إزالة الصورة من الطباعة

عودة إلى الحالك الهالك .. الصعلوك المتعالم !

الحمد لله الذي لا يحمد سواه، المحمود على كل حال، وبكل لسان ومقال، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد

 

وجاهلٌ مَدّه في جَهلِه ضحكي                   حتى أتته يدٌ فرّاسة وفَمُ

أعوذ بالله من الخزى والخذلان .. ومن الكذب والبهتان .. وأشهده سبحانه، على ما سأقول بعد، أني لم أصطنع كلمة ليست بحق، ولا أقول كذباً، وأبرا إلى الله منه، بل الكذب شيمة متسكعي العلم وصعاليكه في أيامنا النحسات هذه! كحايك الحرورية، الذي هو موضوعنا اليوم.

كتب الصعلوك مقالاً منذ فترة، نعته بعنوان "الإِرشاد لما في نسيج د. طارق عبدالحليم مِنْ فساد وإفساد!" رمانا فيه بطوام هو أهل لها، وأشهد الله إنه قد بَهت وتعدى، وسأسأله عن هذا يوم نلتقي خصوما أمام الله سبحانه. ولم أقرؤه وقتها ولم أعره انتباها إلا رداً بسيطاً على مجمل ما سمعت عنه. لكن حان وقت البيان، وقطع رؤوس دعاة الحرورية الأنجاس، واحداً تلو الآخر، فبعد أن أنهيت الفسل حسين بن محمود، وقضى أخي الحبيب الشيخ د. هاني السباعي على البنعلي المنافق، قرأت المقال اليوم أول مرة يشهد الله. وفسأجعل الصعلوك عبرة إن شاء الله تعالى.

أما وصفي له بالصعلوك، فليس كذباً عليه ولا بهتانا، فإني أصفه في العلن، ثم إن الصعلوك هو المتسكع الذي يدعى أشياء لا يملكها، وهو تمام وصفه، بل ووَصف كثيرٍ من أبناء جيله التعساء، كالبنعليّ وحسين بن محمود والجازوليني، الذين ركبوا موجة الحرورية واستمرأوا مدح بقّها. ولو أردنا ما فضحنا الحرورية، ولحظينا منهم بكل الاحترام الذي يسعى له جاهدا عند أهل التنظيم، لكن أنّى للصعلوك أن يعرف ما هو فيه!

ونحن لم نهاجم الصعلوك أبدا، ولم نقل فيه إلا كلمة خير بعد أن ذكرنا بخيرٍ مرة، ولم نكن نعرفه أصلاً، فمن يعرف مدرساً في كُتُّاب أنشأه لنفسه في دولة (الأردن)! وليس حتى بأستاذ جامعة ولا غيرها. لكنه أبى إلا أن يتقرب من إخوانه من كلاب أهل النار فعض يداً باطشة ونطح صخرة عاتية، سيتورم منها رأسه وقفاه معا إن شاء الله.

وهذا الجيل، جيل الصعلوك، هو جيل، الكذب والجهل والتلبس بالعلم، إلا من عصم الله، خاصة من وقع أسير بدعة الحرورية، لعنهم الله جميعاً.

والصعلوك، يعيش في الأردن، الدولة التي تحارب المجاهدين، وتضرب دولة الحرورية الخسيسة، لم يصدر عنه لفظٌ واحد يدين ملكها ولا نظامها! ثم يتجرأ بأن يقول "ثم انظر إلى خوفه من وضع اسمه الحقيقي على الكتاب بدعوى جوّ السبعينيات!! كيف لعالم يصدع بالحق أن يخفي اسمه! ما هذا الجُبن؟ ويريد هذا الجبان من بعض الناس الآن أن يصدعوا بأمور هو لم يفعلها!! ويتحداهم بذلك". سبحان الله، هذا هو لسان الصعلوك وأدبه الذي رباه عليه والداه لمن هو أكبر من والده. ليس الجبان من دعا إلى الله وكتب حتى طارده قومه فخرك يلتمس الأمان ولو بين الكفار، لكن الجبان من قبع في ظل الطواغيت فلم يهمس ببنت شفة وتنسون (من النسوة!) كأنه لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم. لكن الصعلوك صعلوك أولاً وأخيراً.

