فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      حضارة الخسران أم حضارة الإسلام .... ماذا تريدون ؟

      حضارة الخسران أم حضارة الإسلام .... ماذا تريدون ؟

      مقدمة                                                                              

      "أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "                                 

      فالشعوب أمامها نوعان من الحضارات ( التقدم و النهضة ) ، أحدهما حضارة الخسران و الأخرى حضارة الإسلام .

      فحضارة الخسران أساسها و بدايتها التى تقوم عليه هو أن الإنسان نسى أنه إنسان ، و استغنى عن الإله كما قال تعالى " كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى "  

      • فتارة تشبهت بالخالق _جلا و علا، فى أسمائه و صفاته كالعظمة والكبرياء و الجبروت و القهر وما يستتبع ذلك من العلوفى الأرض بغير الحق و إستعبادها للخلق ، وفرض سلطانها وشرائعها على العباد ، و ذلك فيما بين أفرادها أو على غيرها من الشعوب.
      • وتارة تشبهت بالشيطان فى صفاته و أفعاله كالحسد و البغى و الغل و الخداع و المكر، و ذلك فيما بينها أو على غيرها من الشعوب.
      • و تارة تشبهت بالسباع فى أفعالها من العدوان و الغضب و سفك الدماء و التوثب على الضعفاء والعاجزين والجرأة على الظلم و العدوان سواء فيما بين أفرادها أو على غيرها من الشعوب.
      • و تارة تشبهت بالبهائم فى أفعالها من الشره و الحرص على شهوة الفرج و البطن، وما يتولد عن ذلك من السرقة و الزنا واللواط و أكل أموال اليتامى و البخل و الحرص و الطمع و الجبن و الهلع والجزع سواء فيما بين أفرادها أو على غيرها من الشعوب .

      ولو تمعنتَ فى هذا النوع من الحضارات، ونظرت إلى الواقع الذى نحياه؛ ستجد أننا نعيش بين حضارة الخسران ممثلة في الغرب النصرانى والشرق الملحد والتاريخ شاهد على ذلك. وعلى هذا الأساس و هذه البدايات قام التقدم العلمى ، و قامت التكنولوجيا الحديثة و الإنجاز العلمى الذى لا مثيل له ليخفى عوارهذه الحضارة ويمتزج بها  .

      أما حضارة الإسلام  فأساسها الأول وبدايتها التى تقوم عليها هو العبودية لله جل وعلا، و تلقى عنه جل وعلا، الهداية المتمثلة فى الكتاب و الهداية و الدين و الإسلام و الشريعة، وهى مع ذلك تحقق الأشواق التى فطر الله الناس عليها من العدل و الرحمة و الخير و الإحسان و البر، وأشواقه فى حب التملك و الجمال والخصوصية والكرامة و النظافة و النظام والاتقان وكره الظلم والاستبداد، و أشواقه فى حب الشبع و حب الولدوحب النساء و حب المال، و لكنها كلها مستقاة من ذلك الكتاب الكريم العظيم  وحى السماء الذى انزله جلا وعلا على أخر أنبيائه محمد صلى الله عليه و سلم ، و ترجمته إلى واقع حى هو و صحابته الكرام عليهم رضوان الله، و هى كذلك تحقق أشواقًا فى الدنيا لا تجدها فى حضارة الخسران مثل البركة فى العمر و الزوجة و الولد، و صلاح فى البال ، و سكينة فى النفس، وطمأنينة فى القلب، و كذلك تتحقق أشواقًا لا تجدها فى حضارة الخسران ألا وهى الشوق إلى الجنة و نعيمها و النجاة من النار و جحيمها والنظر إلى وجهه الكريم يوم المزيد.

      يقول الإمام الشهيد الحى سيد قطب، وهو يتحدث عن مقومات الحضارة الإسلامية، أنها العبودية لله و حده، و التجمع على آصرة العقيدة ، و استعلاء إنسانية الإنسان على المادة ، و سيادة القيم الإنسانية ، و الخلافة فى الأرض على عهد الله و شرطه ، و تحكيم منهج الله و شريعته فى شئون هذه الخلافة معالم فى الطريق صـ 132   

