إزالة الصورة من الطباعة

توحد الفصائل في الساحة الشامية وأيديولوجياتها

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه وبعد

عمّت الفرحة أرجاء العالم الإسلاميّ، في قلوب المسلمين عامة، بفك الحصار عن حلب الحبيبة، وتقدم المجاهدين، من عدة فصائل، إلى الداخل في الجنوب. وعزا المسلمون هذا النصر إلى توفيق الله وحده، ثم إلى توحد جهد "الفصائل" لهذا الإنجاز العظيم والنصر المبين.

ولا أريد أن أدخل في تفصيلات "الفصائل" المشاركة، ولا نسبة شراكتها، ولا لِمَ لَمْ يشارك من لم يشارك، فهذا ليس موضعه هذا المقال. بل نكتفي بالإشارة إلى إنه، لسبب تعلمه القيادة، تُرك التحدث باسم الفاتحين لمتحدث "جيش الفتح" حتى تتوحد الكلمة. وما نخرج به هنا من نتيجة، هو ما خرج به كافة المراقبين، أن توحّد الصف المسلم لا يقف في سبيله عائق إن شاء الله.

لكن ...

ما هو سبيل هذا التوحد الحقيقيّ؟ وهل هذا مطلب حقيقي أم مجرد تذرّع من البعض للوصول إلى ما يهوى؟

منذ أن انفصلت النصرة عن تنظيم البغدادي الحروريّ، لأسباب يعرفها القاصي والداني، وأظهرت انتماءها للقاعدة، التي كانت مبايعة لها من خلال البغدادي الخائن، لتحتمي وراء ستار الشرعية التنظيمية، التي كانت بالفعل جزء منها، ويكون لها ظهر معين في تلك الفترة العصيبة، التي يظهر أن الكثير قد نسي أو تناسى تفاصيلها.

ثم كان أن انفصلت "جند الأقصى" عن جبهة النصرة وأصبحت تمثل تيارا جهاديا مغايرا ...

ولعلنا نذكر أنّ الشهيد بإذن الله أبو خالد السوريّ كان الرأس المقدم في حركة أحرار الشام، التي نشأت دون ارتباط بأية جماعة خارجية، وإن كانت أيدولوجيتها هي فكر القاعدة، إجمالاً وتفصيلاً، في أيام أبي خالد السوري رحمه الله، إلى أن اغتيل. وجاءت القيادة الجديدة .. وجاءت معها أيديولوجية جديدة ...

كما ظهر ما يسمى بجيش الإسلام، صناعة سعودية خليجية، في سبتمبر 2013، بعد أن جمع عددا من الفصائل المتناثرة .. ثم الجبعة الإسلامية مع الأحرار!

وخلاف ذلك كله، كان ما يسمى الجيش الحر، الذي هو تابع بقياداته للغرب الأمريكي بشكل تام، إلا ندرة من عناصر قياداته. فهم وطنيون قوميون للنخاع. وهؤلاء عبث بهم الغرب طويلا، فنفخ فيهم روح القوة دهراَ، ثم تركهم يسقطون دهوراً! حسب أحوال الساحة، وهم تابعون للإتلاف الخائن، التابع للغرب جملة وتفصيلاً.

هذا باختصار وضع الساحة الشامية اليوم، في ظاهرها ..

لكنّا نريد أن نعرف إجابة السؤال الذي طرحنا من قبل ..

ما هو سبيل هذا التوحد الحقيقيّ؟ وهل هذا مطلب حقيقي أم مجرد تذرّع من البعض للوصول إلى ما يهوى؟

والإجابة مرتبطة بالأيديولوجيات المختلفة التي تمثلها تلك التنظيمات على الأرض، إن استثنينا تنظيم الحرورية، الذي هو معاد للكلّ، وخارج إطار فكرة التوحد مع "الصحوات" و"المرتدين"، الذين تحدثنا عنهم آنفا، بلا استثناء.

  وسأتناول، لبحث هذا الغرض، أيديولوجية القاعدة، وغيرها، من واقع ما تحدثت به قيادات تلك التنظيمات، أو متحدثيهم الرسميين، أو بياناتهم المنشورة، كما يفعل الباحث المستقل في مثل تلك الموضوعات. لكن أود أن أشير قبل ذلك إلى أن المطلب الوحيد الذي تعللت به كافة التنظيمات في الساحة الشامية، لتحقيق الاتحاد مع جبهة النصرة، الأقوى في العدد والعدة، هو أن تنفصل عن القاعدة .. لا أكثر ولا أقل، وهذا ثابت في كل حديث نطق الكلّ بلسان واحد "فك الارتباط" كما أطلقوا عليه.

