فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      نظرات في أمر الشام ... 2020 (الجزء الأول)

      نظرات في أمر الشام ... 2020

      عودة إلى أمر الشام .. والهيئة!

      (1)

      إلى فصائل الشام المتناحرة .. إلام الخُلْفُ بينكمُ؟!

      الحمد لله والصلاة والسلام على من بُعث بالحق والهدي والنور، يحكم بهديه الناس فيما اختلفوا فيه.

      نعم .. صدق شوقي ..كلمات كأنها كُتبت لكم، أيها المتقاتلون المتناحرون

      إلامَ الخُلفُ بينكمُ إلامــــا *** وهذه الضجة الكبرى علاما!

      وفيم يكيد بعضكم لبعضٍ *** وتبدون العداوة والخصــاما

      ما هذا الاقتتال الحادث بين "مسلمين" في تلك البقعة الصغيرة الباقية من أرض الشام، لا تزال لم تقع تحت يد العدو الروسي النصيري الرافضيّ؟

      ما الذي تبغون بهذا القتال؟ ما الذي تتوقعون نتيجته؟

      من المنتصر ومن المهزوم؟

      هل نسيتم هويتكم الأصلية، أنكم تؤمنون بكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتتقيدون بحكمه فيما شجّر بينكم؟

      أين أنتم من آية ربكم "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا" النساء 65؟

      هل نسيتم ما منّ الله عليكم به، إذ جعلكم إخواناً، وألّف بين قلوبكم، حيث تدافعون عدواً واحداً، وشراً مستطيراً "وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا" آل عمران 103.

      ألمْ تعوْا ما في بقية الآية من تحذير شديد مُبطّن، إن أنتم وقفتم على شفا حفرة من نار، بالتشاق والتصارع والخلاف والاقتتال، فيرفع الله عنكم منّته، ولا ينقذكم من الهلاك بعد ذلك أحد "وكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ"!

      شَبَبْتُم بينكم في القُطرِ نارا *** على مُحتَلِه كانت سلاما

      ألم تروا ما أدى إليه شقاقكم وانفصالكم عن بقية إخوانكم، وتحزبكم شيعاً، ومفارقتكم جماعتكم الأولى، بمصالح موهومة معدومة، ألم تروا ما وصلتم إليه الآن من حال يشيب لهولها الولدان؟ محصورين في بقعة بين عدوٍّ صائلٍ صليبي بلشفي نصيري رافضي، لن يهدأ حتى يستأصلكم، وصديقٍ يؤازركم ما دامت مصلحته معكم، ويودّ لكم ولأهليكم حكماً على غرار ما يراه الأفضل، من غير حكم الله على وجه القطع واليقين، وإن ترك لكم شعائركم تأدونها ولحاكم تطيلونها؟

      والله تجمّدت الكلمات، وجفت الحلوق، ودارت في أحداقها العيون، اضطراباً واستياءاً وعجبا لأبناء أمة واحدة، يدّعون أنهم يجاهدون في سبيل الله عدواً واحداً، في رقعة هي محرقة نار بالفعل، ليسوا على شفاها، بل واقعون فيها، فلا يهتز لهم ضمير ولا ويعمل فيهم منطقٌ ولا عقل! فيوقفوا هذا القتال، ويعودوا إلى حكم الله، فهو والله بيّن واضح، ومن ادعى غير ذلك فقد نسب النقص للشريعة الغراء.

      العدو لا يفتأ يقتل في أفضل رجالاتكم، وأخلصهم وأصدقهم، ولا يترك إلا عميلاً أو منافقا أو مترخّصاً، لا يضره من بقائه شئ، إذ يشغله بتجارة أو سلطة.

      اتقوا الله، وانتبهوا، وارتدعوا، فإن الهزيمة متربصة بكم، هزيمة أنفسكم، لا هزيمة أعدائكم لكم. فلا تلقوا اللوم على الأعداء إن فنيتم، فأنتم من جلبتموها على أنفسكم. عدوكم يمكن بنصر الله، أن تنتصروا عليه، لكن ماذا عن عداوتكم لأنفسكم؟ عداوتكم بعضكم لبعض؟ هجركم لحكم الله بينكم؟ قتلكم بعضكم بعضاً، والصراع يحتاجُ إلى كل نفس مسلمة قادرة راغبة!

      ألم يكفكم مقتل أكابركم، كالشيخ أبي خالد السوري، والشيخ أبي فراس السوري، والشيخ أبي الخير المصري والشيخ أبي فراج المصري، وأبي خديجة وأبي جليبيب، وغيرهم كتائب من الشهداء الذين تصيدهم العدو لا لشئ، إلا لأنهم من ذوي الخبرة والعقل والعزم، أصحاب قضية حق، لم يتنازلوا عنها. وإلى اليوم لا يزال العدو يتصيد الخيار، ويترك المتميعين والفجار!

       ندعوكم، باسم الله خالقكم والمُنعم عليكم بنعمة الإسلام دينا، تتآخون فيه، وتنافحون عنه، أن تضعوا سلاحكم جانباً، ولا توجهوه لمسلمٍ أبداً، وأن تسعوا لإدراك حكم الله فيما تشاققتم فيه، فإن الإعراض عن هذا هو حالقة دينكم وفناء بقيتكم.

      راعوا ربكم في حق أهلكم، ومصالحهم التي تدمرونها بتصرفاتكم التي اختلفتم فيها على الكتاب وخالفتم الكتاب، واتفقتم على مخالفة الكتاب، كما يقول ابن القيم. فانظروا ما أنتم فاعلون ..

      د طارق عبد الحليم 

      24 يونيو 2020 – 3 ذو القعدة 1441

      (2)

      قد بعثتموها والله ذميمة ...! يا فصائل الشام

      وصلتنا أخبار اشتعال القتال بين الإخوة في إدلب، رغم كلّ الشفاعات التي توجّه بها عدد من الشيوخ لوقف هذا الاشتباك، بل ووقوع شهداء من طرفي الشقاق، الهيئة وغرفة "اثبتوا"، ولا حول ولا قوة إلا بالله، واعتقال الهيئة للأخ التلي والأوزبكي

      ما هذا يا سادة؟

      سأحْمِلُ اليوم على من يحمل المسؤولية الأكبر في تلك البقعة الصغيرة المحاصرة، التي تتصارعون فيها وحولها، وأقصد الهيئة، فهي الكيان الأكبر، بفضل الدعم التركي، والتنازلات التي قدمتها للأتراك بدعوى المصلحة.

