فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      التجلية في الرد على التعرية

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد:

      لقد صال الدكتور سيد إمام وجال في مذكرة التعرية ولم يجب على الأسئلة التي كان من المفترض أن يجيب عنها خاصة المتعلقة بالحكم الشرعي للنظام المصري وأنصاره (وزراء/جيش/شرطة/قضاة/علماء سلطة/وسائل إعلام إلخ) والأنظمة العربية القائمة لنتأكد هل كانت تراجعاته تراجعات جدية! فهل رئيس النظام المصري مسلم أم كافر؟ نريد إجابة صريحة؟ وهل الوزراء وهم أهم أنصار الحاكم وأعوانه لقد سماهم الدكتور سيد إمام في كتابيه (العمدة والجامع) بأنصار الطواغيت! هل هؤلاء كفار أم مسلمون؟! لم يجب في تراجعاته؟ هل القضاة والصحفيون والعلماء الرسميون مسلمون أم كفار؟ وهل المنتسبون إلى الجيش والشرطة كفار أم مسلمون؟! وعن رأيه في العملية الانتخابية وسلوك الطريق الديمقراطي والدخول في البرلمانات؟! لقد كفرالدكتور سيد إمام في كتابه الجامع وهو أحدث من كتابه العمدة كفر الناخب والمنتخب وكل من يشارك في هذه العملية برمتها! ولم يتكلم في التعرية عن آثار الحكم بالقوانين الوضعية كحكم إسقاط عقد الذمة؟

      ولم يحدثنا في التعرية عن حكم التحالف مع أمريكا ولا عن حكم من حزن لأحداث سبتمبر 2001م! فقد كفر في رسالته (الإرهاب من الإسلام) من حزن على قتلى الأمريكان أو واساهم؟ رغم أنه كان في تعريته حمامة سلام! من أول الوثيقة إلى آخرها مع الأمريكان! وصب جام غضبه على الشيخين (أسامة بن لادن وأيمن الظواهري)!! ولم نسمع له حساً عن حكم سن التشريعات الخاصة بالموسيقى والغناء وعن حكم التجارة في آلات العزف واللهو! وعن حكم من ينتسب إلى معاهد الموسيقى والغناء والتمثيل؟  لقد صرح بأن من يشرع إباحة وفتح هذه المعاهد وآلات اللهو والتمثيل والمعازف بأنه كفر أكبر؟ لقد صرح بذلك في كتابه الجامع الذي أقام الدنيا ولم يقعدها من أجله! كنا نود أن يجيب عن الأسئلة التي طرحها عليه الدكتور أيمن الظواهري في كتاب التبرئة؟! لكنه لم يفعل؟!

      نريد أن نعرف هل وصل إلى منظومة تراجعية متكاملة تناقض ما كان قد سطره في كتابيه (الجامع في طلب العلم الشريف، والعمدة)، أم أن هذه التراجعات تقية فكرية لتحقيق مكاسب آنية (تحسين وضعه في السجن، ويعقبه تخفيف مدة العقوبة، أو عفو رئاسي)! والذي دفعني لهذا التساءل هو إصرار الدكتور على استمساكه بما ورد في كتابيه الجامع والعمدة! وهذا ما سأفرد له بعون الله تعالى عينة من آرائه وفتاويه في الشق الموضوعي في ردي على مذكرة التعرية!!

      لقد كان يتوقع كثير من المتابعين لهذه التراجعات أن يرد الدكتور سيد إمام على كتاب التبرئة للدكتور أيمن الظواهري رداً علمياً مشفوعاً بالأدلة الشرعية! لكنه خيب ظن هؤلاء المتابعين حيث أبعد النجعة! وطفق يقذف بالباطل ليدمغ الحق الذي ورد في ردود مخالفيه على وثيقته التراجعية! فبدت التعرية عارية تماماً من الأدلة النقلية والعقلية!

      ومن منطلق هذا الاستهلال فإنني سأشرع في توضيح وتجلية ما ورد من مغالطات في مذكرة التعرية على النحو التالي:

      أولاً: تقدمة:

      ثانياًً: التعليقات الشكلية على التعرية.

      ثالثاً: التعليقات على بعض النقاط المثارة في صلب التعرية.

      رابعاً: عينة من آراء وفتاوى صاحب التعرية.

      صفوة القول.

       

      أولاً: تقدمة:

       

      إن الأنظمة القمعية الأمنية الفاشلة الجاثمة على صدور أمتنا الإسلامية تسير على وفق تعليمات مؤسسة راند الأمريكية حذو القذة بالقذة! وهي سياسة قديمة جديدة لكل مستعمر (فرق تسد)! فالاحتلال البريطاني للهند هو الذي أوجد القاديانية وشجعها ومولها ومنحها حمايته للطعن في عقيدة الإسلام بغية اطفاء شعلة ذروة سنام الإسلام (الجهاد) من صدور أبناء المسلمين الذين كانوا يجاهدون الاحتلال البريطاني لبلادهم! وتكرر هذا الأمر في تلكم الفترة في العراق وإيران وتركيا وإيجاد حركات سرية هدامة لأصول الإسلام كالبهائية مع تشجيع حركات التصوف والشعوذة في شبه القارة الهندية وأفريقيا وفي مصر إبان الاحتلال الفرنسي باعتبار أن أنموذج أصحاب الريات الخضر والبيارق الحمر والصفر هو الأنموذج المرضي عنه لدى قوات الاحتلال وقد رأينا بأم أعيننا كيف وصل الهوان بالعالم الإسلامي عندما وصل هؤلاء البيادق (علمانيون بجميع مشاربهم ومتصوفة وحركات إسلامية أقرب إلى التعلمن منها للإسلام كالحزب الإسلامي في العراق وحلف الشمال في أفغانستان يتمسحون بالإسلام ويرفعون رايته التي لا يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم! رأينا كيف وصل عبد الواحد رئيس جماعة من الدراويش والمشعوذين إلى سدة الحكم فصار رئيساً لأكبردولة في العالم الإسلامي أندونسيا ثم نراه أكبر مطبع مع الكيان الغاصب لفلسطين بل كان يفتخر بهذه الصداقة الحميمة التي كانت مستعصية على سوكارنو المحارب للمسلمين وللشريعة الإسلامية في بلاده! ثم ها هي ذي الجمعيات التي يطلق عليها إسلامية ومحمدية تفتح البلاد للكيان الغاصب لفلسطين بدون خوف أو وجل! فهذا هو الدين الجديد المرضي عنه أمريكيا وغربياً؛ استنساخ صحوات فكرية وعسكرية بغية تفكيك الكتلة الصلبة في الأمة (أفغانستان/ فلسطين/ العراق/ الشيشان/ كشمير/ الصومال وغيرهم) التي تعتبر العقبة الكأداء في مواجهة المشروع الأنجلوأمريكي لاحتلال العالم الإسلامي!

