إزالة الصورة من الطباعة

برّ الوالدين .. بل شكرُ الوالدين

برّ الوالدين .. بل شكرُ الوالدين   الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه   لا شك أن أمتنا قد ابتليت بأدواء عديدة، وشاعت الأمراض في أعضائها، حتى وهنت مفاصلها، وتآكلت هياكلها، ووصلنا إلى ما يعلمه العالم والجاهل اليوم من حالٍ متردٍ وواقع بئيس.   وقد خطر ليّ اليوم مرض شاع،وإن قلّ من شعر بخطره وضرره، على الأفراد والمجتمع جميعاً، بل وكان سبباً في غضب الله ونقمته علينا، والتي زادت حدتها مع كلّ جيل تعاقب، كما شهدنا بأنفسنا، عياناً لا إخباراً.   وذاك المرض هو برّ الوالدين. والحق، أنه الشكرُ للوالدين، قبل البرّ بهما، فهذا سبب وذاك نتيجة.   ومن ناقل القول أن الله سبحانه قد قرن شكر العباد له بشكرهم لوالديهم، مع فارق النوعية والرتبة بكل تأكيد. لكنه شرفٌ لم ينله من البشر أحد، ولا حتى الأنبياء، فإن الله لم يقرن شكر الناس لهم بشكرهم له، من حيث إنه سبحانه هو من سيتولى جزاءهم على ما قدّموه من عظيم العمل وجليل التضحية.   وإذا تأملنا قليلاً في محبة الله سبحانه، والتي تستدعي شكره، لوجدناها خليط من حب وخوف. وهو موضوع يتسع فيه البحث، ويخرج بنا عن موضوع هذه السطور. لكنّ هذا يعطي انطباعاً بأن محبة الوالدين لابد فيها من قدرٍ من الهيبة والاحترام، وإن فارق الخوف درجة. وما نراه اليوم، هو تداعي هذا المعنى في نفوس الأجيال المتعاقبة، فيقل الاحترام، وتذهب الهيبة، وينعدم الخوف، ولا يبقى إ لا ادعاء المحبة، التي هي جزء من كلٍّ متداعٍ.   ولا أشك لحظة، في أثر هذا على كيان هذه الأمة، وأخلاقها وصلاتها الاجتماعية من جهة، وعلى ما يترتب على مخالفة أمر الله سبحانه بتمام الشكر، الموجب للإحترام والتقدير والحب والتبجيل للوالدين، معا كَكُلٌّ واحد.   إن ادعاء الحب، دون تبجيلٍ حقٍ وهيبة مستقرة في النفس، هو من قبيل ادعاءات الصوفية محبة الله، مع عدم خوفه والحذر من عقابه، مع فارق الرتبة والدرجة كما قررنا من قبل.   وترى جيل اليوم، يتحدث الشاب فيه إلى والده، وكأنه يتحدث مع قرينه أو زميله في الدراسة أو العمل. ثم يُقال لك: هذا علم السيكولوجيا الحديثة والتربية المعاصرة! ألا لعنة الله على هذا من علمٍ سلب الوالدين حقاً أعطاهما الله إياه، لسبب وحكمة، لا تستقيم الأسباب الدنيوية إلا بها. فالوالدان أعرف بمصلحة الولد من نفسه ومن أولئك المشعوذين المعاصرين من أصحاب التربية الحديثة، التي تقوم على "حبّ" الوالدين، دون احترامهما وتبجيلهما، بل والخوف من غضبهما ونقمتهما.   والله المستعان   د طارق عبد الحليم 22 شعبان 1441 – 14 أبريل 2020

https://www.facebook.com/tabdelhaleem/posts/10156668849200938