وقد عرف العارفون بحال الساحة، وبفكر تنظيماتها وأيديولوجياتها المختلفة، وكل من وقف ضد هذه الخطوة، ما هي حقيقة ذلك المطلب، رغم أنّ الشيخ الظواهري قد بيّن، أن هذا الارتباط ليس قدسيّ، بل عمليّ واقعيّ، يمكن فكه إن ظهر كيان يقوم في الشام بإقامة الدين وحماية البيضة. ولم يكن رفض الرافضين إلا لمعرفتهم بأن هذه الخطوة ستتبعها خطوات، وهذا المطلب ستتبعه مطالب، حتى تنتصر الأيديولوجية الأقوى – على ظنهم – الموالية للغرب ولاءً تاماً.

وكان أن رأت القيادة في النصرة والقاعدة، أن تكشف أنّ الأمر ليس أمر القاعدة، وأنّ الغرب يشن حربه، ليس على القاعدة، لكن على الإسلام، وعلى ما يمثله الفكر السنيّ الجهاديّ بكامله، وأنه يسعى إلى شقه توطئة لإنهاء وجوده .. لكن بعض المساكين لا يفقهون. فرأت تلك القيادة، أن تفك البيعة، ليطفو النفاق على السطح، ويظهر المخبوء وينفضح المستور، ويقع المسطور .. وقد كان.

أيديولوجية القاعدة:

أمّا القاعدة، فإني قد زعمت أنّه قد حدث تبدلٌ في فكرها وأيديولوجيتها منذ حوالي 2005. إلا إنني سأبيّن هنا الثابت منها وما هي عليه اليوم، كما فهمته من أقوال الشيخ الظواهريّ المنشورة، وبيانات القاعدة وتصرفاتها عامة.

  1. أن الحكم لله وحده لا شريك له، وأنه لا وليّ إلا هو ولاء مطلقاً، ولا نسك إلا اليه سبحانه. وأنّ إقامة الدين هي واجب عام قائم ما دام بني آدم يدبون على وجه الأرض.
  2. أنّ إقامة الدين تعني إيجاد حكومة إسلامية، سمها دولة أو ولاية أو قطاع، أو خلافة، أو ماشئت، بشرط أن تكون ممكنة حقاً حسب التمكين الشرعيّ، ومقطوعة الولاء للغرب، إلا ما هو شرعي مثل التبادلات التجارية المشروعة، وتبادل الأسرى، أو الفداء لهم.
  3. أنّ غير ذلك عبث محضٌ وهراء صاف، دليله تاريخ المسلمين مع الغرب على مدى أربعة عشر قرناً، إلى آخر واقعة متمثلة بتنازلات الإخوان التي وصلت إلى الحضيض، ثم أطاحوا بهم في مصر، وبأشباههم في تونس، على ما عليه الغنوشي أصلاً من علمانية وردة.
  4. أن الغرب هو العدو الأوّل للإسلام والمسلمين، وعلى رأسه الولايات المتحدة، تبغي زواله، كما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تطيق أن ترى لأهله نهضة بأي ثمن أو حال أو شرط.
  5. أن الإسلام الذي قد ترضى به، مؤقتا، هو إسلام الإمارات وآل سلول. الإسلام الناشر للفسق والعهر، إسلام محمد بن زايد والوليد بن طلال وضاحي خلفان! المتستر وراء كلمات وأفعال لا تسمن ولا تغني من جوع، المختبئ وراء فتاوى علماء خانوا دينهم وأماناتهم.
  6. أن إسلام أمريكا يشمل الخضوع للكيان الصهيونيّ وتسليم أرض فلسطين كاملة لدولة اليهود. كما يقضي بتقسيم الدول المحيطة بها، وإنهاء القوة المصرية والعراقية. وهو ما تم بالفعل بيد السيسي ابن اليهودية، ومحمود عباس البهائي، والروافض في كرسي الحكم ببغداد.
  7. أنه مهما تنازل حاكمٌ أو رئيس تنظيم أو جماعة، أو أي تجمع، عن ثوابته العقدية، فلن يجدي ذلك نفعاً، لا في القريب ولا في البعيد.
  8. كانت من التطبيقات لتلك الأيديولوجية التي تبنتها القاعدة حتى عام 2005 تقريبا، أن أصبحت مهاجمة المصالح الغربية حول العالم، وضربها بكل قوة، هي الهدف الأول للقاعدة، دون قصد المدنيين أو الأفراد البتة، من حيث لم يكن هذا من أيديولوجيتهم في يوم من الأيام. وما تبيّن، لي أنّ اعتبار آل سلول هم أسّ البلاء، واليد السوداء التي يلعب بها الغرب في الداخل الإسلامي، لم تكن متكاملة التصور لدي القيادة في القاعدة، من حيث استمر الشيخ أسامة على التعامل مع آل سلول حتى غزو الكويت، بل عرض عليهم أن يأتي بقواته للحجاز لوقف صدام، وكان الرفض طبيعي. ثم جاءت الضربات الموجعة لأمريكا، وأصبحت القاعدة هي عنوان العداء للغرب، ولمن يقف في صف الغرب، بحسن نية أو بسوء نية.
  9. هذه الأيديولوجية، قد تغيرت كما ذكرت فيما أرى، منذ حدثت التحولات في علاقة القاعدة بالزرقاوي في جهاد العراق. وتعضد التغيير بعد ما أسماه الإعلام الربيع العربي، فوجهت القاعدة جهودها إلى محاربة الداخل في قواعدها باليمن والمغرب وبلاد الحرمين والشام، باسم النصرة.