      ما أمر الهيئة؟ ألم يرجع الجولاني لبعض عقله، ولم يعتبر بنتيجة ما حدث واقعاً على الأرض، عقابا له على مخالفته للشرع، ونكثه لبيعته؟ أيظن أن خسارته لكل شئ، وانكماشه ليصبح شرطيا مع الأتراك هو محض الصدفة؟ لا والله بل هو عقاب من عقاب الله سبحانه، أن نكس الثورة كلها، وابتلاها بما تدمه منه العيون وتدمي به القلوب.

      أهي السلطة، وإثبات الوجود ودليل السيطرة في تلك المنطقة المنكوبة، هو ما أثار الجولانيّ، فجعله يفتعل الأحداث ليضرب غرفة "اثبتوا"، ويثبت للأتراك قدرته على التحكم في المنطقة؟ وإلا فما هو الدافع إذن؟ بيّنوا لنا إن كنا لا ندري!

      ألا يكفي أن التحالف والروس لا يستهدفون إلا قادتهم ورؤوسهم، وكل من خالف الجولاني، وآخرهم استشهاد بدءاً بالشيخ الحبيب أبي فراس منذ أربعة أعوام، إلى الأخ القسام أول أمس؟

      ألم يكف ما حدث من فقد لسوريا كلها، إلا قطعة من محافظة إدلب، تملي فيه الحكومة التركية، أحكامها وتفرض شروطها، ومنها سوتشي التي رفضها عامة مجاهدي الشام، إلا الجولاني وأتباعه؟ أأصبحت سوتشي وأستانا اليوم مرجعا للمجاهدين؟ فعلام اسم المجاهدين إذن؟ وماذا وعن ماذا يجاهدون؟

      الحرب ليست لعبة يلعب بها قائدٌ ابتلى الله به جمع من البشر، كما لعب بها عبد الناصر فكانت نكبة اليمن، ثم نكبة 67، ثم توالت النكبات بعدها. الحرب، بين الإخوة في الله خاصة، إن كانوا ممن تخشع قلوبهم لذكر الله، مصيبة بالمعنى الحرفي للمصيبة:

      أنسيتم قول ربكم جل وعلا: "وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ" الأنفال 46

      قد والله فشلتم وذهبت ريحكم!

      وصدق زهير:

      متى تبعثوها تبعثوها ذميمــــة  وتضرَ إذا ضَرَيْتُموها فَتَضْرَمِ

      فتعرككم عرك الرحى بثفالها  وتلقح كشافا ثم تنتج فتتئـــــــِم

      فتُنتجُ لكم غلمان أشأَم كُلهــــم ** كأحمرِ عادٍ ثم تُرضِع فتُفطِـــمِ

      هذا الذي يجري لا يرضي الله ورسوله، ولا يرضي مسلماً عاقلاً، يعرف عن دينه نذرا يسيراً.

      ونحن نعلم أنه لن يردع الظالم العاتي كلمات من أي طرفٍ، حتى من الشيخ الذي نصرهم مراتٍ في غير حق، لن يكون لكلامه وزن، إذ هم أتباعه ومحبيه عند التوافق، لا عند التخالف، وهو عين تعريف الهوى!

      لكن، لعل في كلمات العاقلين ما يدفع الجند أنفسهم إلى مساءلة رؤوسهم عما يفعلون. نعم، نعلم أن علاقة تركيا بالجولاني، وتحكمه في مصارف المال، هي ما تجعل غالب من معه، فيما أراه، يستمرون في الانتماء لكيانه، وإلا انقطع الرزق وانكشف الظهر والبطن ، ولاحت قضبان السجن!

      مرة أخرى، اتقوا الله في أنفسكم وأهليكم يا جند الهيئة .. فقيادتكم تتحرك تحركات سياسية دنيوية بحتة، لا محل فيها لشرع، وإن استأجرت أمثال فرغلي والصبي الغزي لتأصيل الظلم والعدوان.

      اللهم سدد خطى المخلصين الصادقين وارفع هذه الغمة عن المجاهدين، وألف بين قلوبهم، وارزقهم تحمل الخلاف في وجهات النظر، دون عدوان، وإلا .....

      د طارق عبد الحليم

      25 يونية 2020 – 4 ذو العقدة 1441

      (3)

      بيان الهيئة ... استمرار فرض النفوذ والتلاعب!

      بيان هيئة تحرير الشام (!) الأخير، يثبت بشكلٍ قاطعٍ إنها لا تريد للدماء حقناً ولا للعمل الجهادي استمراراً، ولا لطلقة تجاه العدو أن تُطلق إلا بإذن مسبق من تركيا والتحالف.

      قلت:

      لا تأمنن لذئبٍ بات متشحاً ** بثوب ضأنٍ فأنت الخاسر الفاني

      من الذي نصّب تلك المجموعة الفاشلة، التي ثبت بالفعل، والخسائر في الأرواح والأرض، في كافة أنحاء سوريا، والتنازل المُهين، والتلاعب المبين لصالح مخططات التحالف، أتساءل: من الذي جعل هؤلاء أوصياء على كلّ صاحب حقٍ في جهاد، ممن أثبتوا جدارة، وعدم استسلام لمخططات الغرب الصليبي والشرف البلشفي الرافضي؟

      من الذي أعطاهم حقّ قتالهم وإيقاف عملهم، وإلزامهم بتشكيل عسكري بانت خيانة القائمين عليه، واستعدادهم، بما لفقوه – أو لُفِقَ لهم من مشايخ سوء وأشبار علم – من أدلة زعموها شرعية؟

      أسيطروا على أرضٍ لا نعرفها في سوريا؟ أحرروا أرضاً اغتُصبت من معظم محافظات سوريا، منذ يوم ظهرت خيانتهم في "فك الارتباط" – زعموا – وحتى يومنا هذا؟

      ثم، أمنعهم أحد من التوكل على تركيا، توكلاً تاماً، والخضوع لها خضوعاً مطلقا، والتآمر بشأن مستقل الشمال السوري الذي لن يكون اهم فيه نصيب، يوم ترفع تركيا أعلام الجيش الوطني أو فيلق الشام هناك، وترمي بهؤلاء كلهم في مزابل السجون، وتحيل قادتهم لتقاعد واسع الثراء، ثمناً لما قدّموا من خدمات؟

      بماذا يفترق هؤلاء عن جماعة الحرورية، الذين زعموا أن غيرهم ليس مسلماً، ومن ثم يجب قتاله وإزاحته، قبل قتال الروافض والنصيرية والبلاشفة؟

      والله لو تأملت في صنائع الجولانيّ، لوجتها تحاذي صنائع البغدادي، حذو القذة بالقذة، فلو دخلت الحرورية جحر ضبّ لدخله الجولاني ورائهم، سواء من اعتقال المخالفين، وقتال المجاهدين، والهوس المسيطر عليه في التفرد بالسلطة، ثم، الأهم، في خسارة كلّ مكتسبات جماعته، مع بقاء أفرادها أتباعاً له، يخيّل بهم على العالم أنه الآمر الناهي!

