فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      بين الحكومات والشعوب - نظرة شرعية واقعية

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد

      يجب أن نذكّر القارئ الكريم بأن الفرق بين العالم والعاميّ، كان، وسيظل، في قدرة العالم أن يرى المواقف المعروضة الواقعة في دائرة عمومياتها، وفي دوائر تفاصيلها وخصوصياتها، بينما لا يرى العامي إلا دائرة العموميات، واحدة واسعة لا شبه فيه ولا شكل لها ولا تفصيل. وهذا الفرق هو عصارة ما قرأ العالم وتعلم، وإلا فهو مُرَاكمٌ لا عالم.

      وعلم العالم لا يأتي من الكتب وحدها، بل من واقع الحياة نفسها ومشاهدتها في تقلباتها، والتعامل مع الخلق وفهم تركيباتهم النفسية والخلقية والعادية. ومن ثم فقد أمر الله بالسير في الأرض، لا لرؤية الحيوان والنبات في بديع خلقه فقط، بل لاكتساب الخبرات وجمع المهارات والكشف عن النفسيات وطرق التصرفات والمعاملات.

      (1)

      ليست المرة الأولى التي أتعرض فيها لموضوع في غاية الحساسية، بالنسبة للمسلمين، ولغير المسلمين على السواء. وهو موضوع "الحرب على الغرب ... بين الحكومات والشعوب"، أي من الذي يعلن الحرب ومن الذي يحارب، وما الأداة الوسيطة بينهما.

      وقد عشت في الغرب ثلاثين عاماً تمت بدخول عامنا هذا، لاجئٌ في أغلبها، ومُضْطّر مُجبر في أواخرها، بعد أن اختطفت يد الغدر ابني الأكبر ليقضى عمره في السجن، فلا حول ولا قوة إلا بالله. لكن لهذا حكاية أخرى ليست موضعها في هذا المقام. إنما ذكرت ذلك لأبيّن معرفتي العميقة بطبيعة الحكم في الغرب، وطبيعة الحكومات وطرقها وتوجهاتها. وكذلك بطبيعة الشعوب ذاتها وعاداتها وطرق تناولها للأحداث، فهما ومشاعراً.

      والمسألة التي يتناولها هذا المقال ليست مسألة من المسلم ومن الكافر، أو أيهما على حق، المسلم أم الكافر، أو هل يستويان مثلاً! فهذه أمور محسومة في العقيدة الإسلامية لا فكاك منها إلا بالفكاك من الدين نفسه. فدعونا نتفق على بعض النقاط التي تقيد حديثنا وتوجهه توجيها سليماً.

      فأولا من الناحية الإنسانية العامة التي يشترك فيها جنس "البشر" الذي خلقه الله والذي يخضع لسننه سبحانه سواء بالطريق الشرعي أو بالطريق الكوني:

      1. أنّ الحِفاظ على البيضة من العدو الصائل، وحماية الأموال والأرواح هي الأصل المستقر بين عامة البشر، وإنه "لا عدوان إلا على الظالمين".
      2. أن هذا الحقّ مكفولٌ لكل بشرٍ على الأرض، مهما اختلفت ديانتهم أو جنسهم أو نوعهم أو لونهم أو رائحتهم، بلا فرق. وأن تصنيف الناس إلى درجات ومراتب أمرٌ يخالف الفطرة أولاً وأساساً، ويخالف ما استقر بين الناس من محاسن العادات وعدالة التصرفات.
      3. أن العدل والقسط هما أسّ التصرفات الإسلامية، سواء مع مسلمٍ أو كافر بلا فرق، إذ هما أساس السنن الإلهية الكونية، وعليهما تبني الأمم، وبدونهما تندثر، مهما كانت عقائدها.
      4. أن الدم معصوم في الأصل[1]. وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى"[2] يأتي في سياق قتال الطلب "أقاتل الناس" لا أن دمهم غير معصوم في كافة الأحوال. فيرجع حكم عصمة الدم إلى أصله في غير جهاد الطلب سواء بالجزية أو العهد أو المُسالمة[3]. أما في جهاد الدفع، فالصائل قولاً وقتالاً حاملا للسلاح غير معصوم الدم بلا شك كذلك، أما غيره فلا.