هذه، باختصار، أيديولوجية القاعدة، كما يستشفها الباحث الحصيف من بياناتها وتصرفاتها، بعقل فيه من الحس الفقهي والأصوليّ ما يعينه على الاستقراء ثم الاستدلال فالاستنباط.

فأي جزء من هذه الأيديولوجية، ترفض بقية التنظيمات في الشام أن تتحد معها، مثل الأحرار وغيرها ممن ذكرنا؟ وكما قلنا، فإن النصرة، أو جبهة فتح الشام، لم تكن يوماً في خط القاعدة المختص بالبند الثامن، فما الأمر ما الذي يعيبونه ويريدون إسقاطه؟

ثم لنتحدث عن بقية تلك الأيديولوجيات إذن.

أحرار الشام:

مرة أخرى، فإننا نتلمس طريقنا للكشف عن تلك الأيديولوجيات، لنعرف الفرق بينها، ومن ثم لمَ لا تتحد فصائلها، كما نكشف، ما استطعنا، عن الخبيث من الطيب، وإن أعجب الكثير كثرة الخبيث!

فأحرار الشام، كانت تتبنى الأيديولوجية العامة للقاعدة، والمرصودة في كافة البنود السابقة، عدا البند رقم 8، من حيث إن حركة الآحرار حركة نشأت داخل سوريا، وتمددت منذ 2011 إلى أن شملت عددا لا يستهان به من المقاتلين، غالبهم من سوريا، مع ضعف وجود المقاتلين من الخارج (المهاجرين) فيها. وقد أسبغ هذا عليها صفة "قومية" خاصة مع قلة احتكاك قادتها، إلا أبو خالد السوري، الذي ذهب لسوريا والتحق بكتائبها من بعد. وما أن استشهد أبو خالد السوري، ثم لحق به بقية رؤوس الحركة الأوائل، الذين كانوا أقرب لأيديولوجية التيار الجهادي العالمي من غيرهم، حتى اندلع تيارٌ في الأحرار، كاد أن يقسمها شقين، وإن أنكرت رؤوسها اليوم ذلك. تيار يتابع ما كان عليه أبو خالد السوريّ، وبقية الرؤوس الذين استشهدوا في مجزرة الأحرار، وفريقٌ خرج بأيديولوجية جديدة، مبنية على فكر وارد من أمثال حذيفة عزام، وتيم شريفة وشؤون استراتيجية، وهو ما سنبيّنه هنا، من حيث إن استراتيجيتها الأولى كانت قريبة مما ذكرنا عن فكر التيار العالميّ، إلا في بنده الثامن:

الأيديولوجية في مرحلتها الثانية:

وهي لا تكاد تشارك أيديولوجية القاعدة إلا في بندها الأول .. بشكلٍ عام

  1. أن الحكم لله وحده لا شريك له، وأنه لا وليّ إلا هو ولاء مطلقاً، ولا نسك إلا اليه سبحانه. وأنّ إقامة الدين هي واجب عام قائم ما دام بني آدم يدبون على وجه الأرض.
  2. أنّ الثابت الوحيد في معادلة أية أيديولوجية هو ذلك البند الأول، مقصدا ونتيجة، سببا ومُسِبَّبا.
  3. أن إقامة الدولة، هي واجب ملزمٍ، وإن كانت أشكاله وطرقه تتفاوت، فيلتقي مع الشكل الغربي في أمور كثيرة، منها صورة الشورى، والانتخابات العامة والبرلمانات. وهي أيديولوجية تقترب مع الفكر الإخوانيّ والسروريّ لدرجة كبيرة.
  4. أن السياسة الشرعية، بابها مفتوح للإجتهاد، وإن كان المجتهدون من أصحاب العلم المضمحل أو التوجهات المشوشة.
  5. أنّ الغرب يمكن أن يبتلع طعماً، يطعمه له لبيب النحاس اليوم، دون أن يدرى. فإن لم يكن، فلا بأس من تغيير الأيديولوجية تغييراً جذريا، حسب ما يطرأ من متغيرات.
  6. أنّ الالتزام بالقوانين الدولية ممكن بالوقوف في منتصف الطريق، وتأويل التاريخ والعقيدة والسنة، بفهم جديد، أسوأ مما حاوله الليبراليون والعلمانيون الجدد، من حيث استخدامهم للنصوص بعد تحويرها وتدويرها للتلبيس على العوام. وهو ما يفعل شريفة والنحاس وبطانتهما.

وهذا هو خلاصة ما قرره لبيب النحاس، مع حذف كلّ ما هو غث من كلامه، وهو الغالب عليه، إذ لا يموه به إلا على العوام. وهذ هو توجه الأحرار، الذين يمثلهم لبيب النحاس، وإن كان فيهم من يقاوم هذا الاتجاه، لكن الغلبة اليوم لأصحاب هذا التوجه المتميع على المسرح السياسي والعسكريّ، والذي انعكس في بيانهم عن جبهة فتح الشام، ومطلبهم أن تخطو الخطوة الثانية .. للتحرر من أيديولوجية القاعدة، رغم إنهم كانوا يرون فك الارتباط هو المطلب الرئيس، وأنقل كلمات نشرها حديثا لبيب النحاس على تيليجرام "الاوزار التي حملتها الساحة بسبب الارتباط بالقاعدة كانت كثيرة منها استثمار المجتمع الدولي لهذا الامر لتبرير ضرب اخواننا، ومنها  استعمالها كذريعة لتحويل الثورة السورية الى حرب على الارهاب ولا سيما بعد ظهرو وتغول داعش، ومنها  تصعيب مهمة توحيد الساحة ودخول كافة الفصائل تحت مظلة واحدة، وامور اخرى  لا يتسع المقام لذكرها هنا… وهذه  “الاوزار” أيضا اجتمعت عليها الساحة  وحتى الدكتور الظواهري في كلمة له قال مرة  انهم كانوا ضد ان يتم اعلان الارتباط بالقاعدة حتى لا يتحمل أهل الشام تبعات ذلك" اهـ. وهذا يعكس اختلافا جذريا عن أيديولوجية القاعدة، إذ يعتبر أن الارتباط بالقاعدة وزر تحملته الساحة الشامية، وهذا مغالطة وتدليس معيب، يليق بمثل من يحمل هذا الفكر. فالغرب لم يكن يحتاج للقاعدة كي يبرر تمسكه ببشار، بعد أن أعطته داعش كلّ ذريعة في الأرض ليدك الشام كلها. كما أن هذا الفكر المختل يعكس سذاجة لا حدّ لها، أو خيانة لا قاع لها. إذ هم يعرفون أنّ الغرب، كما بيّناه في الفقرة الثالثة والسابعة، لن يترك الإسلام حتى يصل لتدميره وأهله "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"البقرة. فهؤلاء، مع الأسف بين خيارات ثلاثة، السخف والسذاجة، أو عدم الثقة بالله، أو الخيانة الصرفة. لا رابع لها. ولا أتهم أحداً بخيانة، لكن علي من يحمل هذا الفكر أن يتخذ موقفاً من تلك الفروض الثلاثة.