      هذا البيان، عارٌ وتضليلٌ وإظهار نوايا الشرّ، وتصميم على ذبح نصف القوى المقاتلة الحقة المخلصة في الشمال السوري، ليبقى النصف الآخر مسيطراً، طالما يخضع للجولاني، الخليفة الجديد، بلا خلافة!

      ألا يعلم هؤلاء، الذين من المفترض أنهم يفكرون استراتيجياً، أن رعبهم من غضب تركيا، أو تهديدها لتركهم في مواجهة القوة الغاشمة الفاشية، أو الانسحاب من الشمال، رعبٌ لا مبرر له، فعي أمور مستحيلة الحدوث ابتداءً. إذ الوجود التركيّ مرتبط بموضوع الأكراد، لا بسلامة السُنة، يا أصحاب العقول "المهلبية". إن بقاء تركيا، لحين ينتهي اتفاقها مع الروس والروافض، ويخضعون النصيرية لأمر واقع في الشمال، لن يزعجه هجوما سنياً على العدو. بل هم يضعون السنّة تحت أرجلهم، انتظاراً للحلّ مع النصيرية وبشار، ليس إلا، وساعة يتم الحل، سيتركونكم للجحيم ..

      هي إذن فرصة السّنة، أن تعمل بحرية، على تحقيق مكاسب من النظام الفاشي النصيري الرافضي، وأن تكيل لهم الضربات، ولا تخشى أن تتنازل تركيا عن الحماية الضئيلة المحدودة، التي تسير في تحقيق سوتشي وأستانا، على أية حال، خطوة خطوة.. ولكنكم قومٌ تجهلون!

      كنا نأمل منذ يومين أنْ يتخذ العقل طريقا لجماجم هؤلاء، من قادة الهيئة المنحرفة، لكن البيان، كان فيه أوضح بيان لطريق هؤلاء، ألا وهو طريق الخضوع والتذلل باسم المصلحة.

      وسنرى في الأيام القادة، اللهم سلّم، كما هو ظاهر للعيان، دماء المسلمين تُراق، بأيد مسلمة، تدّعي الجهاد، كنفس دعوى الحرورية من قبل، وأيديها ملطخة بدماء مجاهدين، جريرتهم أنهم رفضوا الدخول تحت مظلة تلاعب الجولاني، وسيطرته تحت مظلة "فتحه المبين"!

      د طارق عبد الحليم

      27 يونيو 2020 – 6 ذو العقدة 14410

      (4)

      إلى جند الهيئة ...

      ولا زال الشيطان يعبث بعقولهم ...!

      كم توجّه إلى هؤلاء الذين يسيطرون على مفاصل الجهاد في الشمال السوري، من شيخٍ صادقٍ صاحب علمٍ ودراية وخبرة، لا كمن هم على رأس ذاك الفصيل المعتدي، وعلى رأسهم الشيخ أبو محمد المقدسي والشيخ د هاني السباعي والشيخ عبد الرزاق المهديّ، وهم من أعلى الناس درجة في العلم والإخلاص، ولا نزكي على الله أحداً، كم توجه إليهم هؤلاء بأن عودوا لرشدكم، ولا تتبعوا سفهاءكم وأشقياءكم، فإن من قادة تلك الفصائل من هو مثل أحيمر ثمود، أشقى القوم، إذ جلب الدمار على عشيرته كلها، بحمقه وخبثه وجهله!

      فماذا كانت النتيجة؟ لم يستمع أحدٌ لنداء العقل والضمير والإسلام. بل لجوا في عتوٌ، وازدادوا في طغيان،، واعتقلوا بعدُ شريفاً آخر، الأخ توقير شريف، الذي هاجر من بلده لا لسبب، إلا ليعين على إزالة الطاغوت بشار، لا لجمع مالٍ أو تجارة، أو تحصيل سلطة أو قيادة، بعد اعتقال الإخوة الآخرين، التليّ والآوزبكيّ. وغيرهم مما قد لا نعلم عنهم شيئاً.

      أليس هناك ضمير لا يزال حياً، أو قلب لا يزال نابضاً، أو عقل لا يزال واعياً، بين جنود ذاك الفصيل المتمرّد على قواعد الشرع، أصولاً وفروعاً، نصوصاً ومصالحاً؟

      إن لم تؤثر فيكم كلمات كبار مشايخ الساحة، المقدسي والسباعي، فإن كلماتي ستذهب أدراج الرياح، لا شك في ذلك. لكن، والله يعزّ على المرء أن يرى شباباً تبتلعه الرمال النجسة المتحركة، يغوص في الخطأ والخطل، والظلم والتعدي، وقد عُرضت عليه أدلة الحق، وبانت معالم الصدق، في غير طريق قادته وأمرائه...

      الكلّ يعرف اليوم أن أمراء الهيئة يعيشون حياة ترفٍ لا يعيشها أحد من جنودها. الكلّ يعرف علاقة الجولانيّ، بتركيا، وتأمينه لاتفاقاتها مع الروس، وضمان سوتشي وأستانا. لم تعد هذه الأمور تخفى على أحد إلا الحمقى ..

      ماذا نقول لكم؟ ماذا تريدون من بيان؟ أنتم اليوم أشبه بجند السيسي، وجند فرعون، وجند بشار، سواءً رضيتم أم أبيتم، كرهتم أم أحببتم. ويا للحسرة والأسى عليكم يا جند الهيئة!

      إن انحراف قادتكم ليس وليد الليلة أو أمس القريب، أو الشر والسنة الماضية. بل هو قائم منذ أن قرر قائد الفتح الأكبر، وحامل لواء النصر إلى تل أبيب، على حسب رواية أحد المشايخ وذنبه،  أن يتخذ طريقه وحده، ليكتب لنفسه اسما ويسطر تاريخاً، وهو ابن الثلاثين، لا خبرة ولا علم ولا تجربة ولا سابقة ولا صحبة جهاد، إلا مع رفيقه، ومثله الأعلى البغداديّ، الذي ما خرج عليه إلا ليحظى بالسيطرة ويحقق ما كان يحلم به من شأن ...