وعلى الأقل، فقد كتبنا وقتها، في عز جبروت السادات، ما فيه الكفاية ، وسأذكر بعد الظروف التي كنّا نمر بها. لكن هذا المأفون الصعلوك، يعيش في ظل دولة الأردن ولا يتحدث بلفظ ضد ملكها ولا يكون له، ولا أدرى لِمَ لَمْ يهاجمه كلاب أهل النار لعدم هجرته لدولة الخرافة؟ ولم لمْ توقفه حكومتها، كما طاردتنا حكومة مبارك 1981، عقب مقتل السادات، مما دعاني إلى الخروج من مصر عقوداً! ما هذه الصعلكة؟ كيف يعيش أصحابها؟ لا أدرى والله.

أوفر على القارئ جهده في تتبع ما خلّط الصعلوك، فأقص عليكم حديثاً في أمور ثلاثة:

  1. ما مرّ في قصة كتبى الثلاثة التي ذكرها الصعلوك "الجواب المفيد، فتح المنان، والتوحيد" بتفصيل كافٍ، لم أر من قبل داعياً له، فلست ممن يحب الحديث عن نفسه كثيراً، بل أتحدث بقدر ما يحدث، ولهذا ظللت أكتب خمسة وثلاثين عاما دون أن أشغل نفسي بمقابلات أو غيرها، حتى جاءت أزمة مصر ثم أزمة الشام، فأخرَجت المرء عن طوره وطبعه. ثم هذه فرصة أحكي فيها تاريخ بعض من عمل في السرّ وأبى أن يتصدر في العلن، رغم سعة علمه وفضله، جزاهم الله خير الجزاء.
  2. الردّ على دعوى الصعلوك أنني نقلت في كتابي "مفتاح الدخول"، عن الشيخ أبي زهرة دون أن أعزو النقول، جزاه الله بدعواه.
  3. الحديث عن الصعلوك نفسه ومكانته، وما يمثله.
  1. قصة الكتب الثلاثة: كنا مجموعة من الشباب في الستينيات، نلتقي في الجامعة، بكلية الهندسة، ثم أخ لأحدنا كان يدرس في كلية الطب، فكنا أربعة، تآخينا في الله، ومررنا بمرحلة الشباب، ثم النضج، ثم الالتزام ومناهضة عبد الناصر أيامها. وكنا نقرأ في كلّ ما يتاح لنا من كتب، أكثرها وقتها في الفلسفة والتاريخ، وتخصصت أكثر منهم في قراءة الأدب العربي، لنشأتي في بيت جدودي الشيخ سليم البشري شيخ الإسلام وابنه الشيخ عبد العزيز رحمهما الله.

ثم دارت الأيام، بعد إعدام سيد قطب، وتحولنا كلنا إلى الدراسات الشرعية، والتحقت بمعهد الدراسات الإسلامية بالزمالك عام 1971 و1972، ودرست فيه على أيدى علماء كبار، وإن لم يكن هذا موضوعنا. ثم حدث أن سافرت إلى السعودية للعمل، فلست عاطلاً كالصعلوك أتكسب من تدريس علم مصطنع ادعاه، بل لم أكسب من كتاباتي ولا محاضراتي فلساً واحداً إلى يومنا هذا والحمد لله تعالى.

