الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
إليكم أوجه هذا المقال يا قادة الميادين ..
النصر قريبٌ إن شاء الله تعالى .. لكننا اليوم في مرحلة خطيرة من مسار العودة إلى الشرع، نسير في طريقٍ مَليّ بالألغام.
نرى أنّنا قد بدأنا المرحلة الثانية من الصراع مع قوى الباطل والظلام والكفر. وهي مرحلة ملتوية المسالك، متشعبة الدروب، يستحيل على غير الخبير اجتيازها، ويحتاج فيها الخبير إلى الكثير من الحِنكة والبصيرة معا، وأعنى بها مرحلة المبادرات والمقترحات، ثم اللقاءات والمفاوضات، ثم التنازلات والتراجعات، من الفريق الأضعف. ولا شك أننا رأينا مبادرات العوا، وأبو الفتوح وغيرهما، ثم لقاءات محمد مرسى مع بعض الوفود الأجنبية، ولقاءات الشاطر مع بعض وزراء الخونة العرب والأمريكان، وهي كلها بوادر بدء المرحلة التي نتحدث عنها.
وبدء هذه المرحلة يرتبط بنهاية المرحلة الأولى، مرحلة الحشد، وفيها يحشد كِلا الفريقين المتناحرين كلُّ ما لديه من قوة، وإظهار كلّ ما عنده من وسائل الغلبة. فرأينا فريق الباطل المُلحد وقد أخرج من قواه الغادرة البلطجية المسلحين، والشرطة الخائنين يقتلون الأبرياء، ويروّعون المتظاهرين، وراح يعتقل ويسجن، ويهدد ويتوعد، ويصبّ القضايا على كافة قادة الإخوان وأعضاء حكومة مرسى، ودعاة الإسلام في مرحلة ما قبل الإنقلاب، إلا عملائه من أصحاب اللحى المزيفة من الخاسرين كمحمد حسان وياسر برهامي. كما حشد أصحاب الحق من الجَمعِ الإسلاميّ كلّ ما يقدرون عليه، من ملايين المسلمين المخلصين، المحبين لدينهم وشرعهم، وأظهروا صلابتهم وبأسهم وصبرهم في وجه القوة المُسلحة الغادرة، في عزِّ الحرّ والصِيام، جزاهم الله خيراً.
ثم اليوم، يقف الناس متقابلين، أهل الباطل على باطلهم، قلة معدودة تتغلب بسلاحها، وأهل الحقّ على حقهم، كثرة وافرة تتسلح بإيمانها. يتساوى الميزان على الأرض، إلى حين.
هذا الموقف، لا يمكن أن يطول، كما لا يمكن أن يتحرك وحده دون عاملٍ حافزٍ من خارج مرتكزاته المطروحة بالفعل على الأرض. إذ هذه المرتكزات قد أنشأت هذا السكون الراكد حالياً. ومن ثم بدأت المرحلة الثانية التي تحدثنا عنها. ومن ثمّ، يجب أن يحدث ما يطفف أيّ الكفتين.
وهذا العامل، يمكن أن يميل في صالح أهل الباطل بأحد طريقين، إما أن يسأم الناس، أو يرهبهم تزايد الضغط والعنف، فيتناقص عددهم مع الأيام، أو أن يلجأ الإخوان إلى سابق عهدهم، بالمناورات السياسية التي لا يصلحون لها ولا يحسنونها كما رأينا مما حدث، إذ لو عقل الإخوان لاستمعوا إلى نصائح الناصحين من أيام تولية محمد مرسى أن استغلوا الزخم الشعبيّ وطهروا نيتكم بإعلاء الشرع، لا الشرعية الدستورية الشركية، لكنهم أبوْا إلا طريق الديموقراطية، التي نبذها أربابها وردّوها عليهم في أول منعطفٍ، ليسيطروا على الساحة وينكّلوا بهم وببقية الشعب المسلم كله، فكانت دماء هؤلاء الشهداء في رقابهم تماماً كما هي في رقاب الخسيسيّ وصحبه.
أو أن يميل هذا العامل لصالح أهل الحق، وهو ما لا نراه إلا بأحد طريقين، إما أن يتصاعد المدّ الشعبيّ بعد رمضان فيشلً الحياة بشكلٍ كاملٍ، لا يجد النظام الحالي إزاءه إلا إقصاء السيسيّ الملعون من الصورة، أذ هو أسّ الفساد، ولن تتغير المعادلة إلا بإختفائه من المشهد كلية. وهو أمرٌ لا نتصور وقوعه على يد أحد القادة الخونة من حوله، إذ كلهم ضالعون في الخيانة، معرضون للمساءلة وإقامة حدّ الله عليهم، فرقابهم على المحكّ كرقبته. ولا يبقى إلا صغار الضباط من رتبة عقيد وأخفض. والطريق الثاني، وهو الأرجح، أن يصمم أهل الباطل على باطلهم، فلا يقوم فيهم من يُطهّر الدنيا من عصبة الجيش الخائنة، وأنْ يلجأ الشباب إلى وسائل أخرى تتخطى السلمية، لمواجهة العنف الإلحاديّ، وتعديل ميزان القوى، بمعادلةِ أهم مرتكزاته وهي القوة المسلحة. وهو ما قد يدفع البلاد إلى حرب طاحنة، وإن كانت نتيجتها محسومة لصالح الشعب المسلم بلا جدال.
هذه هي خريطة الطريق، يا أهل الحلّ والعقد في أيامنا هذه.
أقول لكم، احذروا أن تقعوا في حبائل المفاوضات والتنازلات، فأي طريقٍ آخرٍ، مما وصفنا، أسهل سلوكاً وأضمن وسيلة من هذا الطريق الإخوانيّ الذي ثبت فشله لمناقضته لحكم الشرع وبديهيات الفطرة وقواعد العقل. والدم لا يجب ان يخيف المسلم إذ هو طريق النصر على مسار قافلة النبوة ومسيرة الدعوة منذ خلق الله الخلق.
احذروا أن يتلاعب بكم أمثال محمد حسان، العميل المُزدوج، ولا يلفتنكم خبيثٌ، كياسر برهاميّ، عن هدفكم في إعلاء الشرع، لا إعلاء الشرعية الدستورية الشركية المزيفة. واسمعوا لنصح قادة الإخوان، ثم افعلوا خلافه على الإطلاق، يكون لكم الرشد في قراركم، إذ رأينا منهم ما يكفى، وقُتل، بسبب خورهم السياسيّ وانحرافهم العقدي ودينهم الديموقراطيّ، ما يكفي أن نخالفهم ما استطعنا لنصل إلى الحق والصواب من الأمر.
الأمر اليوم أكبر من الإخوان وسياساتهم. الأمر أمر دين الله في أرض مصر، بعد أن وصل الأمر بنا أنْ تحاصر مساجدنا وتغلق بالشمع الأحمر كأنها محال دعارة أو أماكن لهوٍ، ويقتل مصلونا ومُعتكفونا، فلا ينتصر لهم أحدٌ، بدعوى السلمية، التي ستتحول إلى عامل قضاءٍ علينا في مرحلة من المراحل.
أذكركم، على مشارف هذه المرحلة، أن لا تفاوض، على الإطلاق، إذ يحصل ساعتها أهل الباطل على العامل الحافز الذي يُرجّح ميزانهم، ويقوى موقفهم.
فإما الحياة وإما الردى.
د طارق عبد الحليم