      ولم يعلم المسكين قسوة التاريخ، الذي لا يحابي ولا يجامل، بل سيذكره، فاشلاً، خاسراً، متراجعاً، راضياً بالدنيّة، محارباً لأقوياء أشداء، لا يقبلون بعلمانية توجههم، تحت أيّ ذريعة، غبيّ عن أن يُدرك أنّ الساحة، بوضعها الحاليّ، في خضم هذا الصراع الدوليّ، يمكن أن تكون في صالح قومه ودينه، إن انحاز للحق، وصدّق بكلمات الله، فالأتراك كما ذكرنا، لن يتخلوا عن الشمال السوريّ، بل هم يخوفونه بترهات لن يُقدموا عليها، لصالحهم لا لصالح السوريين. لكنها العنجهية وحب السيطرة، الذي غلب على نفسه، وعلى أمرائه، ثم تسرب إلى قلوب بعض جنده، الذين هم اليد الآثمة في اعتقال من يعتقل.

      استيقظوا، رحمكم الله، فكم كتبنا من كلمات تحذيرٍ، قبل سقوط حمص وحلب ودرعا وغيرها ..

      أفيقوا، وارعووا، وساندوا إخوانكم، فإن قادتكم قد ضلوا الطريق، ولا سبيل إلى دعوتهم لحق، بعد أن غلب على قلوبهم ران الترك.

      د طارق عبد الحليم

      1 يولية 2020 – 11 ذو العقدة 1441

      (5)

      الاتفاقات الثلاثية ... ومصير الهيئة

      لا تخفى الاتفاقات التي تجري بين الدول الثلاث المتنفذة في الشأن السوريّ، وصاحبة القرارات في المصير السوريّ، أعنى روسيا وإيران وتركيا، بغض النظر عن الجحيش الذليل بشار النصيري، بطبيعة الحال!

       وآخر تلك القرارات ما خرجوا به من توصيات تتلص في مبادئ عامة، لا نرى فيها جديداً، وإن رأينا فيها ما يقشعر له بدن المسلم السنيّ، الذي ضحى بمليون من الشهداء والجرحى، واثني عشر مليون مهاجر نازح مشتت، في بقاع الأرض، وفي خيام الفيافي.

      ومن أهم النقاط التي زكزت عليها الدول الثلاث ما أسموه "وحدة الأراضي السورية وسيادتها"! ولا أدرى لهذا معنى إلا أن الشمال السوري سيدخل، بشكلٍ ما، يوماً ما، تحت حكومة واحدة عاصمتها دمشق، بلا مواربة ولا جدل. وهذا لن يكون تحت مظة إسلامية بشكلٍ قاكعٍ مؤكد، بل حكومة علمانية بديلة لنظام بشار تحت مظلة صورية من الأمم المتحدة. وإشراف حقيقي من الدول الثلاث. وبالطبع إدلب وما حولها داخل هذا الإطار ولا شك!

      فما قول الهيئة في هذا الأمر؟

      ثم، قرار روسي-تركي، بإنشاء معسكرات تدريب لما يُسمى الجيش الوطنيّ "الخائن" في مناطق بإدلب، منها ما هو مفترض أنه تحت سيطرة الهيئة، لتوحيد فصائل عدة كفيلق الشام وصقور الشام وغيرها. ولا ندري أهيئة الشام ضمنها أم لا؟ فإن هؤلاء يتكتمون على فضائحهم كتكتم الساقطة على زلاتها .. ومما لا أشك فيه أن الجولاني لا يمانع من الاندماج، لكن بشرط أن يلعب دوراً هاماً في منصبٍ رفيع، يرعى مصلحته الشخصية، مهما كانت الراية التي سيندمج تحتها. ولا أظن أن تركيا ستسمح بذلك، بل ستنهيه بالكامل، إن لم تصفّيه جسدياً في وقتٍ لاحق، حين تستقر الأمور وتضمن مصالحها مع الكرد. والمسكين المغفل لا يزال يحقق لهم مآربهم بتدجين البقية الباقية من المجاهدين، وسحب أسلحتهم!! غفلة وعوار وحولٌ فكريّ، وران على القلب، من تعوّد الخيانة.

      ثم، إن تركيا وروسيا يعملان الآن على تأكيد حرية التجارة على الطريق الدولي، وإحياء الداخل السوري المغتصب! فيا لهول الدور التركيّ، ومحافظتهم على الشعب السوري وثورته، التي أنهاها البغدادي والجولاني، على مراحل!

      هذه كلها علامات نهائية على طريق الهزيمة الثورية، واستسلام المقاومة الجهادية الإسلامية، بشكلٍ تامٍ.

      فإلى أين يا هيئة ...!؟ إلى مزبلة التاريخ، بعد أن دمرتم ما منّ الله عليكم به من فضل ونصر، باتباعكم صاحب العجل التركيّ ...!

      ولا حول ولا قوة إلا بالله

      د طارق عبد الحليم

      2 يولية 2020 – 12 ذو القعدة 1441

      (6)

      جيل الجولاني .. وسفاهة سفهائه!

      سبحان الله العظيم ...

      من أبغض الأمور إلى نفسي أن أُضيّع وقتاً فيما لا يفيد، أو على من لا يُفيد ولا يَستفيد، فليس هذا مما يليق بنا سنا ولا مقاماً. ولكنه بلاء قد حضر، وشرّ قد استقر.

      المفترض في الذين يتصدون للجهاد، ويزعمون أنهم يريدون وجه الله، أن يكونوا من الصادقين، الطاهري اليد واللسان، الباحثين عن الحق دون خوف من الخلق، أو طلب الأجر.

      لكن، كما ورد في الحديث، وكما وقع في التاريخ، منذ عصر النبوة إلى يومنا هذا، تتدهور الأجيال خُلُقاً، وتنتكس فطرة، وتنجس لساناً، وتقل علماً، حتى وصلت اليوم إلى جيل الخوارج الحرورية، ومقدَمهم البغداديّ الهالك، ثم وارثه، وحامل راية السفه والتسلط والغباء السياسيّ والتلوّن الأيديولوجي، الجولاني الوليد، وجنده من "الأمنيين" أو "الشرعيين"، الذين نصّبهم متحدثين باسم الشرع، وعاملين على الاعتقال والظلم والردع، بلا ورع ولا تحقق من دينهم أو اعتبار قيمتهم العلمية! أقزام من وراء أشبار!

      سبحان الله العظيم ...

      قد والله تمثّل خُلُق القائد الزعيم الفاتح! في نجاسة المُنَصَّبين "النصابين"، خلفاء على جمعة، وتلاميذ رسلان والبرهامي، وأحفاد حسن الهلالي، وسلالة أحمد حسون، من سفاهة وتفاهة وجهالة وصَغَار وتخلف عقليّ وحداثة سنّ، لا يتقوون بعلمٍ، فيشهد الله ليس لديهم من العلم ما يملأ قرطاساً، ودونك ما أنتجوا، أقْدِمْ يا صاحبي للنظر فيما يقدّمونه، مع الحرص على لبس كمامة عقلية، فإنك واجدٌ فيه من الخّبّث ما هو أشد فتكاً بالخُلُق والحق، من الفيروسات الفتاكة، إذ يستخرجون حديثهم من مراحيض الفكر ومجاري الكَلَمْ.