وعدت من السعودية في عام 1976، حيث التقيت بالمعلم الحبيب الشيخ عبد المجيد الشاذليّ رحمه الله، وكنا، أنا ورفاقي، أو على الأصح اثنين منا، قد بنينا بناءً فكرياً، ودرسنا كتب الشريعة دراسة مستوعبة، وكان أحدهم هو أخي الحبيب الشيخ بن عبد الهادي المصريّ، صاحب "كتاب الإنطلاقة الكبرى". ولست والله في حلّ من ذكر اسمه الحقيقي، لكنه لا يزال حيّاً يرزق، ويتابع ما أكتب. وطبع الشيخ د. عبد الهادي الهدوء الشديد والتأني والحرص في الكلام، إلى أقصى حدّ ممكن. وكان اقتراحنا أن أقوم بكتابة ثلاثة كتب، من حيث كنت الأفضل في التدوين، هي التوحيد، والإيمان، والجواب المفيد، وألا نضع اسماً حقيقياً على هذه الكتب، فلسنا طلاب شهرة. كما توقعنا أن نعتقل بمجرد صدور كتاب التوحيد خاصة لما فيه من تكفير السادات وصحبه، وإظهار حقيقة الحكم بغير ما أنزل الله. ومن هنا، قررنا أن نعكس الإصدارات، فقررنا إصدار الأخير منها، لأنه كتاب أصول أساساً، ثم الإيمان، ثم التوحيد أخيراً، وليكن بعدها ما يكون. ولم يكن الشيخ الشاذلي في الحقيقة يعرف أني أدون أيّا منها، حيث سافر إلى السعودية بعدها.

وكان أن أنهيت كتاب الجواب المفيد في حكم جاهل التوحيد، وراجعه ونشره أخ حبيب كان ممن يحضر دروسي العديدة في الألف مسكن وفي المطرية وفي مدينة نصر وقتها، وهو لا يزال حيّ يرزق، قابلته في مصر أيام محمد مرسي، وإن ثقل عليه المرض مؤخراً، وقد تجاوز الستين من العمر. وكان وقتها شاباً صاحب مكتبة معروفة، لكن مرة أخرى لست في حلّ من ذكر اسمه. وطبعته مطبعة المدني، باسم عبد الرحمن بن عبد الحميد. وسأرفق صورة غلاف أول طبعة له، ومعها طبعات أخرى بعدها.

والحق أن من له أي حسّ أدبيّ يرى طبعة أسلوبي حية في هذا الكتاب، كما يراها في تقديمي للرسالة المستخرجة من مجموع فتاوي بن تيمية، والذي طبعه تلميذي الأخ الحبيب صاحب المكتبة تحت عنوان "حكم شيخ الإسلام فيمن حكم بغير شرائع الإسلام" وهي موجودة على موقعي. كما لا يزال أخي الحبيب الذي عرفته منذ أيام الجامعة حياً يرزق، وكان من مؤسسي التيار السني في مصر زمن محمد مرسي، لكن اسمه يظل أمراً يعود اليه كشفه لا إليّ، خاصة في ظروف مصر السيسي. وأنّى للصعلوك أن يفهم؟

ثم كان أن هاجم الإخوان والسلفيون ومنهم محمد إسماعيل أيامها، كتاب الجواب المفيد، وقالوا أصدرته جماعة "قطبيو مدينة نصر"! ثم نسبته جماعة أخرى لنفسها، لا أذكرها. ثم كان أن أصدرت كتابي الثاني بعنوان "فتح المنان في بيان حقيقة الإيمان" باسم محمد بن أحمد القنائي. وهو اسم حقيقي ونسبة حقيقية، إذ اسمي الكامل محمد طارق عبد الحفيظ أحمد عبد الحليم الهماميّ الهواري، وبلدي قنا، ومن يُنسب لقنا يقال قنائي أو قناوي.

ثم حدث أن زارني الشيخ محمد سرور في بيتي في مدينة نصر عام 1979، مع الشيخ سفر الحوالي، وكان الحواليّ وقتها لا يزيد على العشرين من عمره، نحيلاً طويلاً، حيث قضوا عندي ثلاثة أيام عرض عليّ فيها الشيخ سرور التعاون، وكان جوابي أن أحَلْت على مشيئة الله وقتها. وترك عندي الشيخ سرور مجموعة كتب "وجاء دور المجوس" لترويجها في مصر.

