إزالة الصورة من الطباعة

الضربة الصليبية للحرورية العوّادية .. وموقف أهل السنّة منها

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد

ذكرنا في آخر مقال بعنوان "هل تجوز بيعة سُنيّ لجماعة الحرورية العوّادية؟"، ما نصّه "أمّا القتال في صفّهم ضد الروافض والنصيرية والعلمانية، إن لزم الأمر، مع تَحيّز الرايات وتميزها، فهو أمرٌ آخر يخضع لظروف القتال، ولهذا حديث آخر". وقد أتت المناسبة التي تليق بالحديث عن هذه النقطة ذات الحساسية البالغة في الاقع الإسلاميّ عامة، والواقع الشاميّ خاصة.

فقد أعلن أوباما توجيه ضربات محدودة نوعية لقوات الجماعة العوّادية، في شمال العراق، وبالتحديد، في منطقتين، أربيل وجبل سنجار، لا غير. وبدأت عمليات القصف بعدها كما تقرر.

وقد تصايحت الحرورية، أنْ "نحن نتعرض للضرب الأمريكيّ الصليبيّ"، وتصايح عدد من أهل السنة "الولاء الولاء .. الدم الدم والهدم الهدم". واحتارت الغالبية فيما ترى وفيما تفعل وفيما تشعر!

وحتى نقرر التقدير الفقهي الصحيح لهذا الموقف، فإنه يجب أن نشير إلى أن عملية إقرار فتوى شرعية أو تقدير لموقف شرعي إن أحببت، هي معادلة في غاية الصعوبة، لا يعرفها ولا يقدر صعوبتها إلا عالم باتساع الفقه الإسلاميّ، ومادته، وما يحتاج اليه الفقيه ليدلي برأيٍّ يمكن أن يقف وراءه كمُوَقِّعٍ عن ربّ العالمين. ومن ثم، فإن تلك الآراء التي نراها تتطاير على صفحات التواصل الاجتماعيّ ما هي إلا خراج جهلٍ وتسرع وتوسيد الحديث إلى غير أهله، وهي كلها من بلاءات مثل تلك المواقع التي جعلت صوتاً لأخرس، وقولاً لأحمق!

هناك معطياتٌ لمثل ذاك التوجيه الفقهي، يجب أن ننظر فيها، كلّها، معاً، ليتضح الموقف الحاليّ، منها أمور شرعية، ومنها مناطات على الأرض.

أولاً: معطيات شرعية:

فإن قيل، ولكن هنا اتي الاستثناء "بإلا"، أي تلك هي الحالة الوحيدة التي يمكن فيها عدم النصرة الدين، قلنا، نعم، لكن هؤلاء المستنصرين لم يقتلوا المسلمين، ولم يذبحوهم، ولم يكونوا، بل وظلوا حربا عليهم. فهناك أشباه وفروق يجب اعتبارها في استنباط الحكم.

ثانياً: معطيات واقعية:

  1.  تتعلق بالصليبية المعتدية

 2.  تتعلق بالواقع السنيّ-الحروريّ

ثالثاً: الموقف الشرعي:

بناء على ما قررنا سابقاً، فإن النظر يتوجه إلى ما يلي:

           *حفظ نفس حرورية تقتل أهل السنة بلا رحمة، وبلا توقف، سواءً وقفوا في صفها أم لا، بالتصايح على صفحات التواصل  الاجتماعيّ. ولهذا إيجابية، هي الشعور المغشوش باتحقيق الولاء والبراء، وله سلبية عظيمة أنها تعطى وقوداً معنوياً لنشر المذهب الحروريّ، بل ولقتل نفس الأنفس التي تصايحت بنصرتهم.

          *حفظ نفس مسلمة سنية تعرضت، وتتعرض، وستتعرض للقتل والذبح والتشريد، رجالاً ونساءً وأطفالاً، على يد الحرورية العوّادية، خاصة وليس في أيدى أهلالسنة إيقاف أيّ اعتداء أمريكي جويّ، بأي وسيلة كانت.

وواضح أنّ حفظ النفس السُنّية مقدمٌ على غيرها بلا إشكال.

ومن ثم، فإن الأصل في مثل هذا الموقف، هو الصمت، والترقب لتطور الأحداث، دون الوقوف في صف الأمريكان بلا جدالٍ، فهذا ولاء مكفر، ودون الوقوف في صفّ الحرورية العوادية أو نصرتهم، ففي هذا جلب لمفاسد قتل الأنفس الي حرّم الله إلا بالحق، ونشر البدعة التي يعتبرها بعض من العلماء، قديما وحديثا، مكفرة كذلك.

د طارق عبد الحليم       

13 شعبان 1435 – 9 أغسطس 2014


[1]  راجع ملحق عن الخوارج في "مطبوعة قديمة - حُكم شيخ الإسلام فيمن بدّل شرائع الإسلام" تقديم وتحقيق د طارق عبد الحليم http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72688