      انظر إلى كلام سطره ولدّ خبيث، غرّ صغيرٌ، جاهل لئيم، باردٌ زنيم، لا قيمة له وربّ الكعبة، قمامة من قمامات العوام، اختارهم القائد الفاتح على عينه، كما فعل من قبله البغدادي مع الأساورتي وأمثاله. أظن اسمه أبو محمد التونسي، وانظر كيف يسمون أنفسهم بكنية ونسبة، كأنه أبو عيسى الترمذي مثلاً! تجد السفيه الرقيع يستهزأ بشيخٍ جليل وقور، في عقده السابع، في عمر والد هذا الرقيع، ثابت القدم في جهاده، ثريّ في نتاجه، منذ أربعين عاماً لا يزال يخدم دعوة الإسلام، ويلاقي في سبيل الله، السجن، في مصر وفي انجلترا، ومحاكمات لا تنتهي، وقرارات من مجلس الأمن تمنعه من أن يحمل خمسة جنيهات لا غير! يعيش دون أوراق ولا جنسية ولا جواز سفر، ممنوع من الانتقال والسفر بشكل تام، منذ عام 1994، قبل أن يولد الرقيع المعتدي!

      انظر ما يقول الرقيع، بادئاً بذاءاته بنكتة باردة "كلمة على القاعد!"، لا، ظريف يا صاحْ! ألا ما أسخفك وأبرد دمك! لا حياء ولا كرامة ... كأن ما يحدث في إدلب موضع تندرٍ ومزاح. لا حسّ ولا ضمير!

      ثم يقول الرقيع "أليس الكاتب ممن يرى الجها..د في الشام فرض عين على كل قادر؟ فكيف يمنّ علينا إذًا بترك البريطاني لبلده وما سماه بترف العيش؟"

      والكاتب، الذي جَبُن الرقيع أن يكتب اسمه، هو الشيخ د السباعي، المؤرخ المُفسّر الفقيه، بما تشهد له به أعماله المدوّنة والمسموعة، خاصة في القضاء الذي هو تخصصه وموضوع شهادة الدكتوراة، التي لا يحلم الرقيع بإزالة التراب عن الرفّ الذي يحملها! فمن هذا المَهين، الذي لولا أنه شَرَدَ من بلاده، لعدم تمكنه من لقمة عيش، ليكون "قباضاي" أو "مفتٍ هالك" عند الجولانيّ، ما سمع باسمه جاره بالجنب!

      والبريطانيّ، أخ مسلم واقعٍ في أسر واعتقال، دون محاكمة، بواسطة مجموعة عُرفت منذ سنين بطغيانها وتجبّر "أمنييها" كما يفعل رجال أمن دولة حكومات الطواغيت السيسي وأمثاله، على حجم متناه في الصغر والحقارة بالطبع! فهل هناك ما يمنع من أن يطلب الشيخ فكّ أسره، وإجراء الخطوات القضائية الشرعية المُتبعة، دون أن يكون الخصم حكماً؟ ما الغريب في هذا؟ ولماذا يفزع الرقيع، ليهاجم سيده العالم دون سبب، إلا إرضاء سيد ماله ووليّ نعمته، الذي يموّله ليعيش بما لم يحلم به في وطنه، لو بقي فيه. وعلى أقل تقدير، فإن بريطانيا دولةٌ يمكن لمن أراد البقاء فيها أن يجد مراغما وسعة، لكن الثابت أن هذا الرقيع نزح من فقرٍ ليضع  ما جعل الله في جمجمته من مادة غريبة، تحت إمرة من يدفع!

      ثم، أيها الرقيع، أيّا كان اسمك! متى زعم الشيخ أنّ الجها..د، كما وضعت خوفاً، فرض عين على كلّ مسلمٍ في كافة أنحاء الأرض؟ أمجنون أنت، أم مجرد عيّ رقيع؟ الفاهم للشرع يعلم أنه فرض عين على كلّ قادرٍ من أهل بلده، السوريين، ولو كان كذلك فلم لمْ تتحدث عن إخوانك القابعين في بريطانيا، ينصرون الجولاني، نصرة هامان لفرعون، وهم قادرون شباب أصحاء الجسد والبنية؟ على الأقل، فعل البريطانيّ ما يقدر عليه، وهاجر من بلدٍ يسعى أمثالك للهجرة إليها كما تسعى الحية لجحرها في يوم قائظ، طلبا لعيش لا أكثر.

      ثم يقول الرقيع " ألهذا الحد استمرأ الكاتب الجلوس في بريطانيا حتى أصبح يمنّ علينا بهجرة أبي حسام إلى الشام ويجعلها مانعا من موانع اعتقاله؟

      - أليست إقامته وغيره هناك هي خلاف الأصل للضرورة .. كضرورة دخول الخلاء -أعزكم الله- كما عبّر عنها أحد المشايخ؟"

      لا والله، لا حياء ولا عقل ولا دين ولا خُلُق ولا إنصاف ولا علم، هي حياة كحياة الأنعام، بل هي أضل! ألا يدري الرقيع حال الشيخ السباعي الذي يعرفه القاصي والداني، من حبسه داخل بريطانيا بتواطئ مصر مع مجلس الأمن والأمم المتحدة، ووضعه على قائمة "الإرهابيين" التي فزع منها سيدك وقائدك الجولاني، فنكث بيعته هرباً من أن يوضع عليها، فخيّبه الله، ووضعوه عليها رغم أنف أنفه!؟ ألا يعلم أنه ممنوع من أن يضع في يده ثمن تذكرة أتوبيس بله طائرة، يا خيبة أمل والديك!؟

      ثم انظر إلى المثل الذي ضربه الرقيع، جاء به من بيئته المجرورية، حيث ألِف رائحة الخلاء، ومجالسة المُخْتَلين في وقت خلائهم، كما يظهر، ولا أظن قائل هذا المثل سيئ الرائحة، كان يقصد أمثال د السباعي، من الذين هربوا من الطاغوت والسجن والقتل!