لكن قدر الله سابق، فقد قتل السادات، ولم يزل عندى منها بقية، فعمدت إلى إحراقها بعد أن بلغني أنّ الأمن يسعى خلفي، لأن الأمن قد وجد رسالة "حكم شيخ الإسلام" في منزل خالد الإسلامبولي رحمه الله، ولم أكن أعرفه. فقمت في ليلة بحرق كتب "وجاء دور المجوس"، إلا أن الحريق امتد لبعض الفراش،وكانت أزمة، غادرت بعدها البيت أسابيع لحين تدبير مغادرة مصر. وأرسلت أخي لبيتي حيث جمع كل مكتبتي وهي كبيرة، وفيها مخطوطة كتاب التوحيد. وظلّت حقائب الكتب عند عدد من أصدقاء أخي سنيناً، إلى أن استعاد أكثرها، وفتحها وبدأ إرسالها لي، وكانت صدمتي أن ضاع الكتاب فيما ضاع من حقائب بعد تلك السنين. وأقسم بالله كأني يومها فقدت ابناً لي، فقد كان مخطوطة كاملة معدة للطبع. ومن هنا يفهم القارئ لمَ ذكرت الكتاب، وما كانت نية الترتيب في إصدار هذه المجموعة. ولو تجشم الصعلوك السؤال، لوفّر على نفسه فضيحة الدنيا والآخرة، فوالله ما دونت إلا حقاً، ظاهراً وباطناً، ولا يزال من طبع الكتب حياً، ولا يزال يشهد علي ذلك الشيخ ابن عبد الهادي أطال الله عمره. وقد جمع الشيخ ابن عبد الهادي بعدها بسنوات كتابه الإنطلاقة الكبرى، ودوّن كتاب الإيمان عند أهل السنة والجماعة، وهما كتابا نقولات موجّهة أكثر منهما تأليفاً. ولا علاقة لكتابه الإيمان، بكتابي فتح المنان، إلا في عقل الصعلوك، وأنّى للصعلوك أن يفهم؟

وأسلوب الكاتب كبصمة إصبعه، يتفردّ به، ولا يعرف هذا إلا من عاني الكتابة والقراءة طويلاً ليميز أسلوب كاتب معيّن من غيره. فأني للصعلوك الحكم على أسلوبي، وسترى بعد، حين نتعرض لما كتبه حتى يومنا هذا، أن ليس فيه أثارة من تدوين علم أو خطة أدب؟ والتدوين في أمرٍ علميّ غير الكتابة في مقال صحافيّ. ودون القارئ بحثيّ الأخيرين "الاستثناءات من القواعد الكلية"[1] والآخر "تطور علم أصول الفقه بين الشافعي والشاطبيّ"[2] فهما، لطبيعة موضوعاتهما، غير ما دوّنا على مدار ثلاثة أعوام في تأريخ حقبة الثورة المصرية، أو أحداث الشام، ولكل مقام مقال كما يقال. لكن أنّى للصعلوك أن يفهم؟

ثم أين ذكرت أن شهادتي للدكتوراه هي في الشريعة؟ لقد كتب إخوة سيرتي على النت، وذكرت بنفسي في فيديو أنني تخرجت مهندساً، وحصلت على الماجستير والدكتوراه في الإدارة من انجلترا، وتخصصت في محطات القوى خاصة النووية. فأين قلت غير هذا؟ لكن من أنت خيبك الله؟

أمّا عن مجموعة التوحيد، فلم أعلم باختيار كتابي لتضمينه في تلك المجموعة، إلا في عام 1993، حيث كنت مدعواً كمتحدث في مؤتمر للأيانا IANA، في دنفر - كولورادو بأمريكا. وكان بعض من عرفت من طلاب مبعوثين لانجلترا، منذ أن قضيت فيها وقتاً في الثمانينيات، والتقيتهم في بعض الدروس، خاصة مع الشيخ محمد سرور قبل أن أفاصله. فقال لي أحدهم "هل رأيت كتاب عقيدة التوحيد؟ وكان يعلم أني كاتب الجواب المفيد، وأعطاني نسخة منه، كما أعطاني نسخة من كتاب محمد سرور "التوقف والتبين" والذي هاجمنى فيه دون ذكر اسمي.