      لذلك كان لزاماً على الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي أن تقوم بحماية عروشها المرتهنة بالمشروع الأنجلو أمريكي من خلال تبني فكرة تفتيت الكتلة الصلبة من خلال مسلسلات (التراجعات) وتضخيمها إعلامياً مع إبراز مجموعة من المحللين الذين اختيروا لترويج هذه المستنسخات (التراجعات= تصحيح مفاهيم/ترشيد/تعرية/صحويات)! وتخصيص منابر إعلامية تابعة مباشرة أو غير مباشرة لمؤسسات هذه الأنظمة التي أخذت على عاتقها تسليط الأضواء على هذه التراجعات وأصحابها!

       

      أولاً: التعليقات الشكلية على التعرية

       

      الأول: عنوان الوثيقة الجديدة (مذكرة التعرية لكتاب التبرئة)! فالتعرية للدكتور سيد إمام، والتبرئة للدكتور أيمن الظواهري؛ وكان يرد فيه على (وثيقة ترشيد العمل الجهادي لنفس صاحب التعرية).

       

      الثاني: لقد انفرد بنشر (التعرية) جريدتان؛ المصري اليوم، والشرق الأوسط؛ أما (المصري اليوم فقد نشرت التعرية في 13 حلقة ابتداء من تاريخ 20 ذي القعدة 1429هـ الموافق 18/11/2008م   إلى آخر حلقة بتاريخ 2/12/2008م). وأما جريدة الشرق الأوسط فقد نشرت التعرية في 11 حلقة ابتداء من نفس التاريخ السابق وانتهاء بتاريخ 30 من ذي القعدة 1429هـ الموافق 28 نوفمبر 2008م. معنى ذلك أن الشرق الأوسط كانت تختصر بعض الحلقات وتعدل بعض العبارات خشية المتابعة القضائية في حق بعض الأشخاص الذين يعيشون في الغرب بصفة خاصة.

       

      الثالث: نشرت الجريدتان المذكورتان آنفاً (مذكرة التعرية) رغم ما حوته من عبارات سب وقذف وشتائم وتخوين! لو كتبت هذه العبارات في حق أي شخص آخر غير الشيخين (الشيخ أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري) لكان مصير الجريدتين الحبس والغرامة ولربما الإغلاق! طبقاً للقوانين الوضعية المعمول بها على مستوى العالم! لكننا نتفهم أن روح الانتقام الذي جمع بين كاتب التعرية والنظامين اللذين تتبعهما الجريدتان مع تأكدهما أن الشيخين لا يستطيعان رفع مثل هذه القضايا نظراً لوضعهما الأمني الذي لا يخفى على أحد! لذلك كان عرض الشيخين مباحاً لصاحب التعرية ومن وراءه!

       

      الرابع: الأصل أن مذكرة التعرية رد على كتاب التبرئة ، وقد يكون نشر التعرية متفهماً أو مستساغاً لو أن نفس الجريدتين نشرتا كتاب التبرئة للدكتور أيمن الظواهري فيكون من حقه إذن أن ينشر رداً وتعقيباً على كتاب التبرئة! لكن الذي حدث أن الجريدتين نشرتا التعرية دون نشر التبرئة! أو حتى على الأقل أن تقسم الصفحة قسمين أو كل كتاب في صفحة ليقارن القارئ بين الكتابين! وهذا يدل على التحيز لصاحب التعرية! لحاجة في نفس من نشروا وثيقة التعرية! وهذه الحاجة التي في أنفسهم لا تحتاج إلى ذكاء خارق فالهدف واضح وجلي؛ تفتيت الكتلة الصلبة وتدمير رموزها الصامدة ولو معنوياً!!

       

      الخامس: إصرار وسائل الإعلام على إبراز صاحب التعرية بهالة من الألقاب (مفتي الجهاد)! وعبارة (المراجعات الثانية لتنظيم الجهاد)! وكأن هناك مراجعات أولى! وهذا تدليس بل وكذب صراح! فالدكتور سيد إمام ترك جماعة الجهاد باعترافه هو شخصياً منذ خمسة عشر عاماً! ولم تعد تربطه أية علاقات بجماعة الجهاد! ولا بغيرها من الجماعات الإسلامية الجهادية الأخرى! كما أنه صرح بأنه ليس مفتياً!  كما أن القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى لا تثق بهذه التراجعات! ولا بهؤلاء المشايخ المتراجعين! فلم تستشره أو تستفتيه وهو حر طليق في اليمن! فقد تجاوزته ولديها من المشايخ ومن أهل العلم ما فيه الكفاية!

       

      السادس: نلاحظ أن صاحب التعرية لم يذكر مخالفيه إلا باقتران أسمائهم بالكذب والفسق والغش والخداع وعدم المروءة! وفي أحسن الأحوال بدون أية ألقاب مثل الدكتور أو الشيخ أو الأخ!! وفي نفس الوقت تتعمد معظم وسائل الإعلام وكثير من المحللين الذين جيئ بهم ليعلقوا على هذه التعرية الجديدة! ذكر صاحب كتاب التبرئة بدون ذكر لقبه العلمي! وكان من الانصاف إما أن يذكروا أسماء الطرفين بدون ألقاب أو يسووا بين الطرفين! ولكن هذه المساواة لم تحدث فيصرون على ذكر صاحب التعرية بالدكتور فضل أو الدكتور سيد إمام! ويجردون الدكتور أيمن الظواهري من لقبه! بغية التقليل من شأن الدكتور أيمن الظواهري! رغم أن معظم وسائل الإعلام الغربية لا تفعل ذلك! فالدكتورالظواهري صدرٌحيث كان!

