فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      بل هكذا سنحيا كراما

      بل هكذا سنحيا كراما ........

      مروان سالم

      بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صبحه و من والاه ...

      أما بعد ، هذه رسالتى إلى أحبتى من أخوانى الذين عرفتهم و عرفونى فى الطريق إلى الله عز وجل ، أكتبها إليكم ناصحاً أميناً مشفقاً محباً لكم ، أكتبها و لولا عموم البلوى و انتشار الفتنة ما خطتها يمينى ، فهى نصيحة محب و إن جاء فيها بعض الشدة فتقبولها من أخيكم لأن الدين النصيحة و فلست أنا الذى يغش قومه أو يزين لهم باطل ، والله خير ناصر و معين ....

      يقول تعالى  { و لقد كرمنا بنى أدم و حملناهم فى البر و البحر و رزقانهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا }

      هكذا خلقنا الله مكرمين كراما  عبيد له وحده ، و قد أستُدل بهذه الآية على أفضلية جنس البشر على جنس الملائكة قال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم قال قالت الملائكة يا ربنا إنك أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون منها ويتنعمون ولم تعطنا ذلك فأعطناه في الآخرة فقال الله وعزتي وجلالي لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان .

      فتكريم الله للإنسان عموما و للمسلم خصوصاً أن جعله من خير أمة أخرجت للناس .. فالمسلم يحيا كريما و يأبى الضيم لا يذل و لا يُستذل ... لذلك وجب على كل أمرءٍ أن يحافظ على إكرام الله له و لا يهين نفسه و لا يسمح لها أن تُستذل لغير الله .

      سنحيا كراما ... شعار و ما أجمله يردده الكثيرون منا و لكن كيف نحيا كراما ... علينا تحدد السبيل الذى يجعلنا نشعر بهذه الكرامه ... علينا أن نسلك سبيل المؤمنين حتى يوفقنا الله لهذه الحياة الكريمة .

      أنتشر هذا الشعار فى الفترة  التى ظهر فيها الشيخ حازم أبو أسماعيل و هو يواجه العسكر ويقف موقف لا شك أنه أفضل من أدعياء السلفية و الأخوان .. ولكن كيف سنحيا كراما و قد سرنا فى طريق رسمه لنا الأعداء ؟؟ ... كيف سنحيا كراما و قد سكلنا الديمقراطية التى هى سبيل المجرمين ؟؟ .. كيف سنحيا كراما و قد الصغير قبل الكبير فيما يخالف التوحيد و الكفر بالطواغيت ؟؟ كيف سنحيا كراما و قد تركنا الجهاد فى سبيل الله ؟؟

      لاشك أننا سنحيا فى ذل و مهانة كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) وكل هذا بسبب الغبش الذى أصاب الكثيرون فى تصورهم العقدى فأوردهم المهالك .. إن العدو المتسلط علينا من عسكر تحركه أصابع الصهيوصليبية العالمية ما تسلط علينا  و هو فى الأصل ذليل  كما ذكره الله إلا بحبل منا ،يقول تعالى  {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ }

      هاهو اليوم جاء الواقع بقدر الله عز و جل ليثبت للجميع صدق نصيحتنا من قبل فى أن طريق الديمقراطية العرجاء لا يسمن و لا يغنى من جوع ، فتتابعت الأحداث و أنهار البيت الديمقراطى الذى يسمى بالمجلس التشريعى الذى أغتصب حق الله فى التشريع و التحليل التحريم و تهافت الإسلاميون عليه كل يبغى نصيبا من الكعكة المسمومة ، هاهو اليوم أتى الله بينانه من القواعد فخر على روؤس كل من فيهم ، ليكون تفسير واقعياً لقول الله تعالى (( قد مكر الذين من قبلهم  فأتى الله بنياهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم و أتاهم العذاب من حيث لا يشعرون  ثم يوم القيامة يخزيهم و يقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم ؟ قال الذين أوتوا العلم : إن الخزي اليوم و السوء على الكافرين ))

      يقول شهيد الإسلام سيد قطب فى تفسير هذه الأية :

      (( قد مكر الذين من قبلهم والتعبير يصور هذا المكر فى صورة بناء ذى قواعد و أركان و سقف إشارة غلى دقته و إحكانه و متانته وضخامته . و لكن هذا كله لم يقف أمام قوة الله وتدبيره   فأتى الله بنياهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وهو مشهد للتدمير الكامل الشامل يطبق عليهم من فوقهم و من تحت ارجلهم فالقواعد التى تحمل البناء تحطم و تهدم من اساسها و السقف يخر عليهم من فوقهم فيطبق عليهم و يدفنهم و أتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ثم لا يشعرون فإذا البناء الذى بنوه وأحكمو  أعمدته على الاحتماء فيه ،إذا هو مقبرتهم التى تحتويهم و مهلتهم التى ـاذخهم من فوقهم ومن أسفل منهم و هو الذى أتخذوه للحمايه ولم يفكروا أن يأتيهم الخطر من جهته !

      أنه المشهد كامل للدمار  و الهلاك و للسخرية  من مكر الماكرين و تدبير المدبرين الذين يقفون لدعوة الله و يحيبون مكرهم لا يرد و تدبيرهم لا يخيب والله من روائهم محيط .