ثم إن كان عبد الرحمن بن عبد الحميد، أو الأخ القنائي حيين، فأين هما؟ لم لا يخرجان على الناس، ينافحان عن كتبهما؟ أم توفاهما الله؟ أين من يعرفهما؟ أين من يعرف عن كتابتهما لتلك الكتب، التي لو عشت عمرا وخلدت دهرا لم تكتب صفحتين منهما؟

كما إني لم أزعم يوماً أنني أعرف الأخ الغامدي، ولا الشيخ الجليل ابن باز شخصياً، فمن أين أتى الصعلوك بهذا التأول عليّ؟ إنما عزيت اليهما فعلهما في تقديم الكتاب وطبعه ضمن المجموعة والتوفر على جمعها، لا أكثر، لكن البهتان داء متمكنٌ من هذا الصعلوك.

يشهد الله مرة أخرى أني ما نطقت ولا دونت إلا حقاً. وسأرفق صور طبعات متعددة من الكتابين، منها طبعته الأصلية، ولا أدرى كيف أوصلها ليد الصعلوك، لكن لا أظن أن له هذه الأهمية، وقد دونت هذه المباحث وهو لا يزال فكرة ذميمة في عقل أبيه.

  1. أمّا عن كتاب مفتاح الدخول: فهذه والله ثالثة الأثافي. فقد قال الصعلوك إنني لم أذكر في مقدمتي أنني قد كنت أجمع مادة لتحضير كتابي عن منهج النظر والاستدلال عند أهل السنة والجماعة. وسيجد القارئ صورة المقدمة للكتاب المطبوع وفيها نصّ ما ذكرت، فخسأ الصعلوك.

ثم قال "هولمز" الصعاليك إنه قرأ كلمة منهج النظر والاستدلال عند أهل السنة والجماعة فيما كتب الأخ الشيخ الحبيب ابن عبد الهادي! وهذا يا "شرلوط (بالطاء!) هولمز" عصرك لأننا نشأنا سوياً، وكان هذا الكتاب هو حلم أردنا أن نخرجه سوياً منذ عقود من قبل أن يسويك الله رجلا فصعلوكاً. فما هي الدلالة في ذاك؟ وأنّى للصعلوك أن يفهم؟

أمّا عن الموضوع نفسه، فوالله ما كان فيه سرقة ولا يحزنون، إلا إني جمعت أقوالاً للعديد من الأصوليين كأبي زهرة والشوكاني والغزالي والشاطبيّ، وغيرهم ممن أحلت عليهم في الكتاب، وذكرتهم في المراجع. وقد بيّنت أن من أهم من تأثرت بهم الشيخ أبو زهرة، بل لا زلت أنصح المبتدئ أن يبدأ بكتابه أولاً. ثم نسقتها وأضفت اليها ما لم يدركه الصعلوك بأن جعلت فصلاً مخصوصاً للمقاصد، وفصلاً آخر للبدعة وأصولها من حيث ارتباطها بأدلة الاستحسان والمصالح المرسلة. وقد ذكرت ذلك في مقدمة طبعة دار الأرقم قبل أن يخرج علينا شرلوط السلفية! ثم يتساءل الصعلوك ويتعجب عما عساي أن أكون أضفت! وأنّى للصعلوك أن يفهم؟