       

      السابع: نلاحظ أن مذكرة التعرية خلت من أي رد شرعي معتبر! وكان صاحب التعرية يكرر عبارات وموضوعات سبق أن كتبها وكررها أيضاً في وثيقة الترشيد التي نشرت العام الماضي 2007م! وسبق أن رد الدكتور أيمن على هذه القضايا والشبهات في كتابه (التبرئة)، وكنت بفضل الله تعالى أول من رد على وثيقة الترشيد في يوم صدور العدد الأول ونشر في كثير من وسائل الإعلام بعنوان (تعليق أولي على وثيقة ترشيد العمل الجهادي) وكان ذلك بتاريخ 8 من ذي القعدة 1428هـ الموافق 18 نوفمبر 2007م. ثم قمت بالرد على كتاب وثيقة الترشيد في عشر حلقات كوامل في برنامج البالتوك بالأنترنت وكان كل يوم سبت ومدة الحلقة الواحدة حوالي ساعتين! واستمر برنامج ردي على الدكتور سيد إمام شهرين ونصف!  والحلقات موجود في موقع المقريزي! وكان ذلك قبل أن ينشر الدكتور أيمن الظواهري كتابه التبرئة! وسبب تركيزي على هذه الجزئية أن صاحب التعرية اتهم الدكتور أيمن أنه تسرع في الرد على وثيقة الترشيد قبل أن تنشر رغم أن الدكتور أيمن الظواهري لم يذكر هذه الوثيقة في بياناته السمعية والمرئية إلا في جمل قليلة دون ذكر الدكتور سيد إمام بالاسم وكان ينتقد فكرة التراجعات في حد ذاتها دون أن يتطرق إلى التفاصيل! ثم بعد ذلك نشر الدكتور أيمن كتابه التبرئة في مائة وتسعين صفحة رداً على الوثيقة بالتفصيل الشرعي والتاريخي والفكري! وهذا سر إثارة حفيظة صاحب التعرية ففقد توازنه وكتب مذكرة التعرية التي أضرت به كثيراً!

       

      الثامن: نلاحظ أن صاحب التعرية قد كرر موضوع كتابه (الجامع)، وقضية الترس، والعهد والأمان، مع إضافة قضايا شخصية إن صحت فلا علاقة لها بالرد الشرعي الذي كان يعول عليه صاحب التعرية ومن دفعوه لذلك! بالإضافة إلى فواصل من السباب والاتهام بالعمالة والخيانة والتضليل والتكفير المبطن! في بعض العبارات حيث كان يخلط صاحب التعرية بين القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة وبين آرائه! فمن يعترض على آرائه يتهمه بأنه يعارض كلام الله! ومن يعترض على كلام الله أو رسوله فقد كفر! هكذا بكل بساطة يكفر مخالفه بمجرد أن صاحب التعرية استشهد بآية أو حديث في غير موضعه! فيومئ إلى القارئ أن الدكتور أيمن الظواهري أو الشيخ أسامة يخالفان قول الله تعالى أو يعارضان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم! وفي الحقيقة فإنهما يخالفانه هو لا يخالفان النص (القرآن وصحيح السنة)! وهذا يدل على أن صاحب التعرية فقد بوصلة الرشد وأن السجن جدد له أزمات كان يعاني منها قديماً وخاصة عقدة أنه عندما فارق جماعة الجهاد لم يتبعه أحد! وقد كان يظن أنه إذا ترك الجماعة سيلتف حوله معظم أعضاء الجماعة وقادتها وهذا لم يحدث! وحدث بالعكس حيث التف معظم قادة وأفراد الجماعة بالدكتور أيمن الظواهري وبايعوه عدة مرات أميراً لجماعة الجهاد منذ عام 1993م وقد كتبت حول هذه البيعة في قصة الجهاد التي نشرتها جريدة الحياة اللندنية عام 2002م.

       

      التاسع: يعتبر نشر مذكرة التعرية أكبر دعاية لكتاب التبرئة للدكتور أيمن الظواهري! فلم يعرف بكتاب التبرئة إلا ثلة من المتابعين لمواقع الإنترنت من إسلاميين وإعلاميين ومراقبين للحركات الإسلامية خاصة الجهادية! فهاتان الجريدتان ومعهما بالطبع صاحب التعرية ساعدوا في تحفيز القراء على البحث عن كتاب التبرئة وتنزيله من الإنترنت! فكان الدكتور أيمن الظواهري الحاضر الغائب! وأحسب أنه قد صدق فيه قول أبي تمام:

       

      وإذا أراد اللهُ نشرَ فضيلة ٍ *** طُويتْ أتاحَ لها لسانَ حسود

      لولا اشتعالُ النارِ فيما جاورتْ *** ما كان يُعرَفُ طيبُ عَرفِ العود

       

      العاشر: نشرت جريدة الشرق الأوسط  العدد 10409بتاريخ 13 جمادى الأولى 1428هـ الموافق 29 مايو 2007م: " طالب الدكتور فضل منظر «القاعدة»، الذي يعرف باسم سيد إمام  عبد العزيز الشريف مؤسس جماعة «الجهاد» المصرية من داخل محبسه في مصر بمليون جنيه استرليني مقابل كتاب المراجعات الذي ألفه تحت عنوان «وثيقة ترشيد الجهاد في مصر والعالم». وقال الدكتور في رسالة بخط يده تلقتها «الشرق الأوسط» عبر مصدر وسيط «إن الكتاب يقع في 90 صفحة من مقاس A4 تقريبا، وهو مختصر ومركز لسهولة التداول وتعميم الفائدة». وذكرت الجريدة أيضاً في نفس العدد: " وطالب الدكتور فضل «مليون استرليني صافية بدون مصروفات أو أتعاب محامين، يضاف اليها 10 في المائة من قيمة المبيعات». أهـ.  أقول: هذه كانت مطالبه في وثيقة الترشيد فما بالك في مذكرة الشتائم والسباب (التعرية)!

       

      الحادي عشر: لقد انكشفت السوأة الفكرية للتعرية! إن كان هناك فكر قد كتب من الأصل! فما التعرية إلا إسقاط لحالة صاحب التعرية النفسية التي كشفها الدكتور أيمن الظواهري في تبرئته وعراها تماماً من أية مقومات فكرية أو شرعية ولم يبق ويا للحسرة! للدكتور سيد إمام إلا بقايا هيكل فكري متآكل مهزوم ينبش في تاريخ قديم لعله يجد في هذه الحفريات التاريخية أثارة من شبهة ليقذف بها قادة الكتلة الصلبة والطلبعة المجاهدة في هذه الأمة! فكانت التعرية خبط عشواء ومحاولة يائسة ليخرج من زنزانته بأي ثمن ولو على أشلاء عرض قادة الجهاد!

       

      الثاني عشر: إن تسويق تراجعات الدكتور سيد إمام التي طبخت في أقبية أمن الدولة كأنموذج يحتذى به لم يؤت أكله ولم يحقق غرضه! وكان لتسويق هذه التراجعات مردود عكسي حيث استبان للناس جمعاء تعرية أصحابها فكرياً وعقدياً!

