الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد
الشام اليوم هي أرض المعركة الحقيقية بين الإسلام وأعداء الإسلام في العالم، المعركة المسلحة، إلى جانب اليمن وخراسان. والقوى الرئيسية التي تحاربها السنّة في الشام اليوم هي النصيرية، من ناحية إذ لم تبلغ قوات الصهيو-صليبية من الأثر – إلى اليوم – ما يجعلها محوراً في القتال، رغم ما يعلنوه من عداء مصطنع للعوادية البعثية العميلة، وما هم عليه من عداء حقيقيّ إلا لقوى السنة بكافة أطيافها هناك. ومن الناحية الأخرى، هي الوجود السرطانيّ داخل المعسكر الإسلاميّ المسمى داعش، والموسوم بالحرورية العوادية البعثية. ّ
وبعد قرابة تسعة أشهرٍ من ظهور حقيقة هذا التنظيم، لنا على الأقل، وكشفنا لنواياه وفضائحه وانحرافه وجرائمه، فإننا قد وصلنا إلى نتيجة إنه أخطر، في الوقت الحالي من النصيرية على الصراع السنيّ-النصيري-الصليبي.
لم يعد الأمر أمر خلاف أو تعدٍ أو قتل عشوائي، ما تقوم به تلك الجماعة البعثية الحرورية العوادية ضد أهل السنة المحاربين لبشار والرافضة في الشام، بل هو هجوم ممنهج لوقف أي انتصار يقوم به المجاهدين السنّة ضد الروافض. والشاهد على ذلك ما قامت به الجماعة المجرمة، يد أمريكا في الشام، بتفخيخ مركبات لقتل السنّة في حلب، وفي استمرار قتل رؤوس الجهاد السنيّ في مناطق الشام المختلفة.
أمر إقامة دولة إسلامية هو أمر سياسيّ شرعيّ مصلحيّ لابد منه، لإنشاء دولة مركزية تحفظ حقوق المسلمين وترعاهم وتجمع كلمتهم. هذا قدرٌ لا يختلف عليه أحدٌ، وهو مما تتفق عليه البشر عامة. لكن، العَبث السامرائي الذي تستخدمه الغرب محرقة لشباب مغفل هو أمر آخر، والتلبيس فيه هو ما أوجد هذا العبث وأوقع الكثير في مصائده الشيطانية.
الأمر اليوم أمر عقيدة خربة بدعية يستخدمها عدد من المجرمين القتلة، بحرفة واقتدار، لتصوير مشهد خادعٌ، انخدع له شباب يعلم الله سبحانه مدى جهلهم وسذاجتهم. كما إنه مشهد سياسيّ اتخذته السياسة العالمية سبباً لترتيب أوضاع تلك المنطقة. فبعد أن كانوا يريدون تغيير النظام النصيري إلى نظام ديموقراطي علمانيّ، رجعوا إلى الاعتماد على الجيش النصيريّ لمواجهة التقدم السنيّ، واستخدموا السرطان الداعشيّ، مؤقتاً، لمحاربة السنة التي ظهر إنها في طريقها للاستيلاء على الشام، وإسقاط بشار لصالحها.
المشهد الذي ترسمه الجماعة الحرورية العوادية البعثية هو مشهد إعلاميّ بالمقام الأول. ليس فيه حقيقة نصر عسكريّ على وجه الإطلاق. فهروب الجيش العراقيّ المصطنع ليس حرباً إلا عند المغفلين، إذ هو جيش من كرتون أصلاً لا قوة فيه. وقد عرفت أمريكا كم سرق مسؤولو العسكر الرافضي من الميزانية الهائلة التي يتقدر بخمسة وعشرين مليار دولار لإقامة هذا الجيش الكرتونيّ. ثم إنهم في الشرقية، قد تعاونوا مع النصيرية في دحر أبطالها السنيين، حين حاصروهم، كلّ من جانب، بمعاونة الطيران السوري. واليوم، هم يقتلون السنة في حلب لوقف تغلغلهم وانتصارهم على بشار وجنده!
