إزالة الصورة من الطباعة

الإخوان .. والصعود إلى الهاوية!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

أخيراً .. فعلها الإخوان .. قضوا على الفرصة التاريخية التي أتاحها الله سبحانه للنهوض بالإسلام في الشارع المصريّ. قضوا على كلّ إحتمالٍ ممكن أنْ يتجاوب هذا الشعب المريض أصلاً مع الإتجاه الإسلاميّ، ويعين على إقامة الشرع، ومن ثمّ النهوض بالبلاد حقيقة لا خيالاً.

لم تعد كراهية "التيار الإسلاميّ" مقصورة على العلمانيين أو على الفلول وأصحاب المصالح، بل جعلها تخنث الإخوان، ومرسى على رأسهم، وسفاهة السلفيين، وبرهاميّ وصبيه بكار على رأسهم، جعلوها عاملاً مشتركاً بين طوائف الشعب كله. وانحصر المدّ الإسلاميّ إلى مجموعات متشرذمة هنا وهناك، غالبها سقطٌ من سقط التداعيات المخزية التي صاحبت ثورة أحمد دومة "القهوجى"، وعلاء عبد الفتاح "المثليّ"، ونوارة نجم "الحشاشة"، والتي ضربت "مشايخ التيار الإسلاميّ"  على أم رؤوسهم، فغيبتهم عن الوعي الإسلاميّ، ومنهم من كان غائباً عنه أصلاً.

انهارت أسسٌ كثيرة كانت ثابتة راسخة من قبل، تحت وطأة الواقع، وتأويلات الهوى.

إنهار السلفيون إنهياراً تاماً شاملاً، وتراجعوا عمّا كانوا يدعون اليه من قبل، ثم جعلوا أنفسه مسخرة للناس، خاصة حين وضعوا متكلمهم الرسميّ ذلك الخنفس السلفيّ البهلوان، ولم يبق حولهم إلا عدداً محدوداً من المقلدين، ممن لا عقل لهم ابتداءً. 

انهارت الجماعة الإسلامية المتخاذلة، وإن كان انهيارها أسبق من ثورة دومة ونوارة. فقد تراجعت تلك الجماعة المخذولة منذ أن نخر فيها الرعب والخوف وأصدرت قياداتها كتب التراجعات، تحت إشراف مخابرات المخلوع. وانهارت معها جماعات أخرى كان لها سبقٌ أصيلٌ وباع طويل في فهم التوحيد والولاء والبراء، ووقفت ضد سياسات الإخوان عقوداً، ثم إذا بها ارتمت في أحضان الإخوان ورضيت بالديموقراطية وعاونت الإرجاء التي كانت مكافحته زهرة عملها، بعد أن طعن في العمر كِبارها، وسيطر عليها صِغارُها.

أما الإخوان، فقد كانوا دائما شوكة في حلق الإسلام، خُدع بهم الناس أيام أن كانوا يلعبون دور الضحايا المكَبَّلين بالقوة أنْ يغيّروا ويصلحوا ويرفعوا علم الإسلام، أيام كانوا يتخذون منه شعاراً، أنه الحلّ! فإذا بهم أول ما مُكِّن لهم في الأرض، إذا بهم ينتكسون ويرتكسون، ويتمسكون بدعاوى العلمانية ومبادئها ووسائلها، ثم يخدعون ذوى العقول "النووية"، أنّ تلك سياسة محنكة، وأنهم يعرفون إلى أين ومتى وكيف! وأنهم إنما يمكرون بأعدائهم مكراً كبّاراً. ووالله الذي لا إله إلا هو، إن هو إلا التخبط والرعشة والجبن والخوف من المواجهة، والثقة بأمريكا أكثر من الثقة بالله، ليس إلا. لذلك نبذهم الناس، كلّ الناس، إلا حفنة أتباع مغيبون أصلاً عن الواقع، لا خير فيهم طالما هم على ذاك المنهج.

لقد هبط بنا حكم الإخوان إلى أسوأ مما كنا عليه في عهد المخلوع. ففي عهد المخلوع كان الناس لا يزالون يرون، جهلاً، أنّ لفظ الإخوان مرادفٌ للإسلام، وأنّ اللحية تعنى الإستقامة والثقة بالله، وأنّ ممثلي الإسلام من السلفيين هم الذين تطهّرت أيديهم من أرجاس الحكم وأدناس الديموقراطية المزيفة. فإذا بهم قد طهُرت أيديهم وتنجست قلوبهم بالحكم والسلطة والمال والمناصب والفضائيات والمال. وإذا بهم قد انكشف حجابهم وتجلت خوافيّ باطنهم، فإذا هي خبثٌ تراه يطل في عينيّ متكلمهم المكحولة، خنفس السلفية، نادر بكار.

فإلى أين إذن مسيرة العمل للإسلام من الآن، من اليوم، على أرض مصر؟

الإجابة ليست هينة، وليست أحادية المسلك، وليست آنية. بل هي متعددة الجوانب، شاقة، تحتاج إلى الأناة والصبر حتى يصل اليها من بقي على المنهاج الحقّ لهذا الدين الحنيف، ثم مشقة أكبر وصبر أجمل وأطول حتي يصلوا بها إلى برّ الأمان. برّ الإسلام.