       

      ثانياً: التعليقات على بعض النقاط المثارة في صلب التعرية

       

      نشرع الآن في التعليق على بعض ما ورد في مذكرة التعرية على النحو التالي:

       

      (1) طلب المباهلة:

      بدأ الدكتور سيد إمام في الحلقة الأولى من تعريته سيلاً من التهم والسباب للدكتور أيمن الظواهري متهماً إياه بالكذب والبهتان والافتراء: " قال الظواهرى إن (وثيقة ترشيد الجهاد) كُتبت بإشراف أمريكا واليهود من كتاب (التبرئة)، فقال: (إن الوثيقة كتبت بإشراف وتمويل السفارة الأمريكية والمخابرات الأمريكية ـ السى آى إيه - وإف بى آى والحملة الصليبية اليهودية). فما دليله على هذا الكلام وما مستند شهادته هذه؟. هل مستند شهادته السمع أم البصر أم نقل الشهود العدول؟ فإن لم يكن هذا ولا هذا فهو رجل كذاب مفتر، وأنا أدعوه إلى المباهلة فى هذا الأمر" (التعرية/الحلقة الأولى/المصري اليوم بتاريخ 18/11/2008م).

      أقول: العجب العجاب أن يطلب الدكتور سيد إمام طلب المباهلة وهو يعلم يقيناً أن وثيقة الترشيد وأخواتها في التراجعات قد كتبت بمعرفة وإشراف وتسويق  أمن الدولة الذين أعلنوا النفير العام بتراجعات صاحب التعرية ووصفه بالعالم الدكتور الشيخ الفقيه شيخ الظواهري ومفتي الجهاد!! رغم أنه كان في نظرهم من قبل نكرة لا يعيرون له اهتماماً ولم تعرفه هذه الأقلام المرتبطة أمنياً وكان في عداد المجاهيل! فسبحان مغير الأحوال! فبعد أن صار في قبضتهم وفي سجنهم وقدم لهم ما يريدون رغبة ورهبة! طفقوا يطبلون ويزمرون لتراجعاته! مستخدمين وسائل الإعلام التابعة لأنظمتهم المستبدة! والغريب إصرار صاحب التعرية على المباهلة! ومذكرته من أول حلقة إلى آخر حلقة دفاع مستميت لصالح أميركا! ومقارانات في غاية الغرابة من أن عدد القتلى على أيدي القاعدة من المسلمين يفوق عدد ما قامت به أمريكا! أمريكا التي قتلت مليوني عراقي وأبادت مدائن وقرى بأكلمها في أفغانستان وأزهقت أرواح أكثر من مائتي ألف قتيل أفغاني! فأمريكا حسب ما يريد أن يوصله لنا الدكتور سيد إمام أنها مظلومة وبريئة وأن الدكتور أيمن الظواهري والشيخ أسامة بن لادن وكل هؤلاء القادة سفاكون للدماء!! فأين حمرة الخجل يا صاحب التعرية! تطلب المباهلة وتراجعاتك كلها في صالح المشروع الأمريكي ومؤسسة راند رأس الحربة الفكرية التي تتبنى هذه (الصحويات التراجعية الجديدة)!

      إن كنت لا تدري فتلك مصيبة ** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

      وانظر إلى هذه الطلب المضحك! يقول صاحب التعرية: "وأنا أطالبه بمثل هذه المباهلة كتابة وبالصوت والصورة التى لا تتيسر لى"أهـ (التعرية/الحلقة الأولى/المصري اليوم). يقول (بالصوت والصورة التي لا تتيسر لي)! فصاحب التعرية يطالب الدكتور أيمن الظواهري بالمباهلة بالصوت والصورة التي لا تتيسر له!! وكيف تيسر له كتابة هذه التراجعات (وثيقة الترشيد التي نشرتها جريدة المصري اليوم المفضلة أمنياً! ويطلق على هذه الصحف الجديدة في مصر (صحف كوندليزا)! لمثل هذه التراجعات وجريدة الجريدة الكويتية، وحواره مع جريدة الحياة بدون وسيط من داخل السجن في ست حلقات بالصورة، وتسجيله بالصوت والصورة للتلفاز المصري الذي يخضع كلياً لأمن الدولة!! بالإضافة إلى مذكرة التعرية التي نشرتها جريدتا المصري اليوم والشرق الأوسط)!!

      وهذا مقتطف مما ذكره الدكتور أيمن في تبرئته متسائلاً: "أما لصالح من نشرت ووزعت هذه الوثيقة؟ فالمستفيدة الأولى من هذه التراجعات هي أمريكا.(أ) فالمجاهدون يدعون الأمة للقيام والنهوض والتصدي والجهاد والاستشهاد، والمتراجعون يدعونها للتخاذل والاستسلام، فيفتحون الباب واسعاً أمام استشراء المخطط الصهيوني الأمريكي.(ب) والمجاهدون هم الذين أفشلوا المخطط الأمريكي في المنطقة، وهم أيضاً من تنتقدهم تلك التراجعات. (ج) وأمريكا تعرف خطورة التيار الجهادي والقاعدة عليها وعلى مستقبلها ومكانتها في العالم، فالقاعدة لا تطالب فقط بطرد المحتلين الصليبيين واليهود من بلاد المسلمين، بل تطالب أيضاً بأن يباع البترول بسعره الحقيقي، بكل ما تمثل هذه الدعوة من آثار مدمرة على السيطرة الأمريكية على العالم، التي انبنت بدرجة كبيرة على سرقتها لثروات المسلمين"أهـ (التبرئة/ الناشرمؤسسةالسحاب/ محرم 1429هـ/ يناير2008م/ ص5).

      أما عن كيف كتبت هذه الوثيقة فيتساءل الدكتور أيمن الظواهري ويجيب:  "أما كيف كتبت هذه الوثيقة؟ فهذه التراجعات لم تكتب في ظروف القهر والسجن والخوف فقط، ولكنها كتبت بإشراف وتوجيه وتدبير وتمويل وإمكانات الحملة الصليبية اليهودية، ولم يبذلوا فيها هذه الأموال والجهود إلا لأنها تصب في مصلحتهم، ولو كانوا لا يحققون بها مصالحهم لما سمحوا لصاحبها أن ينطق أصلاً"أهـ (التبرئة /ص9).

       (2) تهمة العمالة:

       

      إن أخطر ما في تراجعات الدكتور سيد إمام (الوثيقة والتعرية وحواراته) اتهامه إخوانه بالعمالة والخيانة وهو يعلم أن هذه تهم خطيرة يترتب عليها أحكام شرعية في منتهى القسوة تصل إلى الحكم بالردة!

