إزالة الصورة من الطباعة

وجاءت الأحزاب .. فاصمدوا لها

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

أخيراً، وقع ما لابد كان واقعاً. أخيراً، وقع شهداء المعركة الفاصلة بين الإسلام والكفر، على أرض مصر.

لقد أراد الله أن يُمَحِّص قلوب المؤمنين، فمايز بين المعسكرين، تمايزا لا يخطؤه إلا غافل القلب أو أعمى البصيرة. ثم جعل معسكر الكفر يرمى المسلمين بقوس واحدة، تضامن فيها كفارهم وكفار الخليج، وبارك إجرامهم صليبيوا أمريكا وصهاينتها.

لكن الأمر اليوم ليس أمر وقوع الشهداء، بل هو ماذا يفعل الأحياء؟

الكلُّ يجمع على ضرورة الصمود، إلا بعض من ضربته جرثومة الإرجاء في مقتلٍ، مثل السرجاني، فالخيار الآخر خيارٌ لا يعرف من يدعو اليه حقيقة تبعاته.

لكن البعض يرى أنه يجب الصمود بمنهج السلمية. ومنطقه في هذا أنه إن كنا لا نحمل سلاحاً، وهم يقتلوننا بهذه البشاعة التي وصلت إلى 120 قتيلاً في سويعاتٍ، وقت كتابة هذا المقال، فما بالك إن استخدمنا سلاحاً؟ ويعتمد هؤلاء على ردّ فعل المجتمع الدوليّ وخلافه. وهذا منطقٌ معقولٌ ولاشك، فإن هؤلاء لن يدخروا ذخيرة لقتل الأبرياء من المسلمين.

لكن، ما لم يدخل في هذه الصورة، هو أنّ هؤلاء الكلاب المتحزبة ضد الإسلام، لن تسكت، ولن تقف ولن ترتدع. لن يمنعها مانع من أن تستمر. لقد أعلن الخسيسيّ الحرب بالفعل على هذا القطاع الأكبر من الشعب المصريّ. وها هو إعلامه يذيع الأناشيد الوطنية كأننا في أيام الحرب. فما العمل إذن؟ إن من الخطل والهبل الإعتماد على رد الفعل الدولي، فهو وهمٌ حالمٌ لا حقيقة له. المجتمع الدولي هو ذاته الذي يرى مئات السوريين يقتلون يومياً، فلا يحرك ساكناً. فما الذي ننتظره إذن، في عالم الأسباب، يجعل الأحزاب تتوقف عن هجومها على الإسلام والمسلمين؟

موتٌ مفاجئٌ للخسيسي؟ إنقلابٌ عليه؟ صحوة في ضميره، إن كان له ضميرٌ إبتداءً؟

الرجل يمسك بمقاليد الجيش والشرطة وأمن الدولة والإعلام، وكافة أجهزة الدولة، ويقف من ورائه قادة جيوشه الأخسّاء، فهم ضالعون معه في قبض ثمن الخيانة من الخليج. فما الذي يردعه؟

الحزمُ اليوم أن يبدأ شباب الأمة القادر في حشد قواهم، وتنظيم صفوفهم، وترتيب أوراقهم، بعيداً عن الحشود، وعن أعين الشهود. يجب أن يعدوا العدة لمواجهة طويلة المدى مع هؤلاء الكفرة، إذ لن يرعوى هؤلاء اليوم ولا غداً. ما إن تتفرق الجموع، حتى يهوى الخسيسيّ بيد من حديد على كافة من بانت له صورة على تلفاز، اعتقالاً واغتيالاً ومطاردة. هذا أمرٌ مفروغٌ منه.

لقد أوجد الخسيسيّ بيئة مثالية حاضنة لشباب المقاومة، ما كنا نحلم بإيجادها ولو أنفقنا ما في الأرض جميعاً. فإن هذا التمايز قد جعل الخبيث يطل برأسه بلا حياء، ولم يعد هناك مجالٌ للتردد في هؤلاء.

لقد كان من أفدح أخطاء محمد مرسى، أنه لم ينشأ حرساً ثورياً على الفور، يواجه به هذا اليوم الذي حذرنا منه مرات تلو مرات.ولا نزال نرى شباب الإخوان، يتحركون بريموت قادتهم، بنفس المنطق والمنهج. أين ميليشيات الإخوان التي كان من الواجب أن تكون اليوم في موقف الصدارة؟ لقد دجّن الإخوان شبابهم حتى اقتنعوا أن يُقَتّلوا بصدور عارية أفضل لهم عند الله من رد العدوان عليهم! هذا والله خزيّ عظيم.

إنّ ما ستأتي به الأيام القليلة القادمة، يتوسمه العارفون، ويستنبطه العالمون. فإنّ الله سبحانه قد جعل عالم الأسباب مُطّرِد على عادته، إلا إن أراد أن يبدله الله بمعجزة من عنده سبحانه. سيظل الخسيسيّ يضرب هذه الجموع يوماً بعد يومٍ، وأسبوعاً بعد أسبوع. ونحن ندعو الله سبحانه أن تصمد هذه الجموع، لكنه من عجز الرأي أن لا نفكر فيما يمكن أن يحدث بعد ذلك، وأن نعد له عدة. فكفانا تواكلاً واستئناساً.

إن الحرب مع الكفار لن تنتهي بديموقراطية. ولعل الناس أن يتفهموا ذلك بعدما شهدوا ما أتت لهم به الديموقراطية، واحترام "الآخر" و"الوطنية" وسائر تلك البلاءات التي نشرها بيننا الإخوان، وأصبغ غليها الشرعية أمثال العوا والقرضاوى وغيرهم، يوماً.

إن الحرب مع الكفار قد فُرضت علينا بالفعل، وهي اليوم ما نرى لا ما نسمع. وهي حرب طويلة الأمد، يجب أن نعدّ لها عدتها، من وراء الحشود، مادياً ومعنوياً.

إنّ من ينادي اليوم "لا إله إلا الله" أو "الشعب يريد تطبيق شرع الله" أو "بالروح بالدم نفديك يا إسلام"، هؤلاء يجب أن يعلموا أن الحناجر لا تأتي بنصر، في مواجهة من يستعملون الخناجر، فمعركة الحناجر والخناجر غير متكافئة.

فهيؤا أنفسكم يا من تريدون أن تفدوا الإسلام بأرواحكم، لتخوضوا معركة طويلة المدى، وأعدوا لها عدتها، وكفانا أحلاماً عن الشرعية الدستورية، فما هي إلا وهمٌ في عقلٍ مريضٍ أو أداه في يدِ خبيثٍ بغيض.