وقد ذكرت في مقدمة كتابي ما نصّه "في رحلتي عبر علم الأصول أخذت في تدوين بعض الملاحظات والتعليقات. ثم رأيت أنها قد تكون ذات نفع لمن أراد أن يترّسم نفس الخطى في تحصيل هذا العلم، وأن تُعين على توجيه الفهم وتكوين الملكة لمن أراد أن يتعرف على العلم دون التعمق في تلك الموسوعات المدونة فيه". وأرفقت صورة من المقدمة. فلو رحم الصعلوك نفسه لما وضعها في هذا الموضع الكريه الذي أقله البهتان والحسد وادعاء العلم والتلبس بما ليس فيه. وأنّى للصعلوك أن يفهم؟

وأمّا عن موضوع الواجبات الذي علق عليه، فقد سبق الغزاليّ أبو زهرة فقال "وقوله بوجه ما قصد أن يشمل الواجب المخير فإنه يلام على تركه مع بدله والواجب الموسع فإنه يلام على تركه مع ترك العزم على امتثاله" فذكر الواجب الموسع والمضيق وغير ذلك من الأقسام التي ذكرت من قبل في كتب الأصول. وإنما اخترت ترتيبها قريباً مما ذكر أبو زهرة لأني رأيته أسهلها طريقة وأبسطها وأحسنها مدخلاً. وهو دأب كثير من العلماء. ولو كان للصعلوك أهمية علمية لجمعت له فيها كتاباً فيما تشابه فيه العلماء في النقول. وأين هو من السيوطي الذي كان يضمّن كتباً كاملة في كتبه، بل أين هو من كتابيّ فتح الباري وعمدة القاري اللذين لا يكاد يميز أحد أيهما أخذ عن الآخر؟ والسرقة هي في ذهن من ادعاها، وأنّى للصعلوك أن يفهم؟

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه        وصدق ما يعتاده من توهم

ثم يقول الصعلوك "وزاد في آخره طامة!! فقال: "وقد أثبت الله سبحانه الأمثال في القرآن وهي تفيد أن حكم الشيء هو حكم نظيره كقوله سبحانه {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم} وغيره في القرآن كثير [راجع أعلام الموقعين:1/50]"". سبحان الله، أرأيتم أكثر تغفيلاً من مدعى العلم، الصعلوك؟ لا يعلم أنّ الأمثال من صنف القياس الجليّ، وهي إثبات للعلة، وبهذا جاء خطاب عمر لأبي موسى الأشعريّ "اعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور". فذكر الأشباه والنظائر والأمثال والقياس. وإذا بالصعلوك يقول "فما دخل القياس في الأحكام الشرعية التي تدور حول العلة في مسألة ضرب الأمثال للتقريب"! ونقول لعمر رضي الله عنه، على لسان الصعلوك "ما هذا يا عمر! ما دخل الأمثال بالقياس"!! وقس على هذا المستوى في الفهم بقية ما موّه به في حديثه.

ثم لا أدرى من أين أتى المأفون بإباحتى للعمل في البنوك الربوية! إنما قلنا إنّ الاضطرار أو الحاجة الملحة تبيحها يا صعلوك لحين أن تزول الضرورة أو الحاجة الملحة التي تنزّل منزلة الضرورة! أنت قابع في الأردن، فما هي الحاجة والضرورة التي تجعلك تبقى هناك، على أصلك؟ أليس هذا بأكثر حرمة من أن يعمل أحدٌ، في ضرورة أو حاجة ملحة، كاشيراً يصرف شيكات عادية، لحين أن يجد مكانا غيره ينفق منه على عياله؟ أتفهم معنى الضرورة والحاجة الملحة؟ أرأيت مثل هذه الحالات كما عايشناه هنا في الغرب، حتى تكتب الفتاوي "الحايكية"[3]! إن التحريم هو ملجأ المصطنعين من صعاليك العلم، يقدر عليه كلّ أحد، لكن استنباط الأحكام التي تناسب الأزمان والحالات هي التي تفرق بين عالم وصعلوك. قرأت يا صعلوك ما نقلته عن الشاطبي في حديثي ثم بحثت في جوجل تحت اسم المقاصد حتى وجدت مادة الريسوني، فأخذتها دون فهم تتباجح بها. وقد عرفنا الريسوني قبلك وكتبنا في زلاته ما كتبنا، فوالله إنك لا حياء لك.