      قال صاحب مذكرة التعرية: "أما عندما اتهمته أنا بالعمالة للمخابرات السودانية، فأقسم بالله الذى لا إله غيره أننى سمعت هذا الكلام من فم الظواهرى بأذنى مباشرة بدون واسطة فى السودان آخر ١٩٩٣م إذ قال لى (إنه ملتزم أمام السودانيين بتنفيذ عشر عمليات فى مصر، وإنه تسلم منهم مائة ألف دولار لهذا الغرض) هذا كلامه لي"أهـ (التعرية/ الحلقة الأولى حسب ترتيب جريدة المصري اليوم بتاريخ 18/11/2008م).

      أقول: هذا كلام لا يسلم لصاحب التعرية للأسباب التالية:

      (أ) لا يوجد ثمة شاهد واحد على اتهامه وشهادته كخصم غير مقبولة في حق الدكتور أيمن الظواهري! دليل ذلك ما ذكره أبو داود في سننه في كتاب القضاء في باب من ترد شهادته حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد  شهادة الخائن والخائنة، وذي الغِمر على أخيه" قال أبو داود: الغمر: الحِنَة والشحناء" سنن أبي داود تحقيق الألباني الألباني/مكتبة المعارف للنشر/الرياض/الحديث رقم 3600 ص 545 حسّن هذا الحديث الألباني في الكتاب المذكور).

       قال العلامة شمس الحق العظيم آبادي: "صرح أبو عبيد بأن الخيانة تكون في حقوق الله كما تكون في حقوق الناس من دون اختصاص (وذي غمر) بكسر الغين المعجمة وسكون الميم أي الحقد والعداوة (على أخيه): أي المسلم فلا تقبل شهادة عدو على عدو سواء كان أخاه في النسب أو أجنبياً" أهـ (شمس الحق العظيم آبادي: عون المعبود في شرح سنن أبي دواد/ دار الفكر بيروت /1423هـ/ج10 ص7).

      وقال الإمام موفق الدين ابن قدامة: "ولا يقبل الجرح من الخصم بلا خلاف بين العلماء" أهـ (ابن قدامة: المغني مع الشرح الكبير/ج11 ص426).

       الشاهد أن الدكتور سيد إمام خصم وعداوته قديمة وسابقة في حق الدكتور أيمن الظواهري منذ خمس عشرة سنة في مقدمة كتابه الجامع! وكرر هذه العدواة في وثيقة الترشيد وحواراته  الست في جريدة الحياة وثالثة الأثافي هذه التعرية! ومن ثم فالدكتور سيد إمام مجروح الشهادة ولا تقبل أقواله ولا يعتد بها شرعاً!

      وأخشى أن يكون قد أصابه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري: « أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ»أهـ.

       (ب) يقول صاحب التعرية إن الدكتور أيمن تسلم من السودانيين لتنفيذ عشر عمليات في مصر: (وإنه تسلم منهم مائة ألف دولار لهذا الغرض)! تخيل! وهل المائة ألف دولار تكفي لعملية واحدة! والعملية الواحدة تحتاج إلى شقق إيواء للأشخاص الذين يجمعون المعلومات وهم يختلفون عن المنفذين الذي لا تربطهم في الغالب أية علاقة ولا يعرفون بعضهم، وسيارات للتنقل ومتفجرات وتذاكر سفر وتختلف من هدف لآخر! كل هذا يحتاج إلى بئر نفط مفتوح لتقوم بخمس عمليات وليس عشرة! ومن أين سينفق الدكتور أيمن كأمير للجماعة ومسئول عن عوائل وأرامل وأفراد منتشرين في أماكن متفرقة في مصر وخارجها! من المائة ألف دولار؟!!

      (ج) وإذا كان الدكتور أيمن أباح له بهذا السر الخفي!! سنة 1993م فلم ظل يقبل العيش بينهم وفي بيت استأجروه له في أفخم منطقة في الخرطوم! ولماذا لم يرفض خدمات الأخ الذي كان يساعده منذ أيام إسلام آباد وبيشاور ثم السودان حيث كان السكرتير الخاص له ويكتب له كتابه (الجامع)على الحاسوب! وكان هذا الأخ (سكرتيره الخاص) مبايعاً للدكتور أيمن ويعمل تحت إمرته! لماذا قبل الدكتور سيد إمام التعامل مع هؤلاء العملاء؟! ولماذا قبل أموالهم وعطاياهم ؟! ولماذا كان يتردد على مضافة الشيخ أسامة بن لادن في الخرطوم رغم علمه بأنه عميل للباكستان والسودانيين أيضاً!! لماذا لم يهجرهم إلا في سنة 1994م ؟! لماذا وألف ألف  لماذا؟!

      (د): فهؤلاء العملاء! كانوا ينفقون عليه في باكستان ثم السودان وهم الذين استقبلوه ودفعوا له ثمن تذاكر الطائرة ودفعوا له كراء البيت في أرقى أحياء السودان (الطائف)! فكيف يستسيغ هذه الأموال من عملاء مأجورين مرتزقة!  

      (هـ): وهل يتذكر د.سيد إمام الخدمات التي قدمها له شباب جماعة الجهاد في اليمن حيث كانت هناك سيارة واحدة تخدم العوائل! وكانوا يؤثرونه وعائلته على أنفسهم وتتعطل مصالحهم بغية تحقيق رغباته وشراء حاجياته! وقد حدثني أحد الثقات أنه شخصياً كان يذهب ليتوسط لبعض الشيوخ في اليمن لإيجاد عمل له! وقال إن د. سيد إمام طلب من الاخوة القائمين في اليمن أن يزوروا له بعض الشهادات التي تفيد أن لديه خبرة في علمه الطبي للحصول على عمل يؤيد خبرته! وكاد هذان الأخوان أن يقبض عليهما بعد أن شك فيهما أحد العاملين بمؤسسة رسمية في اليمن! هل يتذكر ذلك وهل الغاية تبرر الوسيلة!! حتى لو كانت الوسيلة جريمة التزوير!

      (و): يتهم صاحب التعرية الشيخ أسامة بن لادن بالعمالة للباكستانيين وأنه كان يمول الحملة الانتخابية لنواز شريف! يقول في الحلقة الثامنة: " واتهم الظواهرى «حماس» بأنها اشتركت فى الانتخابات على أساس دستور علمانى.. ولماذا حماس فقط؟ ولماذا لا ينتقد الظواهرى شيخه المقدس ابن لادن؟، لقد كان ابن لادن ينفق أموالاً طائلة لدعم نواز شريف فى الانتخابات البرلمانية فى باكستان ضد بى نظير بوتو، وذلك من أموال الجهاد التى يدفعها له السعوديون، ولما علمتُ بذلك عام ١٩٩٢م قلت لأبى حفص المصرى وهو الذى سلمَّ الأموال لنواز شريف: (يا أبا حفص، والله إن ابن لادن يقودكم إلى جهنم)."أهـ (التعرية الحلقة الثامنة/ المصري اليوم بتاريخ 27/11/2008م).