ثم هو مشهد إعلاميّ بالمقام الثاني، كذلك، فهم يصطنعون هذه البيعات الخائبة في أماكن مختلفة من مراكز الجهاد لأغراض محددة. فأولا، هي ليست بيعات لجماعات لها وجود وسيطرة، بل لأفراد غفلٍ لا قيمة لهم، معدودون على الأصابع، منهم أمراء سابقين، أوغر صدورهم تركهم للقيادة، أو أفراد أخساء النفس أعمت أبصارهم دولارات الدواعش، أو حاقدون على الجماعات الأخرى حيث طردوهم لعدم جدواهم أو لخيانتهم أو لسبب من الأسباب، فصاروا خَرْجَ جهاد. ثم هم يعلنون ذلك ليلا ونهاراً، ليشغلوا عقول الأصاغر من أتباعهم، ويرفعوا معنوياتهم.
ثم هو إعلاميّ بالمقام الثالث، كذلك، إذ يعلنون تلك الإمارات العجيبة، في سيناء وفرنسا وخراسان واليمن، بلا حياء. بل ينسبون لأنفسهم أعمالاً لم يقوموا بها مثل عملية فرنسا الأخيرة، وهو نفاق محضٌ وكذبٌ وبهتان صريح لا مراء فيه. كلّ ما قاموا به هو قتل الصحافيين الأمريكيين، لضمان تدخل أمريكا والغرب في المنطقة مرة أخرى، وهي عملية جبانة لا نصر فيها على أحد.
هذه الجماعة يجب أن تستأصل شأفتها قبل أن يكون هناك أي جهاد حقيقي ضد النصيرية، أو أي عدو آخر في الساحة الشامية. هم العدو الأول للجهاد الحقيقي ضد بشار وعصابته، والعبادي وعصابته، وسائر أعداء دين الله. للك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك[1] ونعتهم لنا فكأننا نراهم رأي العين في العوادية، حدثاء أسنان، كانوا حلم سوء في عقول آبائهم يوم كان شيوخ الجهاد في الساحات فعلاً. سفهاء أحلام، فالسفيه من يرى أن ما يفعل هؤلاء مما يسمونه دولة هو حقيقة ستقوم على الأرض في هذا الوسط العالميّ الذي يحتاج إلى مهارة ساسة الجهاد، حلم هو عين السفاهة. وهم يتحدثون بكتاب وسنة، كما تحدث أجدادهم من قبل، بل كان أجدادهم أفضل وأكثر تدينا وأصدق حديثا من هؤلاء الكذبة المرضى. فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقتلهم دون رحمة، وأن قاتلهم له ثواب على ذلك يوم القيامة.
وأمَر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس أمراً على عواهنه، حاشاه، فإنه صلى الله عليه وسلم يعلم خطرهم على الأمة، وهُم، من دون بقية من يتحدث بدين، من تنطبق عليه هذه العلامات بلا خلاف، في أيامنا هذه.
سبحان الله، ماذا ينتظر أيّ مجاهد يحمل سلاحاً حتى يكتسب هذا الأجر، وكيف نعصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما هو مصلحة محضة للمسلمين؟ ووالله إننا لنبغي جزء من هذا الثواب الي ذكره بتحريضنا عليهم وحسّنا المسلمين للقضاء على أوكارهم، فهو جزء من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرصٌ على مصلحة المسلمين، ولكن هؤلاء المتفيقهين يثقون بعقولهم وأدمغتهم أكثر من ثقتهم بحكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاصة أصحاب الورع البارد و"إخوة المنهج"، لا وفقهم الله، فهم إخوة لمنهج أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُقتل أصحابه، فبشرى لهم بأخوةٍ!
د طارق عبد الحليم
11 يناير 2015 – 21 ربيع أول 1436
[1] البخاري ومسلم في حديث الخوارج " يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"