إزالة الصورة من الطباعة

الهيئة .. وورطة الجولاني

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وآله وصحبه ومن والاه وبعد

لا شك أن المشهد الحاليّ في الشمال السورى المحرر نصيرياً و"المحتل فصائليا"، معشهدٌ تصعُب قرلءته بدقة عالية، إلا لمن هم مواقع عمل القرار في أعلى مراتب الفصيل، بل قد يكون في خفايا قلب أحدهم، لا يظهر حتى لأقرانه! لكن هذا لا يمنع المحلل أن يستشرف، من بعض الأمارات والقرائن، صورة أقرب للصحة من التعتيم الإعلاميّ الكامل على المقاصد والأهداف من الاقتتال بين الكتل الأكبر نوعاً، وهي حاليا ثلاثة، الهيئة من ناحية، والأحرار والزنكي من ناحية، ثم الفيلق من ناحية ثالثة! أو من وراء انفصال من ينفصل وانضمام من ينضم، من كتائب ووحدات، إلى إحدى تلك الكتل. هذا خلا الجيش الحر الذي بات سائداً في منطقة عفرين، ومتربعا على عرش الثقة التركية.

فكما قدمنا من عناصر كاشفة عن حقيقة المشهد من قبل، نجد أن الأمر يدور حول السيطرة في إدلب، التمكين من المعابر، الوجود الأقوى والأكثف بالنسبة للترك، لكن هناك من هم أقرب لتركيا، بل هي ذراعهم الحقيقي، ونعنى فيلق الشام.

والعناصر التي تكون "الجيش الحر"، هي مجموعة شراذم مقاتلة من شتى الكتل، يسمونها  الجيش الحر، لكن الاعتماد كله على الفيلق ككتلة متراصة.

الموقف اليوم هو ما توقعناه من شهور طويلة، قبل أن ينكث الجولاني بيعته، دون أي عائد من النكوث، تحالفت كل الفصائل على سحق الهيئة وإنهائها، كما كان القرار منذ 2014 و2015، في مؤتمر الرياض وبعده. وكانت لا تزال النصرة هي النصرة. ثم قلب الجولاني ظهر المجنّ،  وبدأ في مغامرة لم يحسب حساباتها بميزان الشرع ولا العقل، بل المصلحة، وهيأ له من حوله من الرويبضات والأشبار حسن صنعه وعمق فكره وصواب استراتيجيته! أثر الأتباع على المتبوع. فنكث ببيعة كانت له ظهراً في وقت حاجته، فهان وغدر، من أجل أن يسيطر على بقية الفصائل، فتتحد معه، تحت لوائه، ولعب اللعبة الرخيصة في تعيين أبي جابر الشيخ فترة كأمير منزوع السلطة.

فماذا حدث للجولاني اليوم؟

وقد قامت اليوم قيامة الدنيا على جنود الهيئة، وصار الحال في غاية الخطورة. وقد ظهر كلاب الثورة الطرطوسي والدغيم وشريفة وتلك القمامات المخزونة في تركيا، تدعو لاستئصالهم كخوارج!

قل لنا اليوم يا شيخ السياسيين الجولاني: ماذا كسبت من نكث بيعتك غير معصية أمر ربك بحفظ العهود؟ لا شئ، لا زلت خارجياً، ولا زالت الفصائل كلها تتكالب عليك، ولا زلت مصنفاً، ولا زلت في تقهقر في الشمال والجنوب، وحيث اتفق الناس على إخراج مسلحيك من سراقب. وتخليت عن عشرات الأماكن أسوأها مطار تفتاز العسكري.

هو حب التفرد بالسلطة، والاستهانة بالعهد، واستعمال المكر والدهاء دون الولاء والوفاء. قال عمر رضي الله عنه "لست بالخبّ لكن الخبّ لا يخدعني" فكنت خبّا يا جولاني .. مع شديد الأسف، أنت من أوقعت الهيئة التي كانت أمل السنة حتى قريب في ذلكم البلاء. زين لك الأحبار والأشبار والأصفار سوء عملك فحسبت نفسك على شئ.

وحسبنا الله ونعم الوكيل.

د طارق عبد الحليم  

28 فبراير 2018 – 13 جمادي الآخرة 1439