       أقول: نلاحظ أن الدكتور سيد إمام يحمل على غائب وعلى موتى!  وهذه أسهل طريقة للتهرب من تبعة المساءلة! يقول (قلت لأبي حفص المصري)! وأبو حفص المصري رحمه الله الذي استشهد في قصف صاروخي أمريكي على منزل في قندهار في مستهل غزوهم لأفغانستان 2001م! كما أننا لا ننسى أن صاحب التعرية خصم مجروح الشهادة! فشهادته هدر باطلة لا قيمة لها! والعجيب أنه يقول له (إن ابن لادن سيقودكم إلى جهنم)!  فلماذا تعاملت مع الشيخ أسامة بعد ذلك وحتى خروجك من السودان!  ومن الذي كان ينفق عليه في باكستان والسودان! ولماذا كان يتردد على مضافة الشيخ أسامة ويجتمع به باشاً مسروراً! فلماذا يجلس مع أهل جهنم!! هذا محض كذب وافتراء! هؤلاء القادة وعلى رأسهم الشيخ أسامة بن لادن كانوا ينفقون من حر مالهم وبذلوا أنفسهم رخيصة لله رب العالمين! يفتري عليهم ويقول قدموا أموالاً سعودية كانت مخصصة للجهاد لدعم حملة نواز شريف! وهو الذي ضن بنفسه وهرب من ساحات الجهاد وكانت أقرب إليه من شراك نعله! كما أنني في دهش من هذه الأنظمة التي سمحت له بنشر هذه التعرية! وهو يعتبر العملية الانتخابية طريقاً إلى جهنم!

      (3) الشماتة في الأصدقاء! يشمت في مقتل الدويدار وأبي الليث الليبي!

      لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من شماتة الأعداء! كما جاء في صحيح مسلم : "عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَمِنْ شَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ وَمِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ" أهـ.  وإذا بالدكتور سيد إمام لا يلتزم بأدب هذا الحديث النبوي الشريف ويعلن صراحة في إصرار عجيب! شماتته في إخوانه وأصدقائه السابقين!

      يقول صاحب التعرية الدكتور سيد إمام شامتاً في إخوانه الذين قتلوا شهداء نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً بأيدي العدو القريب (الأمن اليمني)، والعدو البعيد (القصف الصاروخي الأمريكي في وزيرستان)!! لقد سبق وأن كرر هذه الشماتة في مقتل المجاهد المقدام أحمد بسيوني الدويدار! في يوليو 2007م! وكان ذلك في وثيقة الترشيد!  ثم نراه في تعريته  يضيف إلى قائمته في الشماتة القائد البطل المغوار الشيخ  أبا الليث القاسمي الليبي الذي استشهد وكوكبة من المجاهدين في قصف أمريكي في منطقة وزيرستان ببكاستان في يناير 2008م!

      قال الدكتور سيد إمام! في مقدمة مذكرة التعرية: "هؤلاء من منسوبى تنظيم القاعدة أخذتهم العزة بالإثم، وعزموا على الرد على الوثيقة الأولى حتى قبل نشرها بعدة أشهر، فسقط أحدهم قتيلاً فى صنعاء باليمن فى شهر يوليو من عام 2007 وهو يكتب الرد، ثم سقط الثانى فى وزيرستان باليمن فى يناير 2008، وهو يكتب الرد أيضًا فانبعث ثالثهما وأشقاهم الظواهرى فكتب الرد فى شهر مارس عام 2008 سماه كتاب «التبرئة»، تجرأ فيه على التلاعب بالدين، ولم يعتبر بما أصاب صاحبيه"أهـ (التعرية/الحلقة الأولى/المصري اليوم).

      أقول: هل هذه أخلاق أهل العلم! بل هل هذه أخلاق مسلم! يشمت في إخوانه لمجرد الرد عليه! رغم أن الدويدار رحمه الله لم يكتب حرفاً واحداً في الرد عليه! فقط لأن صاحب التعرية بلغه أن الدويدار همَّ وفكر في نيته قبل مقتله بالرد! فقتل على الفور! ماذا عسانا أن نقول في هذا الخلق الرفيع! هل وصل بك الأمر أن تشمت في مقتل دم مسلم برئ كان يرعى أولادك ويدافع عنك في غيابك!  

      انظروا ماذا يقول في حواره مع الحياة الحلقة الخامسة: " كما أنني دعوت الله على الذين خانوا الأمانة. دعوت الله أن يكفينهم بما شاء فما أمهلهم الله شهراً حتى سقط أحدهم قتيلاً، وشرد الله بقية الخائنين" أهـ. ما شاء الله على البركات والدعاء المستجاب! وفي نفس الحلقة يدعو على جماعة الجهاد: " أنا أدعو الله تعالى على كل من تكلم عني بغير حق أن يقطع الله لسانه ويده، وكنت دعوت الله على جماعة الجهاد لما مزقوا كتابي «الجامع» أن يمزقهم الله فمزقهم الله سبحانه وتعالى وذهبوا شذر مذر وتفرقوا أيدي سبأ" أهـ.


      بركاتك يا د.إمام! لكن هل لك أن تخلص نفسك من السجن وتدعو على ضباط أمن الدولة الذين سجنوك ويعذبون إخوانك! هل لك في تخليص الأمة في مشارق الأرض ومغاربها بالدعاء على المحتلين لفلسطين  وفك حصار أهل غزة! وتحريرالعراق وأفغانستان والصومال وكشمير والشيشان! مجرد دعاء أرض جو عابر للقارات! ولو مرة واحدة لكي تتحرر بلاد المسلمين من المحتلين والمستبدين وكفى الله المؤمنين القتال!!

      وإلى صاحب التعرية الشامت! أليس له في ابن باعوراء عبرة! فلم ينفعه علمه وغره هواه وشيطانه فماذا كانت عاقبته! اقرأ إن شئت قول الله تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) (لأعراف:175).  

       (4) العدو القريب والبعيد أيهما أولى:

      ركز صاحب التعرية على قضية (العدوالقريب والعدو البعيد) وفصل فيها بطريقة غير منضبطة في الحلقة الثانية والثالثة وشن هجوماً على الشيخين حيث قال في الحلقة الثانية: "أما قولهم «إن أمريكا واليهود هم سبب مصائب المسلمين»: ليحشد بن لادن المسلمين معه ضدهم، وليحول الأمر من قضيته الشخصية «المقدمة عنده على أى شىء آخر» إلى قضية أمة، فهذا قول ظاهر البطلان مناقض للقرآن" أهـ (الحلقة الثانية/المصري اليوم بتاريخ 19/11/2008م).