      ويواصل الرقيع " أأصبحت الكتابة لمجرد الكتابة .. وأصبح عرض إخوانك مستباحا لمجرد خلافهم مع أبناء بلدك المقيمين هناك في شرقي آسيا:

      نفسُ نّفّس الحرورية، حين لوحوا بقومية بغيضة، يشهد كلّ قول وخطبة للشيخ بأنه يكرّهها للمسلمين، وهل أمير "جماعة شرق آسيا"، يا جبان، الشهيد الأول كان من أبناء بلدة الشيخ؟ وهل عبد الله عزام من أبناء بلدة الشيخ، وهل الملا عمر وأبو فراس السوري وأبو خالد السوري، الذين استُهدفوا، بخيانة من نعلم، لخلافهم مع من نعرف، من بلدة الشيخ. بل مجرد تافة محقّرٌ صغير عيّ سفيه حلم وحديث سنّ، بل أقل من ذلك طبقاتٍ وطبقات. هي قلة أصل أحسبها، فانظر إلى سلالة هذا الرقيع، وانظر إلى سلالة المخلصين الصادقين، فإن العرق دسّاس.

      ثم انظر إلى السوقية، التي هي منشأ هذا الرقيع ومرعى شبابه الضائع في قوله "صحصح يا عمّ؟" ما هذا؟ دلّونا يا أهل العلم، ما هذا؟ ما هذا يا جولاني؟ أهؤلاء أذرعة القائد الفاتح الشرعية، على أي دين يشرّع هذا الرقيع؟ أم هم من نفس عينته، إذ لم يُعرف له شهادة علم ولا تخرّج، ولا دراسة، بل هو نبتٌ خرج من سجنٍ يتحكّم فيه الأمريكيون، ملازما للبغدادي، وذيلاً له، فتمسْكَن حتى تَمَكّن، وبكي تحت قدميّ الحكيم لينسب نفسه له أولاً، حتى وجد فرصته، فلدغ لدغته ... هذا الحربش من ذاك الثعبانّ (الحربش وليد الأفعى)

      وعلى منوال هذا الرقيع، تنسج بقية عصابة الجولاني، ممن ذُكرت لي أسماؤهم، منهم حيدرة القاسم! وآخر لا أذكر اسمه، بحمد الله تعالى ...

      هذا ليس ديناً، ولا جهاداً، ولا إخلاصاً، ولا حقاً ... هذا على منوال "حرّقوه وانصروا آلهتكم" ... على أحسن تقدير.

      فصيلٌ، هؤلاء أفراده، وأولئك قادته، لن يُكتب له فلاح، كما رأينا، فهم في سقوط مستمر، لكنّ عمى بصائرهم، وملمس دولاراتهم، ران على قلوبهم، إلى حين تلفظهم تركيا، ولعله يكون قريبا ...

      والبيّنة على من ادعى يا رقيع ... آت بسجلٍ كسجل الشيخ د السباعي، أو نصفه أو عشره، نعتذر لك عما فرط منا، وهيهات، فأنتم غبش في عين الحركة الإسلامية، ستطردكم بعد أن تتطهر تلك الساحة التي جمعت نجاسات الأرض، بل لم نر مثلها في جهاد إسلامي تابعنا أحداثه منذ خمسن عاماً.

      د طارق عبد الحليم

      2 يولية 2020 – 13 ذو القعدة 1441

            

      (7)

      أفيدونا ... على أي دينٍ هؤلاء!؟

      مسرحية الجولانيّ

      لا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم!

      بهذا يُفتتح القول في أمر هذه العصبة العجيبة التي انتكست وارتكست، وضيّعت وفرّطت.

      ماذا تفعل الهيئة في إدلب؟ ما الذي آل إليه أمرها، وتبدّل إليه وضعها؟

      هل كانت مسرحية الجولاني، متعددة الفصول والغايات، بدأت بفصلها الأول، فإذا هو تابعٌ مُخلصٌ للبغداديّ، رغم علمه بما عليه البغدادي الهالك.

      ثم كان فصلها الثاني، خروجه عن بيعة البغداديّ ليستقل بسوريا، وكانت جبهة النصرة، وأعلن أن بيعته، حتى من قبل، كانت للحكيم، وأنه مُلتزمٌ بها مربوط بولائها.

      ثم كان فصلها الثالث وهو نقض بيعته للحكيم، التي غزلها بنفسه حين احتاجها! نهاز فرص؟ ممكن ... ما الحُجة؟ انضمام الفصائل، بالطبع تحت إمرة مُخرج المسرحية الجولاني، ولهذا رأينا فشل المحاولة، وانهيارها، لآن الرجل لم يحصل على ما أراد من سلطة .. وانسدل ستار الفصل الثالث على نكث بيعة، وحرب على الفصائل، الي كانت حجتها، واستمهوا يا أولى الألباب أنها ضد من خان ووافق على استمانا وسوتشي وتعانل مع الارك ... أي والله ... والتاريخ قائمٌ ومدوّن!!

      ثم إذا بالأمور تنقلب فجأة ويرتفع الستار عن الفصل الرابع، وهو تحوّل الهيئة، على يد الجولاني، وأحباره من أشباره، إلى تبعية الترك، والموافقة تدريجيا على السماح لهم بدخوا إدلب، على أنه دخول مؤقتٌ لإنشاء نقاط مراقبة في صالح السوريين، ثم إذا بها تتحول، بفعل كأنه فعل عفريت من الجن، إلى الاستسلام التام للخطط التركية، ولعب دور الشرطيّ لحسابهم، وإلزام الكلّ بالكفّ عن أيّ فعل هجوميّ، ضد الُحتل، ومجرد محاولة الدفاع لا غير، وعمد فتح جبهات، إذ هي شروط الترك لصالح الترك وخططهم المشتركة مع الروس، حماة النصيري الكلب بشار! وإذا بهم يستغلون ولاءهم الجديد للترك، الذين يلعبون بهم كالدمى، ولا يفقه هؤلاء الصغار أنهم أدوات مرحلية حتى ينهي دورهم، إذ الترك يعلنها دون مواربة "وحدة الأراضي السورية"! فماذا يا حمير حواريّ الجولاني تعني هذه الكلمة لكم؟ أفيدونا!

      الترك قالوها وعملوا عليها، تسليم المنطقة للجيش الوطني العميل العلماني المأجور، لا الهيئة، التي سينتهي أمرها بضمان الاتفاق السياسي، والاتفاق على صورة الحكومة العلمانية الجديدة، سواء بوجود بشار أو بغيره، هذا لا يهم المسلمين الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل وطنٍ مسلمٍ يتحكم فيه المسلمون بمصائرهم!