  1. ثم نعود إلى شخص الصعلوك وقيمته: فما الذي حملك على التعرض لي دون سبب؟ أهي الحرورية؟ نعم، فقد نافحت عن المخرّف الآخر الحازميّ، شيخ المكفرين، الذي خلط خلطاً معيباً. لكن أحسب أنّ الأصل هو حب الشهرة والظهور، فلم يكن لمغموز مغمور مطمور مثلك أن يكون له صوت البتة إلا عن طريق تنظيم كهذا.

ثم أين هي أعمالك يا صعلوك؟ هذا هو ثبت ما أسميته كتباً، وهي ، وهي كلها أبحاث لا يزيد أحدها على 20 صفحة بالكاد، شرلوط هولمز السلفيّ! خيبك الله. ثم كيف ميّزها مما وضعه تحت اسم أبحاث، فكلها وريقات.

ما هذا يا صعلوك؟ أين العلم الذي تتحدث به؟ أين نتاجك غير خمسة أبحاث، لا يجيزها طالب أزهري في سنته الثالثة. ألا تستحى من هذا النتاج الهزيل الذي ليس فيه غناء لطالب علم يستفيد به؟ ألا تستحى أن تنقد سيدك وتقول عنه ما قلت وأنت من أنت؟ لكن العيب على النت التي صغّرت كبيراً وكبّرت صغيراً، وجعلت من الصعاليك بشرا كالبشر.

ثم، يا صعلوك، تعيش في دولة على رأس التحالف، فهلا قلت كلمة واحدة عن حُكمها وحاكمها؟ هلا كتبت باسمك الحقيقي، وهون عليك، فاسمك الحقيقي تماما كاسمٍ مستعار إذ إنك نكرة في الحالتين؟ أذكرت الكساسبة ولو بحرف؟ هل أقسمت الولاء للملك عبد الله؟ أم إنك مولود بولايته؟ لماذا لم تهاجر يا تعيس إلى البغدادي إن كان وليّ أمرِك أمَرَك بالكذب والبهتان فأطعت؟ لماذا لا يرميك بقّ الدولة بالكفر وأنت على بعد عشرين كيلومتراً من أرض الأحلام والأوهام؟ ثم أأنت راض عن عمليات التحالف التي تقتل الأطفال والنساء؟ أين ذمك لها بفيديو، بمقال، بأي شئ تندد فيها بما يقترفه ملكك؟ أين كلمة واحدة أو إشارة عابرة تدين بها ما يفعله تاج رأسك عبد الله؟ والله قد أدنت التحالف العربي والعالمي وأنا أكتب باسمي وأقيم في عقر دارهم، بل وابني الذي يكبرك في العمر والمقام، محكوم عليه بالسجن مدى الحياة، ولا يمكنني أن أفعل شيئا أعينه، إذ القانون هو القانون. ألا تستحى يا صعلوك؟

أيكفيك هذا يا صعلوك أم تبغي أن أزيد؟

والله قد نصحنى إخوة علماء ألا أكتب عنك من حيث إنك إمعة صغير، وأن ذكرى لك شهرة لك، لكن أردت أن تكون عبرة لمن يعتبر، كما جعلنا من حسين بن محمود والبنعلي قبلك عبرة، وهما أرفع منك درجات ودرجات على خستهما.

د طارق عبد الحليم

4 مايو 2015 – 16 رجب 1436


[1]  http://www.alukah.net/sharia/0/85060/

[2]  http://www.alukah.net/sharia/1048/82855/

[3]  أي والله هكذا وضعها على موقعه دون حياء!