والحق أنّ وضع شريفة فيما أسموه "رابطة علماء الشام" هو رسالة مدروسة مفادها أن هذا الاتجاه في الأحرار ممثل في تلك الرابطة التي يرأسها د المحيسني، الذي يتحدث باسم جيش الفتح، فيكون لذلك الاتجاه وجوداً في الكيان المشترك مع جبهة فتح الشام .. والرابط هو المحسيني. فلينتبه الغافل.

أيديولوجية جند الأقصى:

وهي الجماعة التي انشقت عن النصرة بسبب موقفها من داعش. ولا أظن أن هناك فارق بين أيديولوجيتها وبين أيديولوجية فتح الشام، إلا إنها تأثرت بموقف أبي محمد المقدسي من الحرورية، ذلك الموقف الذي أخذته فيه العزة بالإثم، فلم ير أن يراجع نفسه فيه، رغم أنّ دليل حرورية هؤلاء الدواعش كالشمس الساطعة، لكن، كيف يرجع عن رأيه فيُقال أن المقدسي تراجع عن رأي رآه! وهذا في الحقيقة هو أخف الفرضين في موقفه ذاك، وإلا فالآخر أكثر شراً!

وجند الأقصى، إن تخلصوا من دواعشهم، من غير هذا التهاون الخطير والخطأ الفادح في تقييم داعش، لا يجب أن يكونوا فريقاً وحدهم من حيث توحد أيديولوجيتهم مع فتح الشام كما قلنا.

جيش الرياض (علوش):

وهذا الجيش تقوم أيديولوجيته على:

  1. أن الإسلام دين الوسط والاعتدال والمرونة، كما يراها الحكام العرب، خاصة الخليجية، وأنّ السلفية هي سلفية الذقون والقبور، لا الجهاد والقصور.
  2. أن القتال اليوم غرضه إزالة بشار، لتثبيت أركان دولة "سلفية" يقودها قادة ذاك الجيش، بتمويل سعودي، وولاء كامل للرياض، وحكومة على النسق الملكيّ، تتبع آل سلول في كل تصرفاتها.
  3. أنّه، من هذا المنطلق، فلا مكان إلا للسوريين في هذا التصور، ولا محل لحاملي عقيدة القاعدة، ولا حتى الأحرار، وإن كانت الأحرار أقرب اليهم نوعاً.  
  4. أن سوريا يجب أن تبقى دولة قومية سلفية تحكم بأنموذج الإسلام الأمريكي، تسهيلاً على الخلق، وحفظاً على الحدود السعودية من خطر "الخوارج" من داعش والنصرة وأي مجاهد يرى غير ما يراه هؤلاء.
  5. أن القوانين الدولية حاكمة على الدولة المنشودة، من باب الواقع، ومن باب التأويل للأحكام الشرعية لتناسب تلك القوانين.

هذا ما عليه أصحاب ذلك التنظيم. ومن ثم، فإن أي نوع من تصور توحد بينهم وبين بقية الفصائل، وهمٌ لا أساس له من واقع. فالفرق بين الأيديولوجيات كالفرق بين السماء والأرض، أو الثرى والثريا.

الجيش الحر:

وتقوم أيديولوجيته على:

  1. أن الإسلام مكوِّنٌ من مكونات المجتمع السوري، مثله مثل بقية المكونات، الدرزية والنصيرية والصليبية. وأنّ كلّ مكون يجب أن يكون ممثلاً بالتساوي.
  2. أن القوانين الدولية هي الحاكمة الأولى في الدولة السورية القومية، وأن النظام الديموقراطي هو النظام المختار، ليتناسب مع العصر، بلا تقييد لحريات باسم الدين، حسب تصورهم له.
  3. أن الحريات الفردية مكفولة ولا فروض ولا حدود، إلا ما كان من آذان وصلاة.

 ومرة أخرى، لا تقابل بين هذه الأيديولوجية وبين ما ترى جبهة فتح الشام إنه إقامة دين الله في الأرض.

الخلاصة:

وخلاصة الأمر، هو إننا نتمنى أن يكون لدي التنظيمات المختلفة الجرأة الكافية والشجاعة الأدبية أن تبين، كما بيّنا، ما هي النقاط التي يطلبون من جبهة فتح الشام التنازل عنها لصالح التوحد؟ ومنْ مِن تلك الأيديولوجيات سيرضى ويقنع بأقل ما حدّه لنفسه، داخلياً، وبارتباطاته الخارجية؟

د طارق عبد الحليم

11 اغسطس 2016 – 7 ذو العقدة 1437