      أما من الناحية العقدية الإسلامية

      1. أنّ كلّ من ليس على دين الإسلام، الذي هو التلفظ بالشهادتين والإقرار بمضمونهما، قصداً وعملا، فهو كافر في دين الله وميزانه. والآيات في ذلك متواترة.
      2. أنّه ليس دين آخر غير الإسلام بمقبولٍ عند الله سبحانه "إن الدين عند الله الإسلام"
      3. اليهود النصارى في الشرق والغرب هم أهل كتابٍ، وهم كفارٌ من الناحية العقدية كما أسماهم القرآن التسميتين.
      4. أما عداهم فهم كفارٌ مشركونٌ لا دين لهم على الحقيقة، يعاملوا معاملة أهل الكتاب كما هو في أصح الأقوال، بناءً على حديث البخاري عن عبد الرحمن بن عوف في أخذ الجزية من مجوس هَجَر.
      5. أنّ رَدّ العدوان يكون بمثله "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم". وأنّ هناك آدابا وحدودا في الحرب، قررها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد لها فعل الصحابة من بعده، مثل عدم قتل النساء والرهبان والأطفال، إلا من حمل منهم السلاح، ففيما فعل صلى الله عليه وسلم وصحابته على سبيل الاستمرار والتكرار، فهو ما تَعيّن سُنّة متبعة في كلّ الأحوال، إذ تعريف السنة مرتبط بالاطراد، وإلا فهي قضايا أعيان وحوادث أحوال تراعى حسب مواضعها بلا تعميم.

      (2)

      ومعسكر الشرق، مثل معسكر الغرب، حكومات تحكم شعوباً، إلا إن طريقة تعيين تلك الحكومات هي التي تختلف بين المعسكرين وإن تقاربت أدوارهما. وها هي مقارنة سريعة بين المعسكرين في هذا المجال.

      ففي شرقنا "المسلم":

      • الحكومات كلها "ديكتاتوريات عسكرية فاشية" سواء في النظم الملكية أو الجمهورية، فهي كلها نظم شكلية لا تعنى إلا أفراداً محددين يسيطرون على الشعب تحت حماية القوة العسكرية، الفارق الوحيد بين النظام الملكي والجمهورية، أن الملك لا يتغير أبداً لأن ولاء الجيش للعائلة الملكية لا للمؤسسة العسكرية، بينما الجيش في الجمهوريات هو الذي يستبدل الحاكم بعسكريّ جديد، فالجيش حقيقة هو "الملك".
      • الحكومات تعمل لصالح أفرادها الشخصية، من حيث الكسب الماديّ أو السيطرة والقوة، وتسيطر على الإعلام والقضاء بشكل تامٍ بطريق الرشوة وتعيين المخربين العملاء لا غير. والشعوب في شرقنا لديها القدرة على تحمل الظلم والقهر بطبيعتها من جهة، وبطول ممارسته من جهة أخرى، فكأن الحياة الذليلة الفقيرة أصبحت مركباً في الحامض النووي البشري الشرقي المسلم!
      • الحكومات لا تهتم بأمر الشعوب بأي شكلٍ من الأشكال، حتى ما نراه في بعض النظم الملكية من رفاهة لأفراد الشعب، فهو نسبي من حيث إن مصادر الدخل تقدّر بمئات المرات من الميزانيات التي تنفقها الحكومات على أبناء شعبها، والباقي رصيد مدخر للعائلات المالكة.