      ويصرخ صاحب التعرية: " يا معشر المسلمين بن لادن يستخف عقولكم، فإن مصائب المسلمين هى بسبب المسلمين أنفسهم هذا كلام الله ومن أنكره فقد كفر"أهـ (الحلقة الثانية/المصري اليوم).

      وانظر إلى العجب العجاب في قول صاحب التعرية: "إن عدد المسلمين الذين تسببت القاعدة فى قتلهم وتشريدهم فى بضع سنين فى كينيا وأفغانستان والعراق والسعودية والجزائر وباكستان وغيرها يفوق بكثير عدد من قتلتهم إسرائيل أو شردتهم فى فلسطين وما حولها فى ستين سنة فالقول بأن القاعدة تدافع عن المسلمين هو «حديث خرافة» بل إنها تقتل المسلمين وتشردهم، ولكن الظواهرى وشيخه بن لادن يستخفان بعقول الناس" أهـ (الحلقة الثانية/ المصري اليوم).

      قبل أن أعلق على هذه القضية (العدوالقريب والبعيد) التي أثارها الدكتور سيد إمام فهناك ملاحظات سريعة حول الفقرات السابقة:

      الملاحظة الأولى:

      لقد كرر صاحب التعرية هذه العبارة (ليحشد بن لادن المسلمين معه ضدهم، وليحول الأمر من قضيته الشخصية «المقدمة عنده على أى شىء آخر» إلى قضية أمة)!.

      لم يفسر لنا الدكتور سيد إمام ما المقصود بالقضية الشخصية التي جعلها الشيخ أسامة بن لادن من أولوياته ومقدمة على أي شئ آخر! فالقضية الشخصية التي جعلها الشيخ أسامة بن لادن من أولوياته إخراج المشركين من جزيرة العرب ومن أراضي المسلمين المحتلة وهي القضية التي تبناها الشيخ أسامة منذ تأسيس تنظيم القاعدة وحتى تحويله إلى قاعدة الجهاد! فأي عيب هنا! في أن يصرخ مسلم غيور على دينه في قومه وأمته ويحرضهم على الدفاع عن بلادهم المغتصبة وطرد المحتل! ما الضير في أن ينذر مسلم غيور ولو كان فرداً واحداً أمته في أن تقوم بواجب الفريضة الغائبة؟!

      الملاحظة الثانية:

      نلاحظ أن د. سيد إمام  يدندن حول تكفيرالشيخين (أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري) بطريقة التلازم بين المقدمة والنتيجة! دقق في قوله : "يا معشر المسلمين بن لادن يستخف عقولكم، فإن مصائب المسلمين هى بسبب المسلمين أنفسهم هذا كلام الله ومن أنكره فقد كفر" أهـ. فهل الشيخ أسامة ناقض القرآن الكريم أم ناقض فهم ورأي صاحب التعرية؟!

      الملاحظة الثالثة:

       نلاحظ في ثالثة الأثافي! يقول صاحب التعرية: "إن عدد المسلمين الذين تسببت القاعدة فى قتلهم وتشريدهم فى بضع سنين فى كينيا وأفغانستان والعراق والسعودية والجزائر وباكستان وغيرها يفوق بكثير عدد من قتلتهم إسرائيل أو شردتهم فى فلسطين وما حولها فى ستين سنة "أهـ.

      إسرائيل التي اغتصبت فلسطين ومذابحها في دير ياسين وكفر قاسم وفي حافا ويافا ورام الله وجنين وعسقلان وتهويدها للقدس وقتلها لآلاف الفلسطينين والمصريين في 1948/ و1956م و1973م ومذبحتهم في بجر البقر والإغارات المتكررة على المصانع والمدارس في القاهرة وسائر محافظات مصر! والأردنيين والسوريين واغتصابهم الجولان! ومجازهم المتكررة بحق الشعب الفلسطيني  قبل وبعد وعد بلفورالمشؤوم ومروراً بجرائمهم في الثلاثينيات وقيام دولتهم عام 1948م على أشلاء جثث الفلسطينيين الأبرياء، وتولي الحكم عصابات الهاجاناة بقيادة بن جوريون وبيجين ورابين وشامير وبيريز وشارون، وقافلة السفاحين الذين حكموا هذا الكيان الغاصب لفلسطين! وضربهم المفاعل النووي العراقي والمذابح التي راتكبوها في اجتياحهم للبنان عدة مرات!  وتشريدها لأكثر من خمسة ملايين فلسطيني في الشتات! ناهيك عن مؤامراتهم في تخريب هوية الأمة عسكرياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً!! كل هذه الجرائم التي اقترفتها إسرائيل على مدار ستين سنة! لا تساوي الجرائم التي ارتكبها تنظيم القاعدة!! ويبرئ أمريكا بقوله في الحلقة الثانية: "فإن القوات الأمريكية أثناء تواجدها فى السعودية بعد غزو العراق للكويت 1990م لم تقتل مسلمًا فى السعودية، ولكن القاعدة قتلت مسلمين فى السعودية"أهـ (الحلقة الثانية/المصري اليوم).

      أقولك: أليس هذا استخفافاً بعقول المسلمين وغير المسلمين؟! وأين قول الرسول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري: (المسلم أخو المسلم)، وفي سنن أبي داود وابن ماجه بسند صحيح:(المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم)! أمريكا لم تقتل مسلماً في السعودية! لكنها قتلت مليوني مسلم في العراق! وأكثر من مائتي ألف في أفغانستان! وتحرض أثيوبيا على احتلال الصومال فتقوم أثيوبيا بقتل المسلمين في الصومال بالإنابة عن الأمريكان! وبعد كل هذا يطلب الدكتور سيد إمام المباهلة! لأنه ألف تراجعاته ابتغاء مرضات الله! وليس ابتغاء مرضات أمريكا وعملائها!

