فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الإسلام في العالم العربي والشرق

       يُعَد التطور السياسي وما آلت إليه السياسات العالمية تجاه بلدان العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط والأدنى وفيها – بضم بعض بلدان المسلمين من خارج المنطقة إستثناءاً مثل البوسنا والهرسك وكوسوفو والشيشان – خلال آخر ثلاثين عاماً المرجعية الرئيسية للتصور العام لما قد تؤول إليه الأمور في السنوات المقبلة بشكل عام، سيما إن لم تنهض هذه الشعوب لتصحيح المفاهيم الخاطئة من جهة وللتصدي لهذا الهجوم الشرس على الإسلام والمسلمين من أهل هذه البلدان.

      يرى المسلمون في معظمهم أن السبب وراء هذه الإنتكاسات هي المطامع الصليبية والصهيونية لإستغلال مقدرات ومواقع وأراضي هذه البلاد ثم لإستخدامها كقواعد عسكرية تمكنهم من الإختراقات والغزوات العسكرية بعيداً عن بلادهم ولتأمين سلامة أولادهم، ثم كأسواق ترويجية إستهلاكية للتخلص من الفائض من منتجاتهم في مقابل الحصول على مصادر الطاقة والمعادن وإستغلال الأراضي للزراعة والمياه الإقليمية للصيد. هذا ويضيف البعض الأكثر إضطِلاعاً أن التحالف المسيحي والصهيوني السري من الشيعة والروافض من أهل هذه البلدان – ولو بدى عند الكثيرين عكسه – سوف يصبح خط الدفاع الأول في وجه أي إنتفاضة إسلامية سنية – عربية أو غير ذلك -  للتصدي لهذه الهيمنة المعادية للإسلام بشكل عام بل ولأهل السنة خصوصاً. ويبدو من ظاهر الأمر أن في هذا الرأي الأخير الكثير من الصحة نظراً لما تشهده هذه البلاد من تغلغل النفوذ المسيحي والشيعي بسرعة وبكل قسوة تحت غطاء حماية حقوق الأقليات، على خلاف وبإستثناء سوريا لما تشهده من هجوم ومذابح شيعية علوية لإبادة أهل سنة الشام - تحت غطاء الأمم المتحدة  - وفي وقت تعجز فيه الشعوب العربية المجاورة مساعدة إخوانهم وأخواتهم وأبنائهم في الشام، بأسلوب يشابه قتل ما يزيد عن مليون سني في العراق و وطرد قرابة الثلاثة ملايين سني من بيوتهم وترحيلهم خارج العراق، مثلهم مثل أهل فلسطين.

      وتتكرر هذه الأحداث وتتلاحق منذ الحرب الأهلية والمجازر الصليبية ضد مسلمي البوسنة والهرسك وكوسوفو والشيشان للتطهير العرقي في أوروبا الشرقية قبل دخولها في الإتحاد الأوروبي، ثم مروراً بالمذابح الصليبية والدعم الشيعي للقضاء على أهل سنة باكستان وأفغانستان والعراق وتمكين القيادات السياسية والعسكرية الشيعية من الحكم في تلك البلاد. ثم دعم متمردي جنوب السودان المسيحيين لتفتيت السودان، ثم مؤامرات اليمن وليبيا وسوريا ومصر ودعم التحركات الشيعية في دول الخليج وأخيراً إنتقل التغلغل المسيحي الشيعي لمعظم الدول الإفريقية مثل نيجيريا والصومال ومالي وغيرها.

      ولكننا يجب في خضم هذه الأحداث المؤسفة أن نقول كلمة الحق التي فرضها الله علينا، وهي من وجهة نظري أننا نشترك في هذه المؤامرات والمذابح الصليبية والصهيونية والشيعية – حكاماً وشعوباً -  مع المجرم إما بالسكوت على جريمته والتهاون في دماء إخواننا وأخواتنا من أهل السنة بسبب الخوف أو التكاسل،وبدعم المجرم والتآمر معه لتحقيق أهدافه - للإستفادة المالية أو السلطوية - ولو كانت معادية لأهلينا وأبنائنا وبلادنا ومناقضة لمفاهيمنا من باب جلب مصلحة حزب معين ولو ضد مصلحة الشعب والوطن، ثم بمشاركته ودعمه إعلامياً ونفسياً بتدليس وتزوير الواقع لتشويه مفهوم الغالبية من العامة الجاهلة وهذا يخلق حالة إختلال عقلي وعجز فكري في الشارع المسلم السني عربي كان أن أعجمي.

      يشير إجتماع كل ما بيناه سالفاً أن المآسي في بلادنا لم تنتهي عند ذلك ولن تنتهي إلا في حالتين: أولهما الإنتفاضة السنية العامة للتصدي لهذه السياسة الإجرامية واللصوصية بكل ما أوتينا من علمٍ وقوةٍ وحتى أن نحرر بلادنا من كل المجرمين والمتآمرين والمحرضين سواء كانوا من الشيعة أو أهل السنة الخونة أو من أهل الملل الأخرى وفي كل بلدان المسلمين ودون هوادة أو مهادنة، وهذا الحل ولو أنه الأصلح والأسرع إلا أنه مستبعد الآن لجهل معظم أهل السنة بمفهوم الرافضة الشيعية أو بإمكانية التوافق الصليبي الصهيوني الشيعي، والحل الآخر: هو أن نركز في مجال التعليم أن نوضح للأجيال القادمة المفاهيم العقائدية الصحيحة ومخاطر الإرتكان للضعف والوهن، وهذا الحل قد يأخذ لتطبيقه العديد عشرات السنين ثم لا ندري أسيتركنا الحكام - الذين أخفقوا في الإنتباه والتصدي لهذه المؤمرات في الماضي والحاضر أو لأنهم تآمروا على أوطاننا – أم أنهم سيحاربوننا كما فعل من قبلهم.

      وهنا يجب علينا الإشارة إلى أن العدو قد نجح فعلياً في تشويه صورة الإسلام والمسلمين في كل دول العالم، فصورهم للعامة وكأنهم إرهابيين متخلفين ومتطرفين وفرقهم بحيث أن المسلمين أنفسهم من أهل السنة أصبحوا يتصورون أن المسلم الحركي شخص متطرف لا يؤمن جانبه والمسلم المستسلم – سواءٍ علماني أو ليبراري أو جاهل بدينه -  هو المثال للمسلم الوسطي، وأصبح المسلمون يَقبَلُون العنف إن أتى من محتل لأرضهم أو لأرض جيرانهم أو من حاكم ظالم مستبد أو عسكري خائن أو من وراء مؤامرة، ولكنهم يرفضون تماماً أن يرد المسلم السني بعنف مثله وإلا أصبح من وجهة نظرهم متطرفاً إرهابياً. كمل ويجب أن نشير إلى أن الأحزاب الإسلامية السياسية في العديد من البلدان التي تآمرت مع الحكام والطواغيت والعساكر أو مع الصهاينة والصليبيين – جهلاً بالدين أو لمصلحة دنيوية – قد ضربت أسوأ الأمثال لأهل الدين بسبب الخيانة مما أخاف معظم الشباب المسلم الأقل علماً من إتناعهم أو مساندتهم لما في تصرفهم من نفاق وخديعة.

      إخفاقات الثورة المصرية

      فعلى سبيل المثال بدى في مصر الآن واضحاً أن الجماعات الإسلامية في  قد خذلت الثورة والشعب من خلال التآمر مع أجهزة المخابرات والعسكر الحكام للوصول للمقاعد البرلمانية وسياسية وما تبعه من التنازل عن حقوق ضحايا الثوار وأُسرهم، أو إسقاط مرشح أو ترشيح بديل يناسب العسكري، والتهاون في أداء الأعمال المكلف بها مجلس الشعب، والتباطؤ في دعم المطالب الشعبية والثورية، والتراجع عن إتخاذ مواقف إيجابية مساندة للشعب الذي أوصلهم للمقاعد البرلمانية، والخوف على هذه المقاعد والرواتب من الضياع في حالة المواجهة بين المجلس والحكومة أو الحاكم العسكري، والأهم من كل هذا كان تنفيذ أوامر المرشد والشيوخ بصرف النظر عن صحته أو تعارضه مع الدين والضمير والمصلحة الوطنية، ثم تفضيل مصالح الجماعة عن مصالح الوطن والشعب، كل هذا أوصل مصر وشعبها الآن إلى المصائب والمحن والمشاكل التي يصعب حلها ولا في عشرات السنين.

      كنت في بداية الثورات العربية أدافع عن موقف الأحزاب الإسلامية السياسية وأساند أرائهم – مما أوصلني في كثير من الأحيان للتعرض للإنتقاد المفرط من أصدقاء – حيث أنني لم أكن أتوقع أن أن الواقع سيثبت إختلاف أقوال الأحزاب الإسلامية ومزاعمهم عن أفعالهم بل وكنت دائماً أعتقد أننا في مصر وسائر بلدان المسلمين جميعاً نتفق أن أبطال هذه الأمة الإسلامية من أمثال خالد بن الوليد وصلاح الدين وقطز وعمر المختار وسيد قطب وأحمد شاكر وغيرهم ممن جاهد في سبيل الله باليد أو اللسان لتحرير الأمة من العبودية والطواغيت والذل والعدوان الخارجي بدون النظر لمقابل مادي أو بحثاً عن كرسي سلطوي إنما كانوا يمثلون طبيعة المسلم الصادق في دعواه، الشجاع في خطاه، الحافظ لأمانته، الوفي بعهده. كنت حقاً أتوقع بل وأنتظر ممن يسمون أنفسهم بالأخوان المسلمين أو السلفيين أو غيرهم أن يحاولوا الرقي إلى خلق رسول الله (ص) إقتداءاً به وتصديقاً لدعواهم حين تحين لهم الفرصة. ففي مصر لما وجدت أن غالبية أفراد الشعب إنتخبوا الأحزاب الإسلامية للمجالس الشعبية مثلما فعلت، أدركت أنني قد أصبت وأن من إنتقدني من أصدقائي قد أخطأ.

      ولكن للأسف خذلنا الإسلاميون على الأقل في مصر وأثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك أنهم غير قادرين على تحمل مسئولية الوطن والشعب بل وأنهم قد أوصلوا مصر وشعبها بالفعل لأسواْ ما كان يمكن تصوره. وإحقاقاً للحق لا يجب علينا أن نعمم، بل ويجب أن نُرجع هذا الخذلان إما لجهالة بالعلم الشرعي أو الواقع السياسي أو الإقتصادي أو بقلة الخبرة الإدارية في بعض الأحيان، أو لضعف كامن في قلوب بعضهم يمنعهم من التقدم ولو بالرأي الصحيح، أو لغايات أخرى غير شريفة الفاسدة  تحقيقاً لإلتزاماتهم التآمرية، هذا من جانب.

      أما من جانب آخر فيؤخذ عليهم تغيير مواقفهم كثيراً وبشكل غير مألوف وغير مقبول ثم بحثهم عن مبررات كاذبة يدلون بها للشعب من خلال فضائياتهم أو وسائل الإعلام الأخرى. وما زاد الطين بلة هو أنهم أوصلوا أنفسهم والشعب معهم لموقف أصعب من الثورة نفسها، فلا هم قادرون على الإصلاح، ولا هم لديهم القدرة على دفع الحكومة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، ولا هم قادرون على مواجهة الفساد الحكومي، وقد فشلوا تماماً وبجدارة في إختيار الجمعية التأسيسة للدستور مما شجع غيرهم من السيطرة على الجمعية الثانية، وفشلوا في رقابة لجنة الإنتخابات التي زورت وتلاعبت بالملفات، حتى قانون العزل السياسي لم يمكن تطبيقه على الكثيرين من فلول مبارك المرشحين للرئاسة.  والحصيلة واحدة وهي أن معظم الشعب موقن حالياً أن إنتخابهم للإسلاميين كان خطأً لم يؤدي إلى أيٍ من النتائج المرجوة ولم يأتي عليهم إلا بالمزيد من الفساد وأنهم لن ينتخبوهم مرة أخرى. كل هذا ونحن لم نتعدى الشهر الرابع من توليهم مسئولية مجلسي الشعب والشورى.

      وخطورة الأمر تكمن في أن ما نراه الآن من إستياء شعبي شديد لمواقف الإسلاميين المخزية ليس هو نهاية المطاف، بل أن هذه الجماعات قد أساءت بالفعل للدين وأهله، حتى أن صورة أبطال الأمة الذين سبق ذكرهم ومواقفهم البطولية قد شُوِهت ومن الصعب إسترجاعها، وأن الشعب المصري المسلم بالذات لا يثق حالياً بأي مرشح إسلامي خشية من فتن التآمر والتلاعب بإسم الدين.

      أهمية مصر الإسلامية والإستراتيجية

      وأحب أن أشرح وجهة نظري للسادة القراء أنني خصصت لمصر نصيباً أكبر من غيرها لإقتناعي التام والغير قابل للتغيير – حالياً على الأقل – أن أي إصلاح لهذه الأمة المنتكسة يجب أن يبدأ في مصر ثم ينتقل للدول الأخرى لأهمية مصر من عدة نواحي: أولاً موقع مصر الإستراتيجي الجغرافي بين دول الشام حيث التغلغل العلوي الشيعي في سوريا ولبنان، وبجوار فلسطين المحتلة والتوسع الصهيوني ودول الخليج التي ترتقب تحركات شيعية إنفصالية، والسودان المفتت، وعلى مصب النيل ودول شمال أفريقية والبحرين المتوسط والأحمر، ثانياً: أن دور مصر في المنطقة كان دوراً تاريخياً قيادياً ومحورياً وترتقبه جميع الدول والشعوب العربية والإفريقية. ولذا فإنني أرى أن المسؤولية الواقعة على مصر والمصريين أكبر وأعظم من غيرها من الدول والشعوب ولكنها تمر حالياً بفتن وإمتحانات شديدة يجب أن تعبرها حتى تتمكن من مساعدة غيرها.

      الربيع الإسلامي

      أرى أن الربيع الإسلامي آت لا محال ولكنه لن يتأتى إلا من خلال إنتشار العلم الشرعي والدنيوي للأجيال الناشئة ثم بالعمل الدؤوب والتضحية بالدماء الذكية، فالحرية لا تُعطى لأحد على أكفف الراحة ولكنها تؤخذ عنوة من المحتل الغاصب.  وأفضل مؤشر عالمي لقدوم هذا الربيع هو إعتناق ألاف الصليبيون واليهود الذين إعتاوا الحرية والشجاعة للإسلام وسيكون لعطائهم شأن كبير في وصول هذا الربيع، كما وأن ما يسمونهم بدول العالم الأول مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسياوغيرها الآن في تتعرض للإفلاس والبطالة والإنفلات الأمني وفي دوامة سياسية وإقتصادية قد يكون من المستحيل الخروج منها، وهذا مؤشر على ظهور نجم جديد، أخيراً لأن دول العالم الإسلامي مازالت محتفظة بأعظم مصادر الطاقة والموارد الطبيعية والبشرية على مستوى العالم، وأن الشعوب الإسلامية لديها الأسواق العالمية التي تميزها عن غيرها وهي تمثل أكثر من ثلث تعداد العالم.