      أما في الغرب الصهيو-صليبي[4]:

      • الحكومات كلها "ديموقراطيات" بمعنى إنها تأتي للحكم حسب ما يُخرجه صندوق الاقتراع الذي يمليه أفراد الشعب المحكوم. لكن مهلاً، فالأمر ليس بهذه السهولة. فإنه لمّا كان من صفات أهل الغرب "عدم الصبر على جور الحكام"، فقد خرج سحرة الحكام بطرق جديدة "يوحون" إلى شعوبهم إنهم أصحاب الكلمة النهائية، والشعب في حقيقة الأمر مثله كمثل الميت، يحمل وارثه يده، يوقع بها على الوصية، كأن الميت هو من وقعها بالفعل، ولا ينبِّؤك مثل خبير!
      • تستخدم الحكومات في الغرب الآلة الدعائية الهائلة التي لم يسبق في التاريخ قوتها في السحر، لترسم واقعاً معينا للأفراد، من حيث يتم توجيههم لتبنى سياسة أحد معسكرين "ليبرالي أو محافظ"، ولا غيرهما، وقد يكون "ديموقراطي أو جمهوري"، أو يكون "عمال أو محافظين" حسب الدولة، لكن مبدأ الثنائية التي تعزف وَترية الحرية لا يتغير أبدا، ليكون التأثير على العقول البسيطة إنّ هناك لديهم حرية اختيارٍ فعلية، ويشهد الله إنهم لكاذبون على شعوبهم، فالسياسة العامة للحكم لا تتغير بتغير الأحزاب على الاطلاق، خاصة السياسة الخارجية.
      • من مستلزمات هذا المنطلق، وطبيعة الشعوب الغربية، أن يكون هناك اهتمام بالشعب ولا شك، لكنه كما قلنا اهتمام مقصود به الوصول لسدّة الحكم، لا غير، فلا يمنعهم من ممارسة أفعال كثيرة سياسات لا يوافق عليها أفراد الشعب، بل ويمجّونها ويستقذرونها، وقد رأينا بأنفسنا ذلك في الكثير من السياسات التي مارسها النظام في أمريكا وكندا وبريطانيا في العقود الأخيرة خاصة، بل وعاشرنا عن قرب الكثير ممن يناقض تلك السياسات ويقف ضدها بقوة وشراسة. لكن الحق أو المعارضة للشر إن شئت هي القلة في كلّ مكان.
      • تكون السيطرة على أجهزة الحكومة بتعيين عدد كاف من السيناتورات وقضاة المحاكم الفيدرالية والمحكمة الدستورية العليا ممن يتبع الحزب الحاكم، وبهذا يضمن إمرار "القوانين" التي على هوى رئيس الوزراء أو الرئيس حسب نظام الدولة. وهذه الممارسات تحدث على أشدها في كندا مؤخرا مع سيطرة اليمين المتطرف، ثم أمريكا ثم بريطانيا وأستراليا.

      ويجب أن نقرر هنا أنّ كافة الحكومات، في الشرق والغرب، تقف في معسكر العداء للإسلام، بلا تمييز، وإن اختلفت درجته قليلاً بين دولة ودولة حسب تاريخها وحجم الجالية المسلمة فيها والبعد الشخصي الملازم لحاكمها في آونة محددة. هذا باستثناء واحدٍ وهو الدولة الفرنسية التي يعتبر عداؤها للإسلام لا مثيل له في تاريخ المواجهة بين الشرق والغرب، وهو ما تراه هنا في كندا، في محافظة كويبك Quebec، الفرنسية اللغة والثقافة، فإنها المحافظة الوحيدة التي تفرض على المسلمين قيوداً لا حدود لها، وتتعرض فيها المسلمات لاضطهاد فجٍّ واضح، وما ذلك إلا من آثار التراث الفرنسي المزروع في قلوبهم ضد الإسلام.