      فماذا هي الخطة التي تعتمدها يا مخرج المسرحية، وما هي معالم الفصل الخامس؟ أقسم لكم أن الرجل لا خطة له اليوم، إلا إنه كالفأر "المنوق" في ركن، لا يستطيع منه هروباً ولا عنه تحوّلاً، إذ ترفضه تركيا كوليّ لها، رغم ما قدّم ولا يزال لقدم لها، من علامات ولاء وتسليم.  لن تقبل تركيا ولا التحالف ولا الروس، ولا الحكومة الجديدة برعاية الأمم المتحدة المُخرج الجولانيّ، الذي صفّى الساحة من أعدائهم، أولاً، فقُتل كل من ناوأه في أفعاله على يد التحالف، دون أن تمسه وأشباره من الحواريين، أمنيين وشرعيين، أعزكم الله، أي أذى !! ترى ما الأمر!؟

      وتصل الدرجة من الخيانة والولاء للكفار والبراء من المسلمين أن يشترط المجرم الجولاني أن لا يعزي أحدٌ في مقتل مسلم استُشهد خارج الشام على أيدي التحالف!!

      يا إله الناس وربهم! ما هذا في ميزان الإسلام؟! ألهذا الحدّ أخذتم الدنية في دينكم، وارتعبتم من مجرد التعزية في مسلم، حتى تخفوا معالم الدين، ولا أقول دينكم، فوالله لم نعد نعلم عنكم وعمن يؤيدكم ويدفع عنكم أي ملة أصبحتم عليها!

      أفيدونا ما المدافعين بحرقة عن هذه العصابة، في أيّ دين هذا الشرط مقبول!؟ أليست لكم كرامة ولا ضمير ولا خلق عربيّ ولا أعجمي، ولا ولاء ولا براء ولا اعتبار لإخوة في دين، فتحرموا التعزية في شهيد قتل على يد الصليبيين؟ وهل الشهيد خارج الشام أقل منه عمن استشهد خارجها؟ ما هذا يا قوم، أذلكم الله أكثر مما أنتم أذلة مهانين مرعوبين؟

      أنتم مصنفون بالفعل يا كلاب الشام، إن كنتم لا تعرفون، مثل تصنيف كلاب أهل النار العوّادية، وولاؤكم لن يجديكم نفعاً يوم يأتي يوم الحساب مع الترك والروس، لكنكم، كمن عبد العجل، قومٌ تجهلون.

      أفيدونا يا المدافعين عن هذه العصابة، أي حجة لكم؟ أين خطة عندكم؟ أي دور يلعبه من تسيرون وراءه إلى سقر؟ ما هي ملتكم!؟

      ثم يقول أحد أشقاكم، "لم نعد نأخذ أوامراً من الأبراج العاجية في خارج الساحة"، لا، بطل مغوار حقاً! بل لا تستنع إلى الناصح من الخارج، فقد تحررت من قيد الإخوة والعلم، لكنك تستمع كالكل يستمع لسيده، إلى أسيادك في أنقرة وواشنكن، من خلال بوقهم المُخرج الجولاني، لكنكم شُشبٌ مسنّدة.

      هيا سيروا، وقاتلوا عصبة من المسلمين، وافنوهم، أو اجبروهم على قبول المهانة والذلة والصغار والتدني والجبن والعمالة والخيانة والرقاعة الفكرية والسفه، كما قبلتموه وارتضيتموه، وظننتم أنكم مُصلحون ...

      د طارق عبد الحليم

      7 يوليو 2020 – 16 ذو القعدة 1441

      (8)

      طامة خائن الشام الجولاني الأخيرة ..

      ظاهرُ صنديد وقلبُ رعديد!

      قال تعالى "وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ" الحشر2

      هذا ما قال تعالى عن الكفار الذين تحصنوا بغير الله، وظنوا أنّ حصونهم مانعتهم من قضاء الله عليهم، فباتوا في رعبٍ شديد، حتى جاءهم الحقّ، ولقوا ما يوعدون.

      وحكاية الله للمؤمنين عن أولئك الكافرين، وحالهم النفسيّ، مثل وعبرة، فمن المنافقين من تعلم حالهم مثل هذا من تصرفاتهم وأفعالهم.

      الجولاني، عدو الجهاد والمجاهدين، خائن الشام والمسلمين، جزاه الله بما يستحق، قد قذف الله في قلبه الرعب من قوى الشر المتحالفة، حتى منع أبسط أنواع إظهار الولاء للمؤمنين، خاصة للشهداء الساقطين في سبيل الله، وهو واجب العزاء ..! أي والله، منع الغزاء في أيّ شهيد يسقط بضربة من التحالف الصهيوصليبي، خارج الشام!! فقسّم أنواع الشهداء إلى قسمين، شهيد داخل الشام وشهيد خارج الشام!! حكم تشريعيّ جديد!

      قذف الله في قلب الخائن الرعب، وظنّ أن اتفاقاته مع المتحالفين مانعة من أمر الله، بسحق الساقطين، ممن هذا حالهم، سواء كافرين أو منتسبين لإسلام، فهي سنن تجرى، وأقدار تسرى.

      ثم إذا بالخائن، عميل المتحالفين، يخالف ما زعم، فلم نسمع كلمة عزاء واحدة في حقّ الشهيد بإذن الله، القسّام، رجل الشام، وصاحب الإباء والعزيمة والشدة على الباطل! هذا، رغم أنه قُتل في الشام، أي "شهيد شامي" حسب تقسيم الرعديد! لكنه كان يخافه ويهابه، فقُتل القسّام لحسابه! ولولا هذا ما أقدم على اعتقال ابو مالك التليّ، أو فعل ما يفعل الآن من مطاردة الحراس، واعتقال أو قتل رؤوسهم، لأنهم لو جمّعوا واجتمعوا وقاتلوا المحتل الروسي والصفوي والنصيري، لكشفوا نفاق المُجرم وعمالته، وسحبوا البسط من تحت أقدامه وأقدام قروده من الصبية سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان، ممن كان يلبس الحفاضات عند بداية الثورة!!

      ولا شكّ أن الخائن العميل وأذنابه قد تلقوا خالص التهاني من القوى المتحالفة، على موقفهم المشرّف (!) في الإعراض عن مجرد تعزية فيمن قتلوا، وهو من المسلمين المجاهدين، يزن ألف جولانيّ وجولانيّ. ولا شكّ أن المغفل قد صدّق الوعود الجديدة من الترك، أنهم سيتركوا له فسحة في إدلب! ولكن، واسمع كلماتي هذه، فسيعرفها أذنابكم يوما نراه قريبا وتراه بعيدا، سيقتلونك ساعة لا يكون لك مهمة تخدمها، ومذلة تقدمها. ساعتها سيكون عمرك معدود بالساعات لا الأيام، فارقب قولي هذا ...

