الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
والله ما شعرت بالفخر لإنتمائي لشعب مصر المسلم مثل ما أشعر به اليوم، بعد هذه الملحمة من الصمود الرائع الذي يقفه المسلمون في بلدنا ضد قوى الكفر والغدر والخيانة. نعم لا يزال الكثير نسعى اليه في تصحيح عقيدة أو التزامٍ بعمل، أو زيادة علم، لكن القفزة النوعية الهائلة التي حققتموها بفضل الله تعالى تدعو لكلّ إكبار وتقدير، إلا عند من فقد القدرة على التمييز.
بارك الله فيكم يا مسلمي مصر.
صامدون في وجه قوى الكفر العلمانيّ، المدنيّ والعسكريّ، مع ما في أيديهم من قوى البطش والقتل، وما هيؤوه من سحر الإعلام المارق المزيِّف.
صامدون رغم الحرّ والصيام والخطر. صامدون بأبنائكم وأنفسكم وأهليكم.
صامدون، رغم القتل الذي استحرّ في شبابنا من حولكم، لا تخشَون أن تخرجوا فلا ترجعوا مرة أخرى.
صامدون في وجه المؤامرة الدنيئة الخسيسة التي تديرها أمريكا والكيان الصهيونيّ ضد أهل مصر المسلمين، بالتعاون مع خائن الأمة وملحدها السيسيّ وجيش احتلاله، وداخليته الكافرة.
إن هذا الإصرار على حفظ دينكم وصيانة عقيدتكم من أن تُستباح من العلمانية الملحدة الفاجرة، قد ضَرَب مثلاً فذّاً في الجهاد والحزم، رغم ما تواجهون من تحدٍ لا يقدر عليه إلا المخلصون.
لقد تعاون عليكم شُرّار الدنيا وفجارها وسحرتها، أكثرهم كرهاً للإسلام وحقداً عليه، وعليكم. رموكم بقوس واحدة، فإذا أنتم لا تأبهون لموتٍ أو حياة. شعاركم الله أكبر، والإسلام قادم.
نعلم أن منكم من لا يزال يتحدث لغة الديموقراطية، لكنّ هؤلاء سيذوبون في بوتقة الأحداث، التي تجاوزت هذه النغمة النشاز منذ أن أسفر أرباب الديموقراطية عن وجههم القبيح. لكن دعاة الديموقراطية من الإخوان، لا يزالون يعيشون في ضيق الحزبية والمواطنة، فنأمل أن ينضموا إلى الغالبية من شعب مصر البسيط، ليروا أنّ الإسلام يعود إلى الشارع المصريّ، على يد هذا الشعب المسلم، كما لم يراه المسلمون منذ قرنٍ مضى.
إنكم ترسمون اليوم خريطة العمل الإسلاميّ المستقبل، كما تصورناها في بيانات "التيار السني لإنقاذ مصر" منذ عامين. وهى، بعد الإعتماد على الله، الإحتشاد والزخم الجماهيريّ والثورات الشعبية. قلنا ذلك في 2011 و 2012 مراراً، طريق الإخوان لن يجدى نفعاً ولن يُحَيّد عدواً، وأنّ معطيات الواقع المصريّ وحاضره، يستبعدان الشكل المسلح المباشر. قلنا أنّ إنشاء تيارٍ شعبيّ عامٍ عارم، لا حزبيّ، يتجه ببساطة وعفوية إلى المطالبة بالشرع هو الطريق الأمثل في معطيات واقعنا. وكان الله سميعاً بصيراً، فإذا بهذا التيار ينشأ بقدرته تعالى، وإذا بكلمات الجهاد والصمود تخرج من أفواه الشعب بعد أن كانت كالمُحرمة، وإذا بالشعب يقف في الشوارع والميادين لا يَحول ولا يَملّ دفاعاً عن دينه الذي أراد الخسيسيّ الملحد وأتباعه من زبانية جهنم أن يسلبوه إياه. ووالله لو أنفق الدعاة ما في الأرض ما بلغ بشعبنا هذا المبلغ، فسبحانه ما أعظم فضله.
اليوم يجب أن تصمدوا حتي يسقط هذا النظام الكافر الفاسق الظالم.
نعلم أنّ الإخوان سيكونون هم الحصان الرابح في نهاية الفتنة ولعله يرجعون، لكن هذا أفضل من حكم السيسيّ وصبّاحي وتوفيق عكاشة. والهام شاهين.
أقول لشعب مصر من اليوم محذراً، لا تجعلوا الإخوان يقودونكم، حين يأتي نصر الله، في مسار الديموقراطية مرة أخرى، فهو طريق لا يعرفه الإسلام، من ثم، كما رأينا بعينيّ رؤوسنا، لا ينتهى إلا بالخراب وانتزاع المُلك من أصحابه "وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ" آل عمران 26.
كفانا ديموقراطية. وكفانا لغواً ولهواً ومصالحات ومفاوضات وتنازلات. اليوم نحن نملي إرادتنا، ونسقى شجرة حريتنا بدمنا، فلا يمكن أن نسمح لأحدٍ أن يسير بنا في طريقٍ أوسطٍ بين الإسلام والكفر. لا وسطية، فالكفر لا يقبل الشراكة، والإسلام لا يسمح بقليل من الشرك يختلط به. فلا مشاركة بعد اليوم.
يا إخوان مصر. ارحمونا من فتاواكم وأساليبكم المُتلوّنة المُتميعة. لقد وقفنا، ولا نزال جميعا، معكم في المطالبة بالشرع، لا الشرعية، ولا عودة محمد مرسى، بل المطالبة بكسر شوكة العلمانية، وإعلاء كلمة الإسلام، التي ليست هي سيطرة الإخوان، بأساليب الإخوان وفكر الإخوان. فلا تخونوا شعبكم مرة أخرى.