      (3)

      أما عن الشعوب، فقصتها تختلف عن حكومتها، شرقاً وغرباً. وقصة الشعوب الغربية هي كمثيلتها في الشرق، أفرادٌ ليس لهم همٌّ في الحياة إلا أن يُأمِّنوا لأنفسهم وأولادهم وعائلاتهم سبيلاً أكرم وأهنأ في الحياة، حسب المستوى المتعارف عليه في الكرامة والهناء في محيطهم القريب. وهم، شرقاً وغرباً لا يعلمون كثيراً عن تفاصيل المؤامرات والخدع، وإن كان الجهل بهذا أكثر وأشدّ عمقاً في الغرب منه في الشرق، نتيجة لأمور ثلاثة، أولهما شدة التأثير الإعلاميّ بما يفوق مثيله في الشرق، والثاني قلة الحاجة لمعرفة التفاصيل عن "العالم الخارجيّ"، إذ ليسوا تحت ضغط ماديّ عنيف أبداً لتحديد السبب والمُسَبَّب، ثم الثالث هو البعد الجغرافيّ عن مركز الأحداث وعدم تأثرهم المباشر بها. فإن كان المصريون لا يعرفون شيئا، حرفيا، عن مشكلة الشام، فكيف بمن يعيش في أوروبا، ودع عنك من يعيش في أمريكا!

      لكن الأمر أنّ تلك الشعوب الغربية هي الحاضنات الشعبية لحكوماتها، ولو بالخديعة والمكر، شرقاً وغرباً. ومن مصلحة تلك الحكومات أن تجعلهم يتبنّون وجهة نظرها في أمور السياسة الخارجية، لأن تلك قواعد اللعبة الديموقراطية، كما بيّنا. لكن، في حقيقة الأمر، كما عايشناه طويلاً بما لا يعرفه الغريب عن تلك البلاد، فإن الكثير، ما يصل إلى أكثر من نصف عددهم، لا يقبل بالممارسات الحيوانية التي تمارسها حكوماتهم في حروبها وعدوانها. كم من كاتب، وكم من مقال، وكم من تعليق يُكتب وينشر على تلك الأحداث وتلك السياسات، يكاد يطابق ما عليه الرأي المستند لوجهة النظر الإنسانية البحتة. بل كم من عائلة وتجمع في مواطن العمل والتجمعات الخيرية وغيرها، يتعاطفون مع مصابي تلك الحروب، ويتمنون وقفها. كم من مكتب للمحاماة يعمل في الدفاع عن المسلمين المتهمين زوراً، بلا أجرٍ؟

      لكن، ألا يعرف المواطن العربي المسلم مدى تأثيره، فرداً على حكومته؟ ألا نعرف كلنا ما يمكن أن يكون لعائلة أو تجمع أو حتى جماعة على سياسة دولة. هذا بالضبط هو وضع المواطن الغربيّ العاديّ، بلا فرق.

      الحقيقة هي إنه هناك صائلٌ على الإسلام وعلى بلاد الإسلام وعلى المسلمين، هم كل الحكومات، وبعض الأفراد ممن صال بالتعدي على حرمات الدين ومقام نبيّ الإسلام. وليراجع من أراد مقالنا الأخير "حول حادثة شارلي أبيدو ودلالاتها"[5].

      لكن هناك الغالب الأعم، إلا في فرنسا واحة الإلحاد وعدوة البشر بما فيهم إنجلترا وألمانيا، بل على رأسهم الانجليز والألمان، هناك الغالب الأعم الذي لا يصول على المسلمين، ومنهم من يتعاطف معهم.

      ومن الناحية الفقهية، فإن التوسع في دائرة إدانة كل غربيّ بشكل عشوائي، والحكم بحلّ دمهم جميعاً، لا يقوم على أساس من دين الله ولا منطق العقل. وهذا منطق التعميم البدعي الذي يرى أنّ كلّ المؤسسات الحكومية ومن يعمل بها في بلادنا هم كفار، ولو كانت مؤسسات مدنية، إذ هم، بطريق غير مباشرٍ يدعمون الطاغوت، وهذا تسلسل لا يتوقف عند حدٍ، بل يكفّر به المرء نفسه في نهاية السلسلة، إذ هو يبيع ويشترى في أسواق الطاغوت، وهذا دعم مالي أكيد!!

