إزالة الصورة من الطباعة

عصر باسم يوسف .. في مصر العلمانية!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

ليس أدلّ على الخراب الذي تحدثنا عنه في مقالنا السابق، خراب مصر على أيدى العلمانية الكافرة، "المدعومة" بالخور "الإسلاميّ الديموقراطي البرلمانيّ" من تلك المساخر التي نراها ليل نهار في شوارع مصر، وفي إعلامها النجس.

أشعر بالغثيان و"انقلاب المعدة"  حين أرى وجه هذا المخنث الداعر "باسم يوسف" يطلّ على من شاشة الحاسوب، ليل نهار، يوماً بعد يوم، وأعْجَب. سبحان الله على شعبٍ يجعل مثل هذا المهرج، مسخرة الرجال وقرين النساء، شخصية إعلامية تظهر بشكلٍ يوميّ، تتحدى الشرفاء بوجهها الشاذ القبيح. هذا مقياسٌ لا يخطئ على ما وصل اليه الخراب المصريّ في خُلق الشعب ومستواه الفكريّ، وعلى مستوى اهتماماته وضوابط حكمه على الأشخاص.

ولو أنّ هذا المهرج كان يمارس مساخره على شاشات الخيالة، كما كان يفعل اسماعيل ياسين أو مدبولي، أو ما يفعل ذلك الملحد ذو القفا الملتهب، عادل إمام، لكنا نجد له عذراً، إذ أمره لا يعدو بهلوان من بهلوانات الخياّلة. لكنّ هذا المنحرف يتحدث في السياسة ويستطيل على دين الإسلام، وكأن شعب مصر ليس فيه رجلٌ مسلمٌ واحدٌ يغضب لدينه! ولا يكون من أمر الحكومة الإخوانية، نصيرة العلمانية، إلا أنّ تطلب التحقيق معه بتهمة "إهانة الرئيس" أولاً، ثم تهمة "إزدراء الأديان" ثانياً. ولا نعلم والله ما هي هذه التهمة التي اخترعتها العقلية الإخوانية، متأسية بأسيادها في الغرب. نحن نعرف تهمة "الردة عن الإسلام"، والتي تقع على فاعلها بإرتكاب أمر من الأمور غير المحصورة تفصيلاً، وإن وقعت تحت مجموعة من المبادئ العامة، مثل وضع التشاريع الوضعية في المجالس البرلمانية للتحاكم اليها دون الشريعة، أو موالاة من عادى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الصليبيين أو الصهاينة أو الرافضة الأنجاس دون المسلمين، أو سبّ الله أو الدين أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو إهانتهم بأي شكلٍ من الأشكال ولو غير السبّ المباشر، أو إنكارِ معلومٍ من الدين بالضرورة مثل فرضية الصلاة أو الزكاة، أو إدعاء عدم كفر النصارى واليهود، أو ترك الصلاة جملة أو إنكار الزكاة. ويقع تحت تلك المبادئ ما لا يحصى من الأفعال التي تدل عليها دلالات قاطعة.

قال تعالى في سورة التوبة، في حق الطائفة الذين استهزؤا بدين الله وآياته "وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَءَايَـٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ ﴿٦٥﴾ لَا تَعْتَذِرُوا۟ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَـٰنِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍۢ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةًۢ بِأَنَّهُمْ كَانُوا۟ مُجْرِمِينَ ﴿٦٦﴾". قال بن اسحاق "وقد كان جماعة من المنافقين منهم وديعة بن ثابت ، أخو بني أمية بن زيد ، من بني عمرو بن عوف ، ورجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له : مخشن بن حمير يشيرون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو منطلق إلى تبوك ، فقال بعضهم لبعض : أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا ؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال ، إرجافا وترهيبا للمؤمنين ، فقال مخشن بن حمير : والله لوددت أني أقاضَى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ، وأنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - لعمار بن ياسر: أدرك القوم ، فإنهم قد احترقوا ، فسلهم عما قالوا ، فإن أنكروا فقل : بلى ، قلتم كذا وكذا . فانطلق إليهمعمار ، فقال ذلك لهم ، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون إليه ، فقال وديعة بن ثابت ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف على راحلته ، فجعل يقول وهو آخذ بحقبها : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب ، [ فأنزل الله - عز وجل - : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب] فقال مخشن بن حمير : يا رسول الله ، قعد بي اسمي واسم أبي . فكان الذي عفي عنه في هذه الآية مخشن بن حمير ، فتسمى عبد الرحمن ، وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمكانه ، فقتل يوم اليمامة ، فلم يوجد له أثر"[1] محمد بن كعب القرظي وقتادة وغيرهم.

