من باب انكار الضرورات العقلية التي يكفر منكرها، كما لو رفض أحد أن الشمس تأتي من المشرق، مما مبيّن في علم الأصول.

      يدّعي هؤلاء المحبة العامة، وضرورة التوافق العام والتعايش مع الكفر وغيره، ونبذ "العنف" حتى لو كان دفاعا عن الشرف! ويؤيدون الوطنية ويفتخرون بالفرعونية ويشمئزون من أي مظهر أو معلمٍ إسلاميّ.

      كيف تتفق تلك الدعاوى الكاذبة الواهمة مع حقيقة أن السيسي، ربهم الأعلى، قتل أربعة آلاف نفس في ثمانية عشرة ساعة، منهم اركبر والنساء والأطفال، الجالسين في ميادين مصرية، على تراب بدلهم!؟ قالوا مسلحون: قلنا يا كذبة لم تسجل طلقة واحدة من جهتهم، ولمَ يأخذ الرجل أطفاله ونساءه إلى ميدان معركة مسلحة؟ والعالم كله شاهدٌ على المجزرة الوحشية التي حدثت، والتي لم تهز لضمير بغل منكم شعرة، بينما تتصايحون بضرورة الوفاق والتأخي مع القبط الذين يعلنون تراب مصر ملكا لهم، وأننا، المسلمون منا، هم غزاة لهم، أو ضيوف عليهم عند من أحسن منهم؟ ثم ما أعقب ذلك من اعدامات جماعية لم تشهد لها مصر مثيلا من قبل! أين المحبة والتعايش؟

      من أين أتت هذه الكراهية للدين، الذي يمثله الإخوان في عقولكم المتعصفرة؟ أنا لم أكن إخوانيا في حياتي ساعة واحدة، بل هاجمت الإخوان ولا أزال أهاجم فلولهم، لكن لسبب معاكس لسبب كراهتهم لهم.

      الغريب أن الإخوان سيساوية التوجه في كثير من الأمور. فهم مثلا يتفقون مع السيساوية في إمكانية التعايش مع الكفر، بل محبة الكفار وولائهم، ويوالون الغرب ولو وطأ الغرب رؤوسهم بالأحذية، وفي والرضى بالحاكم القبطي، ويتساهلون أيما تساهل مع مرتكبي الفسوق، ويشاركونهم في حب الموسيقى والفنون القبيحة، لا الجميلة، ويسوون بين المسلم وغيره ببدعة المواطنة، ويعلنون ليبرالية مبطنة في شكل إسلامي مزينٍ مزيفٍ، بل ولا يمتنعون عن وضع أيديهم في يد السفاح المرتد السيسي، حتى بعد أن شرّد بهم من خلفهم، وفعل بهم وبأهليهم ونسائهم، ونساء المؤمنين الأفاعيل. وهم لا يصرون على حكم الشريعة أبدا، بل يقبلون ما يرضاه الشعب، كفرا كان أو إسلاما، سيان لديهم. لا ضمير ولا حس ولا كرامة، عند سيساوية الإخوان والسيساوية الأصليين! فماذا ينقم السيساوية من الإخوان؟ والله ليس إلا أنهم وجه لإسلام زعمه الإخوان، وكرهه السيساوية كرها في الإسلام على أي وجه كان.

      السيساوية طائفة مرتدة، لا بأعيانها، فمنهم جاهل وإن شذّ ذلك، لكن عمومهم لا دين لهم إلا دينٍ اصطنعوه لأنفسهم وسموه إسلاما وحداثة وما إلى ذلك من مسميات شيطانية.

      فهذه الطائفة اليوم، تمثل شطرا لا بأس به من الشعب، وإن تركز وجودها كما سبق أن قلت، في المهاجرين والعاملين بالخارج واللصوص في الداخل من رجال أعمال النصب، والإعلاميين الذين لا دين لهم على أعيانهم، فردا فردا، ثم القوات الحامية لهذه الطائفة، والتي تكفر بالولاء لأعداء الله ونصرتهم. وقد أجاد أحد رواد الإلحاد في مصر منذ عقود طويلة، نجيب محفوظ، في رسم هذه الشخصيات في قصته التي نعيش واقعها اليوم في طائفة السيساوية "ثرثرة على النيل".

      ووالله لكأني أنظر إلى السيسي وهو يقود هؤلاء يوم القيامة كما قال تعالى "يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ۖ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ" هود 93.

      وقد تجلت الوطنية القومية الشعوبية "الفرعونية" التي يراد بها محو الوجود الإسلامي في مصر، وصبغها بالفرعونية، بناء على تصور أن الفتح الإسلامي كان غزوا شرساً عدوانيا، كما صرح بذلك أحد مرتدي وزارة الأوقاف! تمثل في الاحتفالات الجارية اليوم بمواكب الموتى، أي والله، موتى لا حيلة لهم ولا يستطيعون سبيلا. ثم يأتيك أكاديمي هلفوت أفاق يقول إن مصر بها التنوع والشمول، وهذه هي طبيعة التقدم والنهضة، قبول الأخر، حتى من الموميات!!!

      هؤلاء حكموا على أنفسهم، بأنفسهم وأفعالهم وأقوالهم، بالردة الصريحة، كما بيّنت معناها آيات القرآن، لا كما نزعم نحن ولا البنا ولا قطب ولا ابن عبد الوهاب ولا سلفنا الصالح كله.

      لكن أين يذهبون من يوم يُقال "الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِـَايَاتِنَا يَجْحَدُونَ* وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ* هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ" الأعراف 51-54.      

      د طارق عبد الحليم

      22 شعبان 1442 – 5 أبريل 2021