فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      وفقدت حبيباً آخر .. في ذمة الله

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد،

      فقد حمل لي أخ نبأ رحيل الحبيب مجدى عبد العزيز، تلميذ سيد قطب رحمه الله، وأحد رجال الجماعة المجاهدة، التي حكم عليه الهالك عبد الناصر في قضية 1966.

      وهوشريك عمر الشيخ عبد المجيد الشاذليّ رحمه الله، وكأنما قد تواعدا على اللقاء عند رب العالمين، فلحقه بعد أشهر قليلة إلى حيث نسأل الله لهما الجنة ورحمة الله ورضوانه.

      ووالله ما جفت دموع عينيّ منذ وصلني الخبر. فقد عرفت الشيخ مجدي سنين عددا، بعد خروجه من السجن عام 1975.

      قد عرفته رجلاً من ذوى العزيمة الماضية والإرادة الصلبة، تعرفها في نظرة عينه، لا يخطؤها المتوسم. كان رحمه الله ممن يعمل في صمت، يبتغي رضوان الله، ولهذا لم يسمع عنه الكثير من الأجيال التي جاءت بعده. وكان سمته الهدوء، يبهرك بتواضعه وتحب سماع ضحكته الوقورة التي تحمل سروراً كأنه طفل يضحك، وقوة كأنه عملاق يسخر.

      وكانت آخر زياراتي له منذ حوالي عامين، في بيته في مدينة نصر، بعد أن عدت بعد غيبة طويلة، فإذا هو في ذات البيت الذي تعودنا اللقاء فيه في منتصف السبعينيات، نتحاور ونتدارس، ومعنا الشيخ الشاذلي، فلا نكاد ننتهى من أمر إلا وبدأنا في غيره، نواصل الحديث عن هموم الأمة، وعن التوحيد والأصول والجماعات، وغيرها من موضوعات لا تزال حية نصارعها وتصارعنا على الساحة الإسلامية. سألني يومها عن شريف ابني، وعن حاله في معتقله، ورأيت علامات الحزن العميق بادية على وجهه، إذ تعودت أن آخذ ابني معي وهو طفل صغير وقتها إلى بيت الشيخ، فيداعبه ويلاعبه.

      فيا لها من أيام مضت، لن تعود، وجيلٍ يفنى، لا يعرفه شباب هذه الأيام، الذي فقد من لا يعرف قدرهم، ولن يعاشر مثلهم.

      رحمك الله أخي وحبيبي مجدى، وجمعنى الله وإياك في لقاء قريبٍ إن شاء الله، في مقعد صدق عند مليك مقتدر. ووالله لن يوفي الدمع حقك، لكنه يشفي النفس ويطيّب الصدر ليس إلا.

      د طارق عبد الحليم

      23 جمادى الأولى 1435 – 24 مارس 2014