جاء في تفسير السعديّ " قال اللّه تعالى ـ مبينا عدم عذرهم وكذبهم في ذلك ـ  ‏{‏قُلْ‏}‏ لهم ‏{‏أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ‏}‏ فإن الاستهزاء باللّه وآياته ورسوله كفر مخرج عن الدين لأن أصل الدين مبني على تعظيم اللّه، وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل، ومناقض له أشد المناقضة. ولهذا لما جاءوا إلى الرسول يعتذرون بهذه المقالة، والرسول لا يزيدهم على قوله ‏{‏أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ‏}‏ وقوله ‏{‏إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ‏}‏ لتوبتهم واستغفارهم وندمهم، ‏{‏نُعَذِّبْ طَائِفَةً‏}‏ منكم ‏{‏بِأَنَّهُمْ‏}‏ بسبب أنهم ‏{‏كَانُوا مُجْرِمِينَ‏}‏ مقيمين على كفرهم ونفاقهم‏.‏ وفي هذه الآيات دليل على أن من أسر سريرة، خصوصا السريرة التي يمكر فيها بدينه، ويستهزئ به وبآياته ورسوله، فإن اللّه تعالى يظهرها ويفضح صاحبها، ويعاقبه أشد العقوبة‏.‏ وأن من استهزأ بشيء من كتاب اللّه أو سنة رسوله الثابتة عنه، أو سخر بذلك، أو تنقصه، أو استهزأ بالرسول أو تنقصه، فإنه كافر باللّه العظيم، وأن التوبة مقبولة من كل ذنب، وإن كان عظيمًا‏".

هذا ما جاء في قرآننا وسيرة مولانا محمد صلى الله عليه وسلم، في حقّ من استهزأ بآيات الله، خُفية لا جهراً، فكيف بمن يفعل ذلك جهراً أمام الملايين، يوما بعد يوم. هذا كفرٌ وردة في دين الإسلام، وليس هو تهمة "إزدراء الأديان" والخروج بالكفالة وتعيين المحامين، والسماح للمرتد بممارسة ردته علنا إلى أن يصدر حكماً بإيقاف برنامجه، إن وصلت الشدة بهم إلى هذا الحدً، في دين الإخوان الجديد.

هذا ما جعل هؤلاء البلهلوانات من السياسيين و"الإعلاميين" يتجرؤون على دين الله، باسم الحرية والسياسة والديموقراطية وحرية التعبير عن الرأي وحرية النشر، وكافة ما اخترعوه من الحريات، التي هي في حقيقتها هدمٌ لقواعد المجتمع المسلم، وتوهين لعرى النسيج الإجتماعي بمسخرة دينه وآيات ربه، ودع عنك سبّ مرسي الذي يتشدق به الأطفال اليوم في كل ركنٍ من أركان مصر!

حين يفقدَ قومٌ احترامَهم لمرجعيتهم العقدية، دون ان يكون لها بديلٌ مقبولٌ لديهم على مستوى عام، فإن ذلك إنذارٌ بزوال هؤلاء القوم. وقد ترك الصليبيون مرجعيتهم الكنسية في القرون الوسطى لزيفها وانحرافها وإجرام أباء كنيستها، لكنهم استبدلوها مباشرة بالمبادئ العلمانية اللادينية، وتركوا رسالات السماء المحرفّة المزيفة، واتبعوا بشارات ديكارت وكانت وبيكون وغيرهم من أنبياء العلمانية الغربية.

أمّا في شرقنا "المُسلم"، فإن المرجعية الرئيسة للشعوب، والتي لا تزال مقبولة بشكلٍ عامٍ، هي لدين الإسلام، ولا يزال ولاؤهم المجمل لرسوله صلى الله عليه وسلم، بشكلٍ غامض غيبيّ في اللاوعيّ. وهي بالذات ما تريد القوى العلمانية أن تستبدل به مرجعيات لادينية، غير مقبولة لدى العامة، عن طريق السياسة الديموقراطية الكفرية والإعلام الفاسد، الذي يمثله هذا الفاجر البهلوان باسم يوسف.

  

[1]  وإنما اخترنا رواية ابن اسحاق لأنها تتحدث عن جماعة لا عن فردٍ واحد هو وديعة بن ثابت الذي تعلق بنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في الروايات الأخرى.