      وإلى جانب تلك الناحية الفقهية الشرعية التي لا يصح فيها أخذ غير الجاني بالجاني انتقاماً، وتحريم قتل الآمن غير المحارب أو معين المحارب المباشر، فالسؤال، لمصلحة من يُقتل غير الصائل عشوائياً؟ وهم من ناحية أخرى ليسوا محاربين، فإنّه من غير الصحيح أن يقال أنْ كلّ من يعيش في الغرب، هو عدو محاربٌ للمسلمين بطريق اللزوم. هذا غير صحيح البتة، إن فهنا الفرق بين الحكومات والشعوب، كما نفهمه في ديارنا.

      ثم من ناحية فقه المصلحة، الذي يتوافق مع الحكم الشرعيّ بالتمام، فأي مصلحة تتم بقتل فرد أو اثنين أو عشرة؟ هل يعتقد من يفتى بهذا أن حكومات الغرب تهتم لمقتل رعاياها؟ لا والله، إلا إنها تتخذ هذه الحوادث وقوداً لدفع عجلة العدوان أسرع وأقوى، لا غير.

      ولا أظن أن هذا البعد عاد يخفى على قيادات الجهاد السنيّ اليوم، وإنما يشيعه عصابة العوادية الذي يستوي عندها قتل أبو خالد السوري "المرتد" مع قتل غربيّ يبيع في متجر!

      وأظن أن اعتبار هذا البعد يجب أن يكون حاضراً في عقول أصحاب المسؤوليات من العقلاء. فالمسلمون لا يحاربون الدنيا اليوم، بل يحاربون من اعتدى عليهم، الأخطر فالأقل خطراً، لمنع المجازر ووقف شلالات الدماء من المفاسد والمضار، قبل التفكير في إنشاء خلافات موهومة وضرب عملات فكاهية من أبواب المصالح المرجوحة.

      لقد كنت، ولا زلت أرى الصراع مع العدو الصائل، وعلى رأسه الحكومات في بلادنا، هي الأولى بالجهد والإزالة، قبل الحديث عن مواجهات بالخارج، حتى مع العدوان الخارجيّ، إذ إن هؤلاء الخونة من الداخل هم أسّ البلاء وأيدي الكفرة الممدودة على الإسلام.

      د طارق عبد الحليم

      19 يناير 2015 – 29 ربيع أول 1436


      [1]  وما أقصد هنا هو ما قصد اليه بن تيمية في الصارم المسلول حيث قال "فان الاصل أن دم الآدمي معصوم"ص44 نسخة الشاملة.

      [2]  البخاري ومسلم

      [3]  ولولا ذلك ما فُرّق بين الرجال وبين النساء والأطفال والشيوخ، إذ صفة الرجولة تعنى المحاربة، فإن انتفت رجعت حرمة الدم إلى أصلها، ولا نرى وجها لمن قال امتنع عن قتلهم للمنفعة كالاسترقاق، ففي هذا تكلّف شديد، ولا يُفهم من ظهور الغضب في وجهه صلى الله عليه وسلم حين رأي امرأة مقتولة فقال "ما كانت هذه لتقاتل" فهذا لا يحمل رائحة منفعة. وقد ورد عن عمر (اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب). والأمر فيه خلاف كبير يرجع لنظر المجتهدين، فقالت الشافعية غير ما قالت الأحناف، وتحقيقه ليس موضعه هذا المقال. ولا شك أن المنفعة أو المصلحة الراجحة أحد أوجه الفتوى (لا تقرير الحكم) في مثل هذا الموضوع في زمننا هذا.

      [4]  ولا نقصد بالمصطلح هنا المعنى السياسي، بل التركيبة الاجتماعية المسيطرة

      [5]  http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72832