الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
يشهد الله سبحانه وتعالى إننا دعونا لهذا الحشد مرات بعد مرات، ليكون حشداً شعبياً في مواجهة قوى الشر كلها. وقد حذرنا الإخوان من أنهم أول من ستدور عليهم الدوائر
كتبت في 6 مايو 2013، في مقالٍ بعنوان "أحداث أمن الدولة ودلالاتها .. الصديق والعدو"، أقول "إن مصر اليوم لا تحكمها حكومة مركزية لها سيطرة فعلية على الأمور. إنما هي محكومة بجهات متعددة، تنحصر في الجهات ذات القوة المسلحة، كالحرس الجمهوري والداخلية والجيش. هؤلاء هم الحكام الحقيقيون لمصر اليوم. ولذلك فإن التغيير لن يكون إلا بمجابهة تلك القوى، كما حدث في يناير، حين كان الطوفان أعتى من أية قوة مسلحة في البلاد. ولذلك فإن القضاء الفاسد والإعلام العاهر والفوضى والتخريب، ستظل في مصر طالما تلك القوى الثلاثة هي التي تملك زمام الأمر.
وقد كتبت في العام الماضى، عقب تولي محمد مرسى للحكم، أنّ هناك نافذة زمنية بين ستة أشهرٍ وسنة، هي كل المتاح للإسلاميين أن يتحركوا فيها قبل أن تدور عليهم الدوائر. وقد كان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وها هي الأيام تثبت صحة ما ذهبنا اليه. ها هو أمن الدولة الملحد، يتحرك بأموال مبارك للقضاء على الإسلاميين، وما جمال صابر وعبد الله بدر وأبو إسلام بل وحتى عريان الإخوان، إلا مقدمة للطوفان، الذي يظن ياسر برهامي ومحمد حسان أنهم بخيانتهم للقضية قد لجئوا إلى الجبل يعصمهم منه! وهيهات.
لقد بدأ هذا العد التنازلي بالفعل. وإن لم يتحرك الإسلاميون اليوم، بل الساعة، حركة مدروسة متناسقة قوية ، فسوف تنتهي بهم الأحداث الى ما لا يحمد عقباه."
لا أدرى ما يمكن أن يكون أدق توصيفاً وتحذيراً من هذا! وعلى كل حال، فإن قدر الله سابق، لا مردّ له.
نصحت قومي بمنعرج اللــوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
وما أنا إلا من غزية إن غـــوت غويت، وإن ترشد غزية أرشـــــدِ
اليوم، أرى ما لا أحب في هذه الحشود المتجمعة، نصرة للإسلام، أو لمحمد مرسي، كلّ حسب حالته. ذلك أنّ العشوائية في الحشد ليست مما يجدى في حالة مصر هذه. الحشد الذي نقصده هنا، والذي رددنا المطالبة به والتشجيع عليه من قبل، هو حشدٌ مُوَجّهُ منظم، يرصد تحركات العدو العسكريّ، ويعمل على صدّها بالجموع الهائلة، كما كنا نردد من قبل "لديهم العدة ولدينا العدد".
الواجب على هذه الحشود أن تكون لها خطة في سدّ منافذ القاهرة، ومحاصرة العسكريين فيها، وإغلاق المصالح الحكومية والسفارات والشوارع المؤدية إلى المطار، ومحاصرة مدينة الإعلام وماسبيرو، مهما كلّف الأمر من شهداء، وإعلان العصيان المدنيّ على الفور، والإتيان بحشود الصعيد إلى القاهرة لإغراقها وتقوية جمعها.
إنه لمن خطل الرأي أن يذهب الناس للعمل، ثم يعودوا من بعد قضائه للتظاهر! وماذا على كفار مصر من هذا إذن؟ إن كان دولاب الدولة يسير، وأنتم تسيّرونه بالفعل، ثم تتجمعوا للتظاهر!
يجب أن يتوقف العمل بشكلٍ نهائي وقاطع على الفور، وأن يُمنع أي فرد أن يقضى حاجة في مصلحة حكومية، فهذه الفوضى هي التي تكرس خروج السيطرة على الأزمة من أيدي كفار مصر. انظروا ما فعل هؤلاء من افتعال الأزمات لدحر الحكم القائم. وليس أقل من هذا اليوم، أي إشاعة الفوضى في مرافق البلاد، لتخرج السيطرة عن أيدى كفارها.
الحشد إن لم يكون موجّها وفاعلاً، لا ارتجالياً أو عشوائياً، فإنه لن يؤدى إلا إلى أن تصبح مواطن تلك التجمعات بؤر إعتراضية، كهايد بارك، تقام فيها الحفلات الرمضانية، والموائد الرحمانية، وما هذا بجهادٍ، فاستفيقوا رحمكم الله.