      واللهم أصبهم بما يستحقون، وامنع أذاهم عن المؤمنين، وأرح الساحة من خيانتهم أجمعين، كما أرحتها من الحروريين، إنك على كلّ شئ قدير

      د طارق عبد الحليم

      8 يوليو 2020 – 17 ذو القعدة 1441

      (9)

      المنهج ... وما أدراك ما المنهج!

      أسال تلك العصابة الشريدة الفكر والضمير، التي تنشر حديثا مفاده أنهم ذبحوا "عجل المنهج"! ما المقصود من ذبح عجل المنهج؟ ما هو ذلك المنهج الذي يقصدونه؟ أهذا المنهج هو عجل وشرك بالله، كعجل موسى عليه السلام؟ أكهنة المنهج، كما يسمونهم، كفارٌ كفر أصحاب العجل والسامريّ؟

      على كلّ حال، أوضّح "المنهج" الذي أظن أني، العبد الضعيف، أحد كهنته، على حدّ تعبير العصابة الشريدة، فأنا أعرف به من كثيرٍ من الخلق.

      المنهج، مقصود به "منهج التوحيد" أي الالتزام بطريقة الموحدين في استنباط الأحكام في الوقائع المختلفة، بحيث لا تخدش تلك الفتاوى مقام التوحيد وأصوله. وهذا المنهج يراعي قاعدة توحيد العبادة الأولى وهي أن الحكم لله وحده، وأن الولاء لله وحده، وأن النسك والشعائر لله وحده. وكلّ ما يعارض هذا الأصل، حالاً أو مآلا، فهو شركٌ بالله، إلا بشروط مبيّنة في قسم عوارض الأهلية، من جهلٍ أو خطأ أو نسيان أو تأويل، قبل البيان الرساليّ. وهي قواعد مبسوطة في كتب العقائد والأصول، لا ندخل في تفاصيلها هنا، لكنها تُنشأ للمسلمين "منهجاً" للنظر والاستدلال، ومن ثم للإستنباط والإفتاء، تبعا لتلك القواعد والأصول، لا تبعاً للهوى المُضل والرأي المُخلّ، كما يفعل أهل البدع بلا استثناء. وهو ما دوّنا فيه بحثاً مطوّلا بعنوان "منهج النظر والاستدلال عند أهل السنة والجماعة"[1].

      وقد حاد عن هذا المنهج الكثير من الخلق، ومنهم تكونت فرق الأمة الثلاثة والسبعين. ومن أفراد الناس، وإن مانوا لا يقارنوا بهذه الحفنة الجاهلة، من خرج بمذاهب، مثلما فعل الطوفيّ الحنبلي، على قدر ما كتب من أعمال مفيدة، في قوله بتقديم المصلحة على الشرع، وردّ عليه كافة علماء السنة والجماعة.

      المسألة هنا أن الحركة الجهادية في الشام، تعرضت لقرصنة مجموعة من سفهاء الأحلام، غالبهم حدثاء أسنان، لا يفهم هذه الأمور، ولا يعي عنها شيئا. مجموعة من "المغامرين" من صبيان الشام، فتحت لهم الإنترنت مساحة ليكون لهم كلمة بين الناس، دون أيّ علمٍ بالمرة، أقصد على الإطلاق! أو من "المشايخ" الهاربين الفارين من بلادهم، حيث وجدوا المأوى والطعام، طالما أطاعوا فيما يدونون من كلام، وفتاوى وأحكام، تتفق وهوى القيادة من الصغار والطغام. فأن نطلب من أمثال تلك الحفنة من الصبية أن تعي ما نقول، هو خروج عن حدّ المنطق والمعقول.

      لكنّ هذه الحفنة البلهاء المشؤومة، لا تعي شيئاً من شرعٍ أوعقل، أُشهد الله على ذلك، وهو شهيد. لا طوفيّ ولا غيره. هؤلاء سود العقول، كأن صفحة عقلهم غُمست في حبرٍ أسود، فلم تعد تصلح ليُنقش فيها علم من أيّ لون. هو سلطان البدعة على عقول الجهال، لا غير.

      ولعلنا، مع معرفتنا بعدم جدوى سؤال المهبول، أن نسأل هؤلاء أيّ منهجٍ ذبحوا؟ أهذا المنهجٍ هو ما يرونه عجلاً يُذبح؟ أيَعدّون التسليم للديموقراطية، والولاء العبثي لدول علمانية تحت ستار المصلحة، هو المنهج الصحيح؟ أيرون أن "من يده في الماء الساخن ليس كمن يده في الماء البارد" دليل شرعي يعتمدونه في استدلالاتهم؟ أيعتبرون تسليم رقابهم ومصائرهم وأرضهم لدولة علمانية، تُصرّح بأنها ستسحق أي "إرهاب" وأن سوريا وحدة واحدة!؟ ثم يقتلون ويعتقلون، حسب أوامر أسيادهم العلمانيين، من أراد أن يتخذ مسلكاً آخر، لا ترضى عنه أمريكا وتركيا!؟ أهذا هو المنهج الذي تتبعونه، أو لا منهج لكم ولجولانيكم العميل المأجور على الإطلاق!؟ والله لا نعلم أنبكي أم نضحك من حال تلك الساحة التعسة المنكودة برؤوسها، قطعهم الله!

      أليس هذا ما حاربوا عليه أحرار الشام والجبهة الإسلامية من قبل!؟ أم إن هذا كان قبل مولد هؤلاء الصبية الغزي والبزي والزبادني والزبيديّ، وعصابة الرّضّع تلك التي أحاط العميل الجولاني نفسه بها!؟

      إن هؤلاء قد وجدوا مخرجاً من منهج أهل السنة والجماعة، تماماً كما فعلت صبية الحرورية العوادية، بمحاولة نسف من يمثلون هذا المنهج النيّر المستقيم، عقودا متطاولة. بل إنهم تعدوهم بخطوة وهي إعلان إنهم "ذبحوا المنهج" أي إنهم متلونون، متفلتون، بلا منهج ولا جهة ولا اتجاه! هكذا...! فصاروا يتحدثون بما يريدون، تماما كما فعل أنصار العلمانية والليبرالية والحداثية وما شئت من هذا الإفك، الذين تسمعهم يرددون مثل حديث صبية الشام "لا منهج، نحن متحررون"! الله أكبر، أخزاكم الله يوم تلقونه.

      ونحن في انتظار ما يخرجه "ذُبَّاح منهج السنة" لإيضاح منهاج الضلال وأصوله وتفريعاته! بعد أن ذبح الصبية التائهون المشردون فكريا وشرعيا، منهج السنة والجماعة.

      د طارق عبد الحليم

      9 يوليو 2020 – 18 ذو القعدة 1441

      يتبع (الجزء الثاني)