لا شك أن هذا التشتت المقيت الذي نراه بين المسلمين، هو السبب الأول في تمكين العدو منهم، مما يوحى بأن العلاج هو ما يعكس الداء، أي الاتحاد بدلا من التشتت والفرقة. لكن، هل هذا القول صحيح على إطلاقه؟ لا، ليس بصحيح، بل من يقول بهذا على إطلاقه ساذج عَميّ لا يعرف عن خريطة الواقع شيئاً.
لا يوجد كيان اسمه "المسلمون" نتحدث عنه بصفة الجماعة أصلاً. فالمسلمون، بتعريفهم الذي عرفهم الله به، سواء على مستوى الحكومات أو الشعوب أو "المقاومة والثوار"، بل والمجاهدين أنفسهم، متغايرة أحوالهم بين طرفي الكفر والإسلام. ، الحكومات، بلا استثناء منها، قد ارتد أهلها ردة صريحة صحيحة متكاملة الشروط والأركان.
أمّا عن الشعوب، "فالمسلمون" منهم ليسوا إلا شراذم متناثرة في أنحاء أرض الإسلام، يعيشون حياة الخوف والرعب، والقتل والاعتقال، من مواطنيهم ممن اتبعوا فراعنة العرب والخليج، وساروا على دينهم وانتهجوا نهجهم واعتنقوا ملتهم، كما في شعب السيسي وأكثر شعوب الخليج. والمقاومة أو الثوار، تجدهم من أهل العلمانية والتبعية الغربية المرتدة.
والمجاهدين، منهم من تجده وقع في شَرَكِ العمالة الغربية السلولية وانتهج نهج المرجئة الخبيث، فصاروا أقرب لفريق المقاومة من الجهاد. ومنهم من تنطّع وجَهِلَ على المسلمين، فكفرهم واستحل دماءهم، فصاروا حرورية دواؤهم قتل عاد. ومنهم من توسط، وصرف الجهد ليسير على المحجة البيضاء، وقد تفرق هؤلاء بين عدة جبهات لا جامع بينها كذلك. قل لي إذن بالله عليك، إن كانت هذه هي خريطة "المسلمين" اليوم، فكيف تصح تلك المقولة، عملاً وتطبيقاً؟
الحكام يريدون إسلاماً بلا إسلام على الإطلاق، وشعوبهم يريدون إسلاما مقيداً بأهوائهم، والمقاومة تريد علمانية صريحة ولا بأس من اسم إسلام عليها، إلى حين، والحرورية، لا يقبلون أصلاً بالمسلمين إلا من اتبع مذهبهم وبايع أميرهم، فهؤلاء في وادٍ، والاتحاد في وادٍ آخر، يريدون إجبار الناس عليه، وهو ضرب من المستحيل. والمرجئة يريدون إسلاماً مدجّنا مخنثاً متغرباً، لا خير فيه، بل مصيره إلى علمانية بلا شك. فاللهم أصلح الأحوال.
د طارق عبد الحليم
28 يوليو 2014 – 1 شوال 1435