      عود إلى العدو القريب والعدو البعيد أيهما أولى بالقتال:

      يقول صاحب التعرية في الحلقة الثالثة: " بدعة «البدء بقتال العدو البعيد قبل العدو القريب»: اخترع الظواهرى هذا المبدأ المصادم للقرآن والسنة كجزء من فقه التبرير لمساندة مشروع ابن لادن فى محاربة أمريكا، ودعموا هذا المبدأ بقولهم «إن أمريكا هى سبب مصائب المسلمين»"أهـ (الحلقة الثالثة/المصري اليوم بتاريخ 21/11/2008م). ثم يقول صاحب التعرية ليصل إلى تكفير الشيخين!: " إلا أن الظواهرى ضرب بالكتاب والسنة عرض الحائط واخترع لهم نظرية «البدء بالعدو البعيد» لمجاراة هوى شيخه ابن لادن، وهذا معارضة وتبديل للشرع بالرأى، وفى مثل هذا قال ابن تيمية «والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرّم الحلال المجمع عليه، أو بدّل الشرع المجمع عليه، كان كافرًا مرتدًا باتفاق الفقهاء» من «مجموع الفتاوى» 3/267."أهـ (الحلقة الثالثة/ المصري اليوم).

      هكذا قد بدّع وفسّق صاحب التعرية الدكتور أيمن الظواهري والشيخ أسامة لأنهما يقاتلان العدو البعيد (أمريكا)! وخالفا الأمر القرآني حسب فهمه وزعمه بقتال العدو القريب (الأنظمة العربية)!

      وللتعليق على هذه القضية أقول وبالله التوفيق:

      (أ): يعجب المرء ويدهش من إصرار الدكتور سيد إمام على تبني قتال العدو القريب (الأنظمة العربية) وعلى رأسها النظام المصري! الذي حكم عليه وسجنه وأذله وعذب إخوانه! واستبدل الشريعة الإسلامية بالقوانين الوضعية البشرية التي تحكم بغير ما أنزل الله! وهذا ما يعتقده الدكتور سيد إمام في هذه الأنظمة أنها مرتدة لأنها لا تحكم بما أنزل الله! وكافرة أيضاً لأنها تحكم بالقوانين الوضعية! ولم يلتمس لهم عذراً أو مبرراً في ذلك واعتبر مجرد الحكم بغير ما أنزل الله ولو في قضية واحدة مخرج عن الملة! ولا يشترط الجحود أو الاستحلال القلبي! وخصص باباً كبيراً في كتابه الجامع في طلب العلم الشريف للرد على الشبهات التي تدافع عن الأنظمة الحاكمة بالقوانين الوضعية في العالم الإسلامي! وللعلم فإنه معتقد راسخ في كتب الدكتور سيد إمام!.

      لكن مصدر العجب! أن توافق هذه الأنظمة على الترويج لهذه التعرية! التي تصر على قتالهم هم وأنهم أولى بالأمريكان من غيرهم! يعني بكل صراحة أن الدكتور سيد إمام يقول للشيخين أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري وقادة القاعدة تعالوا قاتلوا في بلادكم هذه الأنظمة (العدو القريب)! التي تنشر لي تراجعاتي أولى من أن تقاتلوا الأمريكان (العدو البعيد)!! أليس يوجد  بين من سهل  ونشر هذه التراجعات وخاصة التعرية الأخيرة رجل رشيد؟! يراجع ما كتبه د. سيد إمام!! أم أن الهدف كان فقط للنيل من الدكتور أيمن الظواهري وصاحبه الشيخ أسامة بن لادن!! فأعماهم الله عن التفطن لهذا الرأي الذي أفرد له الدكتور سيد إمام حشداً من الأدلة لقتال العدو القريب (الأنظمة الحالية في العالم الإسلامي)!!

      (ب): لقد كتبت قديماً مقالاً بعنوان (العدو القريب محاولة لتشخيص أحد أمراض الأمة) استعرضت فيه محطات هامة في تاريخ الأمة، وأن تفشي هذا الداء وغفلة الأمة عن عدوها القريب تسبب في تشرذمها وتفرقها وضياع دولة الخلافة وذهاب قوتهم وعزهم! لكنني لم أشأ أن أذهب مذهب الدكتور سيد إمام وغلوه في تبديع وتفسيق بل وفي التكفير المبطن لمخالفيه في هذه القضية.

      (ج)  وللعلم فإن قضية (العدو القريب والبعيد)! ليست من أركان الإسلام ولا الإيمان! وليست من أصول أهل السنة! فلم يبدع علماء السنة أو يفسقوا أو يكفروا من يبدأ بالعدو البعيد قبل العدو القريب! فهذا كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للحافظ أبي القاسم اللالكائي المتوفى 418هـ لم يشر إلى هذه القضية (العدو القريب والبعيد)! وهذا العلامة الفقيه الحنفي أبو جعفرالطحاوي المتوفى 321هـ لم يذكر في متن العقيدة الطحاوية هذه القضية رغم أنه تكلم عن قضايا أخرى كالمسح على الخفين لتبيان مخالفة أهل السنة للشيعة الإمامية في هذا الشأن! ورغم ذلك لم يكتب بنداً واحداً عن العدو القريب والبعيد! ولا حتى عن التفسيق والتبديع لمن يبدأ بقتال العدو البعيد! وقبل ذلك كتب الحافظ أبو بكر بن أبي عاصم المتوفى 287هـ رداً على المبتدعة كتابه السنة! ولم يذكر فيه قضية العدو القريب والبعيد! ولا تبديع المخالف في بدء قتال العدو البعيد! ولم يذكر العلامة عبد الله بن أحمد بن حنبل المتوفى 290هـ في كتابه السنة هذه القضية! ولا حتى الفقيه الحنبلي أبو بكر الخلال المتوفى 311 هـ في كتابه أيضاً المسمى بالسنة! هذه القضية! ولا حتى العلامة أبو بكر الآجري المتوفى 360هـ في كتابه الشريعة! قضية العدو القريب والعدو البعيد ولا حتى تفسيق أو تبديع المخالف! ولا حتى في لمعة الاعتقاد للفقيه الحنبلي الحافظ الموفق بن قدامة صاحب كتاب المغني المتوفى 620 هـ !! وهذه كتب شيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى 728هـ(العقيدة الحموية/الواسطية/التدميرية/التحفة العراقية وغيرها) لم لم يذكر هذه القضية في كتب العقائد ولم يرد عنه أنه بدع أو فسق من بدء بقتال العدو البعيد!  حتى الكتب المعاصرة كمعارج القبول للشيخ حافظ حكمي المتوفى 1377هـ لم يذكر هذه القضية في شرح سلم الوصول وهو يتناول عقيدة أهل السنة!

      (د): فأين توجد هذه القضية (العدو القريب والبعيد) في كتب الأقدمين!  هذه المسألة تكلم عنها العلماء قديما وحديثاً  في كتب التفسير وكتب السير عند تفسيرهم لقوله تعالى في محكم التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُو