إزالة الصورة من الطباعة

ظاهرة إلغاء الكفر من دين الإسلام!

 

يجب أن يكون واضحا أن نوبة التخويف من "التكفير" هي عملية مشتركة بين المرجئة والمخابرات، تولى كبرها أساساً المنتمين فكريا لتلك الفرقة البدعية (وهم لا يلبسون زيا خاصا ولا يتسمون بأسماء خاصة!! هههه بل هم أفراد منا، بل هم الغالب فينا. فهو مذهب يقوم على إنكار حجة الظاهر، والاعتماد على أن الباطن غير معلوم، فلا مانع من أن يكون الظاهر مخالفا له، فاسقا أو كافرا! وهو مذهب كما قال السلف: يتبناه الملوك، وأنه دين العامة، من حيث يتيح لهم الفسق والفجور ويجعل الشعب غارق في الشهوات، مع إدعاء أن "قلبي نظيف، أو المهم النية..." ومن ثمّ فإن فكرة أنه لا يكفر أحد إلا إن قال بلسانه (هو كفر بالله، أمامك)! هي فكرة شيطانية تطرح في مقابل التوحيد، لإلغاء فكرة الكفرالذي نزلت الكتب وبُعثت الرسل للتحذير منه، وذكر في القرآن أكثر من 600 مرة!).

وقد تبنت كثير من الجماعات خاصة التي انتهجت نهجا صوفيا هذه البدعة، مثل التبليغ والدعوة والإخوان.

وبالطبع تولت المخابرات تلك الفكرة، وأشاعت مضمونها، وصار من تفوه بهذا اللفظ (كفر) يرتعب منه الناس ويسمونه تكفيري، حتى لو أن المتهم كان كافرا حقا! كيف وأنت لم تسمعه بأذنك، وهو يقول إنه كذلك، "أشققت عن صدره"! حتى إني أعرف أناسا لا ينطقون بهذا اللفظ حتى على أعتى الكفار، خوفا من الزلل! أي والله .. حساسية كحساسية الجلد!

وتعلق هؤلاء بأحاديث ومواقف في السيرة فهموها على غير وجهها، وأولوها بغير تأويلها، على حسب ما نص الشاطبي " يقول الإمام الشاطبي في شرح الطريقة التي يجب أن تتخذ منهجاً ومسلكاً لفهم الكتاب والسُّنَّة:

"… وللسنة هنا مدخل ، لأنها مبينة للكتاب ، فلا تقع في التفسير إلا على وفقه ، وبحسب المعرفة بالتقديم والتأخير يحصل بيان الناسخ من المنسوخ في الحديث ، كما يتبين ذلك في القرآن أيضاً. ويقع في الأحاديث أشياء تقررت قبل تقرير كثير من المشروعات ، فيأتي فيها إطلاقات أو عمومات ربما أوهمت ففهم منها ما لا يفهم منها لو وردت بعد تقرير تلك المشروعات ، كحديث: "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة" أو حديث: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صادقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار" ، وفي المعنى أحاديث كثيرة وقع من أجلها الخلاف بين الأمة فيمن عصى الله من أهل الشهادتين.

فذهبت المرجئة إلى القول بمقتضى هذه الظواهر على الإطلاق ، وكان ما عارضها مؤولا عند هؤلاء. وذهب أهل السُّنَّة والجماعة إلى خلاف ما قالوه ، حسبما هو مذكور في كتبهم وتأولوا هذه الظواهر." اهـ

باختصار، إنهم اعتبروا أن النطق بالشهادتين هو ظاهر لا ينقضه شيء رغم وجود ما يؤكد أن هذا غير صحيح لكنهم أولوه بتأويلات باطلة.

ثم تعلقوا بقول "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما" وهو حديث صحيح لا ريب، لكنه قد شرحته المرجئة بشكل يناسب مذهبها. فإن الحديث لا يمنع إطلاق لفط الكفر على أحد من الخلق، لكنه يبين، كما ذكر النووي وغيره، إن الحكم سيقع حقيقة على المتهم لو كان كافرا بالفعل، وإلا فإن القائل سيكون قد ارتكب معصية كبيرة بقوله، لكنه لا يكفر كفرا ينقل عن الملة.

فنقول:

الإقدام على التكفير لمن ليس لديه علم شرعي حقا أمر في غاية الخطورة، ويجب الاحتراز منه، لكن لا على ثوابت الدين وحقيقة التوحيد، فإن التضحية بها وتركها مائعة لا حدّ لها ولا تعريف لهو مصيبة عامة طامة على الجميع. فإن اعتبار أن كافر بالله مستعلن بأقواله مسلما لهو من الخطورة مثل تكفير مسلم، كلاهما وجهان لعملة واحدة. وخطورة ترك مثل هؤلاء الذين يرتكبون الكفر قولا وعملا على أنهم مسلمون، يجعلهم ينشرون فكر الكفر بين الخلق دون خوف، ويرفعون في وجه من ينطق بالحقيقة الشرعية سيف "التكفير.