قال رسول الله ﷺ من حديث ابن مسعود رضي الله عنه "وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا" متفق عليه.
ادعي كذّاب فلسطين، المعروف بأبي قتادة الفلسطيني البزرميطي! بأن العبد لله، هو إمام الغلاة في عصرنا منذ عقود، وأني أكفر الخلق والشعوب دون استثناء!
ماذا أقول؟ كذبٌ وتضليل أحلامٍ وسفسطةٍ، خساسة نفس وضلال عقل ووضاعة أصل. والرجل لا يستحى، فليقل ويصنع ما شاء.
ولست مثل كذّاب فلسطين، أتخفى بعقيدتي، ولست ممن بدّل منهجه وعقيدته مثل ذاك الكذّاب، ثم راح يدّعى أنه ما بدّل ولا غيّر. كذاب ورب الكعبة!
سأبين هنا العقيدة الحقة التي أدين بها، ودونتها في مئات المواضع على مدى نصف قرن، في عقيدة الشعوب، لا رداً على الكذّاب الأشر، فهو أقل قيمة وأضعف سبباً من أن أرد على أمثاله. لكن تقييداً وتكراراً لما أراه حقاً ليتعلم من أراد وليستوثق من أحب.
الشعوب التي دخلت الإسلام، منذ عصر الفتوحات، الأصل في أهلها الإسلام. فلو سلّم علينا رجل في بلد من تلك البلاد، لرددنا السلام، وعددناه مسلماً، إلا إن ظهر منه ما يفيد غير ذلك، فيعامل بما ظهر منه. ولو رأيناه يدخل مسجدا للصلاة، صلينا خلفه واعتبرناه مسلماً، إلا إن ظهر منه غير ذلك.
هذا على مستوى الأعيان.
لكن، نرى كفر الحكام كلهم بلا استثناء، شرقا وغرباً، في كافة بقاع الأرض المسلمة. وذلك لمناقضتهم التوحيد بلا شك ولا ريب، وتنحيتهم الشريعة ومحاربتهم الإسلام، وقتلهم من يدعو للدين، وموالاتهم كفار الأرض جميعا. ومثلهم الجيوش وقوات الأمن والمخابرات والشرطة، ويلازمهم أعيان القضاة خاصة منهم الموالين للنظم، وكلاب الإعلام.
ثم نرى أن الجاهلية قد أطبقت ظلماتها على شعوب أمتنا، وتعبير الجاهلية، لمن له عقل، يعني غياب الكثير من فرائض الإسلام العظيمة، مثل الجـ..هاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتطبيق الحدود، ثم التعامل بالربا وضلال علماء السلطان، وغياب أهل الحق عن الساحات، قتلا وحبسا وتشريداَ، ثم انتشار الفكر الوارد العلماني وظهور الفسق وأهله، وضمور العلم وأهله، واستمراء المنكر والاستهزاء بالمعروف والشرع. والكثير مما نراه ونعيشه في أيامنا النحسات هذه.
فالفرد، وإن ركب المحرمات وترك الكثير من الفروض، عملا لا استحلالا، على خلاف في الصلاة، بقي على إسلامه، ولا يُختبر فيه، إلا إن ظهر أنه يرتكب ناقضاً من نواقض التوحيد، ولهذا تفصيل ليس هذا محله.
أما النظام، فإن ترخيصه وفعله هو استحلالٌ لا يشك في هذا مسلم. من هنا جاء كفر الأنظمة ومن يروج لها ويعينها في الحكم والتسلط.
ولا يخفى علينا حال شعوبنا قاطبة، فالكثير منها غارق في ظلمات الجاهلية، إما جهلاً، أو اتباعا لسحرة الإعلام، أو لقناعات موهومة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن أعظم مظاهر الجاهلية، ما نراه منتشراً، خاصة في دويلة المؤامرات الخليجية، من عربدة الصها.ينة في البلاد، وما نراه في سيناء وشرم الشيخ، وترحيب الكثير من الخلق بهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فهذا الحال يعكس انتكاسة عامة، ويوجب على الدعاة الأوفياء المخلصين أن يحذّروا من مغبة ما نرى، فوالله قد كنا رجالا بالغين في الستينيات والسبعينيات، وكانت هناك جاهلية متمكنة، لكن يشهد الله ما كانت عشر معشار ما نرى اليوم. فالمخطط ماضٍ في سبيله، لا يذهل عنه إلا أمثال كذّاب فلسطين!
والذهول عن هذا الوضع القائم، ومحاولة التلصص إلى عقول الجهال من الناس، كما فعل كذّاب فلسطين في مقاله التافه الأخير، لا تعني إلا التغطية على مرارة الواقع وتخدير الخلق وإبعادهم عن الحق. لكن الكذّاب الفلسطيني يريد لمعان الاسم وعلو الصيت وكثرة الاتباع، فما له ومآلات كلامه! المهم أن يتشدق الناس بوسطيته التي انتهجها تميّعا وتسيباً بعد غلو مقيت أودى بحياة الكثير من المسلمين. وها هو اليوم يتباكى بدموع التماسيح على الظلم الذي وقع على الشعوب (آآآآآه!)، ومظنة تكفيرها! يا له من خبيث، نسي كم أسالت كلماته من دماء بغير حق! لكنه الكبر والصلف والغباء الوقح، أعاذنا الله من الانتكاس في الدين.
فهذا ما نراه مجملاً في شعوبنا المقهورة المخذولة. ووالله ما كتبنا ولا نافحنا إلا عنهم، رغبة في رفع الظلم والكفر عن حياتهم، وإعادة حقهم في الحياة المسلمة قولا وعملاً. فكيف نقول بكفرهم قاطبة كما ادعى كذّاب فلسطين البزرميطيّ؟! إنما كانت زلة قلم وضعف تعبير تراجعنا عنه على الفور. وها هو كذّاب فلسطين، ومخرب الساحات، لا يزال بعد ربع قرن من وقوع مصيبته، لا يتراجع عنها، لعن الله الكِبر وأهله.
وأتحدى الكذّاب الفلسطيني أن يدون عقيدته في الشعوب، فالرجل خسيس خبيث.
د طارق عبد الحليم
11 ذو القعدة 1443 – 10 يونيو 2022