فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      ما دلالة ظهور مهديّ الخوارج - البغداديّ!؟

      ظهر البغدادي على شاشات القنوات في النت، يجلس ومعه مجلس حكومته، الذي يتولى إمارات مملكته، أو دولته .. ولعلها كانت صدمة للكثيرين الذين كانوا يتوقعون ألا قيامة له بعد ما انحلت دولته التي زعمها، وسلب 99 بالمائة منها في الشام، و100 بالمائة في العراق!

      والحقيقة، أقولها، مبتلعا كوبا من عصير الليمون الصافي! الرجل مكافح صابر، كعادة الخوارج في كافة عصورهم.

      العملية، مع أهل البدعة، وبالذات الخوارج، أنهم يسيرون على نظرية "إلفرد إدلر" واسمها نظرية "القصور والتعويض"(1). فالانسان، في نظره، ناقصا لشئ ما، على الدوام، وقصوره عن هذا الشئ هو الذي يدفعه إلى أن يعمل ويجد ويستمر. فتلاحظ مثرً أك كثيراً من أعلام التايخ: كانوا قصار القامة، كهتلر ونابليون. لذلك هم يعوضون هذا القصور بالشدة واإحساس بالعظمة. وكلّ ديكتاتور له نقاط قصوره، وما أكثرها بينهم.

      والخوارج، في داخلهم، أشد الناس إحساساً بالقصور والنبذ من الآخرين، فهم، بطبيعة عقائدهم، قتلة معتادون على القتل وسفك الدماء. ولا تحسبن أنّ هذا لا يؤثر في شخصياتهم وتركيبهم  النفسيّ. بل هذا ما يوجّه طاقاتهم لتعويض الشعور بالأمان الذي يفتقده كلّ قاتل. وذلك تراهم يعوّضون ذلك القصور، والشعور الخفيّ بالخوف، بمزيد من الجرأة والإقدام والقتل.

      والبغداديّ أشدهم تأثراً بهذا القصور. ولذلك تراه أشدهم تمسكاً بمواقفه، كما كان شكرى مصطفى والزوابري من قبله، وكما عُرف عن رؤوس الخوارج على مرّ التاريخ.

      فظهور البغداديّ، أمرٌ كانت بقية أتباعه يحتاجونه نفسياً، كي يبعث بعض الطمأنينة في نفوسهم التائهة أصلاً. فضلا عن أنه تحد للقوى العالمية التي تزعم أنها تريد قتله! وإلا فقد قتلت خيرة أعمدة وقيادات أهل السنة على مدار العقدين الماضيين، في ليبيا واليمن والشام وأفغانستان والباكستان، بدءا من الشيخ أسامة، حتى أبوالفرج المصري، وأبو الخير المصري، وأبو فراس السوري، رحمهم الله جميعاً.

      ظهور البغدادي، ما هو إلا رمز أكثر منه عمل تطبيقي على الأرض، خاصة مع هؤلاء الذين يجلسون حوله، يديرون دول العالم التي يسيطر عليها!

      كلّ ما سيكون نتيجة ذلك، على ضعفهم وقلة إمكانياتهم، هو مزيد من قتلٍ لأهل السنة، في أي موضع يقدرةن عليه، وربما مزيد من العمليات في الغرب الأوروبي، كما أتوقع.

      دولة البغدادي، انتهت. لم يبق منها إلا شظايا متناثرة، كان من الممكن، مع الأسف، أن يكونوا قوة ضاربة للكفار حقاً، بدلاً من ذلك الخبل العقائدي الذي تولونه، لكن كما قال تعالى "

      إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ". وصدق الحبيب ﷺ "يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم".

      د طارق عبد الحليم

      1 مايو 2019 – 25 شعبان 1440

       

      راجع كتاب :علم النفس الفردي" اسحق رمزي، ص 70 وبعدها، طبعة دار المعارف 1961. ولا أظنه يُطبع الآن مع الأسف، لكنه في مكتبتي بتاريخ 2 مايو 1973. والجزء الذي نتحدجث عنه هنا هو ما يُسمى Inferiority complex