      هو مشهد مكرر فى الزمان قبل قريش وبعدها ، ودعوة الله ماضية فى طريقها مهما يمكر الماكرون ومهما يدبر المدبرون و بين الحين و الحين يتلفت الناس فيذكرون ذلم المشهد المؤثر الذى رسمه القرأن الكريم قبلهم  فأتى الله بنياهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم و أتاهم العذاب من حيث لا يشعرون هذا فى الدنيا فى واقع الأرض يشعرون  ثم يوم القيامة يخزيهم و يقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم ؟ ويرتسم مشهد من مشاهد القيامة يقف فيه هؤلاء المستكبرون الماكرون موقف الخزي ، و قد انتهى عهد الأستكبار و المكر و أتوا إلى صاحب الخلق الأمر ، يسألهم سؤال التبكيت و الـتأنيب شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم ؟ أين شركائى الذين كنتم تخاصمون من أجلهم الرسول و المؤمنين ، و تجادلون فيهم المقرين و الموحدين ؟

      ويسكت القوم من خزي ، لتنطلق ألسنة الذين أتوا العلم من الملائكة والرسل و المؤمنين وقد أذن الله لهم أن يكونوا فى هذا اليوم متكلمين ظاهرين قال الذين أوتوا العلم : إن الخزي اليوم و السوء على الكافرين

      إن الخزي اليوم و السوء على الكافرين .... الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ...  فيعود السياق بهم خطوة قبل خطوة القيامة ، يعود بهم إلى ساعة الأحتضار والملائكه تتوافهم ظاليمن لأنفسهم بما حرموا من الإيمان و اليقين ، وبما أوردها مورد الهلاك ، وبما قادوها فى النهاية إلى النار و العذاب .

      ويرسم مشهدهم فى ساعة الأحتضار وهم قريبوا عهد بالأرض ومالهم فيها من كذب و مكر وكيد فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء ألقوا السلم هؤلاء المستكبرون فإذا هم مستلسمون لايهمون بنزاع أو خصام ، إنما يلقون السلم و يعرضون الإستسلام ، ثم يكذبون – ولعله طرف من مكرهم فى الدنيا – فيقولون مستسلمين ما كنا نعمل من سوء وهو مشهد مخزى و موقف مهين لأؤلئك المستكبرين .

      ويجيئهم الجواب بلى من العليم إن الله عليم بما كنتم تعملون فلا سبيل إلى الكذب و المغالطه و التمويه ، ويجيئهم الجزاء جزاء المتكبرين فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين )) و كأنه يتحدث عن حال أرباب البرلمان فى الدنيا و الأخرة – إن لم يتُب الله عليهم – وحال أهل التوحيد معهم ، و هى قصة صراع الحق و الباطل مكررة فى كل زمان .

      ثم تأـى الصدمة الثانية لهؤلاء الذين غرقوا فى وحل الديمقراطية تحت شعار سنحيا كراما .. فاز مرشحهم إلى الرئاسة ولكن بلا صلحيات تمنحها لهم قوى الجاهليه .. وفاز و هو أكبر الخاسرين .. والحقيقة أنه قد فاز بجدارة أن يصل إلى رتبه الطاغوت الأكبر الحاكم بغير ما أنزل الله المشارك فى مسلسل تنحية شرع الله تعالى عن أرضه ، خسر نفسه هو و من دعمه و من أيده بحجه الحريات و كأن الجاهلية هى الضار النافع من دون الله و نعوذ بالله من الخذلان .

      هذا هو واقع من رفعوا شعار سنحيا كراما و آسفاه ...

      وهذه هى نصيحتى لكم ..

      إن أردنا أن نحيا كراما بصدق فعلينا أن نحيا بتوحيد الله و الكفر بكل الطواغيت و البراءة منهم ، إن أردنا أن نحيا كراما فلنعض على ما أصل ديننا بالنواجذ فلنحيا كأصحاب الأخدود فى أخدوهم كراما أحياء عند ربهم يرزقون لم يفرطوا من أجل مصلحه موهومة أو مفسدة مزعومة ، فلنحيا كما فعل الإمام أحمد ابن حنبل و هو يضرب بالسياط كريما ويقول قولته المشهورة : أعطوني شيئاً من كتاب الله، أو سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – أقول به ، فلنحيا كراما شامخين كسيد قطب حينما رفض الحياة ذليلاً و فضل حياة الشهداء قائلاً : إن الأصبع الذى يشهد له بالوحدانية عند كل صلاة يأبى أن يقر حكم طاغوت ، وللأسف أصحاب شعار سنحيا كراما أقروا هذا الحكم بالمشاركه فيه شاؤا أم أباوا فقد كانوا شرياناً يضخ الدم للجاهلية الديمقراطية كى تعيش و تتنفس الصعداء .

      يقول تعالى  {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلا ً}

      سنحيا كراما عندما نكفر بالديمقراطية و نعلن العداء عليها

      سنحيا كراما عندما نسعى لتمكين شرع الله بما شرع الله

      سنحيا كراما عندما لا تخلص نفوسنا من الحرص على الحياة وتتطلع للشهادة فى سبيل الله  { ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون } ، أما الحياة الحقيقة هى { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين }

      سنحيا كراما حين نردد بأقوالنا و أفعالنا

      تعليق الموقع: رغم خلافنا مع ما يشيع في المقال من تكفير البرلمانيين، وهو ما لا يراه الشيخ طارق عبد الحليم، بل يرى الفعل كفراً، لكن بتأويل باطل، فلا يكفر الأعيان، فإنه يرى كذلك أنه من الخلاف الذي يسع أهل السنة، كما وسعهم الخلاف في كفر تارك الصلاة مثلا، على ألا يتجاوز إلى تكفير من لم يكفرهم، وإلا انقلب إلى تكفيرية بغيضة.