      ماحملنى على كتابة هذه السطور ، اتفاق التيارات الإسلامية ( الإخوان و السلفيون ..... ) مع التيارات الكارهة للإسلام و شريعته ( العالمنيون و الليبراليون و الناصريون ) و يضاف إليهم المتأسلون و المحايدون من شعب مصر على أن السبب فى الهَاوية التى أنزلق إليها المجتمع المصرى هو التخلف  العلمى والتكنولجى وحده و ليس تراجع الهداية الإلهية و عدم الأخد بأسبابها من الرجوع إلى العقيدة و الدين و الإسلام و الشريعة ؛ ليهبط علينا عون الله و مدده ويطوى لنا الازمان طياً ،و من ثم قيام الحضارة و التقدم على أساسها (حضارة الإسلام)، و كأن السؤال الذى كان مطروحا بأيهما نبدأ بالهداية أم بالحضارة ؟! وهل الهداية تؤدى إلى الحضارة و التقدم؟ أم أن الحضارة و التقدم دليل الهداية و عنوانها؟ أم أنه لا حضارة و لا تقدم بدون الهداية الإلهية ؟ كل هذه الأسئلة أجوبتها ظاهرة فى المقدمة ولا يسألها مسلم اصلاً .

      * وانساقت التيارات الإسلامية كعادتها ؛ لتلتقى مع التيارات الكارهة  للإسلام و التيار العام المصرى على أن الطريق الوحيد الآن لرفع الأمة من القاع الذى وصلت إليه هو طريق  النهضة والتقدم فقط، وذلك بعد أن التقوا معهم فى منتصف الطريق فى العقائد والأحكام و القوانين ، وهكذا دأبهم ليصلوا الي مجلس الشعب وأضواء الاعلام والفضائيات....... وفى سبيل ذلك دفع الإخوان بخيرت الشاطر(الرجل الثانى فى الإخوان) وأحاطوه بدعاية أنه سيحول تراب مصر إلى ذهب، وأنه قادم و معه كنوز قارون و أموال الخليح.

      ومن أجل نفس السبب بدلت الجماعات السلفية، أثناء الإنتخابات لمجلس الشعب، شعاراتها الإسلامية إلى شعار عالمنى صرف و هو :- (هَوية ... دولة عصرية . بأيدى و عقول مصرية). وخفت شعاراتها الإسلامية التى كانت تبرز الدين والإسلام والشريعة .

      ومن تتبع التيارات الإسلامية التى كانت تتحدث عن الإسلام و الشريعة. نرى تراجعًا شديدًا عن ثوابتها تحت ضغط أن النهضة أولاً ثم بعد ذلك الشريعة وهذا وهم ساذج (فمن ترك الشريعة لأجل النهضة فلن ينال أي منهما).... و حتى الشريعة التى يعنون: هى نص هزيل غير مفهوم ولا منقوط غامض مجرد كلمات تكتب فى الدستور يلّهون بها المتأسلمون .

      فالذى يكتب الدستور معهم الآن هم العلمانيون و الليبراليون و النصارى، وكأننا لو تخيلنا حدوث هذا فى عصر الرسالة الأولى لوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكتب دستور المدينة يشرك معه مشركى المدينة ، و مندوب عن النصارى، ومندوب عن اليهود، ومندوب عن مشركى قريش ، وعبد الله بن أُبى بن سلول.

      وأصبحنا نلهث لهث الكلاب وراء حضارة الغرب ( حضارة الخسران ) ... مع أن المسافة بيننا و بينهم حضاريًا تتجاوز مئات السنين، و كلما تقدمنا نحن خطوة سبقونا بعشر، فنحن لن نسبقهم، أو نساويهم، أو حتى نقترب منهم، و خاصة وأن محابس النهضة والحضارة بأحد أيديهم وباليد الأخرى مخازن السلاح والدمار والمؤمرات .

      فالهداية الربانية المتمثلة فى كتاب الله و وحيه بداية لا تخطأ ، و غيرها من البدايات لا يصيب، وبدون هذه البداية فالحضارة والتقدم والنهضة وهم لن يحدث ( راجع الفقرات القادمة لتجربة النمور الآسيوية و تركيا ).

      و نسيت أمة محمد أنها أمة مهدية هادية لسائر الأمم ، و ليست أمة جباية كما هو الحال فى حضارة الخسران . و رحم الله عمر بن عبد العزيز.  

      *وغر التيارات الإسلامية حال الدول التى خاضت تجربة النهضة و التقدم ( تركيا و النمور الآسيوية... ) التى قامت على عين وتحت يد الغرب وبتتبع هذه النهضات نجد الآتى :-

      أ- أمريكا و أوروبا :-                                              

      وهى حضارة و نهضة على وشك الانتهاء و الزوال كما يقول فلاسفتها ومنظريها ، و هى قائمة على سلب و نهب ثروات  وخيرات الدول  الافريقية و أموال الدول الإسلامية وبترولها مثل السعودية ، و دول الخليج . و يكفى أن تعرف أن أموال دول الخليج والسعودية فى بنوك الغرب النصرانى الذى تستثمره في اقتصادها يتجاوز ألف مليار دولار ، وهى تعادل ميزانية دول عربية تعدادها 450 مليون عربى لمدة مئة سنة .

      وأمريكا مديونة بمبلغ 14 تريليون دولارلدول العالم، منها  نصف تريليون للسعودية و دول الخليج ، فإذا طالبت  الدول الدائنة بديونها مرة واحدة سقطت أمريكا. مع العلم أن الوقود اللازم لأستمرار هذه الحضارة فى أرض إسلامية تبعد عنها الاف الكيلومترات

      ب- النمور الآسيوية  و تركيا :-                           

         و هى حضارات فى منتصف الطريق ، و لكن منابع و محابس هذا التقدم فى يد الغرب النصرانى (حضارة الخسران)، و فى اليد الأخرى التهديد بالسلاح و الدمار و المؤامرات. ولن تسمح امريكا لغيرها باِمتلاك هذه القوى ، و كأنها تقول إذا كنا سمحنا لكم ببعض التقدم و النهضة مؤقتًا ، فلن نسمح لكم بالقوة أبدا . فأمريكا لم تسمح حتى لليابان، حليفها الأكبر فى الشرق، أن تكون لها قوة عسكرية و لا جيش منظم و ذلك بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية و ضربها بالقنابل الذرية، وحتى دول أوروبا تقف أمريكا حائلا أمام تقدمها العسكرى ، فمثلا ألمانيا ليس لها جيش بالمفهوم العسكرى، فهى مجرد مصنع لصنع للسلاح .

      فرعب أمريكا الدائم يكون من القوة العسكرية لأى دولة من دول العالم و خاصة الإسلامية لامتلاكها اُسس حضارة مخالفة لحضارتها .

      فعندما زار نيكسون دول شرق آسيا وبعد انتهاء الزيارة ، حلق بطائرته فوق حدود باكستان مع أفغانستان أثناء الغزو الشيوعى لأفغانستان ؛ فوجد شعبا كاملا من باكستان يسير إلى داخل أفغانستان؛ ليساعدوا إخوانهم المسلمين لمقاومة المحتل ، و كل واحد منهم يركب فرسه و يحمل سلاحه ؛ ليواجه الطغيان الروسى و طائراته و دباباته فى أفغانستان . و عندما وصل نيكسون إلى أمريكا سأله أحد الصحفيين عن المشكلات التى واجهها فى دول شرق آسيا ، و سأله عن دولة دولة  فكان يجيب عن كل دولة بقوله : لا مشكلة مع أى دولة ، فسأله الصحفى ما المشكلة إذا ؟ ، فرد عليه و قال : Islam is the problem  ، و قد آن الأوان أن تنسى أمريكا مشاكلها مع الروس .... وهكذا كل شئ مسموح به إلا القوة المسلحة ولهذا كانت الضربات القاسية من حضارة الخسران لأفغانستان والعراق وفلسطين والجماعات المسلحة (بأيدى عملائهم فى البلاد الاسلامية).

       جـ- الدول العربية :-                                                 

      وهى دول متعسرة النهضة و التقدم . والغرب النصرانى (حضارة الخسران) تجعلهم يتقدموا خطوة وتأخرهم هي أخرى ؛ لتلهيهم عن هدفهم الأعظم و همهم الأكبر و هو إنشاء حضارة على قاعدة الهداية الربانية (حضارة الإسلام) ، وقد تقف مع هذه الدول كما وقفت مع تركيا و ماليزيا بشرط التخلي عن الهداية الالهية كما تخلوا هم عنها؛ ليظلوا سائرين على دربهم و بطريقتهم والا فالعصا لمن عصى ، و هذاما فعلته إنجلترا مع دول الكومنولث (وهي دول كانت محتلةمن اِنجلترا وتحررت ولكن ظلت خاضعة للتاج البريطانى سياسيا ومعنويا مقابل المعونات البريطانية وعددها 54 دولة) ومنهم دول إسلامية، فالمعونات  لها مشروطة بالالتزام بحضارة الغرب أساسًا . فقد حذر ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية  في اجتماعه السنوى دول الكومنولث التى تناهض الشذوذ الجنسى (وهى من حقوق الإنسان على حد زعمه) ، أنها ستواجه َفقد المعونة البريطانية ، و ذلك فى خطابه أمام قادة هذه الدول، و فى هذا الخطاب تم تجميد جزءا من المعونات لكلٍ من أوغندا و غانا و مالاوى و قال فى خطابه نحن جاهزون لوضع بعض نقودنا لما نؤمن به (الشذوذ) ،و نود ان ترفع كل الدول الأعضاء الحذر عن الشذوذ، وسوف نرسل مراقبين للتأكد بإلتزام هذه الدول بتنفيذ سياسة إباحة الشذوذ (حضارة الخسران).

      حضارة الإسلام (التقدم و النهضة)

      يحدث القرآن الكريم امة محمد صلى الله عليه وسلم عن زوال الحضارات التى لم تقم على الهداية الربانية المتمثلة فى اتباع دينه و رسله و لو استمرت فترة من الزمان  وبلغت من العلو والقوة ما بلغت فلكل اجل كتاب و يحدثهم الله جلا وعلا وهم في اول الطريق وفي اول ما نزل من القرآن يقول الله تعالى"  أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " سورة الروم آيه 9

      و قال تعالى" أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ *  إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ *  قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ * إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ * وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ " سورة الشعراء آيه 129

      و قال تعالى" كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ *  وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ " سورة الدخان آية 26

      وعلى الجانب الآخر من القضية يحدثنا القرآن عن الجانب الحقيقى للتقدم و النهضة  (حضارة الاسلام) فيقول تعالى :- " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ " سورة الأعرف آيه 96

      و قال تعالى :- " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا * مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا " سورة نوح آيه 10

      و قال تعالى :- " وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ " سورة الأعرف آيه137

      * فالبداية لإنتشال هذه الأمة من القاع ، و من ضعفها و هوانها هو تأسيس مقومات و بدايات الحضارة الإسلامية (انظر المقدمة)، وإلا أصبحنا أمة تصدق على شهادة موتها بأيديها فى الدنيا، ولا نصيب لها فى الأخرة (راجع الآيات السابقة) .

      فعندما دخل الإسلام المدينة ثم مصر ثم الشام ثم فارس ...إلخ لم يدخل إلا ومعه مقومات الحضارة الإسلامية وما يحميها من العتاد والسلاح، و لكن ظل دولاب الحياة يسير كما هو، فلم يترك العامل مصنعه، ولا الطبيب معمله، و لا العالم مختبره، ولا الزارع أرضه؛ فلم تتوقف حركة العمران و لاحياة .

      و لهذا عندما سئل رستم قائد الفرس ربعى بن عامر ما جاء بكم إلى هنا؟ فقال: أبتعثنا الله والله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الأخرة . أى مقومات و بدايات حضارة الإسلام . ولذا عندما استنجد رستم بملك الصين، ووصف له حال المسلمين قال له ملك الصين : إننى يمكننى أن أرسل لكم جيشًا أوله من منابت الزيتون عندكم ، و أخره عندى فى الصين ، و لكن إن كان القوم كما تقول فإنه لا يقوم لهم أهل الأرض جميعًا فإنى أرى أن تصالحهم ، و تعيش فى ظل عدلهم  (وهكذا فهم ملك الصين الكافر الذى لم يبعث له نبى معنى الحضارة الإسلامية ) فياليت قومى يعلمون .

      ولهذا أختم بقول الشهيد الحى: و لقد كانت قيم الإسلام وشريعته تنشأ الحضارة فى أوساط أفريقيا بين العراة ، فبوجود قيم الإسلام و شريعته تكتسى الأجسام العارية ، و يدخل الناس فى حضارة اللباس التى يتضمنها التوجيه الإسلامى المباشر، ويبدأ الناس فى الخروج من الخمول البليد إلى نشاط العمل الموجه، باستغلال كنوز الكون المادى كصورة من صور الاستخلاف، و كذلك يخرجون من طور القبيلة أو العشيرة إلى طور الأمة الواحد.

      28/10/2012

      بقلم / عبد العزيز أحمد